برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Tuesday, September 29, 2009

لا للتطبيع المجاني - لا لتدويل خلافات العرب


أبيض وأسود، 13 – 26 سبتمبر 2009

خلافاً لأجواء التشاؤم التي سادت قبل انعقاد الدورة العادية (132) لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، رصدت مجلة أبيض وأسود بعض القرارات المهمة التي خرج بها الوزراء بالرغم من بعض التصريحات العربية المتجاوبة مع الضغوط الأمريكية بشأن شروط إحياء العملية التفاوضية، ومحاولات إقحام العلاقات العربية ـ العربية في الخلافات المفتعلة التي فجرتها حكومة المالكي خدمة لأجندة أجنبية.

خرج الوزراء من أعمال دورتهم بقرارات مهمة، تمسكوا فيها بالحدود الدنيا من الإجماع العربي، حيث أكدوا في بيانهم الختامي على وحدة وترابط عملية السلام الشامل وعدم قابليتها للتجزئة، ورفض دعوات الإدارة الأمريكية للتطبيع المجاني مع (إسرائيل)، والمحاولات الإسرائيلية الرامية لتفتيت وحدة الأراضي الفلسطينية في الضفة وغزة والقدس الشرقية، وكل الإجراءات الأحادية الجانب التي تتخذها (إسرائيل)، وعلى رأسها ممارسات الاستيطان ومحاولات تهويد القدس. ولوَّحوا بسحب (مبادرة السلام العربية) من التداول، إذا ما استمر التجاهل الإسرائيلي والأمريكي لها. وتصدى الوزراء العرب في جلسات العمل لمحاولات حكومة المالكي تدويل الخلافات التي افتعلتها مع سوريا، وشددوا على ضرورة حل الخلاف في الإطار العربي. ووجهوا نقداً صريحاً ولاذعاً لسياساتها، بإجماعهم في البيان الختامي على (أن تحقيق استقرار العراق، وتجاوز الأزمة الراهنة، يتطلب حلاً أمنياً وسياسياً متوازياً، يعالج أسباب الأزمة، ويقتلع جذور الفتنة الطائفية والإرهاب، وتحقيق العملية السياسية بما يضمن مشاركة كاملة لمكونات الشعب العراقي المختلفة). ولم تغب باقي القضايا العربية الملحة والعاجلة عن جدول أعمال الدورة، فقد تضمن الجدول (28) بنداً، تناولت مختلف قضايا العمل العربي المشترك في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية، من بينها التحديات التي تواجه الأمن القومي العربي، وتفعيل العمل العربي المشترك، والوضع في الجولان العربي السوري المحتل، والتضامن مع لبنان، وحوار المصالحة الفلسطينية، والتطورات في اليمن، ودعم السلام والتنمية في السودان، والأوضاع الإنسانية في دارفور والصومال وجزر القمر، والوضع المتوتر على الحدود بين جيبوتي وأريتريا، ومخاطر انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، وتهديد الترسانة النووية الإسرائيلية للأمن القومي العربي، والعقوبات الأمريكية أحادية الجانب المفروضة على سوريا والسودان.

ربما تكون هذه القرارات في مجملها خطوة على الطريق الصحيح، لكن العقبة الكبرى تكمن في تحويلها من عالم التنظير إلى عالم الواقع، وهو الأمر الذي اعتبرته المجلة ينطوي على صعوبة كبيرة، ستضع هذه القرارات محل اختبار، ما يستلزم – بحسب المجلة- تدقيقًا في أي سياسات خاصة قبل الشروع فيها.

في الملف العراقي سبق انعقاد الدورة تطور داخلي عراقي مهم، بطلب الرئاسة العراقية من حكومة المالكي حل القضايا الخلافية مع سوريا بالوسائل الدبلوماسية، وعدم قانونية الدعوة لتدويل الخلاف مع سوريا. وكشف هذا الطلب عن أن الاتهامات التي وجهتها حكومة المالكي جزافاً إلى سوريا هي موضع خلاف في أعلى المستويات السياسية العراقية، وأن استمرار حكومة المالكي بالتصعيد سيحدث أزمة داخلية عراقية شديدة، حظوظ المالكي في تجاوزها شبه معدومة، فضلاً عن أنه لم يحقق غاياته من وراء إطلاق حملة الاتهامات، فردود الفعل الجماهيرية العراقية صبت في الاتجاه المعاكس، رافضة التهويش المذهبي والطائفي، الذي عاد ليطل برأسه على أبواب الانتخابات التشريعية مطلع العام القادم، ومن جانبها نأت الإدارة الأمريكية بنفسها عن تبني أو دعم حملة المالكي، بل وشككت في صدق الاتهامات.
ويبقى القول: إنه ورغم الإيجابية الكبيرة التي اتسمت بها قرارات الدورة، ستكون القرارات محل اختبار، فما تعودنا عليه سابقاً هو تفلت الدول العربية من القرارات في اليوم التالي لصدورها، وارتداد البعض لممارسة سياساته الخاصة بالتعارض مع قرارات الإجماع، لكن يمكن القول أيضاً: إن خطورة المرحلة ستلزم كل الدول العربية بالتدقيق في أي سياسات خاصة قبل الشروع فيها، وهذا ما نأمل، فالأوضاع في المناطق الفلسطينية المحتلة والعراق واليمن والسودان والصومال وجيبوتي لا تحتمل الهزل.

No comments: