برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Monday, May 18, 2009

طالبان تدقّ أبواب العاصمة


المشاهد السياسي، 10 – 16 مايو 2009

ماذا يعني سقوط إسلام آباد في يد طالبان؟
تساؤل لخصت مجلة المشاهد السياسي إجابته في كلمات موجزة، هي: أنه يعني بكل بساطة أن الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة (ومعها القوّات الأطلسية) في أفغانستان، من دون أن تتمكّن من حسمها، صارت مستحيلة، لأن التماهي بات كاملاً بين طالبان و"القاعدة" والجماعات الإسلامية في باكستان كما في أفغانستان، وتجربة السنوات الثماني الأخيرة تعني أمراً واحداً: الحلّ مع الإسلاميين لن يكون عسكرياً، وتأمين الاستقرار في كابول كما في إسلام آباد يتطلّب مصالحة سياسية واسعة.
رغم أن الولايات المتحدة ضاعفت في الفترة الأخيرة الغارات التي تتولّاها طائرات بلا طيّار على هذه المنطقة، فإن الجيش الباكستاني الذي يؤكّد أنه فَقَدَ نحو ألفي جندي منذ العام ٢٠٠١، يبدي أفضلية لحلّ يقوم على التفاوض في بعض المناطق، مثل إقليم وادي سوات.
ولا يمكن فصل هذا المشهد عن طبيعة التطوّرات التي تشهدها أفغانستان، التي تُعدّ أحد أكثر الملفّات تعقيداً التي ورثتها إدارة باراك أوباما عن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، مع اقتناع واضح مفاده أن الإدارة البوشية أهملت ملف أفغانستان من أجل الاهتمام بالعراق. ومعظم الخبراء يعتقدون أن حظوظ الإدارة الأميركية الجديدة في تغليب لغة الدبلوماسية والتفاوض تبدو ضعيفة، والرئيس الأميركي يبدو واثقا من رهاناته، لكن هذه الثقة تصطدم، يوماً بعد يوم، بالمصالح المتضاربة، والنزاعات المحلّيّة، وطبيعة تركيب النسيج الاجتماعي الباكستاني والأفغاني معاً.
وكان أوباما قد أعلن في شهر آذار (مارس) الفائت، عن إمكانية إجراء حوار مع العناصر المعتدلة في طالبان، وأعقبت هذا الإعلان زيارة قام بها ريتشارد هولبروك في الخامس من نيسان (أبريل) إلى كابول، بصفته المبعوث الأميركي الجديد إلى أفغانستان. هذه الرحلة أثارت مجموعة تساؤلات أكاديمية وسياسية حول طبيعة هذا الحوار وأطرافه وشروطه. ويستدلّ من مراجعة هذه التساؤلات، أن (ما يُسمى بــ) الحرب على الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة لا تزال بعيدة عن تحقيق أهدافها، وأن إطلاق صفة «الاعتدال» على فريق دون الآخر تمويه مقصود لا ينطبق على الواقع.
ويقول المحلّلون الاستراتيجيون الأميركيون: إن التقديرات حول ما تمّ إنفاقه في الحملة الأميركية ـ أو ما سمّته إدارة بوش الحرب على الإرهاب ـ تراوح ما بين ٧٠٠ مليار دولار و٤ تريليونات، وهي تشمل المخصّصات المالية لحربي العراق (٢٠٠٣) وأفغانستان (٢٠٠١)، والعمليات العسكرية التي قرّرتها الإدارة الأميركية السابقة ردّاً على عمليات ١١ سبتمبر ٢٠٠١، الأمر الذي يطرح مجموعة اجتهادات حول مدى الكفاية في استخدام هذه الأموال والنتائج التي حقّقتها.
وتضيف المجلة: في هذا السياق، يقول الخبراء: إن الانتكاسات الصغيرة التي يسبّبها القضاء على بعض كوادر التنظيم، هي مجرّد انتكاسات عابرة؛ لأن القاعدة أظهرت حتى الآن قدرة سريعة على ملء الفراغات على المستويات المتوسّطة والعليا، بالإضافة إلى أنها أظهرت كفاية في إعادة تنظيم صفوفها بشكل متكرّر. وإذا كانت قد عانت ضربات موجعة في العراق، فقد كانت قادرة على تعزيز مواقفها في باكستان، ومدّ نفوذها وضغوطها إلى أفريقيا، ليس في القرن الأفريقي فقط، وإنما في غرب أفريقيا أيضاً.
لذلك رأت المجلة أن الأزمة لن تنفرج بقوة السلاح، وأنه لا بديل عن الحوار والحلول الدبلوماسية، لكنها في الوقت نفسه نقلت تحذيرات المختصِّين من الآثار الجانبية الخطيرة لهذا التقارب.
يرى مدير مركز دراسات الثقافة والصراع في البحرية الأميركية توماس جونسون، ضرورة الدخول في حوار مع طالبان كجزء من الاستراتيجية الأميركية لمكافحة التمرّد، لكنه يرى في الوقت نفسه أن هذا الحوار محفوف بالمخاطر؛ استناداً إلى سوابق في هذا الشأن. ووفقًا لجونسون، فإن فكرة الحوار مع طالبان هي مسألة خلافية، فبينما ترى مجموعة من القوى الدولية، لاسيما المملكة المتحدة، وإيطاليا، وفرنسا، والنرويج، جدواها، تشكّك مجموعة دول إقليمية أخرى، خصوصاً روسيا، والهند وإيران، في نتائجها. ويسوق معسكر الرفض اعتراضه على أن قوّات التحالف في الوقت الحالي تعاني موقف ضعف في أفغانستان، وبالتالي فإن أي حوار من هذا القبيل سيصبّ في مصلحة حركة طالبان. على الجانب الآخر، يرى المؤيّدون الذين ينتمي جونسون إليهم، أن هذا الحوار مع من سمّاهم بالمعتدلين من طالبان سيساهم بشكل كبير في إضعاف الصف داخل الحركة وشقّه.
نعود إلى السؤال: هل تسقط باكستان في يد طالبان؟
بعد مُضي حوالي مئة يوم من حكم باراك أوباما، لا تزال الحاجة ملحّة إلى رسم استراتيجيه أميركية بديلة في التعامل مع الحرب الأفغانية، لا ترتكز على البُعد العسكري فقط في المواجهة، لأن هناك مجموعة أمور لا بدّ من القيام بها، لعلّ أولها وأبرزها على الإطلاق بناء قاعدة اقتصادية سليمة للمجتمع الباكستاني، من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للشعب الأفغاني، فضلاً عن تحسين العلاقات بين باكستان وأفغانستان الجارة الأقرب، لأن باكستان هي الأكثر تضرّراً من تردّي الأوضاع في أفغانستان. هذه المقاربة تحتاج إلى وقت، لكنها المقاربة الوحيدة التي تسمح باستراتيجية خروج واضحة المعالم، لأنّ الولايات المتحدة لا يمكنها أن تبقى في كابول كما في إسلام آباد إلى الأبد.

الضباط الأربعة أحرار


أبيض أسود، 3-10 مايو 2009

اعتبره البعض "لعبة أدوار تاريخية، بكل ما في الكلمة من معنى"، فيما رآه آخرون "إيذانًا بفتح صفحة جديدة في مناخ العلاقات السياسية اللبنانية"، لكن مجلة "أبيض وأسود" نظرت إليه باعتباره "فاتحة تطورات دراماتيكية ستعصف ببقايا تحالف 14 شباط"!إنه قرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في قضية اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري بإطلاق سراح الضباط الأربعة، وهم: المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد، والقائد السابق للحرس الجمهوري العميد مصطفى حمدان، والمدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء علي الحاج، والمدير السابق لمخابرات الجيش العميد ريمون عازار.بعد أربعة وأربعين شهرًا قضوْها في السجن أمر قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة الخاصة بلبنان دانيال فرانسين مساء الأربعاء (29/4/2009) بالإفراج الفوري عن الضباط الأربعة دون قيد أو شرط، خلال جلسة علنية عقدت في لاهاي، وطلب من السلطات اللبنانية تنفيذ هذا الأمر، واتخاذ كل الإجراءات التي تضمن سلامتهم، وذلك بناءً على طلب معلَّل من المدعي العام في المحكمة الدولية دانيال بلمار، أنه لا يجوز احتجاز الموقوفين أكثر من تسعين يومًا احتياطيًا، وأن المعلومات التي في حوزته حاليًا لا تتيح له اتهام هؤلاء الأشخاص الموقوفين، بعدما أثبتت دراسته المعمقة لكل المواد والمعلومات ذات الصلة، والتناقضات في إفادات الشهود وفي الأدلة، عدم قانونية اعتبار الضباط الأربعة مشتبهًا بهم، أو متهمين، بحسب نظام الإجراءات المعتمد في المحكمة الخاصة بلبنان؛ لأنهم لا يستوفون الشروط الأساسية التي تبرِّر احتجازهم المؤقت، ولا الإفراج المشروط عنهم.وبخروج الضباط الأربعة من بوابة سجن رومية المركزي شرق بيروت، دخل لبنان مرحلة جديدة تحرَّرَ فيها من أكذوبة أدوات إليوت أبرامز، الجاسوس الإسرائيلي الذي عينه بوش الابن في العام 2002 مسؤولاً عن ملف الشرق الأدنى وإفريقيا الشمالية في مجلس الأمن القومي الأمريكي، وجيفري فيلتمان السفير الأمريكي السابق في لبنان، والمساعد الحالي لوزيرة الخارجية الأمريكية. وهو ما يدشن لتطورات دراماتيكية ستعصف ببقايا تحالف 14 شباط

Thursday, May 7, 2009

مناورة إسرائيل: محاولة لبث رسالة ردع، حيال أعدائها


الانتقاد، 2 مايو 2009

تنوي إسرائيل، في 31 من الشهر الحالي، تنفيذ مناورتها الكبرى الثالثة للعام الثالث على التوالي، فيما يخص فحص جهوزية جبهتها الداخلية لمواجهة إمكان اندلاع حرب بشكل فجائي.
مجلة الانتقاد اعتبرت هذه المناورة إحدى العبر والدروس المستقاة من حرب تموز عام 2006، حين وجدت إسرائيل نفسها غير جاهزة وفاقدة لمقومات الصمود في جبهتها الداخلية.
بوشر العمل والتحضير للمناورة المذكورة في نهاية العام الماضي (2008)، وهي أوسع وأشمل من المناورتين السابقتين، وترمي إلى رفع الجهوزية الشاملة في الكيان الاسرائيلي لمواجهة خطر الصواريخ المقدَّر أن تصل وتتساقط في الحرب المقبلة، على كل مستوطنة إسرائيلية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.
ويشير ضابط رفيع المستوى في الجبهة الداخلية الاسرائيلية، التابعة للمؤسسة العسكرية، إلى أن الهدف من المناورة هو جهوزية إسرائيل إذا وقعت حرب أو تعرضت إسرائيل لصواريخ دون سابق انذار"، ويضيف إن "الهدف النهائي هو تحويل السكان من الوضع السلبي إلى الوضع الإيجابي، وبأن الحرب يمكن أن تحدث غدًا صباحًا"، وتشمل المناورة التي تستمر خمسة أيام كاملة اختبار سلسلة من السيناريوهات التي تشمل احتمال سقوط صواريخ تقليدية وغير تقليدية تطلقها سوريا أو حماس أو حزب الله.وتشمل المناورة الكيان الإسرائيلي برمته، ويشارك فيها كل الإسرائيليين بجميع فئاتهم العمرية ومراتبهم وقطاعاتهم الانتاجية، أما المؤسسات والجهات المشاركة فيها، فهي سلطة حالات الطوارئ، والحكومة الاسرائيلية والمجلس الوزاري المصغر، المفترض بهما عقد اجتماعات وإصدار قرارات حاسمة في سياق المناورة، كما يشارك فيها أيضا الجيش الإسرائيلي بكل تشكيلاته وأجهزته، والوزارات والإدارات العامة والمجالس المحلية والمؤسسات التعليمية، إضافة إلى قوات الشرطة والدفاع المدني ونجمة داوود الحمراء وأجهزة الإطفاء.. وغيرها.
وتتسائل المجلة: ما الذي تشير إليه هذه المناورة؟
إنه ماء الوجه الذي فقدته إسرائيل وتريد استعادته، عن طريق إثبات أنها جاهزة للرد على أي مبادرة للهجوم عليها. وهذا وإن بدا للوهلة الأولى جيدًا للكيان الصهيوني، إلا أنه في الوقت ذاته يؤكد ضمنًا أن هذا الردع العسكري مفقود لديها، وإلا لما حاولت إرسال مثل هذه الرسالة في هذا التوقيت بالذات.
تريد إسرائيل، من خلال مناورتها الضخمة، أن تشير إلى أنها جاهزة للبدء بحرب وتلقي الردود، وأنها جاهزة في نفس الوقت لأي مبادرة للإضرار بها تشمل إطلاق صواريخ، سواء بدأت حربها بنفسها أو كرد فعل على عمل عدائي تجاهها.أي أن إسرائيل تريد توجيه رسالة ردعية والإشارة إلى قدرتها على امتصاص الهجمات والضربات، وهي رسالة موجهة للداخل الإسرائيلي وتخدم تعزيز الاطمئنان في نفوس الإسرائيليين وتعزز ثقتهم بمؤسستهم العسكرية، ومن جهة ثانية يؤمل منها أن تحول دون تفعيل أعداء الدولة العبرية لقدراتهم حيالها.لكن في نفس الوقت، من المفيد الإشارة إلى أن التأكيد على الجهوزية والاستعداد، باعتباره عاملا رادعا للاعداء ومطمئنا للاسرائيليين، والجهد الكبير الكامن فيه، يحمل في طياته رسالة معاكسة: إذ تشير المناورة إلى عدم وجود الردع المراد تأكيده، أو لعدم فاعليته أساسا، فامتلاك الجيش الإسرائيلي فعلا لقوة عسكرية كبيرة، لا يعني أنه يملك قوة رادعة، وهذا ما أظهرته حرب تموز عام 2006، والعدوان الأخير على قطاع غزة ونتائجه، ويزيد على ذلك أن القوى التي هي هدف الردع، تتمتع باعتراف إسرائيل نفسها بامكانات كبيرة تواصل تعاظمها يوما بعد يوم. والمعنى النهائي للمناورة أنها اعتراف إسرائيلي بفقدان ردعها حيال أعدائها، ما يفرض عليها محاولة إفهامه أنها قادرة على امتصاص ضرباته.. هذا إن لم يكن فيها إشارة إلى نيات عدائية، واسعة أو ضيقة، كاستعداد لما بعد استحقاقات مقبلة تنتظر إسرائيل أنها ستؤول إلى الفشل وبالتالي إلى الانفجار في المنطقة، وفي مقدمتها الموضوع النووي الإيراني، والحوار المرتقب للأميركيين مع طهران.

"مصر ـ حزب الله" : ٣ سنوات من الحرب


المشاهد السياسي 19 – 25 أبريل 2009

ما بين مصر و"حزب الله"، سجال علنيٌّ وحرب بالوكالة، تدور رحاها منذ ثلاث سنوات). هكذا وصفت مجلة المشاهد السياسي الفصول المتلاحقة في المواجهة المصرية ـ الإيرانية على امتداد المنطقة، محاولة فكَّ بعض طلاسمها، وإضاءة بعض جوانبها الغامضة.
في انتظار أن تنتهي النيابة العامة المصرية من ترتيب أوراق المحاكمة، يميل عدد من المراقبين إلى أن ملف مصر مع "حزب الله" بدأ سياسيًا وانتهى قضائيًا؛ بسبب تداخل مشاكل غزّة مع المعادلة المصرية الأمنيّة، وتشابك عدد من القضايا المطروحة، الأمر الذي يعطّل الرؤية على المديين؛ القريب والمتوسط.
من جهته، اعتبر حنان كريستال، المعلّق السياسي في قناة التلفزيون الأولى والإذاعة الإسرائيلية، أن السجال بين "حزب الله" ومصر "فرصة ذهبية" لحكومة نتنياهو؛ لأنه يصرف الأنظار عن الطابع المتطرّف لهذه الحكومة، ومواقفها من القضية الفلسطينية التي لا تلقى قبولاً دولياً. ومما قاله: منذ أن تشكّلت الحكومة تصدّرت جدولَ الاهتمام العالمي تصريحاتُ وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان المثيرة للسخرية، أما الآن وفي ظل الأزمة، فإن في وسع نتنياهو أن يكسب شرعيةً لحكومته، بعد أن ينجح في خياطة فمِّ ليبرمان، كي تبقى الأضواء مسلّطة على مصر و"حزب الله".

المسئولية القانونية الدولية للجرائم الإسرائيلية في غزة


السياسة الدولية، أبريل 2009

في مستهل حديثها عن المسئولية القانونية الدولية للجرائم الإسرائيلية في غزة، أشارت مجلة السياسة الدولية إلى أن القانون الدولي الإنساني يقوم على وجوب احترام العديد من المبادئ والقيم الأخلاقية والإنسانية, والتي تتمثل أساسا في: مبدأ حصانة الذات البشرية, الذي يقضي بعدم استخدام الحرب كمبرر للاعتداء على حياة من لا يشاركون في القتال, ومبدأ حظر استغلال المدنيين أو استخدامهم لتحقيق أهداف عسكرية, ومبدأ منع الأعمال الانتقامية والعقوبات الجماعية, ومبدأ حظر بعض أنواع الأسلحة, ومبدأ التفرقة بين الأهداف العسكرية والمدنية, وكذا مبدأ عدم الاعتداء على السكان، والتمييز بين المقاتلين وغير المقاتلين, إضافة إلى مبدأ حصانة المناطق التي لها امتياز.
جميع هذه المبادئ والقيم الأساسية بقيت حبيسة المجال النظري, ولم تؤخذ بعين الاعتبار بتاتا في حرب إسرائيل على غزة, التي شكلت انتهاكا بكل المعايير الدولية لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية المكفولة دوليًا, وخرقا لقواعد القانون الدولي الإنساني ومبادئه, التي يُفترض إعمالُها في حالة النزاعات المسلحة. هذا الأمر الذي يستتبع لزوما, ومن الناحية القانونية, قيام مسئولية إسرائيل الدولية، ومحاكمة ومعاقبة مرتكبي هذه الانتهاكات والخروقات الجسيمة في حق المدنيين الفلسطينيين.
وبالرجوع إلى الوثائق القانونية الدولية، يمكننا أن نصنِّف جرائم الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة إلى ثلاثة أصناف رئيسية: جرائم ضد الإنسانية, وجرائم ضد سلامة وأمن البشرية, وجرائم حرب، وتضمن الصنف الأول منها القتل العمد، والإبادة الجماعية والاحتجاز والاعتقال، إضافة إلى الأفعال اللاإنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل, التي تتسبب عمدا في معاناة شديدة أو أي أذى خطير, يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية. أسفرت عن مقتل وإبادة أكثر من 1300 قتيل, وأكثر من خمسة آلاف جريح (منهم 1855 طفلا, أي نسبة 35 %, و795 امرأة, أي 15%), ناهيك عن شهادات باستخدام القوات الإسرائيلية المدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية, أثناء مواجهتها مع مقاتلي الفصائل الفلسطينية.
وفي النهاية خَلُصَت المجلة إلى ضرورة ألا يغفر المجتمع الدولي والضمير العالمي هذه الجريمة النكراء بحق الإنسانية، منتقدة الصمت الدولي، الذي استحال إلى جُبنٍ لا يضاهيه بشاعة إلا مشهد الشهداء, الممزقة أجسادهم والمكدسون داخل المراكز المقصوفة. ومؤكدة أن ما أقدمت عليه الطائرات الإسرائيلية المتطورة كان جريمة كبرى ينبغي ألا تمر مرور الكرام.
على الرغم من أن الحرب على غزة هي من الحروب التي نقلت فيها الانتهاكات في بث مباشر, سواء فيما يتعلق باستهداف المدنيين, أو استهداف المستشفيات وطواقم الإسعاف والمدارس وبنايات الأمم المتحدة وقوافل الإغاثة, وهي أدلة دامغة وقطعية تؤكد بالفعل قيام جرائم دولية حتى دون الحاجة لقيام تحقيق دولي, فإن أحدا لم يجرؤ حتى اليوم على تصنيف هذه الانتهاكات بجرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم ضد سلامة وأمن البشرية(38). بل إنني أذهب إلى ما ذهبت إليه مختلف التصريحات الرسمية، وهو القول: إن 'إسرائيل لم تحترم القانون الإنساني الدولي'. وانطلاقا من الاتفاقية الخاصة بعدم القبول بفكرة التقادم في الجرائم الدولية, فإن المجتمع الدولي والضمير العالمي, وبخاصة الأمم المتحدة, مطالبون, ومهما طال الزمن, بتقديم القادة الإسرائيليين والضباط والجنود وكل المشاركين في الجرائم ضد الإنسانية والعسكرية إلى المحاكم الدولية والوطنية, لينالوا العقاب المناسب، استنادا إلى القانون الدولي.ورغم أن الهيئة القانونية الدولية الوحيدة, التي بإمكانها حاليا محاكمة إسرائيل على جرائمها الدولية في قطاع غزة, هي المحكمة الجنائية الدولية, إلا أنها يواجهها العديد من العراقيل والصعوبات القانونية التي تحول دون تفعيل دورها, لاسيما أنها لا تستطيع أن تمارس اختصاصها، لا على إسرائيل ولا على السلطة الفلسطينية, لكونهما غير عضوين فيها. كما أنه من المستبعد كلية أن يتولى مجلس الأمن تكليف المحكمة الجنائية بالنظر في هذه الجرائم, أو حتى إصدار قرار بإنشاء محكمة خاصة, تتولى التحقيق في جرائم إسرائيل الدولية المرتكبة في القطاع. فهل معنى ذلك أنه سوف يمر العدوان الإسرائيلي على غزة بدون مُساءلة وبدون عقاب, وكأنَّ شيئا لم يحصل.

العلاقات الأمريكية الإيرانية.. هل تسير إلى المواجهة أم المقايضة؟


الرائد، أبريل 2009

تحت عنوان (العلاقات الأمريكية الإيرانية.. هل تسير إلى المواجهة أم المقايضة؟)، خصصت مجلة الرائد موضوع غلافها الأخير للحديث عن مستقبل العلاقات بين واشنطن وطهران، في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة التي تتبنى نهج الدبلوماسية وتجنب الصدام.

لم يكن مفاجئاً تصريح الرئيس الأمريكي الجديد أوباما حول وجود حزمة من الملفات يمكن المقايضة بشأنها في حال قيام حوار أمريكي إيراني. فقد سبقت مؤشرات على توجه السياسة الأمريكية الجديدة بهذا الصدد، تتمثل بتصريحين؛ الأول للرئيس أوباما، والثاني لوزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر في الأيام الماضية.
الأول عندما رسم أوباما الخطوط الرئيسية للسياسة الخارجية الأمريكية في المرحلة القادمة، حيث قال: "لقد واجهنا النازية والشيوعية، ليس بالقوة العسكرية المجردة، وإنما بالتحالفات التي من خلالها قمنا بمحاصرة كل من النازية والشيوعية".
والثاني حين قال كيسنجر: "على الولايات المتحدة أن تحلّ خلافاتها مع القوى الرئيسية على الساحة الدولية في المرحلة القادمة"، ويقصد بذلك بالطبع روسيا والصين والهند، فضلًا عن أوروبا.
أما المقصود من كلام أوباما بمحاصرة النازية والشيوعية؛ فهو ـ بلا شك ـ إيران، وما تمثله للإسرائيليين من خطر وجودي يتمثل بامتلاك السلاح النووي.
إنّ إطلاق الإدارة الأمريكية الجديدة بعض إشارات الغزَل السياسي للحوار مع طهران يندرج في إطار التدرج التكتيكي في التصعيد مع إيران، ريثما تتمكن الإدارة الأمريكية من محاصرة طهران عبر نسج أكبر قدر من التحالفات الدولية مع من أوروبا وروسيا والصين والهند، وستشهد العلاقات الأمريكية الإيرانية المزيد من السخونة والتوتر مع كلّ تقدّم في تسوية الخلافات الأمريكية الروسية والأمريكية الصينية، وهكذا في قابلات الشهور، وربما السنين القليلة القادمة.
ولكن في نهاية المطاف تأتي اللحظة الحقيقة، ويحين وقت السؤال الاستراتيجي والمحوري، ألا وهو : هل تستطيع إسرائيل والولايات المتحدة، مجتمعتيْن أو متفرقتين، نزعَ السلاح النووي الإيراني عبر مواجهة عسكرية مسلحة؟ وهل هما مستعدتان في ظلّ الأزمات الاقتصادية التي يمر بها الاقتصاد الأمريكي وربما الإسرائيلي قريبًا، تحمُّل النفقة الماديّة لهكذا مواجهة؟

أسرانا في سجون الاحتلال شعلة مسيرتنا نحو الاستقلال


البيادر السياسي، 18 أبريل 2009

أسرانا في سجون الاحتلال الإسرائيلي هم أمانة في أعناق كل فلسطيني؛ لأنهم تعرضوا للأسر، ودفعوا ضريبته في سبيل الدفاع عن الوطن والحصول على الحقوق المشروعة... فهم ناضلوا وسُجِنوا من أجل الوطن أولاً وأخيرًا).
كانت هذه هدية مجلة البيادر السياسي للأسرى البواسل في سجون الاحتلال التي يبلغ عددها 25 سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف، في يومهم السنوي، والذي يوافق 17 أبريل من كل عام. وترى المجلة أن هذا اليوم المخصص للأسير الفلسطيني لا يعني، ويجب ألا يعني، أننا نتذكر الأسرى في هذا اليوم فقط، بل علينا ذكره ومتابعة معاناته وتوفير التضامن والوقوف إلى جانبه في كل لحظة وفي كل الأوقات.

هناك تقصير بحق أسرانا، إذ أنه يجب أن تكون قضيتهم على طاولة البحث ليس في مناسبات، بل خلال اللقاءات التي كانت تجري مع القيادة الإسرائيلية في إطار المحادثات الفلسطينية الإسرائيلية، وأيضاً يجب أن تثار مع كل لقاء يُعقد مع زوار السلطة الرسميين، ويجب أن تثار قضيتهم في كل المحافل الدولية.
إن هناك إهمالاً لأسرانا على المستوى السياسي التضامني.. ويكمن الإهمال في قبول التقسيمات والمعايير الإسرائيلية، وهذه التقسيمات التي تبعد أسرى القدس والجولان عن بقية الأسرى، وتحاول قدر الإمكان تجاهل أي طلب لإطلاق سراح هؤلاء الأسرى...
في يوم الأسير الفلسطيني لا بدّ أن نوجه التحية الحارة الصادقة لكل أسير، وأن نُبقيَ الأمل حياً في داخل صدورهم، بأن الفرج آتٍ لا محالة، وأن حالة العرب الحالية القائمة على الانقسام لا بدّ أن ترحل، لتحل محلها حالة أكثر تفاؤلاً.
لن ننسى أسرانا، وسنبقى إلى جانبهم، وسيبقون قضيّة حيّة في كل الأوقات والأيام والمناسبات. فهم شعلة مسيرتنا نحو تحقيق الاستقلال.

البطالة في العراق


الأسبوعية، 11 – 20 أبريل 2009

ثلاثة وأربعون في المائة من العراقيين يشغلون وظائف حكومية، والرقم في حد ذاته مرادف لبطالة مقنعة ذات مستوى مرتفع، وهدر في العنصر البشري والطاقات الإنتاجية.
مجلة "الأسبوعية" العراقية فتحت ملف البطالة في العراق، مقترحة أن يبدأ الحل من توفير فرص عمل كافية في القطاع الخاص، وعدم الركون إلى الاقتصاد الريعي.

تلفت التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة إلى وجود بطالة مقنعة في العراق تقدر بما يتراوح بين 30 و50 في المائة وفقاً للبيانات المتداولة. وفي الوقت الذي قدرت منظمة العمل الدولية نسبة البطالة في العراق بما بين ربع أو ثلث القوى الإنتاجية، تشير الأرقام التقديرية للبنك الدولي، بحسب موقعه الالكتروني، إلى أن إجمالي الناتج المحلي العراقي تراجع في العام 2003 بنسبة الثلث تقريباً، واتجه نحو الربع في العام 2004، واستمر في تراجعه ما بين الربع والثلث خلال الأعوام 2005-2006-2007 – 2008، ويؤشر هذا التراجع الخطير إلى إرباك واضح للاقتصاد العراقي.
ويرى اقتصاديون عراقيون أن الضرورة تتجه إلى تفعيل القطاعات الإنتاجية (الصناعية الزراعية) وتوسيع قاعدة الاستثمارات؛ سعياً لخلق فرص عمل تستوعب معدلات البطالة.
وترى دراسات اقتصادية مستقلة أن تسريع عملية إعادة الإعمار وتنفيذ عدد من المشاريع الاستراتيجية وتفعيل عدد من المعامل وفتح الاستثمارات في قطاع الزراعة من مقومات امتصاص البطالة، وتحريك الدورة الاقتصادية الساعية إلى تخليص الاقتصاد العراقي من اعتماده المفرط على النفط كمصدر دخل أساسي.
وأشارت المجلة إلى أن العراق، رغم ذلك كله، يزخر بقاعدة إنتاجية زراعية عريضة؛ إذ أن 13 في المائة من مساحة العراق هي أرض صالحة للزراعة، فيما تتوافر كميات مائية كافية للسقي والإرواء متمثلة بنهري دجلة والفرات، والموقع الاستراتيجي على شط العرب، كما يمتلك العراق إمكانية هائلة لتطوير صناعته الوطنية، عن طريق فتح باب الاستثمار، فضلًا عن تنمية وتنشيط ودعم الصناعات الصغيرة التي تسهم في خفض معدلات البطالة. لذلك رأت المجلة أن الحكومات بإمكانها التدخل لمكافحة هذه الأزمة، في ظل هذه الوفرة الهائلة في المصادر والثروات.
تستطيع الحكومة في الدول النامية كالعراق، أن تتدخل من أجل مكافحة البطالة؛ وذلك عبر العديد من القنوات، وفي مقدمتها:
أولا: التوظيف المباشر لنسبة مناسبة من قوة العمل البشرية في أجهزتها المختلفة.
ثانيا: القيام بمشاريع بناء وإعمار وتنمية تؤدي إلى توفير فرص عمل لنسبة أخرى من قوة العمل في بلادها.
ثالثا: تشجيع القطاع الخاص ودعمه؛ من أجل أن يكون قادرا على استيعاب حصة أخرى من قوة العمل.
رابعا: تدريب أفراد قوة العمل وتأهيلهم للدخول في سوق العمالة والحصول على عمل مناسب.
خامسا: في حال لم تنفع كل الأساليب السابقة في محو البطالة في المجتمع ـ ولا يخلو مجتمع من عاطلين عن العمل ـ تقوم الدولة بتقديم الضمان الاجتماعي لهؤلاء العاطلين عن العمل لضمان الحد الأدنى لهم للعيش والبقاء.

تعاظم دور القطاع الصحي الخاص في السعودية


عالم الاقتصاد، 15 أبريل 2009

يسهم القطاع الصحي الخاص في المملكة العربية السعودية بدور فاعل في تعزيز وتطوير الخدمات الصحية. ويُلاَحظ أن القطاع الصحي يشهد نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، بشقيه العام والخاص.
مجلة عالم الاقتصاد، الصادرة عن دار الدراسات الاقتصادية في السعودية، سلطت الضوء على هذا الموضوع.

تشير التقديرات إلى أن نسبة فعاليات القطاع الصحي الخاص تتزايد على نحو مطرد، عامًا بعد آخر، لتحتل مساحة مقدرة من إجمالي الخدمات الصحية بأفرعها المتعددة عن طريق الأفراد والمؤسسات والشركات الخاصة العاملة في هذا القطاع، وما يتبعها من عيادات ومختبرات ومستوصفات ومراكز طبية ومستشفيات.
وبلغة الأرقام يتجاوز حجم الاستثمارات السنوية في هذا القطاع أكثر من 50 مليار ريال سعودي، مما يبين بجلاء أهمية الاستثمار في هذا القطاع الواعد. ويُعزَى ذلك إلى عدة أسباب موضوعية منها: ارتفاع مستوى الوعي الصحي والاجتماعي في المجتمع، والارتفاع النسبي في متوسط دخل الفرد، وإقرار نظام الضمان الصحي، والتوسع في إنشاء شركات التأمين المساهمة وإدراجها في السوق المالية.
وتقوم الخدمات الصحية التي تقدمها الدولة للمواطنين على منظومة متكاملة تتقدمها وزارة الصحة، وتسندها العديد من القطاعات الحكومية الأخرى وعلى رأسها الجامعات السعودية. وعلى الرغم من أن هذه المنظومة تمثل عصب الخدمات الصحية في البلاد، إلاَّ أن ذلك لا يلغي الدور الفاعل للقطاع الصحي الخاص الذي يقدم خدمات طبية متعددة ومتقدمة، وتتسم أعماله بالمرونة والتكيف السريع مع معطيات الطلب على الخدمات الصحية في المجتمع، واستيعابها لطلب شريحة المقيمين في البلاد، وهي شريحة لا يستهان بها؛ تتجاوز سبعة ملايين شخص.

"فييتنام" جديدة أم "عراق" آخر؟


المشاهد السياسي، 18 أبريل 2009

أتصبح أفغانستان ڤييتنام جديدة لأوباما أم خطة خروج مشرّفة (على الطريقة العراقية)؟ إنه السؤال الكبير الذي حاولت مجلة المشاهد السياسي الإجابة عنه، لاسيما في أعقاب القمّة الأطلسية الأخيرة التي انعقدت قبل أيام في ستراسبورغ، في الذكرى الستين لقيام الحلف، والتي أقرّت إرسال مزيد من القوّات إلى كابول لضمان أمن أفغانستان، وفي الوقت نفسه هزيمة تنظيم "القاعدة"، باعتبارهما "أولويّة مهمّة للأمن العالمي".

الاجتياح الأميركي لأفغانستان يقترب من عامه التاسع، في الوقت الذي تتكثّف الأسئلة حول أسباب تنامي قوّة طالبان و"القاعدة" وتراجع قوّة الحكومة المركزية، وتعثّر القوّات الأميركية. وقد جاءت خطة باراك أوباما في ٢٧ من مارس الفائت، لتؤكد ثلاث نقاط أساسية في محاولة الرد على التساؤلات المطروحة:
النقطة الأولى: "أفغنة" الحرب؛ عبر رفع عدد القوّات الأفغانية إلى ١٣٤ ألف جندي، والشرطة إلى ٨٠ ألفاً خلال العامين المقبلين، وذلك من خلال تكثيف عملية التدريب. في هذا السياق تقضي الخطة بإرسال ٤ آلاف جندي أميركي إضافي لرفع الكفاية القتالية للجيش الأفغاني. ويتوقّع الأميركيون أن يساعد تجهيز قوّات الجيش والشرطة والدفع بها إلى الخطوط الأماميّة للقتال، في تخفيف للعبء عن القوّات الأميركية من جهة، وتخفيف الحساسية ضد القوّات الأجنبية من جهة أخرى، وإضعاف القدرات القتالية لقوّات طالبان وقواعدها الشعبية المستنفرة ضد الاحتلال.
النقطة الثانية: تقوم على التخفيف من الشعارات الفضفاضة في مجال الإعمار، وتركيز الجهود الإنمائية في إعادة البنية التحتية ورفع الكفاءات الإدارية، مع إسقاط كل الشعارات المتصلة بنشر الديمقراطية في الوقت الحاضر.
النقطة الثالثة: تتصل بتوحيد المسرحين الأفغاني والباكستاني (وهي خطوة جديدة بالفعل)، عن طريق تعيين ريتشارد هولبروك ممثلاً أميركياً خاصاً لأفغانستان وباكستان، ورفع مستوى التنسيق بين البلدين، وبينهما وبين واشنطن وقيادة قوات الأطلسي. والمسألة هنا معقّدة؛ نظراً إلى عمق الشكوك التي تساور المسؤولين الأفغان، وحتى الأميركيين أنفسهم، حول مدى شفافية إسلام آباد في التعامل مع الأزمة، في ضوء اتهام جهاز استخباراتها (آي إس إي) بمساندة طالبان والقاعدة.
هذا يعني أن المقاربة الأميركية للأزمة تعتمد، بصورة واضحة، على تعاون باكستان مقابل مساعدات ضخمة سوف تحصل عليها في السنوات الخمس المقبلة.

هذا فيما يتعلق بالشق الإقليمي من الخطة، أما فيما يتصل بالحلفاء، فتقول المجلة: إن الخطة تقضي بأن تشارك أوروبا داخل الناتو وخارجه في أعباء الحرب بشكل أو بآخر. فحتى الآن هناك ٣٨ ألف جندي غير أميركي في أفغانستان قتل منهم قرابة ٥٠٠ معظمهم بريطانيون وكنديون، وبدأ بعضهم يضيق ذرعاً من إطالة أمد الحرب، ويتساءل عن سبب هذه الإطالة، في الوقت الذي تتزايد الضغوط الشعبية على الحكومات الأوروبية للانسحاب من المستنقع الأفغاني.

من الواضح أن الاستراتيجية الجديدة تسعى إلى ضمان التعاون الإيراني في الملف الأفغاني، وكذلك تعاون روسيا ودول آسيا الوسطى، في إيصال المساعدات إلى الناتو، كما إلى القوّات الأميركية داخل أفغانستان. وقد حظي التعاون الإيراني المرتقب باهتمام كبير إعلامياً وسياسياً، مما غطّى على الأدوار الإقليمية الأخرى، خصوصاً الدورين الهندي والسعودي، وكذلك على الدور الروسي، ومثل هذه الأدوار كانت غائبة أو مغيّبة في فترة الولاية البوشيّة.
وكما ضغط بوش من أجل التزام الجماعات السنّية بقتال الجماعات المتمرّدة، فإن أوباما يريد من الأفغان والباكستانيين أن يتحمّلوا نصيباً من العبء الأمني، واتخاذ إجراءات صارمة ضد الفساد، ويكرّر ما قاله بوش من أنه سوف يحكم على أدائهم من خلال معايير تصفها إدارته.
أفغانستان أوباما هنا تتلاقى مع عراق بوش، والأشهر والسنوات المقبلة سوف تحكم على سلامة هذا الرهان.

جدار "العدالة الدولية" المنقضّ وجهٌ جديدٌ للإرهاب الغربي


الفرقان، 13 – 21 أبريل 2009

مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس البشير ليست إلا "وجهًا جديدًا للإرهاب الغربي".. حقيقة متعلقة بالصراع المحتدم بين البشير وأوكامبو، أكدتها مجلة الفرقان الكويتية. وحتى إذا سَلَّمْنَا بأن البشير ارتكب كل هذه الجرائم –التي نصت عليها مذكرة الاعتقال التي تصوره وكأنه "هولاكو" العصر- أيُعقَل أنّ نظر المحكمة الدولية أصبح ضعيفًا، لدرجةِ أنها لم تشاهد ما يحدث في العراق وأفغانستان وغزة، وغيرها من مناطق العالم الملتهبة؟!

كما في السياسة.. يصبح القانون لعبة، إذا كان مطية لتحقيق أهداف سياسية، كما هو الحال في قضية الرئيس السوداني عمر حسن البشير، الذي، وفقا للقانون الدولي، يتمتع بحصانة تمنع محاكمته ما دام في منصبه. وهناك الكثير من الحقوقيين الدوليين- ومن بينهم فريق الدفاع عن الرئيس البشير- يؤكدون أن "المحكمة الجنائية الدولية" ليس من صلاحياتها محاكمة الرئيس. وشرعيتها محصورة في الدول التي وقعت على إنشائها فقط؛ فهي ناد خاص باتفاقية روما التي تم بموجبها قيام المحكمة. وبالتالي فإن الدول التي لم تنضم لنادي روما ولم توقع على الاتفاقية ليست معنية بقراراتها. ومن المفارقات ألا توقع الولايات المتحدة على الاتفاقية، وتحصل على إعفاء لجنودها من المساءلة، ومع ذلك تؤيد واشنطن محاكمة البشير أمام المحكمة التي لم تعترف بها ولم توقِّع على ميثاقها، في تناقض مثير يبين مدى الاستهتار السياسي والقانوني الذي تبديه الدول التي تعتقد أنها فوق القانون ومبادئ السياسة الدولية والعلاقات الإنسانية. ويذكرنا هذا بما قاله وزير خارجية بريطانيا (روبن كوك) عندما أعلن عن إنشاء المحكمة الجنائية؛ حيث ذكر أن "هذه المحكمة لم تنشأ لمحاكمة رؤساء وزراء بريطانيا، ولا الرؤساء الأمريكيين"، فكيف يمكن إذًا الثقة بهذه المحكمة وميزان العدالة مختل لديها بهذه الدرجة، وكيف لفاقد الشيء أن يعطيَه؟!
وتتعجب المجلة من هذه الحملة الشرسة على السودان ورئيسه، وكأن البشير هو المتسببُ في كل مشاكل كوكب الأرض؛ بَدءًا من الاحترار العالمي، وانتشار فيروس أنفلونزا الطيور، وتسيير الجيوش لإبادة العراقيين، وقبلها لتحويل حياة الأفغانيين إلى جحيمٍ لا يُطاق، وبعدها لِوَضْعِ مليون ونصف المليون في غزة في محرقةٍ لم يتحرك لها العالم إلا على مستوى المشاعر الملتهبة التي لم تزد الوضع إلا سوءًا!
إنه واقعٌ يصدق فيه قول شكسبير (جلبة لا لشيء)!

لا شك أن مذكرة التوقيف الخائبة كانت تهدف إلى بلبلة الأوضاع في السودان، وزيادة حدة التمرد، وربما تشجيع أقاليم أخرى على الخروج عن السلطة السودانية، في وقت يستعد فيه السودان لانتخابات رئاسية وأخرى عامة، وتنتعش فيه فرص السلام في الجنوب وفي دارفور ذاتها. ولكن من يحاسب الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش على قتله مليون عراقي، بحكم أن الأمن مسؤولية الاحتلال وفق قرارات الأمم المتحدة التي ساهمت بلاده في وضعها؟! أم أن القضية، كما وصفها بعضهم، هي احتكار العنف واستخدامه ضد الدول والشعوب الأخرى؟!
بقي القول: إن ما يوصف بالأدلة على ارتكاب جرائم ضعيفة جدًا، وتصريحات (أوكامبو) والدول المؤيدة له، تعكس ضعف موقفه. ومذكرة التوقيف ذاتها مطعون فيها قانونيًا كما يؤكد الخبراء، وتؤسس لقانون الغاب، كما تمثل حنينًا للماضي الوحشي وغير الإنساني، وسابقة خطيرة في العلاقات الدولية.

أميركا – إيران: حوار عبثي وصدام حتمي عام 2010


الشراع، 6 - 12 أبريل 2009


ما هي مقومات القوة الأمريكية لحوار القوة الإيرانية "خارج الإطار العسكري"؟
تساؤل طرحته أسبوعية الشراع اللبنانية، في معرض تناولها لما أسمته "الحوار العبثي والصدام الحتمي عام 2010".

أمريكا، كالعالم كله، في أزمة اقتصادية ستأخذ على الأقل نحو ثمانية عشر شهراً لتجاوز آثارها المدمرة على حياة عشرات ملايين الأمريكان، الذين وعدهم أوباما بالتغيير. وسيجد نفسه مضطراً للالتزام بهذا الوعد على حساب أي أمر آخر.. وأهمه مواجهة إيران.. لا، بل هو يعتقد أن مهادنة إيران هو مدخل للتفرغ وقتاً وسياسة ومالاً لمعالجة هذه الأزمة الطاحنة. وأمريكا ـ شاءت أم أبت ـ في تماس مباشر مع إيران، لا تستطيع تحت أي ظرف تجاهله. فهي على تماس معها في العراق وفي أفغانستان وفي النفط ودُوَلِه العربية. وفي سوريا وفي لبنان وفي اليمن وفي فنزويلا وفي السودان وفي جمهوريات القوقاز. أما إسرائيل فهي قضية أخرى لوحدها.. مع تشابكها مع بقية خطوط التماس. الانسحاب الأمريكي من العراق تم تسهيله بمبادرات إيرانية، ولم يكن للاتفاق الأمني الأمريكي العراقي أن يُعقد لولا مباركة إيران. تعزيز القوات الأمريكية في أفغانستان يحتاج إلى مباركة إيرانية زرعت وجوداً أمنياً وشعبياً حقيقياً في كل أفغانستان: مع الهازار الشيعة ومع الطاجيك ذوي العرق الفارسي ومع الباشتون ذوي اللغة الفارسية القديمة. ومثلما خلصت أمريكا إيران من خطر طالبان، فإن إيران لن تسمح لأمريكا بالحوار مع طالبان.. حتى تظل هي الباب الوحيد للحل الأمريكي في أفغانستان. وعلى هذا السؤال فإن كل حوار أمريكي مع أي جهة في العالم الإيراني يجب أن يمر من بوابة إيران.

وترى المجلة أن إيران تريد ثالوثها دون أي تنازل: (1) ملف نووي (2) توسع إقليمي (3) أذرع طويلة لحماية الاثنين معا. وأمريكا لا يمكن لها أن توافق على أي ضلع في هذا الثالوث، فما العمل؟ وتتوقع المجلة: أمامنا نحو ثمانية عشر شهراً أو أقل ليتواجه القطاران، الأمريكي والإيراني، في صدام حتمي! ما الذي سيحصل إلى أن نصل لهذا التاريخ؟

الجنرال "وقت" هو الذي سيحكم نوايا الدولتين. إيران تعتقد أن الحرب غير واردة مطلقاً؛ لأنه لا أحد قادر على تحمل نتائجها، خاصة إسرائيل. وأمريكا لن تسمح لها أصلا ببدء أي حرب، حتى إذا قصفت إسرائيل مواقع معينة في إيران، فإنها ستجلب على نفسها دماراً قد يضعها على طريق الزوال. أما إذا أرادت استخدام القنبلة الذرية، فإن أمراً جللاً كهذا يحتاج إلى قرار أمريكي مجنون. والرهان هو على عقلانية أوباما.. وهو الرئيس الذي ورث مجنوناً حاكماً لم يفعلها. وإيران تعتقد أن الحصار سيُفَك عنها عاجلاً أم آجلاً. وهذا هو مغزى كلمة علي خامنئي في رده على دعوة أوباما للحوار: إذا تغيرتم تغيرنا. وننتظر أفعالاً ولا نكتفي بالكلمات. وإيران العاقلة تعرف كيف تلاقي أوباما في منتصف الطريق.. وأيضًا دون تنازل، فرسالة خامنئي العلنية إلى أوباما عبر مهرجان جماهيري هي رد إيجابي قياسا بتجاهل الرسائل الأمريكية السابقة التي كان الرد يجيء عليها عبر وسائل الإعلام أو عبر تجاهلها تماما. إيران تقول لأمريكا: تعالي إليّ، وأنت ضعيفة الآن.. وتقول لإسرائيل: أنت ضعيفة ومشاكلك الداخلية لا حدود لها، وعجزك الأمني ظهر في لبنان وفي غزة.
تملك أمريكا عقد الصفقات في أي مكان في العالم ومع أي كائن. ودون حساب لأحد إلا مصالحها.. إلا مع إسرائيل، فالأمر يختلف.. لأن الكيان الصهيوني الآن مهدد في الصميم، كياناً ووجوداً لأول مرة في تاريخ اغتصاب فلسطين!.. وإسرائيل لم تتوقف لحظة عن أن تكون مصلحة أمريكية أولى. وإسرائيل تحمل هماً واحداً هو منع إيران عن امتلاك سلاح نووي.. هذا هو الظاهر على الأقل.. علماً بأن هناك من يعتقد بأن سلاح إيران النووي يستحيل استخدامه لا ضد إسرائيل ولا ضد غيرها.. بل هو أداة قوية إيرانية ضد الضعفاء..
من تصدق أمريكا: إسرائيل الخائفة من إيران أم العرب الخائفين من التوسع الإيراني؟

الدوحة: قمّـة “الحلقة المفقـودة” في المصالحات العربية


المشاهد السياسي، 5 – 11 أبريل 2009


كانت قمة الدوحة.. قمّـة "الحلقة المفقـودة" في المصالحات العربية، وتكمن أهميتها الأكبر في أنها تمكنت من توجيه ٣ رسائل إلى نتنياهو وأوكامبو ومجلس الأمن.
كانت هذه رؤية مجلة المشاهد السياسي للوضع العربي والإقليمي والدولي على خلفية ما تم التوصل إليه في القمة العربية العادية التي انعقدت في الدوحة منذ قرابة الأسبوعين.

"الحلقة المفقودة" في المصالحات العربية ـ العربية تحقّقت في الدوحة؛ باللقاء الذي جمع الملك عبد الله بن عبد العزيز والزعيم معمّر القذّافي، لكن هذا الإنجاز التاريخي على أهميّته، ليس "بيت القصيد"؛ فالمحصلة الأهمّ كانت أن "إعلان الدوحة" سجّل التزامين كبيرين: الأول توجيه إنذار لإسرائيل مفاده أن عليها أن تحدّد سقفًا زمنيًا للوفاء بالتزاماتها تجاه عملية السلام، والثاني أن الزعماء المجتمعين وقّعوا وثيقة خطيّة لفضّ الخلافات.
وباختصار، يمكن القول: إن قمّة الدوحة تجاوزت نمط القمم العربية التقليدية، التي لم يقدّم فيها الزعماء العرب سوى التصريحات والبيان الختامي، إلى رسم خارطة طريق جديدة لتفعيل التضامن العربي، وجدّدت الدعوة إلى التجاوب مع مبادرة السلام العربية التي أقرّتها قمّة بيروت قبل سبع سنوات، من دون أن تُغفِل التحذير من أن هذه المبادرة ليست مفتوحة، ولا بدّ من وضع جدول زمني للانسحابات الإسرائيلية، وإلا فإن سحبها من التداول يصبح وارداً. وخلافاً للتوقّعات الأميركية والإسرائيلية، فإن القادة العرب تلاقوا في الدوحة على الاعتراض الواضح على النظام الدولي القائم، وطالبوا بإصلاحه عن طريق إدانتهم الصريحة لاستخدام مفاهيم ووسائل العدالة الدولية في التغطية على جرائم إسرائيل، وتلفيق التهم للمحاور العربية التي ترفض المخطّطات الأميركية ـ الإسرائيلية في المنطقة. وكل هذا يعني أن القمّة الحادية والعشرين نجحت في التصدّي لمحاولات إفشالها، وأعادت وضع القطار العربي على سكّته الصحيحة، رغم كل المحاولات التي بذلت لإجهاضها قبل انعقادها.

المعادلة السورية بعيداً عن المصالحة


أبيض وأسود، 6 – 13 أبريل 2009


تحت عنوان (المعادلة السورية بعيداً عن المصالحة)، طرحت مجلة "أبيض وأسود" السورية رؤية مغايرة لما طرحته المشاهد السياسي حول عملية المصالحة العربية، وما تمخضت عنه، وهي رؤية ربما تكون أكثر واقعية، والأهم أنها جاءت دونما تجريح أو مداهنة..

بقي شأن التصالح العربي صورة أشبه بتدوير الأزمات، بدل من مواجهتها، فالواقع العربي بصورته القائمة يقدم ثلاثة مؤشرات أساسية:
- الأول، هو أن المصالحة كعنوان سياسي لا تعني الدخول في مرحلة جديدة، بل على العكس إغلاق الباب أمام أي تحول يمكن أن يهز النظام العربي الرسمي، أو يعيد صياغة التوازنات الإقليمية، وعلى الأخص في شرقي العالم العربي بشكل جديد.
- الثاني، أن النظام العربي سيبقى متفقا على تثبيت صورته الحالية ككتل جغرافية تتفاوت استراتيجيتها رغم تشابه أزماتها.
- الثالث، تعاملات الدول العربية على مستوى مصالح شعوبها تشتت باتجاهات مختلفة، فرغم كل المعاهدات الاقتصادية فإن مصالح المجتمعات سارت خارج إطار الهدف الأساسي لأي اتفاقات عربية اقتصادية على الأقل، فتعامل النظام العربي بعيداً عن السياسة كان في النهاية يعبر عن إدارة اقتصاد نظم سياسية أكثر من كونه مجالاً مفتوحاً لتطوير تكامل اقتصادي على مستوى القاعدة الاجتماعية.
المصالحة العربية في النهاية تسير باتجاهات مختلفة، وهي تملك إرثا سياسيا ربما من الصعب تجاوزه بمبادرات سريعة أو مبتسرة، وتفسير أي اتجاهات إقليمية جديدة داخل المعادلة السورية لا يبدو ضرورياً بقدر أهمية دعم توازن إقليمي في زمن لم تتضح ملامحه العامة، فسوريا عندما تتجه شرقاً لا تخرج عن (النظام العربي الرسمي) لكنها تحقق على مستوى الصراع مع (إسرائيل) عمقا جديدا ونوعيًّا وبعيدا عن تقلبات السياسات العربية.