برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Tuesday, April 7, 2009

تصعيد الهجمة الإسرائيلية على القدس العربية


البيادر السياسي، 4 أبريل 2009


المفاوض الفلسطيني قصَّر تجاهها، وغياب استراتيجية واضحة لمواجهة سياسة التهويد يهدد مستقبلها
هذه هي القدس العربية التي تحدثت مجلة البيادر السياسي الفلسطينية حول أهداف تصعيد وتيرة الهجمة الإسرائيلية ضدها في الآونة الأخيرة
أخطأ المفاوض الفلسطيني في أوسلو وما بعد أوسلو حينما قبل بتأجيل البت في قضية القدس إلى المرحلة النهائية من الحل، ومن دون أن يضع قيودا واضحة تمنع تغيير الأمر الواقع، أو تغيير معالم المدينة، وتوقف سياسة التهويد، ووافق المفاوض الفلسطيني – وللأسف – سواء عن قصد أو غير قصد على ألا يكون للسلطة الوطنية أي نشاط داخل القدس العربية الأسيرة، بل يكون لمنظمة التحرير دور محدود
لم يتحدث المفاوض الفلسطيني عن القدس ولم يطرح هموم المدينة، ولم يطالب بتسهيل حياة المواطن، وكأن القدس ليست جزءاً من الحل، وكأنها مدينة ليست فلسطينية. لم يطلب المفاوض الفلسطيني أن تتوقف إجراءات التضييق والخناق على المواطن المقدسي، وتخفيف الضرائب المفروضة عليه، وإصدار رخص بناء للمواطنين العرب، ووقف مصادرة "الهويات" الزرقاء، والكثير من الاجراءات التي تستهدف أولاً وأخيراً أن يعيش المواطن المقدسي حالة من اليأس والقنوط، وبالتالي يرحل إلى مناطق السلطة الفلسطينية هرباً مما يفرض عليه، وما يعيشه من معاناة للحفاظ على بطاقة الهوية الزرقاء، أي الحفاظ على وجوده الذي يعني الحفاظ على عروبة القدس
واستنكرت المجلة الشعارات الجوفاء التي يرفعها البعض، دون إيجاد خطة عمل للحفاظ على عروبة القدس. مستشهدة بوجود العديد من اللجان التي تعمل باسم القدس وترفع يافطة القدس، وكلها تتنافس على الحصول على تمويل من هنا أو هناك وعلى أرض الواقع لا تفعل شيئاً يشعر به المواطن.. وكل ما نراه هو إقامة خيمة احتجاج هنا أو هناك وتصريحات واعتصامات، وبعد أن يقع "الفأس في الرأس" وليس قبل ذلك
ليست هناك ميزانية للقدس، وليس هناك وزير معني بشؤون القدس، وليست هناك سوى مخصصات محدودة تصرف على المزاج أحياناً، وعلى من يستطيع أن "يمسح الجوخ" ويداهن هذا المسؤول أو ذاك
لم تكن القدس في سلم أولوياتنا، ولم يؤخذ برأي القاطنين فيها، إذ أن معظم أعضاء اللجان المتعلقة بالقدس لا يستطيعون دخول المدينة لأنهم ليسوا من أبنائها والمقيمين فيها.. ونرى تنافساً حاداً بين أعضاء اللجان والجمعيات والمنظمات التي تتحدث عن القدس أو تدافع عنها كلامياً أو ضمن إمكانيات محدودة
حتى هذه اللحظة لم تتوفر خطة واحدة فعالة لتعزيز الوجود العربي في القدس لأن من يعالج قضية القدس لا يعرف شيئاً عنها أولاً، ولانه لا يريد سوى المنصب والجاه والسلطان، حتى أن ما كان يخصصه الرئيس الشهيد أبو عمار لمؤسسات وأبناء القدس من دعم مالي لتعزيز الوجود العربي، تم الغاؤه، ومن يطالب بعودته لا أحد يصغي إليه... حتى أن ما يتوفر الآن من شبه أموال توزع على المقربين من أصحاب النفوذ
القدس ليست "دكاناً" لجني أرباح أو الحصول على دخل، والقدس ليست مدينة عادية.. هناك تقصير تجاهها وهي بحاجة إلى قيادة من داخلها ترعى شؤونها وتكون مستقلة عن زيد وعبيد، وكل هدفها الحفاظ على الوجود البشري فيها بعد أن تم تهويد الجزء الأكبر منها
القدس مدينة فلسطينية، ولكنها قبل ذلك مدينة تهم كل العالم.. ومن يفرط بها لا يكون مقصرا بل مدانا، ولذلك فإن القدس تتعرض لهجمة شرسة ولا بدّ من مواجهة تلك بخطة عقلانية وعملية تحقق الأهداف المنشودة، ولا تخدم المخططات الإسرائيلية

كـوســوفا.. تمــدد التنصيـر


الفرقان، 23 مارس – 5 أبريل 2009


تعمل المنظمات التنصيرية، تحت غطاء الإغاثة، على تنصير المسلمين في كوسوفا، وإخراجهم من الإسلام بطرق ملتوية وأساليب غاية في الخبث والتمويه، مستغلة البطالة والفقر والعوز وجهل أغلبية المسلمين بدينهم
ولخطورة التهديد الذي يواجه مسلمو كوسوفا، أعدت مجلة الفرقان الكويتي تقريرًا خاصًا حول تمدد التنصير في فراغات الفقر والجهل والغياب الإسلامي في كوسوفا
يزيد عدد المنظمات التنصيرية في كوسوفا وحدها عن 538 منظمة تنصيرية، في وقت تعيش فيه منظمات الإغاثة الإسلامية حالة من الانحسار. وهكذا تجد المشيخة الإسلامية نفسها وحيدة في مواجهة الجهل بتعاليم الإسلام، وبإمكانات متواضعة مقابل ماكينة تنصيرية وانحلالية غربية، تُنفق مليارات الدولارات على التنصير أو إبعاد المسلمين عن الإسلام بكل الطرق
ولا توجد إحصاءات دقيقة عن عدد الذين تم تضليلهم، ولكن كل المؤشرات تؤكد أن الألبان ورغم كل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهونها، يرفضون المقايضة الحقيرة التي يستخدمها النصارى في التنصير واصطياد الجهلة والضحايا من كل صنف. ويخشى من أن يكون من بين الأعداد التي تخرج من كوسوفا بسبب الأوضاع الاجتماعية بعض من تم شراؤهم بالمال

حلم دبي هل انتهى؟


الأهرام الاقتصاد


"دبي".. الإمارة الصغيرة في دولة الإمارات، والتي يصل عدد سكانها مليوني نسمة‏,90%‏ منهم من الوافدين، كانت علي مدار العقدين الماضيين محط اهتمام وسائل الإعلام العالمية بوصفها مركزا للمال والأعمال في منطقة أضنتها متاعب السياسة والصراعات‏.
لكن هذا الوضع بدأ يتغير في الآونة الأخيرة في ظل الطموحات التي لم تسلم من الشطط والتسرع، الأمر الذي دفع مجلة الاهرام الاقتصادي المصرية الأسبوعية إلى التساؤل: هل ينتهي حلم دبي؟!
علي مدار عقدين من الزمن حوَّلت الإمارة - التي قالت وكالة "موديز" إنها تُدار بأسلوب الشركات- رمالها إلي أبراج شاهقة، وعرفت تعبيرات من أمثال أطول برج في العالم، وأول فندق تحت الماء، وكذلك عبارات من قبيل الأفضل والأحسن والأكبر، طريقها إلي موسوعة جينيس للأرقام القياسية، وإلي وسائل الإعلام الدولية الشهيرة، التي استغلتها دبي بحرفية في الترويج لها، وهو ما شجع مشاهير الرياضة والفن في العالم من أمثال "لويس فيجو" و"بيكهام" علي شراء شقق فخمة في أبراجها.
وساعد علي ذلك جرأة المشاريع المطروحة وعدم وجود حدود للطموح، الذي لم يسلم من الشطط والتسرع؛ حيث أسرفت البنوك في إقراض الأفراد والشركات بلا قيود‏,‏ ولم يكن غريبا في أوساط العاملين في دبي أن يطرق باب مكتبك مندوب لكبريات البنوك يعرض عليك قرضا‏40‏ ضعف الراتب أو تمويل شراء فيلا أو شقة في أفخر المواقع في دبي بملايين الدراهم بضمان الراتب فقط أو تمويل شراء سيارة فارهة بفائدة لا تتجاوز ‏4%‏ سنويا مع إعفاء من السداد في الشهور الثلاثة الأولي‏.‏من جراء ذلك‏..‏ قفزت القروض الشخصية بمعدلات كبيرة، تُقدَّر حاليا، حسب إحصائيات المصرف المركزي، بحوالي ‏55‏ مليار دولار، وهي عبارة عن قروض لتمويل سيارات أو قروض للاستهلاك‏,‏ كما توسعت الشركات الحكومية وشبه الحكومية مثل دبي العالمية ودبي القابضة ونخيل وإعمار في الاقتراض لتمويل توسعاتها الداخلية والخارجية التي شملت عمليات استحواذ لأصول في شركات عالمية في أمريكا وأوربا وآسيا وأفريقيا‏.‏فهل انتهي حلم دبي لملايين الحالمين والطامحين من الفقراء والأغنياء ومن مشاهير الفن والرياضة من مختلف أنحاء العالم؟ أم أن الإمارة التي ظلت لسنوات نموذجا لتجربة اقتصادية في المنطقة تتعرض كما يقول مسئولوها لحملة تشويه متعمدة تقودها وسائل إعلام غربية؟

القذافي للملك عبد الله: سامحني


الأفكار، 6 أبريل 2009


بعيدًا عن تأرجح الآراء التي تراوحت في مجال تقويم نتائج القمة العربية العادية في الدوحة ما بين النجاح والفشل والمراوحة في الوسط، نقلت مجلة الأفكار اللبنانية آراء عدد من الخبراء في شئون المنطقة التقوا على أن القادة العرب قد تمكنوا من تكوين معالم موقف عربي واضح من الثوابت والمواقف التي تُشكل في مجملها عناصر رسالة وُجهت إلى الرئيس الأمريكي وإدارته، وإلى المجتمع الدولي وإلى الحكومة الإسرائيلية اليمينية وإلى المحيط الإقليمي.
العنصر الأول من الرسالة المشار إليها يؤكد على أن المبادرة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في قمة الكويت، لتحقيق المصالحة بين القيادات العربية، وتوحيد الصف العربي حول الثوابت الأساسية، قد تفاعلت واستمرت وطرحت ثمارًا، ستتبعها ثمار، رغم العقبات والصعوبات والعراقيل.
العنصر الثاني في الرسالة يفيد أن الجانب العربي قد قدم ما لديه من حل عادل للقضية الفلسطينية وللصراع العربي- الإسرائيلي.
العنصر الثالث يؤكد على الرفض العربي الواضح لأي مخططات ومشاريع مبيتة لتقسيم أي دولة بدءًا من العراق وانتهاءً بالسودان، إلى جانب الرفض الذي لا يقبل المساومة لقرار المحكمة الجنائية الدولية، القاضي باعتقال الرئيس عمر البشير ومحاكمته، بدلا من محاكمة قادة إسرائيل الذين ارتكبوا ويرتكبون جرائم الحرب في قطاع غزة وفي بقية الأراضي العربية المحتلة.
العنصر الرابع في رسالة القمة مفاده أن الشريك العربي في مسيرة السلام موجود وجاهز، وأن الغائب هو الشريك الإسرائيلي، المصر على متابعة السير على درب القوة لتطويع الأمة العربية لإرادته، والاعتماد على الدعم الدولي له.
العنصر الخامس يؤكد على الرفض العربي لانتشار أسلحة الدمار الشامل في المنطقة، خصوصًا منها السلاح النووي، ومطالبة المجتمع الدولي بتبني مشروع إخلاء الشرق الأوسط منها

"الأبعاد الاستراتيجية في "حرب التشيّع


المشاهد السياسي، 29 مارس- 4 أبريل 2009


المغرب هو البلد الأول الذي يُعلِن عن إجراء حكومي رسمي ضد ما أسماه "ظاهرة التشيع"، لكنه لن يكون بالتأكيد الفصل الأخير في الحرب الباردة التي تدور بين العرب وإيران منذ عودة آية الله الخميني إلى طهران قبل ثلاثين عاماً.
حول الأبعاد الاستراتيجية في "حرب التشيّع" كتبت مجلة المشاهد السياسي.
في بادرة جديدة من نوعها اعترفت وزارة الشؤون الدينية في الجزائر بأن ما سمّته "ظاهرة التشيّع" في الجزائر باتت "تهدّد المجتمع في خصوصياته وكيانه"، مشيرة إلى أن "رفض التشيّع في أوساط الجزائريين سببه تمسّك الجزائر بثوابتها الدينية". وهذا التصريح لم يصدر عن رجل دين جزائري عادي، وإنما عن مسؤول كبير في الوزارة، وقد نقلته قناة الجزائر الثالثة الفرانكوفونية، بعدما ضبطت أجهزة الأمن الجزائرية ـ والكلام هنا للمسؤول نفسه ـ العديد من الكتب التي تدعو إلى التشيّع، وأشرطة مسجّلة مصدرها سورية ولبنان.
وهذه ليست أول مرّة تكشف فيها وزارة الشؤون الدينية الجزائرية مثل هذه النشاطات، إذ سبق أن أُعلِن في العام الفائت عن وقف عشرات المدرّسين الجزائريين، بعدما ثبت أنهم يُلقّنون تلامذتهم المذهب الشيعي و "يُحَرِّضون الطلبة على التمسّك بهذا المذهب" مقابل تحسين علاماتهم المدرسيّة، وكانت تلك فضيحة حقيقية ضربت المؤسّسة التربوية في الجزائر وأطلقت عليها الأحزاب المعارضة في حينه عبارة "حرب التشيّع".
وتقول وزارة الشؤون الدينية إن القضية الجديدة ليست بسيطة، لأنها تشكّل خطراً على كيانات المغرب العربي كلّه، والتشيّع مرتبط بما يمكن أن تحدثه إيران من خلل في كيان المجتمع الجزائري، قبل أن تضيف: إن الجزائر ليست إيران ولا يمكن أن تكون.
وتحذر المجلة من أن الظاهرة مصرية أيضاً، مستشهدة بما نشرته صحيفة المصريون في أواخر العام ٢٠٠٦ من أن مجموعة من الشيعة المصريين تعتزم رفع دعوى قضائية ضد الرئيس حسني مبارك بصفته الشخصيّة من أجل الاعتراف بهم، كما ستطالب الحكومة بإعادة "جمعية الشيعة" التي أغلقت عقب ثورة تموز (يوليو) ١٩٥٢، وكانت تعرف باسم "جمعية آل البيت". هذا بالإضافة إلى المطالبة بإنشاء مساجد خاصّة بالشيعة، وإقامة الحسينيّات ومجالس الشيعة، والسماح للشيعة بالمحاضرات السياسية والدينية.
هذه المعلومات تفاعلت بقوّة في الأشهر الأخيرة. وتمثلت ذروة هذا التفاعل في دخول الداعية الإسلامي الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، على خط المواجهة. فقد تحدّث القرضاوي عن محاولات "الغزو الشيعي للمجتمعات السنّيّة"، وأصرّ على هذا الطرح، وحذّر من "تنامي المد الشيعي في المنطقة"، ومحاولة الشيعة "غزو البلاد السنّيّة بمذهبهم بما لهم من ثروات وكوادر بشريّة مدرّبة على التبشير".
في أي حال، وبصرف النظر عن الاجتهادات الدينية، ليس هناك من يستطيع أن يتجاهل أن العرب وإيران يعيشان حربا باردة حقيقية، وأن إيران متقدّمة في هذه الحرب، ومحاور التهديد تشمل التدخّل في شؤون العرب الداخلية والطموح النووي والموقف من عملية السلام.

Wednesday, April 1, 2009

غزة.. تأملات وعبر



الآداب، الربع الأول (1-2-3) عام 2009


ما جرى ويجري لغزّة هذه الأيّام هو ـ بحق ـ استمرارٌ لنكبة فلسطين منذ واحد وستّين عامًا على يد إسرائيل والغرب الاستعماريّ بشكل خاص
مجلة الآداب رأت أن كل العرب، من المحيط إلى الخليج، شركاء، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، في إدامة نكبة فلسطين. لذلك تساءلت المجلة: متى نصبح شركاء مباشرين في الانتفاضة الفلسطينيّة الجديدة. القادمةِ لا محالة؟

من مظاهر نفاقنا أنّنا، معشرَ الأحزاب والقوى و"الشخصيّات" الوطنية والقوميّة، نَشْتم إسرائيلَ على ما تَقْترفه من جرائمَ في حقّ غزّة وفلسطين، لكنّنا نقول ذلك ونحن نَأْخذ شفطةً من سيجارة مارلبورو، أو جرعةً من كوكاكولا أو پيپسي كولا، أو قضمةً من ماكدونالدز أو بيرغر كنغ، أو رشفةً من قهوة نيسكافيه ـ وكلُّها شركاتٌ (أو من إنتاج شركاتٍ) داعمة لإسرائيل كما بيّنا مليونَ مرّةٍ من قبل. الأسوأ أنّنا نمارِسُ الآن، في ظلّ العَدَميّة والانهزاميّة المستشريتيْن، التنظيرَ "العلميّ" (والماركسويّ أحيانًا) لمعاييرنا المزدوجة، فنقول: إنّ العولمة لا تستطيع أن تُجنِّبَ إسرائيلَ الاستفادةَ من دورة الأموال والإنتاج في العالم؛ أو نَزْعم أنّ مقاطعتَنا لشركةٍ داعمةٍ لإسرائيل سوف تضرّ بعمّالنا وفلاّحينا واقتصادنا، وكأنّ هذه الشركةَ لم تَضْربْ شركةً محلّيةً أو إنتاجًا محلّيًّا؛ أو ندّعي أنّ توقّفَنا عن شراءِ منتوجٍ ما لن يؤثِّر في مبيعات الشركات الضخمة، ضاربين عرض الحائط بكلّ الإحصائيّات وبكلّ الوقائع التاريخيّة التي أَثبتتْ نجاحَ المقاطعة في غير ما مكانٍ من العالم (الهند، جنوب أفريقيا، الولايات المتحدة نفسها في مواجهة القوانين المُجْحفة بحقّ الأميركيين من أصل أفريقيّ،...). وفي حين يتوقّع المرءُ أن تُطْلق الأحزابُ والقوى و"الشخصيّاتُ" الوطنيّةُ والقوميّةُ حملةَ مقاطعةٍ شاملةً للشركات الداعمة لاقتصاد دولة العدوّ الإسرائيليّ ـ وإنْ من باب التضامن الأخلاقيّ مع ضحايا غزّة لا غير ـ فإنّ ما يؤسَفُ له أنه ليس ثمة قرارٌ قياديٌّ حتى اللحظة لدى أيٍّ من الأحزاب الوطنيّة، العريقةِ وغيرِ العريقة، بالعملِ الحثيثِ والجادِّ على ترويج ثقافة المقاطعة، حتى تتراجعَ الشَّركاتُ الداعمةُ لإسرائيل عن دعمها!

منظمة التحرير الفلسطينية.. ماذا بعد؟



الهدف، مارس 2009


كثُر الحديث في الآونة الأخيرة حول منظمة التحرير الفلسطينية، والوضع المتهرئ الذي وصلت إليه. ورغم اعتراف الكثيرين بخطورة بقائها - وهي على هذه الحالة الرثة- الممثلَ الوحيد للشعب الفلسطيني، وضرورة إصلاحها بما يتوافق مع المصالح العليا لهذا الشعب، بعيدًا عن أي أهواء حزبية، خرجت مجلة "الهدف" لتصب جام غضبها على كل من يتناول المنظمة بنقد، أو يوجه إليها إشارة بسوء. لكنها في الوقت ذاته لم تجد بُدًا من الاعتراف بالمعاناة التي تعيشها المنظمة، وكانت منصفة حين رأت ضرورة إشراك التيار الإسلامي فيها.
عانت منظمة التحرير الفلسطينية من تهميش دورها، بوعي أو بغير وعي، من القوة القائدة لها، بدءا من إعلاء شأن السلطة الوطنية على حسابها، مرورا بتهميش دور مؤسساتها القيادية ودوائرها ومكاتبها، وصولا لتوظيفها في خدمة حسابات ضيقة. إن منظمة التحرير الفلسطينية بحاجة لفتح الباب أمام قوى التيار الإسلامي للاشتراك فيها وفي مؤسساتها، والاشتراك بتقرير مواقفها السياسية والتنظيمية؛ فالتيار الإسلامي مكوِّن أساسي من مكونات الشعب الفلسطيني، ومن مكونات قواه السياسية والمناضِلة، وهذا ليس منّة من أحد. فقد حصل على هذا نتيجة وجوده الفاعل في صفوف الشعب وبين قواه السياسية. وأعتقد أنه لا يوجد وطني مسئول، يدعو لغير ذلك، مهما تباينت آراؤه السياسية أو أفكاره الأيديولوجية مع سياسات وفكر هذا التيار.

إقرار سن الـ 18 الانتخابي



الانتقاد، 27 مارس 2009


أقر مجلس النواب اللبناني الاقتراح الرامي إلى تعديل المادة 21 من الدستور لتسمح بخفض سن الاقتراع من 21 إلى 18 سنة، على أن يُعمل به في الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في سنة 2013.
حول هذه الخطوة التي يعتبرها الكثيرون تاريخية في مسيرة الشباب اللبناني، كان موضوع غلاف مجلة الانتقاد.

يمكن القول: إن يوم 19 مارس هو يوم تاريخي للشباب اللبنانيين، الذين حققوا أول انتصار لهم في معركة الحصول على حقوقهم، وفي مقدمتها خفض سن الاقتراع إلى الثامنة عشرة، والذي استلزم نضالا دام أكثر من اثني عشر عاما، والكثير من الجهد والعمل.
ويتوجس الشباب - الذين كان لهم الفضل بالطبع في إيصال صوت الشباب إلى المجلس النيابي- خيفة من أن تكون جولة تطبيق اقتراحهم على أرض الواقع محطة "انتظارية" طويلة الأمد، وإن بدا بعضهم يوطن نفسه بأن العام 2010 هو عام الاختبار الأول للشباب لأن يقترعوا في الانتخابات البلدية والاختيارية. واستكمالاً للحملة من المتوقع أن يزور وفد من الحملة الشبابية رئيس الجمهورية العماد "ميشال سليمان" لوضعه في الأجواء، ومطالبته بالضغط على الأطراف السياسية؛ للسير قدماً في المشروع حتى نهايته.

الحوار في القاهرة



البيادر السياسي، 21 – 29 مارس 2009


ذهب الفرقاء الفلسطينيون إلى القاهرة للحوار، واتفقوا على حسم بعض القضايا، فيما لا تزال بعض القضايا الأخرى عالقة، تنتظر الحسم بعد انتهاء القمة العربية.
مجلة البيادر السياسي أعدت تحليلا خاصًا للأجواء المرافقة لهذه المفاوضات واللقاءات، مستهلَّة بالتأكيد على ضرورة إنجاح هذه الجولة من الحوار في ظل التغيرات الحاصلة في المنطقة والعالم.

جميع الفصائل والقوى الفلسطينية تشارك في هذه المفاوضات التي تتم برعاية مصرية، وكل قادة هذه الفصائل أكدوا رغبتهم في التوصل إلى اتفاق وفي أسرع الأوقات، وكلهم تفاءلوا خيرا، وقالوا خلال توجههم إلى القاهرة: إن الإرادة اليوم قوية لتحقيق الوفاق على الساحة الفلسطينية، ووضع حد لهذا الانقسام الذي يُضعف من الموقف الفلسطيني، وينهش بحقوقنا المشروعة والعادلة.
في هذه الأثناء لا بدّ من الاعتراف بأن هناك تغيرات على أكثر من جبهة في العالم، تغيرات محلية ممثلة بنتائج الانتخابات الإسرائيلية، وتغيرات إقليمية ممثلة في بدء مرحلة "مُصالحة" عربية - عربية، وتغيرات دولية ممثلة في تغير الإدارة الأميركية، وتولي الرئيس باراك أوباما قيادة الإدارة الجديدة، مع تغيّر في التوجهات والمواقف والآراء والتعامل مع مختلف قضايا العالم. كل من ينظر إلى الأجواء السياسية والتغيرات الحاصلة فإنه يدرك أن المنطقة تعيش مرحلة جديدة، ولا بدّ للشعب الفلسطيني أن يكون متأقلما معها، أو مستعدا لمواجهة ما يمكن أن يُفرَض عليه من مواجهة

وترى المجلة أن التغيير الأهم ربما يكون ما جرى على الساحة الداخلية الإسرائيلية؛ بفوز معسكر اليمين في الانتخابات، وما أفرزه ذلك من سياسة متطرفة أهم بنودها توسيع الاستيطان ورفض التفاوض على القدس وشطب حق العودة وغيرها من التعديات. وتقول المجلة: إن هذه السياسة تعني أن المفاوضات الإسرائيلية ستكون مضيعة للوقت، وأن الآمال المرجوة منها قد تبخّرت؛ وهو ما يضع برنامجي فتح وحماس على طرفي النقيض.

من هنا يمكن القول: إن من يراهن على المفاوضات يخسر في هذه الفترة الصعبة كما خسر في الفترات السابقة؛ إذ أن هذه المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي لم تحرز أية نتائج ملموسة على أرض الواقع، وكانت مفاوضات تتحدث عن كيفية بدء هذه المفاوضات، أي أن النهج التفاوضي قد ضعف، وفقدت آماله كاملا.
أما النهج المقاوم فقد أجبر إسرائيل على الانسحاب من القطاع في العام 2006، وحقق العديد من الإنجازات السياسية التي قد تظهر جلياً مستقبلاً. وأن المقاومة حق مشروع، ولا بدّ من استخدامه من أجل تحقيق أهدافنا المشروعة.
والمطلوب أن تكون هناك وحدة، لنكون جاهزين للمرحلة القادمة الصعبة، وأن ننبذ الخلافات الشكليَّة، ونعملَ على تحصين الوطن.

أوباما ـ إسرائيل: المواجهة الأولى




المشاهد السياسي، 22-28 مارس 2009


في انتظار انتهاء المائة يوم الأولى من ولاية باراك أوباما، قد يكون مجحفا فعلا الخوض في أي حكم حول سياساته العربية والإسرائيلية. لكن مجلة المشاهد السياسي رأت وجود سؤالٍ يصعب التخلّص منه، فضلا عن تأجيله، وهو: إلى أي حدّ تخضع هذه السياسات لنفوذ اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، وبصورة خاصة منظّمة "إيباك" التي تمارس منذ عقود تأثيراً مباشرًا ومتواصلاً في التوجّهات الأميركية في الشرق الأوسط؟

ليس ممكنا الحديث عن علاقة الكونغرس الأميركي بإسرائيل من دون التوقّف عند دور "إيباك" الصوت الأهمّ للجالية اليهودية في أميركا داخل مجلسي النواب والشيوخ. وكثيرون هم صانعو القرار الأميركي الذين ينظرون إلى مصالح "إيباك" ومصالح إسرائيل نظرة واحدة، ويعتبرون كل ما تطالب به "إيباك" جزءا من السياسة الخارجية الإسرائيلية.
لماذا هذا الكلام الآن؟
المناسبة هي قرار "تشارلز فريمان" السفير الأميركي السابق لدى السعودية سحْب ترشيحه لرئاسة مجلس الاستخبارات الوطني، وهو منصب حسّاس جدّا في صياغة التقارير الاستخباراتية الأميركية، بفعل ضغوط "إيباك" وأصدقائها داخل الكونغرس، وحملة التشهير التي خاضتها هذه المنظّمة ضدّه في الأسبوعين الأخيرين.
القصّة أن فريمان جهر، وعلى مدى سنوات، بانتقاد مباشر للسياسات الإسرائيلية. وفي خطاب ألقاه في العام ٢٠٠٧ قال بالحرف الواحد: "إن القمع الوحشي الذي يتعرّض له الفلسطينيون على يد الاحتلال الإسرائيلي لا يظهر أي علاقة على رغبة إسرائيل في السلام، والتطابق الأميركي مع إسرائيل بات كاملاً". لذلك بمجرد أن أُعلن خبر ترشّحه لهذا المنصب في ٥ آذار (مارس) الجاري، بدأت حملة تشهير بسجّله المهني والسياسي نظّمها اللوبي اليهودي على خلفيّة مواقفه من إسرائيل، الأمر الذي دفع بعدد من أعضاء الكونغرس إلى التشكيك في استقلاليته وجدارته بتسلّم هذه المهمّة. ولم يستطع فريمان الصمود طويلاً أمام هذه الحملة، فأعلن سحب ترشيحه.

ورغم هذه القوة التي تتمتّع بها "إيباك" في ممارسة تدخّل استثنائي غير مشروع لتحديد من يحق له ـ ومن لا يحق ـ العمل في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، عرضت المجلة لبعض الأصوات التي حذرت من أن الدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل سيضر بمصالح الولايات المتحدة.

كل هذا (التوغل الصهيوني) لا يمنع عدداً من المراقبين والمحلّلين الأميركيين من التأكيد على أن الدعم الأميركي غير المشروع لإسرائيل، يضرّ بمصالح الولايات المتحدة، ويهدّد استقرار الأنظمة الموالية لواشنطن، ويعزّز المعارضة المسلّحة للوجود الأميركي في المنطقة، كما أن شنّ الحروب بالنيابة عن إسرائيل يؤدّي حتماً إلى انهيار القوّة الأميركية في العالم العربي. لكن من الواضح أن اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، وفي أماكن متفرّقة من العالم الغربي، أكثر قدرة من الحكومات العربية على التأثير في القرارات الأميركية المتعلّقة بإسرائيل، كما في القرارات الأوروبية بصورة عامّة، وعندما تمارس "إيباك" ضغوطها على الكونغرس فهي قادرة على إعطاء قضايا السياسة الخارجية تجاه المنطقة أبعادًا أميركية داخلية.

مسلمو "زنجبار" ينتظرون دعما عربيا وإسلاميا لتثبيت هوّيتهم



المجتمع، مارس 2009


ماذا تعرف عن مسلمي زنجبار؟ وهل تعلم أنهم تعرضوا لمذابح وتصفيات يندى لها جبين الإنسانية، تجاهلها الإعلام العالمي، كما تغافل عنها الإعلام العربي والإسلامي للأسف الشديد؟ وهل ترامى إلى سمعك يومًا أن الإسلام دخل زنجبار في القرن الأول الهجري؟!
للإجابة عن هذه الأسئلة وأكثر، خصصت مجلة المجتمع موضوع غلافها الأخير للحديث عن مسلمي "زنجبار" الذين ينتظرون دعما عربيا وإسلاميا لتثبيت هوّيتهم، بعدما تعرضوا لأبشع أنواع الظلم والقهر والعدوان.
تقع «زنجبار» في شرق أفريقيا، وتتشكّل من عدد من الجزر في المحيط الهندي قُبالة دولة «تنزانيا»، وتبعد عن السواحل الأفريقية قرابة 35 كيلو مترا، وأكبر جزرها جزيرتا «زنجبار»، و«بيمبا»، أما البقية فهي جزر صغيرة تتوزع حول جزيرة «بيمبا».وقد واجه العرب المسلمون في «زنجبار» مذابح وتصفيات يندى لها جبين الإنسانية، تجاهلها الإعلام العالمي، كما تغافل عنها الإعلام العربي والإسلامي للأسف الشديد، وأصبح المسلمون في مختلف أنحاء العالم يكادون لا يعلمون شيئاً عن حجم المأساة في «زنجبار» التي كانت عربية مسلمة، ولكنها لم تعد اليوم كذلك!دخل الإسلام أرض «زنجبار» منذ القرن الأول الهجري، وكانت تُدعى «برّ الزنج» ثم صار اسمها «زنجبار»، وقد حكمها العرب العُمانيون قرابة ألف عام، قبل أن يتم ضم الجزيرة قسراً بمعاونة الاستعمار مع منطقة «تنجانيقا» عام 1964م، ليتم تشكيل ما تُسمَّى اليوم بدولة «تنزانيا».
وفي الوقت الذي يتعمّد الإعلام الغربي اتباع سياسة التعتيم على ما حدث وما يحدث في «زنجبار» من انتهاكات واعتداءات ضد المسلمين، نجد للأسف أن الإعلام العربي الإسلامي يتجاهل - بتعمّد أو بدونه - إلقاء الضوء على هذه المجازر والانتهاكات التي تتكرّر بشكل مستمر في «زنجبار» المسلمة.
فقد شهدت «زنجبار» عمليات عسكرية لقمع مظاهرات سياسية قام بها المسلمون احتجاجاً على تزوير الانتخابات العامة التي أُجريت عام 2000م، وانتهت هذه المظاهرات بحصار الجزيرة، واقتحام المساجد، والاعتداء بالضرب على السكان.. وفي الوقت الذي كان الجيش يحصد فيه أرواح المدنيين، كانت الشرطة تُكْمِل المهمة بتكسير عظام ومفاصل الجرحى، وتكويمهم بعضهم فوق بعض في سيارات مكشوفة!
ورغم هذا الواقع المؤلم، جاءت المجلة ببشرى ظهور صحوة إسلامية في الإقليم الذي تبلغ نسبة المسلمين فيه أكثر من 98% من إجمالي عدد سكانه. وقد ترعرعت جهود الصحوة الإسلامية من إرشاد ووعظ وكفالة للأيتام ومعونات للفقراء والمحتاجين، وبدت مظاهرها في تزايد أعداد المتردّدين على المساجد وعدد مرتديات الحجاب الإسلامي.
لكن هذا لاينفي وجود بعض المثاعب التيس تواجه هذه الصحوة الإسلامية، ما يتطلب جهدًا ودعما إسلاميًا.
تواجه الصحوة الإسلامية في «زنجبار» العديد من المصاعب، أهمها: الفقر، وحملات التنصير، وتنازع بعض الفرق الإباضية والشيعية.. وفي خضم هذه الظروف والأوضاع المتشابكة، طرحت الأوساط الإسلامية في «زنجبار» جملة من المطالب ترى أن تلبيتها ضرورية لإحداث أي تطور إيجابي للأوضاع العامة، والعلاقات بين الطوائف الأخرى في البلاد، وأهم تلك المطالب:- تداول رئاسة الدولة بين المسلمين والنصارى.- مراعاة المساواة في توزيع الحقائب الوزارية بين المسلمين والنصارى.- جعل يوم الجمعة عطلة أسبوعية رسمية بدلاً من الأحد.- منح الأئمة والعلماء المسلمين حقوقاً سياسية متساوية مثل نظرائهم من رجال الدين النصراني، للتمثيل والترشيح في البرلمان والمجالس المحلية.- إيقاف استغلال المناصب الحكومية؛ لممارسة الضغوط والاضطهاد على الشباب المسلم في المؤسسات التعليمية والأكاديميات العليا.- فتح المجال أمام الشباب المسلم - كغيره - في الحصول على منح دراسية في العلوم الحديثة.وفي النهاية، يمكن القول: إن «زنجبار» العربية المسلمة تستردُّ اليوم عافيتها بصبر وصمود أهلها الأصليين، وإن الإسلام لا يزال مغروساً وموجوداً فيها رغم الهجمة الصليبية الشرسة، وإن عرب «زنجبار» لا يزالون يعتزّون بعروبتهم، ويتطلعون إلى عرب الجزيرة والوطن العربي في وقفة مساندة وتأييد لحقوق العرب، أهل البلاد الأصليين في «زنجبار» بلاد القرنفل والعطور.

الفلسطينيون يعيشون بين خوفين أحلاهما مرّ



المشاهد السياسي، 15-21 مارس 2009

في التاسع من مارس الجاري بدأت إعادة إعمار مخيّم نهر البارد الفلسطيني، الذي دُمِّر قبل عامين في المعارك التي جرت بين الجيش اللبناني ومقاتلي "فتح الإسلام".
وبهذه المناسبة فتحت مجلة المشاهد السياسي الملف الفلسطيني في لبنان، واقعاً ومستقبلاً، في ضوء تجربة القتال التي شهدها مخيّم نهر البارد وتداعيات قرارات الأمم المتحدة. في ظل التساؤلات الكبيرة المطروحةحول مستقبل الوجود الفلسطيني في لبنان، ومشاريع التوطين والترحيل التي أُعِدَّت للاّجئين، فضلاً عن طبيعة العلاقات المستقبلية بين المقاتلين الفلسطينيين داخل المخيّمات وخارجه والدولة اللبنانية، في أعقاب صدور قرار مجلس الأمن الرقم ١٥٥٩ القاضي ببسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية، وحلّ ونزع أسلحة الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية كافة.
منذ تفجّرت أزمة مخيّم نهر البارد في العام ٢٠٠٧، بدأت الاجتهادات تتعاقب حول مشروعين متناقضين: الأول يقول بتوطين الفلسطينيين في لبنان بشكل نهائي على خلفيّة سقوط مشروع الدولتين في فلسطين المحتلّة، والثاني يقول بترحيل أعداد كبيرة منهم. وقد ذهبت بعض الدراسات التي نشرت في أعقاب حرب مخيّم نهر البارد، الى أن النيّة تتّجه الى إزالة خمسة مخيّمات فلسطينية على مراحل وهي، بالاضافة الى نهر البارد، البداوي (في الشمال)، برج البراجنة (في بيروت)، عين الحلوة والبصّ أو برج الشمالي (في الجنوب). وذهب بعضهم الى تسريب سيناريو يقول إن مخيّم نهر البارد ليس إلا البداية، وأن مخيّمات أخرى مرشّحة لأن تمسح من الخارطة.
ما يطمئن من هذه الناحية، أن بعض الأطراف اللبنانية ترفض التوطين على قاعدة التمسّك بحماية لبنان من مشروع يضرّ بتوازنه الداخلي، ومثل هذا الرفض يشكّل حماية غير مباشرة لحق الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم.
وحول الإطار القانوني لرفض مقترح التوطين استشهدت المجلة بالكلمة التي ألقاها الرئيس اللبناني ميشال سليمان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بتاريخ ٢٣/٩/٢٠٠٨، إذ قال: لا يسع لبنان إلا أن يلفت المجتمع الدولي إلى رفضه المطلق أي شكل من أشكال التوطين، مستندًا على أسسٍ ثلاثة: أولها تعارض التوطين مع حق العودة، وثانيها صعوبة استيعاب بلد صغير كلبنان لأكثر من ٤٠٠ ألف لاجئ فلسطيني على أرضه، وثالثها ما نصت عليه صراحة مقدّمة الدستور اللبناني، وينصّ عليه اتفاق الطائف.
الهاجس لايكمن في التوطين وحده، فهناك تحديات أخرى تواجه الفلسطينيين في هذه المخيمات، حاولت المجلة تلخيصها.
ليس سرّاً أن الفلسطينيين في لبنان لا يستطيعون ممارسة المهن التي يريدون ممارستها، ولا يمكنهم شراء عقارات أو تشكيل جمعيات، وتقول الأونروا إن نسبة البطالة بين سكان المخيّمات تتجاوز الـ٦٠ في المئة.
وباختصار، يمكن القول إن الفلسطينيين في لبنان يشكّلون حوالى ١١ في المئة من سكان لبنان، ورغم ذلك هم ممنوعون من العمل بموجب القرار الرقم ٢٨٩/١ للعام ١٩٨٢، وممنوعون من التملّك بموجب القرار الصادر عن مجلس الوزراء في ٣١/٢/٢٠٠١، وفي الوقت الذي تكتظ مدارسهم بالتلاميذ وتتردّى أوضاعهم الصحّيّة باستمرار، هم لا يحصلون على حقوقهم في التعليم والطبابة والضمان الصحّي والاجتماعي والانتساب إلى النقابات. وقد بقي الأمر كذلك حتى جاء القرار ١٥٥٩ القاضي بنزع سلاح الفصائل خارج المخيّمات ليعزّز مخاوفهم من خطّة لاستيعاب أعداد منهم كأيدٍ عاملة في بعض القطاعات، وترحيل الأعداد المتبقّية إلى المهاجر البعيدة.
يُعمِّق هذه المخاوف الموقف الرسمي المعلن لإسرائيل من جهة وللولايات المتحدة من جهة أخرى الذي يرفض حق العودة، بالإضافة إلى غياب أي اهتمام دولي حقيقي لمساعدت الفلسطينيين على استعادة حقوقهم، علماً بأن هناك أكثر من مشروع قرار وسيناريو لدى الجهات الدولية المعنيّة لتمرير مشروع التوطين، أهمّها مشروع النائبة الأميركية "اليانا روس ليتن" الذي أقرّه الكونغرس في ٢٨/٣/٢٠٠٣، وإعلان المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية رون بروسور في ١٤/١٢/٢٠٠٤ عن مشروع تعدّه إسرائيل لتوطين الفلسطينيين في لبنان.
إنه القلق المتبادل من جانب لبنان كما من جانب الفلسطينيين، في غياب المرجعية الفلسطينية الواحدة، وتعذّر التوصّل إلى مشروع دولة فلسطينية يدخل حيّز التطبيق، ووجود مصلحة إسرائيلية مباشرة في إبقاء الفلسطينيين حيث هم، وهواجس التهجير والتوطين التي تثقل العلاقات بين السلطات اللبنانية وسكان المخيّمات.

خمس أعوام



آفاق العلم، مارس أبريل 2009


كان عليهما التحرك وجمع المعلومات على سطح لكوكب الأحمر لمدة لاتزيد عن 90 يومًا أرضيًا. لن الرائع في الأمر أنهما اليوم، وبعد مرور 5 سنوات، لايزالان يتحركان ويعملان.
تمكن الجوالان المريخيان من إزالة جزء كبير من الغموض الذي كان يحيط بالكوكب الأحمر.
في الثالث من شهر يناير الماضي أكمل الجوال المريخي "سبيريت" Spirit خمس سنوات على سطح الكوكب الأحمر، ليتبعه توأمه أوبورتيونيتي Opportunity ويحقق الإنجاز نفسه في الرابع والعشرين.
ماتوقعه العلماء أن يتمكن الجوالان من العمل لثلاثة أشهر (ربما مع تمديد قصير لكل منهما إذا سارت الأمور على ما يُرام).. فالظروف الجوية الصعبة ودرجات الحرارة شديدة الانخفاض كانت أقوى من أن يتصور أي من المختصين أن تستمر أجهزة هذين الجوالين في العمل أكثر من ذلك.
وخلال مهمتهما الملحمية قام الجوالان بإرسال ما يصل إلى 250 ألف صورة، وقطعا مسافة 21 كيلو مترًا، تسلقا مرتفعات، وهبطا في حُفر خلقها اصطدام نيازك بسطح المريخ.. كذلك فقد تمكنا من تجاوز عواصف رملية بنجاح، وأوصلا ما يُعادل 36 جيجابايت من المعلومات إلى الأرض عبر اتصالهم المباشر بالمسبار "مارس أوديسي أوربيتر" المتواجد في مدار حول الأرض. وهذا لايعني أن الأجهزة والآلات على متنهما تعمل بشكل مثالي؛ فيتوجب على "سبيريت" مثلا أن يسير دائمًا إلى الخلف بسبب تعطل إحدى عجلاته.. أما "أوبورتيونيتي" فذراعه الآلية تعاني من خلل بسبب تنقطاع كابل الكهرباء.
كذلك عانى الجوالات عدة مرات من ضعف الطاقة التي توفرها بطارياتهما بسبب العواصف الرملية شديدة الكثافة والتي كانت تتسبب في حجب ضوء الشمس الذي يعتمد عليه الجوالان في شحن تلك البطاريات عن طريق الألواح الشمسية.
ونقلت المجلة عن "جون كالاس"، مدير مشروع الجوالين المريخين في مختبر الدافع النفاث، التابع لوكالة الفضاء اللأمريكية "ناسا" قوله: "هذان الجوالان مرنان للغاية إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الظروف الصعبة التي تعمل فيها أجهزتهما كل يوم. ونحن ندرك أنه من الممكن أن يتوقف أي جزء على متن أي من الجوالين عن العمل في أي وقت الآن.. ما سيعني إنهاء مهمته بالكامل دون أي تحذير مسبق، لكن من جهة أخرى، ماسنتمكن من تحقيقه من كل جوال خلال سنة واحدة قادمة سيعادل عمل أربع مهمات رئيسية قادمة".
ثم انتقلت المجلة للتحدث الهدف الرئيسي من هذه المهمة، وختمت بالخطوات المستقبلية في هذا الإطار.
وكان الهدف الرئيسي من مهمة الجوالين هو البحث عن أي آثار تثبت وجود المياه على سطح المريخ سواءً في حاضره أو في ماضيه.. فما كنا متأكيدن منه هو أن الماء موجود بصورته الصلبة (جليد) عند قطبي الكوكب، إلا أن بقية سطحه كانت تبدوا صحراء قاحلة... وقد تمكن "أوبورتيونيتي" من العثور على صخور غنية بالحديد، وهو ما لا يتشكل عادة إلا في بيئة غنية بالماء. "سبيريت" عثر أيضًا على أدلة قوية لوجود ينابيع ماء ساخنة على المريخ، وكانت هناك أيضًا صورة شاهد فيها العالم خروج الماء لمسافات محدودة على السح.
مع استمرار الجوالين في العمل، ومع رغبة "ناسا" في خفض تكاليفها، تم تأجيل إطلاق الجوال الجديد "مارس ساينس لابوراتوري" الذي سيكون بإمكانه التحرك بسرعة تصل في أقصاها إلى 90 مترًا في الساعة مقارنة بالـ 18 مترًا في الساعة التي كان الجوالان السابقان مصممين للوصول إليها. علمًا بأن السرعات الفعلية على المريخ لايمكنها تجاوز ثلث السرعات القصوى لمحددات مختلفة... وسيحمل الجوال الجديد على متنه آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا الحديثة بهدف البحث عن كائنات ميكروبية قد تكون موجودة اليوم على سطح الكوكب الأحمر.. مهمة الجوالين ستكون الأساس التي ستسير عليه المهمات القادمة.

من هو رئيس الوزراء والبرلمان المقبلين؟



الأفكار


في ربيع 1968 اختار "شارل ديجول" الاحتكام إلى الشارع في مسأله بقائه في السلطة أو تنحيه، بعد التظاهرات الصاخبة التي خرجت إلى الشارع الفرنسي ضده. ورغم حصول الرجل في هذا الاستفتاء على 54% من الأصوات، ما يسمح له بالبقاء رئيسًا للجمهورية، إلا أن الرجل العملاق أبى إلا الاستقالة لأنه كان اشترط مسبقًا أن يحصل على ثلثي أصوات الشعب.
مجلة الأفكار تمنت لو يتعلم الفرنسيون من ديجول في استفتاء 1968.
لقد اعتبر ديجول أن رفض حوالي أربعين بالمائة من الفرنسيين لسياسته في إدارة البلاد سبب كافٍ لاعتزاله السلطة، أي أن أربعة أشخاص في عائلة من عشرة أشخاص لايريدونه، وهذا سبب كافٍ لرجل مثله دخل التاريخ من أوسع أبوابه، ليقول للفرنسيين "أوريفوار إي ميرسي" أي وداعًا وشكرًا!
نسبة الأربعين بالمائة هي الفرس في حياة لبنان الانتخابية الدستورية. وهي تمثل نظرية النسبية التي أيدها الرئيس ميشال سليمان في عدة مناسبات ، وطالب بها الرئيس نبيه بري في أكثر منوقفة خطابية. وبالقلم والدفتر-أو عفوًا الكمبيوتر؛ لأننا في عهد هذا الشيطان الالكتروني- نكتشف أن محافظة من مائتي ألف ناخب مثلا أعطت ستين بالمائةمن أصواتها للائحة الزعيم السياسي الفلاني، فكانت هي مالكة زمام الموقف وصاحبة القرار في طاقم النواب الجدد الذاهب إلى البرلمان، في حين أن أصوات أربعين بالمائة من الناخبين ذهبت أدراج الرياح، أو هُدِرت كمياه الليطاني في البحر المتوسط. ولو كان لبنان يعمل بنظام النسبية، لكان للأربعين بالمائة من يمثلهم في البرلمان، وتساوى بذاك في الحقوق جماعة الستين بالمائة وجماعة الأربعين بالمائة.
أما الآن وبقانون انتخاب عام 1960، أي بالرجوع 49 سنة إلى الخلف، فإن الأربعين بالمائة سينفخون في رماد بارد، ويكون البلد فريقين: فريق داخل البرلمان، وآخر خارجه لايملك إلا برلمان الشارع، وهو الأقوى؛ لأنه أرغم عملاقًا مثل ديجول على الاستقالة!
ونحن بالمفهوم نفسه آتون إلى تجربة رئيس الحكومة المقبل. فإذا فازت 14 آذار بأكثرية مقاعد المجلس النيابي كان لها أن تُسمي رئيس الحكومة، سواءً من داخل البرلمان أم من خارجه. فيما حُجبت نسبة الأقلية عن الإتيان برئيس وزراء. هكذا هو روح الدستور. ورئيس الحكومة الآتي يجب أن يملك قدرة السيطرة على الشارع، لا أن يكون مطواعًا لنوازع الشارع!

المشهد السياسي في السنغال يُنذِر بانفجار وشيك



المجتمع


ظلّت السنغال تشكّل حالة فريدة، وتتمتّع بوضع استثنائي على المستوى الأفريقي عامة، وفي محيط الجوار خاصة، واستحقّت عن جدارة، لقب "الواحة الآمنة" أو "الواجهة الديمقراطية".. لكن الأعوام الثمانية الماضية، منذ بداية حكم الرئيس الحالي "عبد الله واد"، شهدت تقلبات سياسية واقتصادية واجتماعية، جعلت بواعثَ القلق تبرز من جديد.
مجلة "المجتمع" حذرت من انفجار وشيك، ربما يُطيح بالحُلْم السنغالي الذي كان يراهن الكثيرون عليه لإحداث تحوّل جذري على نطاق واسع، داخل إقليم جنوب الصحراء.
ويرى كثير من المراقبين السياسيين أن المستقبل يحمل كثيرا من نُذُر التوتّر وعوامل القلق، وذلك بناءً على إغلاق باب الحوار بين السلطة والمعارضة، والنهج الطائفي الذي سلكه الرئيس "واد"، وتراجع المسيرة الديمقراطية، بعد الزخم الهائل الذي حقّقته سابقاً، وذلك بسبب التعديلات الدستورية المتلاحقة، التي يلجأ إليها الرئيس "واد"، لدوافعَ حزبية أو لتحقيق مكاسب سياسية شخصية، والتي بلغت 15 تعديلاً خلال ثماني سنوات؛ مقارنة بسبعة تعديلات أثناء الحكم الاشتراكي خلال أربعين سنة! أضف إلى ذلك تردّي الوضع داخلَ الحزب الديمقراطي الحاكم وقضية توريث الحكم، وهي القشة التي يعتقد المراقبون والمحللون السياسيون أنها ستقصم ظهر السنغال. ومع قتامة اللوحة المرسومة للوضع القائم اليوم في السنغال، ثمة بصيصٌ من الأمل في إمكانية تفادي الوقوع في الشِراك المنصوبة، بالتعويل على حِنْكة الشعب السنغالي، وقدرته على تجاوز الظروف الحرجة والدقيقة التي يمر بها اليوم، وذلك رغم شراسة الأزمة الحالية مقارنة بما سبقها من الأزمات المختلفة، من خلال تفعيل تلك الآليات الخاصة به، والتي تتمثل أساسًا في:- اللُّحْمة الاجتماعية الحميمة التي تربط بين مختلف أجزاء المجتمع السنغالي، وساهمت كثيرًا، حتى الآن، في تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي الذي حظي به المجتمع السنغالي لفترة طويلة.- التأثير الإيجابي الذي تملكه القوى الدينية التقليدية، التي شكّل بعض قياداتها في الماضي عوامل توازن إيجابي؛ بحيث يستطيعون العمل على تقريب الصفوف، وتدشين حوار بنّاء ينتهي إلى نزع فتيل الأزمة وتهدئة النفوس.- أنْ تتحمل القوى الخارجية ـ التي لها مصالحُ حيوية تقتضي بقاء الأوضاع في السنغال مستقرةً وسط هذا البحر الهائج ـ كامل مسؤولياتها، وتضغط في اتجاه التهدئة.

مقصلة سياسية في لبنان



المشاهد السياسي، 8-14 مارس 2009


اغتيال الرئيس رفيق الحريري كان البداية، وبعده تقاطرت الاغتيالات السياسية والإعلامية حتى وصل الرقم إلى ١٣. والآن جاء دور المحكمة الدولية.. فما هي العقبات الإجرائية التي تقف أمامها؟ وما هي التأثيرات المحتملة للمحكمة على أجواء المصالحات العربية الأخيرة؟ مجلة المشاهد السياسي حاولت الإجابة عن هذين السؤالين.
العقبات الإجرائية، كما يراها المختصّون في القانون الدولي هي الآتية:
أن "الأصول القانونية" للمحاكمة، أي قواعد وأصول الإجراءات والأدلّة، لم توضع حتى الآن، هذا يعني أن المحكمة لن تنعقد في فترة قريبة لأنها ليست جاهزة.
العقبة الثانية تكمن في مدة المحكمة؛ فالمقرّر حتى الآن هو ثلاث سنوات، وبعد انتهاء هذه المهلة سوف يتم تجديد عمل المحكمة في مجلس الأمن لثلاث سنوات أخرى، في غضون ذلك يمكن أن تمتنع إحدى الدول من مجموعة الخمس الكبار (التي تملك حق الفيتو)، عن التجديد إذا هي قرّرت أن استمرار عمل المحكمة لم يعد ضرورياً، وهذا يعني إنهاءَ عمل المحكمة. ثم إن هناك التزامات مالية نص عليها قرار الإنشاء (٤٩ في المائة يتحمّلها لبنان و٥١ في المائة تتحملها الدول المانحة)، ويمكن أن لا يوافق مجلس النواب اللبناني بأكثريّته (الجديدة المحتملة) على هذه الالتزامات، لاعتبارات سياسية، كما يمكن أن لا تقوم الدول المموّلة بالوفاء بالتزاماتها، وهذا يقود أيضاً إلى احتمال توقّف المحكمة عن العمل.
وفيما يتصل بالمردود السياسي للمحاكمة، ترى المجلة أنه "يصبّ حتى الآن في مصلحة فريق ١٤ آذار، الذي طالب منذ البداية بإنشاء هذه المحكمة وعمل لها، لأنه يتّهم المعارضة وبعض الأوساط الإقليمية بالتورّط في الجرائم التي حصلت، علمًا بأنه ليس هناك متّهمون حتى الآن".
لكن النص المتعلق بإمكان إجراء محاكمات غيابية ينطوي على أخطار كبيرة يمكن أن تفجّر الوضع الداخلي اللبناني، لماذا؟

لأن المحاكمة الغيابية في بلد كلبنان منقسمٍ على نفسه طائفياً وسياسياً، مسألة دقيقة، وأي حادث قد يشعل الشارع. إن مباراة رياضية أو حلقة تلفزيونية يمكن أن تتسبّب بأزمة سياسية، فكيف بمحاكمة على الهواء تستهدف أشخاصاً من طائفة معيّنة أو زعماءَ من هذه الطائفة أو تلك؟ وكيف يمكن أن يتعامل الشارع مع هذه الشروط إذا صدرت أحكام غيابية في حق أشخاص لم يَمثُلوا أمام المحكمة؟ في هذه الحالة، يقول المراقبون: إن أي حكم غيابي يصدر عن المحكمة قد يشكّل شرارة تشعل هذا الشارع أو ذاك، فيما يعني أن المحكمة لغم موقوت في الاستقرار اللبناني الهشّ!
تبقى المصالحات الإقليمية... وهي تنضج في هذه المرحلة على نار خفيفة، والأدلّة على ذلك شبه يومية، وليس آخرَها زيارةُ وزير الخارجية السوري وليد المعلّم إلى الرياض. وفي معلومات أخرى أن الأسابيع القليلة المقبلة سوف تحمل مصالحات أخرى، أهمّها المصالحة الليبية ـ السعودية، والمصالحة المصرية ـ القطرية برعاية سعودية، بحيث ينطلق التعاون العربي لرأب الصدع الخطر بين الفصائل الفلسطينية، وتحصين الاستقرار اللبناني، وتهدئة الساحة العراقية، وبوادر هذا التعاون ظهرت في قمّة شرم الشيخ الأخيرة يوم الأحد الفائت.

العرب يواجهون الخيارات المُرة



الفرقان، 9 مارس 2009


إذا كان التعليم والثقافة هما مقياسا تقدم الأمم، فماذا تقول في أمة يقرأ فيها المواطن خلال العام أقل من كتاب، فيما يقرأ نظيره "الإسرائيلي" 37 كتابًا سنويًا، ويقرأ الأمريكي 43 كتابًا سنويًا؟!
مجلة الفرقان فتحت ملف الخيارات المُرة التي تواجه العرب، الذين لم يعد أمامهم سوى خيارين لا ثالث لهما، إما تصحيح المسار والاعتراف بالخطأ، أو الغرق في هذا المستنقع الذي لا تُرى نهايته!
أغلب الدول العربية لم تستطع الاستفادة من الوفرة الاقتصادية التي تحققت خلال الأعوام الأخيرة من خلال الارتفاع القياسي في أسعار النفط لتحقيق طفرة علمية وتعليمية وتنموية، بل بقيت قطاعات المياه والإسكان والبنية التحتية متخلفةً جدًا، لدرجة أن أكثر من 56 مليون عربي يجدون صعوبة في الحصول على مياه نظيفة نتيجة إقامتهم في مناطق عشوائية تعاني تخلفًا غير مسبوق في الخدمات الأساسية، ويضرب الفقر المدقع أغلب المقيمين فيها لدرجة تفتح الباب على مصراعيه أمام ذيوع وانتشار الجرائم بمختلف أنواعها، مثل إدمان المخدرات وتعاطي المسكرات، وهي النسبة التي تصاعدت بشدة خلال السنوات الماضية؛ نتيجة تصاعد أرقام البطالة، لدرجة أنها تجاوزت ما يقرب من 30 مليون عربي، حسب إحصاءات منظمة العمل العربية.
ولم يجد كثير من المراقبين صعوبة في الإشارة إلى انتشار الفساد المالي والإداري انتشاراً وبائياً في الدول العربية، مما أثمر تراجعًا في معدلات النمو، وأوقف العديد من الخطط التنموية لإصلاح القصور في مجالات شديدة الأهمية، مثل الصحة والتعليم والخدمات التي تراجَعَ مستواها بشدة خلال السنوات الأخيرة. بل إن كثيراً من الدول العربية، لاسيما التي تعاني أوضاعًا اقتصادية معقدة قد لجأت مرة أخرى للاستدانة من مؤسسات دولية لمعالجة تداعيات الأزمة الاقتصادية، وهو ما سيجعل اقتصاديات هذه الدول أسيرة لتدخلات من جهات دولية، لدرجة أن دولة عربية كبرى قد لجأت للاستدانة لتعويض تراجع إيراداتها من السياحة وانخفاض المعونات الاقتصادية، التي كانت تقدَّم إليها لإنقاذ ميزان مدفوعاتها المتهاوي.
هذه الحالة من الانهيار الكامل التي يعانيها العالم العربي سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا كانت لها تداعياتٌ كبيرة في مجمل الأوضاع في المِنطقة؛ حيث انعكس هذا الانهيار على قدرة الدول العربية على تبني مواقفَ سياسيةٍ، سواء دوليًا أو إقليميًا. وقد عززت هذه المواقف الضعيفة، بدون شك، حالةَ التشكيك بين أبناء الوطن الواحد، سواء كانوا حكّاما أم محكومين. وهو أمر شديد الخطورة على وَحدة الدول العربية وتماسكها، وعلى تبايناتها الاجتماعية، وهو أمر لا بد من التنبه على خطورته، وأن يعمل أولو الأمر لردم الهُوة بينهم وبين شعوبهم؛ باعتبار أن حالة فقدان الثقة بين الشعوب والأنظمة قد تعطي الفرصة لأعداء الأمة، للتدخل ومحاولة شق الصف.

الخلايا الجذعية مستودع الشفاء


الأهرام العربي، 7 مارس 2009


مجلة الأهرام العربي أعدت ملفًا خاصًا حول الخطورة التي تكمن في زراعة الأعضاء، والأمل القادم في الخلايا الجذعية
فأخيرًا وبعد عناء السنوات الطوال ومئات الأبحاث التي أخذت من أعمار العلماء وأفكارهم الكثير والكثير في سبيل قهر الأمراض والنهوض بصحة الإنسان نحو الأفضل.. جاءت الدراسات الحديثة تبشرنا بالأمل والشفاء من جميع الأمراض والعلل عن طريق الخلايا الجذعية للإنسان، والتي تُعد بمثابة طوق النجاة من كل الآثار الجانبية لزراعة الأعضاء والأمان الكامل الذي يطمئن إليه المريض والطبيب معًا
في الوقت الذي تحمل فيه عمليات زراعة الأعضاء الكثير من آمال الشفاء من أخطر الأمراض الميئوس منها، إلا أن هناك الكثير من الجوانب الخفية تهدد مستقبل هذه التقنية الطبية، فغياب القوانين التي تنظمها أمرٌ يهدد حياة الأصحاء الذين تُسرَق منهم أعضاؤهم.. كما تتسبب في نشأة بورصة عالمية خاصة بالأعضاء البشرية يتحكم فيها مافيا لايهمها إنقاذ المريض بقدر ما تسعى وراء المال. والجانب الخفي الذي لم يتحدث عنه إلا قلة من العلماء هو أنه في كثير من عمليات زرع الأعضاء يجد المرضى الذين تعرضوا لعملية الزرع أنفسهم يعيشون بمشاعر وأحاسيس الأشخاص الذين تم أخذ العضو منهم؛ نظرًا لأن لكل عضو ذاكرته الخاصة.. فضلا عمن يطلّ على العالم بوجه غير وجهه، كما في عمليات زراعة الوجه.. ومن يتحدث بلسان ميت تم نقله إليه
وبعد أن تحدثت المجلة عن مخاطر عمليات زرع الأعضاء، وكيف أن التوسع فيها قد يُمَكِّن مثلا المجرمين من الهروب بعيدًا عن قبضة العدالة إذا ما خضعوا لعملية زرع الوجه. تحوَّلت للحديث عن الخلايا الجذعية، باعتبارها العلاج الطبيعي والآمن الموجود بداخلنا
اكشاف كبير وأمل جديد في علاج أمراضنا.. الاكتشاف هو أن الخلايا الجذعية موجودة في كل أعضائنا وليس في مناطق محددة في الجسم، كما كان يعتقد العلماء، والأمل هو علاج أسهل وأسرع لأمراض العصر التي تحير العلماء
وأكدت الأبحاث العلمية الحديثة أن الخلايا الجذعية موجودة في الأعضاء التي تحدث بها انقسامات متعددة، وتمتلك حلولا سحرية لعلاج الأمراض الخطيرة، وبات جليًا أن الدول التي تفتح مختبراتها على مصراعيها للباحثين عن أسرار الخلايا الجذعية، سوف تجني وتحقق فتوحات طبية رائعة وساحرة وجديدة وعديدة، وسوف ينعم مواطنوها بعلاج آمن وطبيعي وبلا عقاقير وبلا جراحة وبسعر زهيد، أما الذين يقفون في طابور المتفرجين كعادتهم فلن ينعموا بهذه التكنولوجيا، وسوف يتكبد مرضاهم نفقات باهظة لينعموا بهذه الإبداعات

أوروبا.. التأميم آخر العلاج



المجلة، 1-7 مارس 2009


مجلة "المجلة" تحدثت في موضوع غلافها الأخير عن تأميم البنوك؛ باعتباره الفرصة الأخيرة المتاحة أمام البنوك المتعثرة في أوروبا. وقد طُرِح هذا الحل في مؤتمر برلين التحضيري لقمة العشرين المزمع عقدها في أبريل المقبل بجانب العديد من الاقتراحات الأخرى الرامية لإصلاح النظام المالي العالمي؛ بحيث يضمن تجاوز الأزمة الحالية وعدم تكرارها مستقبلاً.
جاءت دعوة خبير الاقتصاد الأمريكي "كينيث روجوف" –كبير اقتصاديي صندوق البنك الدولي- إلى ضرورة اتخاذ خطوات جادة وجريئة في الاقتصاد الرأسمالي، مثل تأميم البنوك المتعسرة، في محاولة للهروب من تداعيات الأزمة المالية.
وتوقع الخبير الأمريكي أن تتعافى أوروبا من تلك الأزمة قبل الولايات المتحدة بفترة كبيرة.
وفي تصريحات نشرتها مجلة "دير شبيجل" الألمانية في عددها الصادر مؤخرًا، دافع روجوف عن رأيه فيما يتعلق بتأميم البنوك، مؤكدًا أنه من الأفضل لأي بنك يحتاج إلى مئات المليارات من الدولارات أن يخوض تجربة التأميم وأن تُعاد هيكلته. وبعد أن يتعافى تُعاد خصخصة الجزء الأفضل منه بأسرع وقت ممكن. ونفى أن يكون الهدف من تلك الخطوة مجرد إنشاء بنوك تابعة للدولة، مشيرًا إلى أنه الحل الأفضل؛ لأنه لا يهدف لأكثر من مجرد الإشراف التام للدولة على عملية الإفلاس.
وعلى الرغم من أن هذا الخيار غير قابل للتصور للوهلة الأولى، إلا أن عديدًا من خبراء الاقتصاد في العالم يرون أنه لا بديل عنه في الفترة الحالية. وفي هذا نقلت المجلة تعليق روجوف الذي قال فيه: إن مايحدث من تداعيات خطيرة هو الأمر الذي لايمكن تصوره؛ حيث إن الانهيارات المتتالية - التي أدت إلى سقوط العديد من البنوك فريسة للإفلاس- تهدد المؤسسات المالية الكبرى في الدول الغنية.
وفي هذا الخضم من الأزمات انتقلت المجلة لتتحدث عن التفاؤل الذي ساد بعد مؤتمر برلين.
في إطار الإعداد للقمة العشرين المزمع انعقادها بداية أبريل المقبل في لندن، اجتمع قادة الدول الأوروبية المشاركة في مجموعة العشرين في برلين للتحضير للقمة. وبعثت العواصم الأوروبية رسائل إلى العالم مفادها أن سقف القرارات في القمة المقبلة سيكون أعلى من مثيله في القمة الأولى التي عُقِدت في واشنطن خلال شهر نوفمبر الماضي. وتوقع المشاركون في مؤتمر برلين أن تُسفِر قمة العشرين عن خطوات إيجابية.
وأصدر المشاركون بيانًا مشتركًا، يحث على ضرورة التحرك الحازم من جانب مجموعة العشرين لإصلاح القواعد المالية العالمية، وإتمام جولة الدوحة من محادثات التجارة العالمية بنجاح، مع بذل جهود أكبر للحد من الفقر وتغيير المناخ. وشدد على الحاجة إلى إطار عمل شامل تدعمه الدول والمنظمات الدولية يمنع أي نوع من التجاوزات في السوق، كما يعمل على تجنب الأزمات في المستقبل.

القرار الظني أولا ثم تنعقد المحكمة ويأتي القضاة اللبنانيون



الأفكار، الاثنين 9 مارس 2009


المحقق الدولي "دانيال بلمار" وعد بعدم الثأر أو الانتقام أو التسييس.. فهل مهمته صعبة أم مستحيلة؟! تساؤل استهلت به مجلة الأفكار حديثها عن قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والأمل الذي يحمله كل اللبنانيون أن يُكشف اللثام عن الذين خططوا ونفذوا هذه الجريمة وغيرها على مدى السنوات القليلة الماضية. لكنها أكدت أن الفرحة كانت ستكتمل لو أن المحكمة ذات طابع لبناني، وليست بنكهة دولية تؤثر أول ما تؤثر على صورة لبنان السيادية.
إن الكشف عن الحقيقة، كما عن المجرمين، وردعهم أو سوقهم إلى العدالة كان ولا يزال أمل الشعب اللبناني وأشقائه وأصدقائه. لكن وبكل أسف، ضاع هذا الأمل وتبخر عندما أُعلِن رسميًا عن ولادة المحكمة ذات الطابع الدولي في هولندا من أجل لبنان لمحاولة الكشف عن مخططي ومنفذي جريمة اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري، ورفاقه عند ساحة فندق "السان جورج" في قلب العاصمة اللبنانية.
فرح اللبنانيون بهذه الخطوة، لكنهم اعتبروا في الوقت ذاته إحلال العدالة الدولية محل العدالة اللبنانية، في هذا المجال بالذات، هو انتقاص فاضح للسيادة الوطنية، كما قال الوزير السابق ألبير منصور، لا بل إذا صح التعبير هو تعدٍّ على هذه السيادة، مع أن لبنان يغص بالقضاة المشهود لهم لبنانيًا وعربيًا ودوليًا بأنهم يتمتعون بدرجات عالية ومرموقة على الصعيد العلمي والتقني، ومُجِدُّون في البحث عن الحقيقة، وفي إحقاق الحق، وإحلال العدالة.
لبنان يغص بالقضاة القادرين على إحقاق الحق، سواء أولئك الذين مازالوا يمارسون مهامهم، أم أولئك الذين أُحيلوا إلى التقاعد.. فلماذا عجز القضاء اللبناني عن القيام بهذا الواجب والكشف عن جرائم الاغتيالات التي أصابت لبنان؟ ولماذا استُعيض عن القضاء اللبناني في هذا المجال بالقضاء الدولي؟ ولماذا حلَّ قضاة من أنحاء هذا العالم، وإن بقرار من مجلس الأمن الدولي، محل القضاة اللبنانيين وإن بقرار من حكومة لبنان؟!
المجلة بالطبع لم تكن تنتقد القضاء اللبناني ولا رجالاته، بدليل اعترافها لهم بكل فضل، ووضعها لهم في منزلتهم التي يستحقونها، لكنها كانت تستفز القارئ لتُشعِره بما يشعر به اللبنانيون!
والمجلة إذ تنقل الصورة من داخل النفس اللبنانية، تلقي باللائمة في هذه المشاعر المؤلمة على السياسيين الذين لم يتمكنوا من توفير الأجواء والضمانات اللازمة لإنهاء هذه الأزمة داخليًا.
طبعًا لم يكن سبب اللجوء إلى هذه المحكمة الدولية، أو إلى القضاة الدوليين، هو افتقار لبنان إلى قضاة من درجة القضاة الأجانب، ولا في عجز القضاء اللبناني عن القيام بواجبه في ظل الكفاءات العالية التي يتمتع بها قضاة ومحققو وحرَّاس العدالة فيه؛ بل إن السبب المباشر في إظهار لبنان وقضاته وعدالته ومحاميي الدفاع فيه بهذا المظهر العاجز عن القيام بهذه المهمة يعود إلى عجز السياسيين في لبنان عن تأمين الحصانة اللازمة للقضاء اللبناني وللقضاة اللبنانيين لكي يقوموا بواجبهم في مجال إحقاق الحق واكتشاف الحقيقة والإمساك بالمجرمين الذين زرعوا ربوع لبنان قتلاً وإجرامًا ودمارًا.
إنها مسئولية الطبقة السياسية في أن يظهر لبنان بهذا المظهر، وإلباس القضاء اللبناني هذا الثوب، وإبراز القضاة اللبنانيين أمام العالم كله في هذه الصورة!

القرصنة.. رأس الحربة لمخططات السيطرة الأجنبية على البحر الأحمر



المجتمع 14 فبراير- 9 مارس 2009


تصاعدت في الأشهر الأخيرة عمليات القرصنة البحرية في المحيط الهندي وخليج عدن، وقبالة سواحل الصومال خاصة، وشملت حجز واختطاف عشرات السفن من مختلف الجنسيات والحمولات. مجلة المجتمع تساءلت: هل كانت القرصنة البحرية أمراً محدثاً من أعمال الصوماليين وحدهم؟ ... ألا توجد أعمال قرصنة في أماكن أخرى من العالم؟!
الوقائع التاريخية تشير إلى أن أعمال القرصنة والسطو على السفن التجارية كانت على الدوام تمثل خطراً لا يقل عن خطر الأعاصير والأمواج العاتية، ويرجع تاريخ القرصنة البحرية لأكثر من ألفي عام، ومع سيطرة الدول على الشواطئ تراجعت أعمال القرصنة، لكنها لم تنتهِ، خاصة في بحر الصين الجنوبي ومضيق سنغافورة. وفي الفترة من يناير إلى سبتمبر 2008م، رصد المكتب البحري الدولي 199 جريمة قرصنة أو محاولة للقرصنة، بينها 63 جريمة بخليج عدن، وقبالة السواحل الصومالية، أي ما يقارب الثلث، بينما جرت بقية المحاولات في أماكن أخرى.ويستخدم الخاطفون الزوارق لشن هجماتهم، ويتخذون من سفينة قاعدة لعملياتهم، ويحملون أسلحة آلية ومدافع خفيفة، بينما يتصدى لهم البحارة غير المؤهلين لخوض اشتباكات قتال بخراطيم المياه؛ لأن السفن التجارية لا تحمل طواقمها سلاحاً للدفاع عن النفس، وهو ما يغري القراصنة بالسطو على تلك الغنائم الثمينة دون أخطار كبيرة. وتشير المعلومات إلى أن القراصنة احتجزوا خلال العام الماضي (2008م) قرابة 400 من أطقم بحارة السفن المختطفة، وحصلوا على أكثر من 150 مليون دولار فدية، وتتراوح الفدية بين مئات آلاف وملايين الدولارات، حسب السفينة وهويتها وحمولتها وهويات الرهائن، وفي حين ترفض الدول التفاوض مع الخاطفين فإن الشركات المالكة للسفن تفعل ذلك، وتدفع ملايين الدولارات فدية للسفن.
وانتقلت المجلة للحديث عن أهمية خليج عدن، مؤكدة أنه من الطبيعي أن تبدي الدول العربية المطلة على البحر الأحمر اهتماما خاصا بما يجري بالقرب من مياهها الإقليمية جنوب باب المندب، لاسيما مع تواجد سفن من الولايات المتحدة والهند وروسيا والاتحاد الأوروبي والصين في المنطقة، تحت مظلة قرارات الأمم المتحدة، التي تعطي المزيد من الصلاحيات للدول الأجنبية، تحت غطاء مكافحة القرصنة.
ولأننا نتحدث عن دول لها تاريخ أسود في الاحتلال والاستعمار، فإن مثل هذا التفويض يثير مخاوف كثيرة، ويمكن أن يعطي ذريعة لكل راغب في التدخل في الصومال.إن هذا الوجود العسكري يمكن أن يُكسب أطرافاً أجنبية حقوقاً في المنطقة، ويخلق سوابق قانونية وعسكرية يُسَاء استخدامها فيما بعد، على حساب سيادة الدول العربية، مثلما يحدث في باكستان؛ حيث تشن الطائرات الأمريكية هجمات على أراضي باكستان دون إذن منها، تحت زعم مكافحة الإرهاب. كما أن الوجود العسكري الأجنبي يمكن أن يُستخدَم في أي وقت للضغط على دول المنطقة، بل ويمكن أن يُستخدَم في عمليات عسكرية ضد بعض الدول، بعد اختلاق أسباب واهية، وما مبررات التدخل العسكري في العراق ببعيد، وقد اعترف كبار المسئولين الأمريكيين بأنها لم تكن موجودة.ومن الطبيعي أن تطلب الأساطيل الأجنبية تسهيلات عسكرية من بعض الدول العربية، بما يعني واقعيًا إيجاد قواعد أجنبية تبقى في المنطقة، حتى بعد انتفاء أسباب وجودها.وهكذا تتحول بلادنا من منطقة عربية إلى ساحة لتجمع القوى الدولية، خصوصا مع دخول القوى الجديدة، مثل الصين والهند التي تنتظر مثل هذه الفرص؛ لتُثبِت انتهاء الهيمنة الأمريكية وبروز قوى كبرى جديدة. كما يستغل الكيان الصهيوني الأزمة لإيجاد موطئ قدم له، خاصة في ظل علاقته الوثيقة بإريتريا، والمعلومات غير المؤكدة عن وجود صهيوني في الصومال في أرض البنط "بونت لاند".

عملاء الصهاينة.."الطابور الخامس" في فلسطين



المجتمع، فبراير 2006


بعدما وضعت الحرب أوزارها في غزة، رأت مجلة المجتمع أن ملف العملاء ينبغي ألا يُنسى؛ ذلك لأن المنافقين أشد خطرًا على القضية من الصهاينة أنفسهم.
وكان العدوان الصهيوني الأخير أعاد تسليط الضوء مجدَّدا على مسألة العملاء، الذين يخدمون الاحتلال ويزوّدونه بمعلومات عن المقاومة ونشاطها، وكشفت الأحداث التي رافقت العدوان الصهيوني الوحشي على قطاع غزة، الدور الذي يلعبه أولئك العملاء، وطبيعة نشاطهم وحجمه وخطورته.
وفي البداية استعادت المجلة للأذهان بعضًا من نشاط هؤلاء العملاء أثناء الحرب.
- حصلت "كتائب القسّام" (الجناح العسكري لحركة حماس) على معلومات مهمة قبل أيام قليلة من بدء العدوان على غزة في 27/12/2008م عن خلية للعملاء تقوم بجمع معلومات عن رئيس الوزراء إسماعيل هنية، وعن منزله وتحركات مرافقيه، وهذه المعلومات إضافة إلى كثير غيرها، أكدت وجود مخطط يستهدف تنفيذ عدوان صهيوني واسع على قطاع غزة يتزامن مع تحرك عسكري لمجموعات من العملاء على الأرض للانقلاب على الحكومة، واستئصال "حماس".- قام عدد من العملاء بإطلاق الرصاص من الخلف على رجال المقاومة في منطقة "تل الإسلام"، التي هاجمها العدو الصهيوني بشراسة وعنف قبل وقف إطلاق النار بثلاثة أيام.- قامت مجموعة من العملاء بإبلاغ الصهاينة بمعلومات عن أماكن قيادات حركة "حماس" ومراكزها ومؤسساتها، في حين قامت مجموعات أخرى بوضع إشارات فوسفورية خاصة على مراكز كان يستهدفها العدو الصهيوني مباشرة بغاراته.- تبيّن أن عمليتَيْ اغتيال القياديَيْن الشيخ نزار ريان وسعيد صيام تمّتا من خلال دور للعملاء؛ حيث إن منزل "آل سعدية" الذي استُشهِد فيه وزير الداخلية سعيد صيام كان مستأجَراً منذ مدة لا تزيد على الشهرَيْن من طرف شقيق صيام.
تُعدُّ أزمة العملاء ظاهرة مقلقة للمجتمع الفلسطيني، وتثير الكثير من الخلل والاضطراب داخله، ويرتفع سقف التحدي إذا تأكد صحة ما نقلته المجلة عن المصادر البحثية من أن عملاء الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة يقدر عددهم بين 20 إلى 30 ألف عميل. وهو الأمر الذي يضع أعباءً غير مباشرة على عاتق المقاومين، بالإضافة إلى الأعباء المباشرة الأخرى.
وحرصت سلطات الاحتلال الصهيوني - ولا تزال - على بناء منظومة قوية للعملاء داخل الأراضي المحتلة؛ بهدف توفير الأمن للصهاينة، وجمع المعلومات، وملاحقة المقاومين ورصدهم وكشفهم، واختراق القوى السياسية، والتأثير في قرارها.. كما أن للعملاء دورا يستهدف المجتمع وأخلاقه؛ مثل نشر المخدرات، وإشاعة الرذيلة، وإبعاد الناس عن دينهم، وضرب العائلات وبنْية المجتمع.واستخدم الاحتلال وسائل عديدة للإيقاع بالعملاء، منها الإسقاط الجنسي، والإغراء بالمال، والضغط على الطلاب، وابتزاز الباحثين عن عمل، وبعض أصحاب المصالح التجارية، أو إسقاط بعض السجناء والمعتقلين والموظفين، أو إغراء وجهاء المجتمع والعائلات بمكاسب ومناصب.ولمواجهة ظاهرة العملاء لابدَّ من قرار فلسطيني قوي، وغطاء سياسي وقانوني، وتوعية دينية ووطنية وأخلاقية، وإجماع فلسطيني على إنهاء هذه الظاهرة ومحاصرتها، وعزل العملاء الكبار، والبدء بمحاكمات سريعة لهم، وفرض عقوبات كبيرة عليهم، وتعريف المجتمع بأخطار هذه الظاهرة.. وبداية ذلك يتم من خلال تعريف مَنْ هو عدو المجتمع الفلسطيني، ومَنْ هي سلطة الاحتلال، وكيف نتخلص من هذا العدو وبأيّ الوسائل!

لماذا غاب المنافسون؟



المشاهد السياسي، 28 فبراير 2009


"المفاجأة" التي لم تفاجئ أحدًا تقول: إن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة سوف يمدّ حكمه حتى العام ٢٠١٤ في الانتخابات التي ستجرى في مطلع أبريل المقبل، وعلى طريقة معظم الرؤساء الأفارقة، أو العرب الأفارقة، سوف يسعى إلى تمديد جديد حتى العام ٢٠١٩ ـ إذا سمح وضعه الصحّي ـ والسؤال: لماذا يحتكر التحالف الثلاثي السلطة في الجزائر؟ ولماذا لم يتبدّل المشهد السياسي؟ ولم يظهر أي منافس جدّي للرئيس الجزائري حتى الآن؟
هل يتغيّر شيء إذا عاد بوتفليقة؟
الجواب هو أن شيئاً لن يتغيّر. التغيّر الوحيد المرتقب هو أن يبلغ الرئيس الجزائري عامه السادس والسبعين في العام ٢٠١٤، وفيما عدا ذلك فإن الجزائر سوف تواصل المسيرة التي بدأتها قبل عشر سنوات، والتي حملته إلى رأس السلطة في دورتين رئاسيّتين، أي في العام ١٩٩٥ و٢٠٠٤.
والذين يراقبون الجزائر من الداخل، يسجّلون أن أزمة الشرعية التي اندلعت في العام ١٩٦٢ تكاد تكون هي نفسها في العام ٢٠٠٩، لأن الحزب الواحد، ومن خلفه المؤسّسة العسكرية، هو الذي يحكم، وكلّ رأي مخالف لرأي الحزب ورأي المؤسّسة التي تدعمه، مرشّح للسقوط. في ضوء هذه الحقيقة يمكن فهم الحدث الأبرز في الجزائر خلال العام ٢٠٠٨، أي إعلان بوتفليقة نفسه رغبته في تعديل الدستور، ثم موافقة المؤسّسة على هذا الإعلان من خلال التصويت بأغلبية ٥٠٠ صوت من أصل ٥٣١، في جلسة استثنائية عقدها البرلمان في نوفمبر ٢٠٠٨.
والتعديل الذي اشتمل على خمسة محاور أساسية، الأبرز فيه هو تعديل المادة ٧٤ بالشكل الذي يجعل العهدة الرئاسية مفتوحة، لا محصورة بولايتين، مدة كل منها خمس سنوات.
وترى المجلة أن السلطة نجحت، على مراحل، في تقزيم أي حزب معارض داخل الجزائر، لكن كيف حدث كل هذا التقزيم؟
الجواب قد يبدو ساذجاً، لكنه جواب لا بد منه: الحرب العالمية على الإرهاب هي التي أعاقت التعدّدية السياسية في الجزائر، وتجربة الجزائر مع العنف هي التي أهّلتها للعب دور "الخبير" مع الولايات المتحدة في الحرب التي خاضتها واشنطن منذ ثماني سنوات، وكذلك لدور إقليمي مهمّ في المنطقة.
الشق الآخر من الجواب هو أن "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" التي تحوّلت إلى "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، هي التي ساهمت، من حيث تدري أو لا تدري، في تمديد ولاية بوتفليقة الأولى، ثم تمديد ولايته الثانية؛ لأنها حفَّزت الولايات المتحدة على دعم الجيش الجزائري في مهمّته القاضية بمكافحة الإرهاب بعد هجمات 11 سبتمبر.
ومنذ ثماني سنوات تحاول الجزائر التموضع كقائد لهذه الهويّة الأمنيّة الإقليمية الجديدة، لاسيما في مجال السعي إلى منافسة الدور المغربي المميّز في الحرب ضد الإرهاب. وقد افتتح مكتب تابع لإدارة التحقيقات الفيدرالية الأميركية في الجزائر قبل نهاية العام الفائت، كما أن الجيش الجزائري يحظى بانتظام ببرامج تدريبية أميركية، رغم أن الحكومة الجزائرية تحفّظت على المشروع الأميركي القاضي بضم الجزائر إلى القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم).
وينبغي ألا نُغفل حقيقة يتقاطع عليها معظم المراقبين، وهي ضرورة:
(1) التحوّل عن السياسات الأمنيّة المعتمدة على أشكال جديدة من المشاركة السياسية، من أجل إرساء الاستقرار الداخلي على أسس أكثر وضوحاً.
(2) وتجديد النخبة السياسية، وإشراك جيل الشباب في القرار السياسي، بطريقة تشاورية سلميّة.
وهما العاملان الحاسمان في بناء المستقبل والاستقرار الجزائرييْن على المدى البعيد... أما تجديد الولايات بالنهج الأمني نفسه فهو مرادف للاستمرار في الحلول المؤقّتة.

حكومة اللاحل وبقاء الاحتلال


البيادر السياسي، 28 فبراير 2009


جرت الانتخابات الإسرائيلية، وظهرت النتائج، وفاز فيها معسكر اليمين الإسرائيلي؛ بحصوله على 65 مقعدًا مقابل 55 مقعدًا لأحزاب

اليسار والعربية في الكنيست الإسرائيلي.
مجلة "البيادر السياسي" حاولت الإجابة على بعض الأسئلة المتداولة، مستهلة بالتساؤل القائل: لماذا مُني "اليسار" الإسرائيلي بهذه الهزيمة؟
لا بدّ من القول بأن اليسار الإسرائيلي الحقيقي اختفى عن الساحة، واليسار الحالي هو يسار ضعيف، يمثله حزب "ميرتس" الذي حصل على ثلاثة مقاعد، مع أنه اتجه مؤخرا، رويدا رويدا، نحو اليمين. والمقصود حالياً بمعسكر اليسار هو معسكر اليمين الوسط مثل "كاديما" وحزب العمل... وهذا المعسكر فشل في هذه الانتخابات لعدة أسباب، من أهمها: عدم وجود برنامج سياسي واضح يختلف عن برامج الأحزاب اليمينية المتطرفة، ووقوف هذا المعسكر إلى جانب الحرب التي شنت على قطاع غزة، ولم يقف ضدها، بل هو مَنْ كان وراء هذه الحرب، أو العدوان. وتورط أعضاء هذا المعسكر في قضايا فساد ورشوة، مما أدى إلى المس بسمعة هذه الأحزاب.
أضف إلى ذلك، وجود معسكرات متنازعة داخل كل حزب من أحزاب هذا المعسكر، مما أدى إلى إضعافها، وفقد المواطن الإسرائيلي الثقة فيها. كذلك لم تقدم هذه الأحزاب، وأثناء تواجدها في سُدة الحكم، أيَّ شيء إيجابي طوال السنوات الثلاث الماضية من الحكم، بل أنجزت حربين لم تحقق إسرائيل فيهما أياً من أهدافها، وتنافست أحزاب هذا المعسكر فيما بينها بدلاً من أن تتنافس مع أحزاب اليمين الإسرائيلي، مما أدى إلى هروب الأصوات لصالح اليمين الإسرائيلي.
وتكمل المجلة: أما ليفني فأصيبت بخيبة أمل كبيرة؛ إذ أن حزبها حصل على أكبر عدد من المقاعد متفوقا على جميع الأحزاب، وهو الحزب الأكبر في البرلمان، ولكنها في الوقت نفسه لم تكلف بتشكيل حكومة لأنها لم تحصل إلا على دعم أعضاء حزبها، حتى إن حزب العمل لم يؤيدها، وكذلك حزب "ميرتس"، والأحزاب العربية الثلاثة. فلماذا لم تستطع ليفني الحصول على دعم أكبر عدد من أعضاء الكنيست لتكليفها في تشكيل الحكومة؟
تتحمل ليفني مسؤولية فشلها وإصابتها بخيبة أمل لعدة أسباب وعوامل، ومن أهمها:
*لم تكسب دعم الأحزاب المشاركة بالائتلاف الحالي؛ إذ أن "بنيامين نتنياهو" استطاع الإيقاع بينها وبين حركة "شاس"... وبالتالي اشترت عداء "شاس" لها. وقررت هذه الحركة دعم وتأييد "نتنياهو".
*ظنت ليفني أن الأحزاب العربية ليست مهمة، ولذلك فهي دعمت مطلب حزب "إسرائيل بيتنا" أمام لجنة الانتخابات لشطب قائمتين عربيتين، لكن هاتين القائمتين حصلتا على قرار من محكمة العدل العليا يجيز لهما خوض الانتخابات، والأحزاب العربية حصلت على 11 مقعداً وقررت عدم تأييدها أو ترشيحها.
* لم تتعامل مع حليفها؛ حزب العمل بقيادة "إيهود باراك"، بصورة هادئة.. وبعد أن منيَ حزب العمل بنكسة كبيرة بحصوله على 13 مقعداً في الكنيست الإسرائيلي، قرر التزام مقاعد المعارضة، ورفض دعم ليفني؛ لأنه لا يريد المشاركة مجدداً في ائتلاف مع حزب "كاديما"، لأن مشاركته في حكومة سابقة أدى إلى فقدانه لأصوات كثيرين، وتوجه هذه الأصوات لصالح كاديما ما دام الحزب لا يختلف في مواقفه عن حزب "كاديما".
*حزب ميرتس مني أيضاً بنكسة حزبية كبيرة واتهم حزب "كاديما" بالسطو على مؤيديه، لذلك قرر أن يبقى أيضاً في المعارضة.
*حاولت إجراء اتصالات للتوصل إلى اتفاق شراكة مع حزب "إسرائيل بيتنا" بزعامة "أفيغدور ليبرمان"، وهذه الاتصالات أساءت لها ولحزب "كاديما"، وخاصة بعد أن أدار ليبرمان ظهره لها، ودعم ترشيح نتنياهو لتولي منصب رئيس الوزراء.
تقف المنطقة على مفترق طرق، والشعب الإسرائيلي اختار المعسكر اليميني، وعليه هو بنفسه تحمل مسؤولية هذا الاختيار، وعليه الإدراك بأن "الجرة لا تسلم في كل مرة".

نحن.. و"أوباما".. والتغيير المنشود



المجتمع، 20 فبراير 2009


غادر "جورج بوش" البيت الأبيض بعد أن قضى وقت رئاسته "الأَسْود"، غيرَ مأسوفٍ عليه، وخلفه "باراك حسين أوباما"، الذي راهن عليه العالم، بعد أن قطع على نفسه وعدًا بالتغيير.
هذا الرهان على التغيير سلطت مجلة المجتمع عليه الضوء، موضحة الفجوة بين الواقع والمأمول فيما يتعلق بالرئيس الأسود، صاحب الأصول الكينية المسلمة، والذي تعهد بالحفاظ على أمن إسرائيل باعتباره أولوية لا يمكن لرئيس أمريكي التخلي عنها، وإلا فلن يرى البيت البيض!
إن كان "أوباما" قد أقسم باسمه الثلاثي، يتوسَّطه اسم "حسين"، فإن توجُّهاته نحو العالم الإسلامي أحاطت بها الشكوك، بناءً على موقفه المتحفِّظ من أحداث غزة؛ متذرِّعًا بأنه لم يتولَّ السلطة بعدُ، في حين كان يدلي بالتصريحات عندما يخصُّ الأمرُ "إيران"، أو "كوبا"!
ومَنْ يدري؟! فربما يريد بالفعل أن يسلك طريقًا جديدًا، كما جاء في خطاب تنصيبه: "نريد أن نسلك منهجًا جديدًا مع العالم الإسلامي يقوم على الاحترام المتبادَل"!
وأضاف: "إن الولايات المتحدة تريد أن تكون صديقة للجميع، من أصغر قرية كتلك التي وُلِد فيها أبي إلى أكبر دولة".. ولكن هل يمكنه ذلك؟! يحدِّثنا التاريخ أنه عندما اختلفت وجهتا النظر المعلنتان لكلٍّ من "جورج بوش" الابن، ورئيس الوزراء الصهيوني السابق "آرييل شارون" حول مسألة توسيع المستوطنات، كان "بوش" هو الخاسر، ولم يكرِّر ذلك أبدًا حتى نهاية رئاسته!
وتشير المجلة إلى أن لغة خطاب "أوباما" أقل خشونة من سلفه، ولكن اللوبي الصهيوني يمدُّ أذرعه ليحيط بالحزب الديمقراطي أيضًا، والدليل على ذلك اختيار "رام بنيامين إيمانويل" ليتقلّد منصبَ كبير مستشاري الرئيس، وهو يهودي من أصل "إسرائيلي"، ووالده "بنيامين" يحمل الجنسية "الإسرائيلية"، وكان ينتمي إلى منظمة "إيتسيل" الصهيونية السرِّية التي خاضت حرب عصابات ضد القوات البريطانية، وهي المسؤولة عن مجزرة "دير ياسين" الشهيرة.
عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط، يؤكّد أوباما التزامه المطلق بالتحالف الأمريكي "الإسرائيلي"، ملمحًا في الوقت نفسه إلى أن السلام من مصلحة "إسرائيل".. وفي الكلمة التي ألقاها في وزارة الخارجية الأمريكية، أكّد أنه يجب على حركة "حماس" الاعتراف بـ"إسرائيل"، ودعا "إسرائيل" إلى فتح المعابر مع "غزة" للسماح بدخول المساعدات والسلع التجارية.
ولم يُخفِ تحيُّزه للكيان الصهيوني، حين قال: "ليس لدينا وقت لنضيِّعَه، فعلى "حماس" وقف إطلاق الصواريخ، فيما ستدعم الولايات المتحدة وحلفاؤها آلية جديدة وذات مصداقية فعلية تمنع تهريب الأسلحة لـ"حماس"، وتضمن عدم تسلحها من جديد.. وإن واشنطن ملتزمة بالدفاع عن إسرائيل، ودعمها في مواجهة الأخطار التي تهدِّدها"، على حدِّ قوله(!!).
إن سكوت "أوباما" المريب الفاضح على الجرائم الصهيونية البشعة في "غزة" لا يُطَمْئِن، ولا يبشِّر بتغيُّر في السياسة الخارجية الأمريكية؛ بل إنه مؤشِّر على أن "أوباما"، و"بوش" قد يكونان وجهَيْن لعملة واحدة.. والحقيقة أنه لن تتغير سياسية أي رئيس أمريكي إلا بعد أن نتغيَّر نحن؛ فنُحترَم لقوتنا ووَحدتنا!

سعيد عقل كأحد عمالقة الأدب



الشراع، 23 فبراير 2009


بعيدًا عن السياسة وصراعاتها، والاقتصاد وكوارثه، كرست مجلة الشراع موضوع غلافها الأخير للحديث عن أبرز الشعراء اللبنانيين المعاصرين، والذي يبلغ من العمر 97 عامًا؛ سعيد عقل، الذي وصفته المجلة بأنه (شخصية ليست واقعية. ليس بمعنى عدم الانتماء إلى الواقع أو عدم العقلانية، بل بمعنى أنه يستطيع أن يرى ما لا يراه الآخرون، وكأنه يستنبط الضوء وإن كان الليل مدلهما، أو كانت العباءة السوداء تحيط بنا من كل حدب وصوب).
سعيد عقل شخصية من التاريخ، وربما تشعر به أحياناً وكأنه التاريخ منبسطا أمامك، بكل ما فيه من آفاق، وبكل ما لديه من ماضٍ مفتوح على المستقبل. هرم لبناني عتيق يطرح أفكارا قد تعجبك وقد لا تعجبك، إلا أنها أفكار طريفة، مدهشة، مغايرة للمألوف، تثير في النفس مشاعر إيجابية، تلوّن اللقاء بما فيها من عطر وزهر.
وسعيد عقل شخصية استثنائية، له شطحاته، التي قد توافقه عليها، إلا أنك تعلم حق العلم بأن الرجل عندما يطرح ما يطرح، لا يداهن، ولا يوارب، ولا يخادع، ولا يسعى للتقرب من أحد، بل يقول ما يعتبره حقيقة، وما يقتنع به وحده، وما يشكّل الصواب الذي لا يقبل صوابا غيره.
عندما تقترب منه تشعر بألفةٍ غيرِ معهودة، أو تكاد تكون مفتقدة في هذا الزمن الأرعن، وتشعر أن هذا اللقاء كان يُفترض أن يحصل قبل الآن، لا لشيء إلا لتتمكن من اختراق مسامه، للاستغراق أكثر فأكثر في أعماق كينونته الشعرية.
شاعر ما يزال لديه القدرة على الكتابة، وما يزال لديه ما يقوله، كأن مشروعه الشعري يمضي في التقاط الضوء، كأنه يلتقط مسوّغات إبداعه الذي يمضي قدما كأن شعلة الموهبة، التي لم ولن تنطفىء.
حاورته المجلة مطولاً، وحينما سألته: أين سعيد عقل الآن؟ أجاب: اليوم، أنا سعيد، ليس لأن هناك حروبًا حول لبنان، بل سعيد لأنني لست خائفا على لبنان، لأنه قوي كثيرًا الآن.

"فن الممكن" في خطط الأمانة العامة للجامعة العربية



المشاهد السياسي، 15-21 فبراير


بعد مسلسل الأزمات الذي طال الجامعة العربية، نقلت مجلة المشاهد السياسي تساؤلا طرحه الكثير من الإعلاميين العرب خلال الفترة الأخيرة، وهو: لماذا يصر الأمين العام للجامعة العربية على البقاء في منصبه؟ لاسيما وأن الجامعة منذ سنوات طويلة من عهده تعيش أزمات تنظيم وأزمة وجود، وليس ما يبرّر بالتالي ـ إذا كان حريصًا على المصلحة العربية ـ أن يتواصل مسلسل الأزمات.
وشنت المجلة هجومًا حادًا على السيد عمرو موسى، محملة إياه المسئولية عما آل إليه حال الجامعة العربية، ومطالبة إياه بالانسحاب الفوري إذا لم يكن قادرًا على التحرك باتجاه الإصلاح الجدي.
منذ ثماني سنوات ومهمّة الجامعة العربية تقتصر، أو تكاد، على تكرار عرض شريط قديم هو المشروع العربي للسلام، من دون أن تفكّر الأمانة العامة بإعادة صياغة هذا المشروع، أو سحبه من التداول، في ضوء التغيّرات التي تشهدها المنطقة، ويشهدها العالم. والمشروع الذي أقرّته قمّة بيروت في العام ٢٠٠٢، ولا تزال أمانة الجامعة تحرص على الترويج له في كل مناسبة، يبدو وكأنه يندرج في باب الملكية الأدبية للجامعة التي لا يجوز التفريط بها، في الوقت الذي تمارس إسرائيل كلّ أنواع العربدة في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، داخل غزّة كما داخل رام الله.
هذا الإنجاز اليتيم يتعهّده بعناية فائقة الأمين العام للجامعة، وكأنه الجدار الذي يسند إليه ظهره، في الوقت الذي يرتفع فيه كم هائل من الجدران بين أطراف الجامعة العربية، كما بين إسرائيل والفلسطينيين في الأراضي المحتلّة.
والقمم التي انعقدت منذ قمّة بيروت لم تنجح في تعديل المشروع أو إعادة صياغته، كما لم تنجح في حلّ أي مشكلة عربية طارئة، بدءًا بالاجتياح الأميركي للعراق وانتهاءً بحرب غزّة، مرورًا بالحرب الإسرائيلية على لبنان. وما يحدث أن الأمانة العامة للجامعة توظّف كل هذه الحروب في العودة إلى نقطة البداية: المشروع العربي للسلام، وكأن العقل العربي الديبلوماسي والسياسي عاجز عن الخروج من هذه الدوّامة، علمًا بأن إسرائيل لم تعرْ المشروع أي اهتمام جدّي حتى الآن.
وتساءلت المجلة: من هو الرجل الذي يستطيع العمل بأسلوب مختلف، وبصورة تُكسب التحرّك الدبلوماسي العربي زخمًا جديدًا وعقلانية جديدة؟ لتجيب بلهجة الواثق: إنه ليس عمرو موسى بطبيعة الحال؛ لأن الجامعة لم تشهد على يديه أي إصلاح داخلي، ولأن النظام العربي الواحد الذي قامت الجامعة (قبل ستين سنة) من أجله، يعاني في هذه المرحلة تشرذما خطرا يهدّد ركائز التعاون العربي في مختلف القضايا المصيرية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
إنها أزمة وجود، لم تستشعرها الأمانة العامة للجامعة حتى الآن. ومهما كانت التعديلات التي ستجرى على بنود ميثاق الجامعة، والمراجعات التي يمكن أن تدخل على آليّات عملها، فإنها لن تستجيب بالتأكيد لحاجات الجامعة الحقيقية، ذلك لأنها مصابة بفقدان المناعة من جهة، وفقدان الثقة بين أطرافها من جهة أخرى، ودور الأمين العام عمرو موسى في المسألتين جليّ جدًا، وكثيرون يقولون: إن أي إصلاح في أيّامه ليس واردًا، لأنه يكرّر الأخطاء الفادحة –إياها- في التعاطي مع كلّ الأزمات.
بكلام آخر؛ هناك شعور يتزايد ويتكثّف، خلاصته أن مهمّة عمرو موسى تكاد تنحصر في جعل الجامعة تدور بصورة دائمة في فلك واحد، هو فلك الديبلوماسية المصرية، على أساس أن "زمن الأشقّاء الكبار" لا يزال قائمًا، والجامعة يفترض -بكل توجّهاتها ومشاريعها وتطلّعاتها وقراراتها- أن تخضع لإرادة هذا الشقيق أو ذاك، على حساب التوجّه الوحدوي العربي، وعلى حساب الآمال العريضة التي تعلّقها الشعوب العربية على الجامعة.
وليس سرًّا أن قرارات الجامعة لم تكن يومًا ملزمة، وأن الدول العربية ليست مرتبطة بنظام فيديرالي أو كونفيديرالي يضمن التنسيق الدائم بين حكوماتها. وفي هذه الحال، يكون سلوك عمرو موسى مرادفًا لتعميق الانقسامات العربية على أكثر من صعيد، تحت شعار "جمع الشمل العربي"، علمًا بأنه ليس للدول العربية جيش واحد أو قيادة عسكرية واحدة تصدّ الاعتداءات التي تعرّضت وتتعرّض لها الأراضي العربية منذ بدء الصراع في العام ١٩٤٨، حتى الآن.

انهيار مدرسة - يكشف مخطط تهويد القدس


الفرقان، 9 فبراير 2009


(القدس في خطر، واليهود لايتوقفون عن حفر الأنفاق تحته بما يهدد أساساته) صرخة أطلقها قاضي قضاة فلسطين الشيخ تيسير التميمي، ونقلتها مجلة الفرقان، بعد انهيار أرضية الصف في مدرسة القدس الأساسية التابعة لوكالة الغوث "الأونروا" بالقرب من المسجد الأقصى المبارك من الجهة الجنوبية الشرقية، وهو ما يكشف حجم الحفريات التي تقوم بها جمعيات استيطانية في تلك المنطقة الحساسة، التي لا تبعد عن المسجد سوى 100 متر تقريبًا.
كالعادة ادعت الشرطة الصهيونية وجود تصدعات سابقة في المنطقة لتبرر هذا الانهيار! مع العلم أن دائرة الآثار الصهيونية تشارك بشكل مباشر في الحفريات في المنطقة وأسفل المسجد الأقصى مع جهات رسمية واستيطانية عديدة ضمن مشروع "واجهة القدس2020" الذي يهدف إلى تغيير طابع وشكل المنطقة بالكامل بتحويلها إلى حديقة توراتية!! ورفع أنفاق وقطار أرضي وآخر معلق يربط سلوان بالطور وبالبلدة القديمة.
وتستهدف تلك المخططات الخطيرة المسجد الأقصى وتهويد مدينة القدس، وأظهرت مؤسسات الاحتلال للإعلام العربي والغربي أن مشاريعها في القدس والمسجد الأقصى مشاريع عملية وليست مجرد آمال وتطلعات، ولتأكيد جدية الأمر أرفقوا مع المخططات الهندسية والرسومات التوضيحية الميزانية المطلوبة لكل مشروع على حدة، وإجمالي الميزانيات التي تم جمعها إلى الآن، كرسالة ليهود العالم لتتكالب الجهود على تنفيذ تلك المشاريع الخطيرة، والتي تحقق لهم هدفهم الكبير وهو: إقامة معبد لليهود في ساحات المسجد الأقصى المبارك!!

وتؤكد المجلة أن هذا المخطط يوزع حاليًا (في صورة كتاب) على جميع التجمعات اليهودية في كل العالم؛ لجمع التبرعات منهم من أجل السيطرة الكاملة على المسجد الأقصى السليب، وسلخ مدينة القدس من امتدادها الإسلامي والعربي؛ للتضييق على أهلها لدفعهم للخروج منها, وإسقاط هوياتهم المقدسية.
وبعد الحديث عن المخطط الصهيوني لتهويد القدس، تنتقل المجلة للحديث عن مسلسل تهويد القدس من "هيرتزل" إلى "أولمرت"، مستشهدة بتصريحات قادة الكيان الصهيوني التي تؤكد رسوخ هذا المخطط التدميري في العقلية الإسرائيلية.
منذ تأسيس الحركة الصهيونية عام 1897 م وقادتها يجمعون على تهويد القدس والمسجد الأقصى المبارك، مؤكدين صراحة إمكانية هدمه وإقامة الهيكل المزعوم مكانه، وتلك بعض الشواهد من أقوال قادة يهود:
يقول ثيودور هيرتزل: " إذا حصلنا على القدس وكنت لا أزال حيًا وقادرًا على القيام بأي شيء، فسوف أزيل كل شيء ليس مقدسًا لدى اليهود فيها ".
ويقول دافيد بن غوريون: "دون التفوق الروحي لم يكن شعبنا ليستطيع البقاء ألفي سنة في الشتات؛ فلا معنى لـ "إسرائيل" دون القدس، ولا معنى للقدس دون الهيكل".
ويقول مناحيم بيغن: "آمل أن يعاد بناء المعبد – الهيكل – في أقرب وقت وخلال فترة حياة هذا الجيل"، وعن غزو لبنان قال: "لقد ذهبت إلى لبنان من أجل إحضار خشب الأرز لبناء الهيكل".
ويقول إسحق رابين: "لقد كنت أحلم دومًا أن أكون شريكًا.. ليس فقط في تحقيق قيام "إسرائيل" وإنما في العودة إلى القدس وإعادة أرض حائط المبكى للسيطرة اليهودية ".
ويقول إيهود باراك للرئيس الفلسطيني الأسبق ياسر عرفات في مفاوضات كامب ديفيد الثانية: "إن هيكل سليمان يوجد تحت المسجد الأقصى؛ ولذلك فإن إسرائيل لن تتنازل للفلسطينيين عن السيادة عليه ".
وقدم بنيامين نتنياهو هدية إلى رئيس الكنيسة اليونانية المطران مكسيموس سلوم، وهي عبارة عن مجسم من الفضة للقدس لا يظهر فيه المسجد الأقصى نهائيًا، فيما استبدل مكانه بمجسم للهيكل المزعوم.
و يقول أرئيل شارون: "القدس لـ "إسرائيل" إلى الأبد ولن تكون بعد اليوم ملكًا لـ "الأجانب"، وسأتحدى العالم من أجل أن تبقى القدس عاصمة موحدة وأبدية للدولة العبرية". وقال غداة دخوله المسجد الأقصى: "هذا هو أهم مكان لليهود، ونحن ليست عندنا مكة ولا مدينة ولا الفاتيكان، يوجد عندنا هيكل سليمان واحد، ولن نسمح لأحد بأن يقرر متى ندخله وكيف؟! "
ويقول إيهود أولمرت: "لن نتنازل عن جبل الهيكل – أي الجبل الذي يقوم عليه المسجد الأقصى – بأي شكل من أشكال التفاوض مع الفلسطينيين".

حرب الميشالين




الأفكار، 16 فبراير 2009


(اطرح النار يافتى.. أنت غادٍ على خطر.. أحد أبيات أمير الشعراء أحمد شوقي استهلت به مجلة الأفكار حديثها عن التحديات التي تواجه اللبنانيين "في هذه المرحلة الدقيقة من حياة المنطقة".
ورأت المجلة أن الاتحاد لمواجهة التحديات القادمة لا بد وأن تكون النصيحة المقدمة للمواطن اللبناني، حاكمًا كان أم محكومًا. لكن من أين سيأتي هذا الخطر؟ هذا ما أجابت عنه المجلة في السطور التالية.
نبدأ من الانتخابات التشريعية في إسرائيل، حيث كشَّر اليمين العنصري عن أنيابه عبر "بنيامين نتانياهو" زعيم تكتل "ليكود"، و"أفيغدور ليبرمان" زعيم حزب "إسرائيل بيتنا". الأول يعتبر هضبة الجولان ملكية إسرائيلية، ولن يتخلى عنها إذا أصبح رئيسًا للحكومة. والثاني يهدد علنًا بتفريغ إسرائيل من عرب 48، وطردهم خارج البلاد، بعد تجميعهم في الجليل.
وبين الاثنين المغرقين في العنصرية تقف "تسيبي ليفني" مدعية أنها وسطية تعمل من أجل السلام، وكأنها نسيت - أو تناست - دعوتها في الشهر الماضي إلى اقتلاع سلطة حماس من قطاع غزة. اللهم إلا إذا كانت تقصد بذلك سلامًا على الهوى الإسرائيلي. أي أن الثلاثة يتبادلون الأدوار، والهدف واحد: تفتيت المنطقة، ونسف مشروع الدولة الفلسطينية.
وسلامٌ على "خارطة الطريق" يوم تُبعث حية!!
فهل درى اللبنانيون ما يُحاك حول وطنهم، وحول المنطقة؟!

هل انتهى شهر العسل بين تركيا وإسرائيل



المشاهد السياسي، 7فبراير 2009


بعد انتفاضة رجب طيّب أردوغان في وجه شيمون بيريز، تسائلت مجلة المشاهد السياسي: هل انتهى "شهر العسل" التركي ـ الإسرائيلي، أم أن ما يعتبره جنرالات تركيا كما جنرالات إسرائيل "مصالح وطنية" مشتركة، كفيل بإعادة وصل ما انقطع في منتدى دافوس في أعقاب حرب غزّة، وكفيل بالتالي بإعادة التوازن الى علاقات تركيا الخارجية.
مراجعة الصحف الإسرائيلية في الأيام الأخيرة تكشف بوضوح عن خشية المنظومة الأمنيّة الإسرائيلية من قيام تركيا بإلغاء الاتفاقات الأمنيّة والعسكرية الموقّعة مع إسرائيل من طرف واحد، بما في ذلك صفقات السلاح والتنسيق الدبلوماسي، ويُتوقّع أن تحفل الأيام المقبلة بمداولات إسرائيلية داخلية مكثّفة حول هذا الموضوع، بمشاركة الجيش ووزارات الأمن والدفاع والخارجية.
ورغم الحرص الإسرائيلي على احتواء الأزمة التي فجّرت مشكلة كامنة في العلاقات الثنائية، وعبّرت عن مدى خيبة أردوغان من حرب غزّة، فإن كثيرين من المراقبين يميلون إلى الاعتقاد بأن تصدّعًا قد حصل في العلاقات بين البلدين، وأن ما حدث في دافوس كان بمثابة "النقطة التي طفح بها الكيل"، والدليل أن إيهود أولمرت طلب من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وممثّل اللجنة الرباعية الدولية طوني بلير، التدخّل لدى أردوغان لتليين موقفه الحادّ تجاه إسرائيل، وهو موقف ظهرت بوادره عندما رفض رئيس الوزراء التركي الرد على اتصال هاتفي لأولمرت.
رد الفعل التركي تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة كان لافتًا، ولا يحتاج ذلك تأكيدًا من المجلة، بخلاف ما كان عليه الأمر خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان في صيف العام ٢٠٠٦. وبالمقارنة مع ردود الفعل الأخرى، اعتبرته "المشاهد السياسي" موقفًا متقدّمًا. وحُقّ لها أن تفعل؛ فوحده رجب طيّب أردوغان، ومنذ اليوم الأول للغارات الإسرائيلية، انتقد إسرائيل بشدّة وقام بجولة في الشرق الأوسط وعقد مشاورات مع القادة العرب، ورفض الرد على اتصال إيهود أولمرت. والأحزاب التركية المعارضة وجّهت بدورها انتقادات الى إسرائيل وخرج الأتراك في تظاهرة مليونيّة احتجاجًا.
استنكار تركيا، حكومة وشعبًا، العدوان الإسرائيلي يعتبر تطوّرًا مهمًا وذا دلالة تاريخية، لأن هناك اتفاقات كثيرة تربط أنقرة بتل أبيب، بعضها سرّي وبعضها الآخر علني. هذا يعني أن أردوغان استطاع تحريك شعبه حول قضية وطنية، على خلفيّة أن بين الأتراك والفلسطينيين علاقات عمرها أكثر من ٥٠٠ عام، فضلًا عن الروابط الدينية، وفي ضوء هذه الروابط يمكن قراءة سلوك الشارع التركي. وكثيرون يردّون الموقف التركي الرسمي الى رؤية البروفسور أحمد داوود أوغلو، مستشار كلّ من عبدالله غول وأردوغان، الذي يرى أن تركيا ليست طرفًا وسط القارّات الثلاث (أوروبا وآسيا وأفريقيا)، وإنما هي دولة مركزية تملك القدرة على توفير الأمن والاستقرار، ليس لنفسها فقط وإنما لجيرانها، وللمحيط الأوسع؛ نظرًا إلى الروابط التي تجمعها بالشرق الأوسط والبلقان لأسباب تاريخية وثقافية، والقوقاز والبحر الأسود وآسيا الوسطى لأسباب دينية واقتصادية في آن. ووفق فكرة الدولة المركزية، فإن في وسع تركيا أن تكون دولة محورية وقوّة عالمية، إذا هي استطاعت استيعاب الخلافات الداخلية وتعزيز موقعها الاقتصادي، وتعميق وترسيخ الممارسة الديمقراطية بمعزل عن ضغوط المؤسّسة العسكرية.