برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Monday, November 2, 2009

حلقة 28 أكتوبر 2009

عبّاس يتهاوى
المشاهد، 18-24 أكتوبر 2009
(عباس يتهاوى بعدما خذله أوباما وفضحه الإسرائيليون) بهذه الكلمات لخصت مجلة المشاهد السياسي الوضع الحرج الذي يمر به عباس بعد فضيحة تورطه في إجهاض تقرير جولدستون. وترى المجلة أن السؤال لم يعد: هل يعود مجلس حقوق الإنسان في جنيف إلى مناقشة تقرير لجنة التحقيق التي يرأسها ريتشارد جولدستون، وإحالته على مجلس الأمن قبل شهر آذار (مارس) المقبل، إذ إن السؤال صار: هل يصمد محمود عباس على كرسيّه المتأرجح بين السقوط واللاسقوط، بعدما قرّرت إسرائيل أن ضعف الرئيس الفلسطيني في مواجهة "حماس" يجعله غير قادر على حماية الأمن الإسرائيلي؟! يواجه عباس عاصفة جارفة من الانتقادات في الضفة كما في غزّة، بسبب استجابته لإلحاح الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى لتأجيل إحالة تقرير جولدستون إلى مجلس الأمن حتى الربيع المقبل. وكانت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في جنيف، قرّرت مناقشة التقرير الذي أعدّه جولدستون حول عملية "الرصاص المصبوب" على غزّة، وكانت المفاجأة أن الرئيس الفلسطيني تدخّل لتأجيل هذه المناقشة، وكأنه يريد أن ينقذ إسرائيل من الإدانة، وطلب من ممثّله الشخصي في جنيف "إبراهيم خريشة" أن يعمل على هذا التأجيل. وفي غضون ذلك، تعمّدت إسرائيل الكشف عن ثلاث أوراق مستورة في القرار الرئاسي هي الآتية: * إن السلطة تفاهمت مع الحكومة الإسرائيلية سرّاً على طلب عدم التصويت على التقرير. * إن الحكومة الإسرائيلية أبلغت إلى عباس أنها لن توافق على صفقة الهاتف الجوّال التي يتعهّدها نجله، إذا تمّت إحالة التقرير على مجلس الأمن. * إن المخابرات الإسرائيلية العسكرية تملك شريطا مسجّلاً عن حوار دار بين عباس وإيهود باراك وزير الحرب الإسرائيلي، يحاول خلاله عباس إقناع باراك بمواصلة الحرب ودخول مخيّمي جباليا والشاطئ في القطاع، ولو أدّى ذلك إلى القضاء على آلاف المدنيين! فضيحة كبرى، أليس كذلك؟! لكن لماذا يشكّل تقرير جولدستون (بشهاداته وصوره ووثائقه) كل هذه الأهمية؟ تجيب المجلة: لسبب بسيط وواضح جدا، وهو أنه محاكمة صريحة، قد تكون الأولى من جانب لجنة تحقيق دولية، للجرائم الإسرائيلية المتواصلة على مدى ستة عقود من تاريخ الدولة العبرية، وقرن كامل من الإرهاب الذي شهدته المنطقة. لذلك فإن قرار السلطة تأجيل مناقشته، وبالتالي إرجاء إحالته على مجلس الأمن، يعتبر تستّرا على هذه الجرائم التاريخية مقابل وعود بالتفاوض لا أساس لها من الصحّة. نعود إلى السؤال: هل يصمد عباس؟ كلّ شيء يدلّ حتى الساعة على أن الرجل ارتكب فضيحة سياسية من الحجم الكبير في حق شعبه وفي حق القضية، تعكس الإرادة الهابطة في التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي كما مع الإدارة الأميركية. وهذا يعني بوضوح كامل، أن قيادته لم تعد تستحق ثقة شعبه، الأمر الذي يعوق المصالحة الفلسطينية ـ الفلسطينية من جهة، ومشروع المفاوضات مع إسرائيل من جهة أخرى. وسواء تمّت الانتخابات الفلسطينية الرئاسية والتشريعية في مطلع العام المقبل، أم لم تتم، فإن المؤشّرات مجتمعة ومنفردة توحي بأن قاعدة "فتح" لن تتأخّر في البحث عن خليفة للرئيس الفلسطيني، من أجل التحضير للمرحلة المقبلة سياسيا وعسكريا، مع العلم أن العام المقبل، في تقدير معظم المراقبين، هو عام العودة إلى الانتفاضة على كل المستويات الفلسطينية.

...............................
سوريا وتركيا ومعادلة.. كيف يربح الطرفان..؟

أبيض وأسود، 18 - 25 أكتوبر 2009
عبرت العلاقات السورية ـ التركية نحو مرحلة جديدة عبر المباحثات الشاملة والموسعة التي تقاسمتها مدينتا حلب وغازي عينتاب في الثالث عشر من الشهر الجاري.
هذا التطور وصفه وزير الخارجية السوري وليد المعلم بـ معادلة (كيف يربح الطرفان)، واعبرته مجلة "أبيض وأسود" السورية تتويجا لمسيرة تقارب غيّرت موقع تركيا في ميزان القوى الإقليمي.
يتعدى هذا الحدث بأبعاده (الجيو ستراتيجية) العلاقات الثنائية بين سوريا وتركيا؛ لأنه يأتي تتويجا لمسيرة تقارب غيّرت موقع تركيا في ميزان القوى الإقليمي، ونقلته من خندق التحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية و(إسرائيل) لخنق التطلعات العربية، إلى خندق دعم الحق العربي والتعاون مع العرب.
وفي هذه النقلة النوعية تصالحت تركيا مع تاريخها الذي يجمعها مع جوارها العربي، وتحرّرت من الإرث الذي بُنِي على سياسة القطيعة مع العرب سياسيًا وثقافيًا واقتصاديًا والالتحاق بالسياسات الغربية المعادية للمصالح العربية. وقد وصل عداء (الأتاتوركية) للعرب إلى درجة أنه لم يذكر العرب في أية وثيقة رسمية تركية من العام (1923) إلى العام (1946)، وكان هذا هو الثمن الذي دفعه نظام كمال أتاتورك مقابل (معاهدة لوزران 1923) التي ألغت ما نصت عليه (معاهدة سيفر 1920) من امتيازات لدول الحلفاء في تركيا، وأعادت أوروفة وتراقيا وأزمير وأضاليا إلى السيادة التركية.

واستكمالا لرصدها التطور الذي شهده الموقف التركي، أشارت المجلة إلى أن خطاب أنقرة بدأ يتلمّس التوازن والموضوعية في الموقف من الصراع العربي ـ الإسرائيلي، في وقت ظهرت فيه بوادر تغيير كبير في الرأي العام التركي، وهو ما أجبر الحكومة التركية في العام (1980) على إنزال العلم الإسرائيلي عن السفارة الإسرائيلية في أنقرة، احتجاجا على قرار حكومة بيجن بـ(ضمّ القدس الشرقية وعدّ القدس الموحدة عاصمة لدولة "إسرائيل"). أما بعد استلام حزب العدالة والتنمية لمقاليد الحكم في البلاد فقد أصبحت المواقف التركية أكثر ثباتًا ووضوحًا.

لقد شكّل هذا التحول في العلاقات السورية ـ التركية نقطة ارتكاز في إعادة بناء السياسة الإقليمية التركية، وتجلى ذلك في مواقف الحكومة التركية بدءا من العام 2000 بموقف حكومة (بولاند أجاويد) الداعم لانتفاضة الأقصى، وأصبحت المواقف التركية أكثر ثباتا ووضوحا بعد استلام حزب العدالة والتنمية لمقاليد الحكم في العام 2002 برئاسة رجب طيب أردوغان الذي اتخذت حكومته موقفا رافضا لغزو العراق واحتلاله، ومهّد ذلك لنقلة مهمة في العلاقات السورية التركية، كانت فاتحتها زيارة الرئيس الأسد لتركيا في كانون الأول 2004، وأنتج التنسيق السوري ـ التركي حماية العراق من شبح التقسيم إلى دول إثنية وطائفية متصارعة، وأوقف المشروع الأمريكي الهادف إلى تفجير المجتمعات العربية والإسلامية من داخلها وإعادة رسم خريطة دول المنطقة على أساس (سايكس ـ بيكو) جديدة اقتداء بالنموذج العراقي الذي كان يعمل عليه أمريكيا. وأنتح التنسيق السوري ـ التركي أيضا وحدة في المواقف من الحرب الإسرائيلية على لبنان وغزة، وقادت سوريا وتركيا تحركا مشتركا لوقف الحربين الإسرائيليتين، وتوحيد المواقف العربية والإسلامية الدولية منهما. وخطت تركيا خطوة متقدمة باتجاه فك التبعية لسياسات حلف شمال الأطلسي؛ بإلغاء شراكتها بالمناورات مع (إسرائيل)، وعزّز من هذه الخطوة الإعلان السوري ـ التركي في اليوم التالي عن مناورات عسكرية سورية ـ تركية مشتركة. ومما يزيد من صلابة وأهمية علاقات التعاون التركي ـ السوري وضع الجانبيين لها في خانة القضايا العربية والإسلامية المشتركة، فهي ليست بديلا عن علاقات سوريا مع فضائها العربي، كما أنها ليست بديلاً عن علاقات تركيا مع فضائها الإقليمي، إنما هي تكامل للدورين السوري والتركي، ولهذا فإن الدول العربية والإسلامية كافة مدعوة للانضمام إلى هذه التجربة الرائدة، لتصبح المعادلة (كيف يربح العرب والمسلمون؟




..........................
الكيان الصهيوني في مواجهة مصيره المحتوم


الهدف، أكتوبر 2009
تحت عنوان (الكيان الصهيوني في مواجهة مصيره المحتوم) اعتبرت مجلة الهدف الفلسطينية أن الذعر الذي يصاحب في أحيان كثيرة تصريحات قادة الكيان الصهيوني عند سماعهم لأي انتقادات لممارساتهم وإرهابهم ووحشيتهم، يُخفي في الواقع خشية قادة هذا الكيان العنصري السرطاني وخوفهم وذعرهم من أي اقتراب للمجتمع الدولي من كشف ألاعيبهم وأضاليلهم وحقيقة ممارساتهم، لأنه يعني برأيهم اقترابا دوليا من تحقيق العدالة والحق بما يسارع في إنهاء الصراع العربي - الصهيوني لمصلحة أصحاب الحق.
الشعور بالارتباك والخوف والريبة والشك هو سيد الموقف، والسمة الرئيسية للكيانات الغريبة والعنصرية والفاشية والمارقة. ولا يمكن لكل أدواتهم وما يملكون من عناصر قوة تُضَاف لقدرتهم العسكرية- والتي يجري تعزيزها كل يوم- أن تخفي حقيقة ما يمارسونه على الأرض الفلسطينية من إرهاب غير مسبوق وقتل واغتيال وتدمير لكل مقومات الحياة الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. فبشاعة وقذارة سياساتهم وما توفره لها وسائل الدعم المختلفة من حلفائهم الغربيين عاجزة عن مواصلة سياسة التضليل والخداع للبشرية حول نظرية الحمل الوديع، فالحمل الوديع لا يمكن أن يستمر ويواصل فظائعه وجرائمه إلى ما لانهاية.
فلسطين ستبقى حقيقة راسخة تؤكدها على الدوام حيوية الشعب الفلسطيني ومدى تشبثه بأرضه وحقوقه. وكل محاولات التضليل ستكون عرضة للانكشاف بفعل مستوى الإرهاب السياسي والفكري الصهيوني على البشرية، ومستوى الهلع والخوف الصهيوني المغطى بسمات العربدة والغطرسة والاستكبار

Friday, October 23, 2009

للحرم القدسي الشريف رجال يحمونه


البيادر السياسي، 17 أكتوبر 2009
عندما يحتفل اليهود بأي عيد ديني يزداد التوتر حول الحرم القدسي الشريف، لأن المتطرفين المتشددين يستغلون هذا العيد لاقتحام ساحات الحرم القدسي، وأداء الشعائر الدينية فيه، لكن هذه المحاولات تبوء بالفشل مع تصدي المرابطين من أبناء القدس وإخوانهم في العديد من المناطق الفلسطينية لهذه القطعان الهائجة.
مجلة "البيادر السياسي" الفلسطينية خصصت موضوع غلافها الأخير للتحذير من خطوة الوضع الراهن، وللإشادة بالمرابطين الأبطال من أبناء القدس الذين تصدوا بصدروهم العارية للصهاينة المعتدين.

الغريب أن اليهود المتطرفين لا يخفون أطماعهم في الحرم، بل يقولونها وبكل "بجاحة" إنه تحت السيادة اليهودية، ومكان مقدس لليهود، ويحق لهم الصلاة فيه كما هو حق للمسلمين.. بل ويعلنون عن برامجهم لزيارة الحرم سواء بالتنسيق مع الشرطة الاسرائيلية أو من دونه، وما إن يعلن هؤلاء عن تلك البرامج والنوايا حتى تسرع الشرطة الاسرائيلية إلى محاصرة الحرم ومحيطه، وتضع قيودًا على الدخول إليه.
وتبدأ الشرطة في محاصرة الحرم، وبدلا من حماية المصلين المسلمين، توفر الحماية لليهود المتطرفين، ومن هنا ترتفع درجة الغليان في المدينة، ويزداد التوتر، وتقع المواجهات، وخاصة عندما تقرر الشرطة الاسرائيلية إغلاق الحرم كاملا أمام جميع المصلين، وهذا بحد ذاته انتهاك لحرمة الحرم القدسي الشريف، وانتهاك للحريات الدينية، ويعتبر خطوة أولى نحو إحكام السيطرة على الحرم لتنفيذ مخططات خبيثة.

ومما يزيد درجة الغليان في مدينة القدس العربية ما أشارت إليه "البيادر السياسي" من سيطرة الشرطة الاسرائيلية على أبواب الحرم القدسي الشريف، وتحكمها في دخول المواطنين أو عدم دخولهم، فتواجدها هو بحد ذاته سبب للاستفزاز وإثارة مشاعر المؤمنين، وخاصة عندما تتخذ قرارًا بمنع الصلاة في الحرم وخاصة في فترة الفجر، أو تسجل مخالفات لسيارات جميع المصلين الذين أتوا لتأدية صلاة الفجر.
أضِف إلى ذلك تواصل الحفريات تحت الحرم، بما قد يؤدي إلى إنهياره في أحد الأيام لا قدَّر الله.

الحرم القدسي الشريف هو خط "أحمر"، وها هم المتطرفون يحاولون إشعال فتيل نار حرب دينية طويلة الأمد، والشرطة الاسرائيلية تساعدهم في أحيان كثيرة في محاولة لجس النبض، وقد جست النبض وعرفت أن هناك من هو مستعد ليفدي حياته دفاعا عن قدسية هذا المكان.
القدس في خطر لأن الحرم في خطر... والقدس تناشد العالم لإنقاذها من براثن الاحتلال وكذلك المسجد الأقصى.. ولذلك نقول أن الحرم القدسي الشريف هو الفتيل الذي قد يُشعِل نار حرب دينية، ويُدخِل المنطقة في أتون نارها، فهل يعي اليهود مدى خطورة مواقفهم واعتداءاتهم على الحرم، وبالتالي يوقفوا استفزازاتهم ضده؟.
نشك في ذلك، لأن مسلسل الاعتداء عليه مستمر، ولأن المستوطنين والمتطرفين المتدينين لا يريدون السلام، ويرقصون على أنغام أصوات المواجهات، ويفرحون عندما تسيل الدماء الزكية البريئة.
الحرم القدسي الشريف له من يدافع عنه وهم كُثر، رغم أن اسرائيل تضع القيود وتفرض إجراءات قمعية لمنع حرية دخوله وأداء الصلوات فيه.
ما جرى عبر أسبوع كامل يؤكد أن إسرائيل غير معنية بالسلام، وغير معنية بالهدوء والاستقرار، وغير معنية بتوفير أجواء حرية العبادة لجميع الأديان، لكنها معنية فقط ببسط نفوذها وسيطرتها على القدس وأماكنها المقدسة، وهذه السياسة لها ثمنها الباهظ، وعواقبها الوخيمة، إن استمرت اسرائيل في اتباعها وممارستها.

من يطلق "الإينرغا" في طرابلس؟


الأفكار، 19 أكتوبر 2009
من يطلق قذائف "الإينرغا" على منطقتي "جبل محسن" و"باب التبانة" في "طرابلس"؛ مُحاولا إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وجرّ أبناء المنطقتين إلى الاقتتال مجددًا، والدخول في معارك ومواجهات، يسقط فيها الأبرياء عند خط تماس وهمي وضعه صنَّاع الفتن للتفرقة بين سكان المدينة الواحدة؟
إجابات كثيرة رصدتها مجلة "الأفكار" اللبنانية على ألسنة القيادات والمواطنين، تُجمِع كلها على أن "جهة مجهولة" تقف وراء الأحداث الأخيرة، وفي ذلك مؤشر واضح على رغبة أهل "التبانة" و "الجبل" في طيّ صفحة الماضي البغيض، واعتماد لغة الحوار والتلاقي، بدلا من اللجوء إلى السلاح وإطلاق العنان للرصاص والقذائف عند وقوع أي حادث.

تساقطت قذائف "الإينرغا" على أكثر من منطقة داخل "جبل محسن" و"باب التبانة"، وكادت اثنتان منها أن تتسببا في مجزرة لولا لطف الله؛ حيث أصابتا مقهيين شعبيين في "الجبل"، فيما سقطت القذيفة التي أُطلِقت مساء يوم السبت الماضي قرب محطة وقود عند مستديرة الملولة بين "باب التبانة" و "المنكوبين" واقتصرت أضرارها على الماديات.
مسلسل "الإينرغا" هذا استدعى استنفارًا في صفوف الأجهزة الأمنية، وفي مقدمتها مخابرات الجيش لمعرفة هذه الجهة المجهولة والمشبوهة التي تتربص شرًا بطرابلس، عازفة على وتر الفتنة. ويُعبِّر مصدر أمني متابع للتحقيقات الجارية في هذا الموضوع عن ارتياحه لردود الفعل الصادرة في كل من "التبانة" و"جبل محسن" الرافضة لاتهام أي طرف أو فريق من هذه المنطقة أو تلك بالمشاركة في إطلاق "الإينرغا"، وفي ذلك دليل على أن أبناء المنطقتين عقدوا العزم على العيش معًا بسلام، لافتًا إلى أن حادثًا أقل بكثير من انفجار قذيفة كان يؤدي في السابق إلى اشتعال المعارك بين الطرفين.
وأمام هذا الواقع يبقى الأمل معقودًا على وعي أبناء "التبانة" و"جبل محسن" لإحباط ما يُخَطط ضدهم، وقد نجحوا حتى الساعة في تعطيل مفعول "الإينرغا" التي تحمل في شظاياها فتنة يريد أبناء المنطقتين أن تبقى نائمة إلى الأبد.

معنى أن تكون حوثيًا


المجلة، أكتوبر 2009
تواجه الحكومة اليمنية حاليًا معارضة حقيقية من جماعة التمرد الحوثية، والتي طفت على السطح في وقت تشتد فيه الأزمات الاجتماعية والاقتصادية في اليمن.
مجلة "المجلة" سلطت الضوء على أبعاد الصراع بما يعطي صورة واضحة للنزاع الدائر اليوم في اليمن بين الحكومة وقوات المتمردين، المعروفين باسم "الحوثيين".

منذ عام 2004، تسببت الجولات الخمس من القتال الدائر بين الحكومة والحوثيين في وجود ما يزيد على 160,000 شخص من المطرودين من ديارهم داخل الدولة. وأعداد بهذه الضخامة لا يمكن أن تعبر عن الآثار الإنسانية التي تمثلها بالنسبة لبلد يعيش 15 % من سكانه في ظل دخل يقدر بدولار واحد يوميا. وبطبيعة الحال، فإن أولئك الذين يقعون بين شقي رحى القتال الدائر يسألون أنفسهم: ما السبيل إلى وضع حد لتلك المأساة؟ وقد أعطت الحكومة التي يقودها الرئيس صالح إجابة شافية: عملية الأرض المحروقة.
ويصوِّر العنوان المشئوم للحملة الأخيرة بين الثوار والحكومة إلى أي مدى أفسد النزاع الدائر استقرار بلد عرف تاريخيا بانتشار الأمن بين ربوعه، وبقدرته على الجمع بين المتناقضات، والتجانس عبر طوائفه المختلفة، في منطقة أنهكتها مثل هذه التفاوتات الديموجرافية. وهذه السمات هي التي أكسبت هذا الوطن اسمه الشهير: (اليمن السعيد).
واليوم، فإن التوترات الاجتماعية والسياسية والدينية قد قوضت هذا الاسم الذي يتباهى اليمنيون به فخرًا. ولا يعكس هذا النزاع التوترات الداخلية التي ظلت تتراكم داخل اليمن حول بؤر التوتر الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية فحسب، بل إنه بالأحرى يمثل السياق التاريخي والجيوسياسي الأكبر الذي أخذ في التطور حول اليمن وداخله.

وبناء على ماسبق توصلت المجلة إلى أن "فهْم ماهية الحوثيين وكيف ظهروا إلى حيز الوجود والقضية التي يقاتلون دفاعا عنها هو أمر جوهري لفهم كيف أن اليمن يسير تدريجيا في الطريق الموصل إلى "اليمن غير السعيد". لذلك تطرقت المجلة إلى التركيبة الدينية في اليمن، والتركيبة السياسية التي تحيط به، لتتضح الصورة أكثر.

يشتمل اليمن على تنوع ديني قديم الأزل يضم مسلمين ومسيحيين ويهودا. ومع ذلك، يشكل المسلمون غالبية سكان اليمن وينتمون إلى اثنين من المذاهب، وهما الإسلام السني أو الشيعة الزيدية. ورغم أن المسلمين السنة في اليمن هم الأغلبية، ويشكلون حوالي 60 % من سكان اليمن البالغ عددهم 22 مليون نسمة، فإنهم لا ينفردون بالسلطة في اليمن.
وينتمى علي عبد الله صالح، رئيس الجمهورية اليمنية منذ عام 1978، إلى أصل زيدي. ومع ذلك، فإن الأزمة الحالية بين الحوثيين والحكومة اليمنية تجعل التساؤل حول تركيبة اليمن الدينية أمرًا مثيرًا للاهتمام، خاصة وأن الحوثيين زيديون من حيث المنشأ. ولكي نفرق بين الحوثيين والزيديين فمن المهم التأكيد على أنه ليس كل الزيديين حوثيين. وتعد الزيدية طائفة دينية شيعية، وهى مختلفة عن التيار الشيعي الإثنى عشري معتنق فكر الإمامة، والذي يتركز في إيران بشكل أساسي. غير أن الظروف السياسية المعاصرة في اليمن خلقت انقسامات داخل المجتمع الزيدي وقرَّبت بعض الحوثيين أكثر إلى إيران مما كان عليه الزيديون في الأصل. كما أن الحوثيين لا يتمتعون بالتأييد الكامل من جانب المجتمع الزيدي الذي ينتمون إليه، وإنما يستلهمون العون من قوى خارجية غير مجاورة لهم جغرافيًا، وهذا يضع الحوثيين في مأزق كبير. وإلى حد بعيد، لا يمثل الحوثيون المشكلة الوحيدة التي تواجهها الحكومة اليمنية اليوم، إلا أنهم يشكلون قائمة عريضة من التذمرات التي منشؤها التوترات التحتية الكامنة داخل المجتمع اليمني. وهكذا، فإن فهم ماهية الحوثيين وسبب قتالهم للحكومة يُلقي الضوء على أهمية التنمية الاقتصادية والمجتمعية التي يحتاج إليها اليمن من أجل إقامة سلام دائم.

Thursday, October 15, 2009

عصرٌ جديد بين موسكو وواشنطن

المشاهد السياسي، 4-10 أكتوبر 2009

عصرٌ جديد بين موسكو وواشنطن، وموجة تفاؤل كبيرة في العلاقات الأميركية ـ الروسية، أحدثها تخلّي واشنطن عن نشر الدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية. فكيف يمكن قراءة التقاطعات الاستراتيجية الأميركية ـ الروسية في المرحلة المقبلة؟
تساؤل حاولت مجلة المشاهد السياسي الإجابة عنه من خلال موضوع غلافها الأخير.

رياح الحرب الباردة الجديدة التي كَـثُر الحديث عنها بعد حرب جورجيا الأخيرة، بدأت تتبدّد لمصلحة حدّ أدنى من التوازن في العلاقات الدولية تعود معه روسيا لاعبا أساسيا على المسرح. وقد هدأ التوتّر الذي ساد السنوات الأخيرة نتيجة الخلافات الروسية ـ الأميركية حول حرب العراق، والقلق الروسي من التوجّهات البوشيّة الى ضرب كلّ من سورية وإيران تراجع بصورة واضحة، والغضب الروسي من الدرع الصاروخية في بولندا وتشيكيا، وكلّ شيء يدل على أن موسكو وواشنطن تدشّنان بداية جديدة على مستوى التعاون، ستكون لها انعكاساتها في الشرق الأوسط كما في أوروبا.
فهل يمكن للثنائية القطبية أن تشكّل، في المدى المنظور، هيمنة جديدة على القرار الدولي؟
من المبكر جدا الإجابة عن هذا السؤال، إلا أن التعاون الأميركي ـ الروسي يعني أن النزاع بين الولايات المتحدة وروسيا حول المناطق الحسّاسة في أوروبا الشرقية، قد اهتدى إلى حوار جديد، وأن أشكال الحرب الباردة الثانية التي تمظهرت في أزمة برلين الثانية ( عام ١٩٦١) والأزمة الكوبيّة ( عام ١٩٦٢) وربيع براغ ( عام ١٩٦٨) وحرب فيتنام (بين عامي ١٩٥٤ و ١٩٧٥) والسباق إلى التسلّح الاستراتيجي، والصراعات الأيديولوجية في العالم الثالث، وتمدّدت بعد سقوط جدار برلين وتفكّك الاتحاد السوفياتي إلى أوروبا الشرقية... قد انتهت، مرة أخرى، لمصلحة البحث عن نقاط تلاقٍ وتقاطعٍ على امتداد آسيا وأوروبا، والمنطقة العربية لن تكون معزولة عن هذه الديناميكية الجديدة.
من أجل فهم طبيعة العلاقات الأميركية ـ الروسية في القرن الحادي والعشرين، عادت المجلة بالأذهان سريعًا إلى القمم الروسية ـ الأميركية التي بدأت في أواخر خمسينيات القرن الفائت، بأول زيارة رسمية في تاريخ العلاقات السوفياتية الأميركية، قام بها "نيكيتا خروشوف"، زعيم الحزب الشيوعي السوفياتي ورئيس الحكومة السوفياتية، إلى الولايات المتحدة في الفترة بين ١٥ و ٢٧ سبتمبر من العام ١٩٥٩، بالتزامن مع انعقاد دورة الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة. وانتهت –هذه القمم- بلقاء أوباما ـ مدفيديف الأخير في نيويورك، على هامش اجتماعات الدورة الـ٦٢ للجمعية العامة للأمم المتحدة.
في غرة أبريل من العام ٢٠٠٩، عُقِد لقاء بين الرئيس ديمتري مدفيديف والرئيس باراك أوباما، رسم نهجا نحو إعادة إطلاق العلاقات الروسية ـ الأميركية. اللقاء انتهى إلى إبرام ثمانية اتفاقات على رأسها اتفاق خفض الرؤوس النووية بين البلدين، واستئناف التعاون العسكري الذي جُمِّد عقب الحرب الروسية ـ الجورجية، وقبول روسيا استخدام الولايات المتحدة مجالها الجوّي لنقل الجنود والعتاد إلى أفغانستان، وظلّ الخلاف قائما حول جورجيا والدرع الصاروخية الأميركية.
إعلان باراك أوباما يوم ١٧ سبتمبر ٢٠٠٩، قرار واشنطن التخلّي عن خططها في شأن الدرع الصاروخية في شرق أوروبا، أطلق مرحلة جديدة من التعاون العسكري الأميركي ـ الروسي، لحماية أوروبا من الصواريخ القصيرة والمتوسطة الأمد، إلى جانب الصواريخ البالستية العابرة للقارّات، من شأنها أن تستتبع اتفاقات جديدة بين البلدين. والمبرّر الرئيسي لتجميد هذا البرنامج، هو أن برنامج إيران للصواريخ الطويلة المدى لم يتطوّر بالسرعة التي جرى تقديرها في السابق، لأن إيران تعتمد على صواريخ بالستية، على رأسها "شهاب ـ ٣" الذي يصل مدى النسخة المطوّرة منه إلى ١١٠٠ كيلومتر، الأمر الذي لا يهدّد القارّة الأوروبية في المدى المنظور، ثم إن من شأن مبادرة دفاع صاروخي مشترك بين الولايات المتحدة وروسيا، تقوم على تفعيل التنسيق بين روسيا والناتو، أن تُدخِل روسيا في منظومة الأمن الأوروبي على المديَـيْن المتوسط والبعيد، وتطوي صفحة الحرب الباردة الأولى كما بوادر الحرب الباردة الثانية إلى أمد طويل.

أطفالنا


أبيض وأسود، 4 – 13 أكتوبر 2009
بعيدًا عن هدير الطائرات وطلقات المدافع، وصداع السياسة تحدثت مجلة أبيض وأسود السورية عن
"أطفالنا.. الذين يتعرض معظمهم للعنف، والإساءة المعنوية والإهمال" على حد وصفها.
صحيح أن المجلة استشهدت بدراسة ميدانية نشرتها مؤخرا الهيئة السورية لشؤون الأسرة تحت عنوان (سوء معاملة الأطفال في سوريا)، لكن نتائج الدراسة لا تخاطب الوضع السوري وحده بل تتعداه لتخاطب المشهد العربي كله.

شملت الدراسة (4000) طفل وطفلة، بين سن الخامسة عشرة والثامنة عشرة، منهم (83.2 %) تعرضوا لشكل أو لآخر من أشكال التعنيف الجسدي بغض النظر عن شدته أو قسوته أو شكله أو نوعه. أما الـمُعـنِّفون من المقربين والمدرسين يرون بأن الضرب بشكله المقبول ضرورة، وهو أسلوب مهم لتصحيح اعوجاج الطفل وتعليمه أساليب الأدب والذوق، فمحمد والد لثلاثة أولاد يعتقد بأن الضرب مهم لإخافة الصغير من ارتكاب الخطأ نفسه في المرات القادمة، ويستشهد بأن الأعراف والتقاليد لا تمنع الضرب بل تؤكد أهميته. وربما يكون من الحلول الممكنة للحد من ظاهرة العنف ضد الأطفال بكل أشكاله الجسدية والجنسية والمعنوية تأسيس مراكز بحثية متخصصة في دراسة ظاهرة العنف ضد الأطفال، إضافة إلى إجراء تدريب وتأهيل دوري للكوادر المتخصصة ونشر الوعي بأهمية دورهم في التعامل مع مشكلات الأطفال المُعَنفين، وتأسيس وحدات اجتماعية ونفسية مختصة داخل المؤسسات المعنية بالطفل، لاسيما التربوية أو الصحية أو الإصلاحية أو الإيوائية، ليتم التعامل مع الطفل وتشخيص مشكلاته بشكل علمي دقيق. مع إفراد فصول أو إعداد مقررات دراسية تتناول مفهوم حماية الطفل من العنف، وإعداد برامج تدريبية لمديري المدارس وموجهيها ومدرسيها حول حماية الطفل من العنف، وفتح خط ساخن أو صندوق شكاوى وصندوق مقترحات وتعميمه في جميع المدارس للإبلاغ عن قضايا العنف في المدارس، وتفعيل دور الصحة المدرسية. وجميع ما سبق يحتاج لبيئة تشريعية وقانونية مناسبة لذا لا بد من سن تشريعات أو إعداد تشريعات جديدة أو تعديل تشريعات قديمة للحد من ظاهرة العنف ضد الأطفال والتحقيق الفوري في حالات تعرض الأطفال للاعتداء واتخاذ الإجراءات الرادعة بحق المعتدين. وإعادة النظر في البرامج التلفزيونية الموجهة للأطفال بما يضمن حمايتهم من العنف، وإطلاق حملات توعية بشكل مستمر ومكثف عبر وسائل الإعلام وفي المدارس وفي المؤسسات المختلفة من أجل حماية الأطفال من العنف. وفي الختام توجيه القائمين على وسائل الإعلام للتخفيف من المادة الإعلامية الدافعة للعنف أو الجريمة لاسيما المواد الإعلامية الموجهة للأطفال وبالأخص المعروضة على شاشة التلفاز كونه الأكثر انتشارا بين الوسائل الأخرى، وكذلك أشرطة الفيديو والألعاب الإلكترونية التي تقوم في معظمها على مشاهد العنف.

Thursday, October 8, 2009

تغطية فشل إدارة أوباما.. على حساب الفلسطينيين


أبيض وأسود، 27 سبتمبر- 3 أكتوبر 2009


تحت عنوان (تغطية فشل إدارة أوباما.. على حساب الفلسطينيين) نشرت مجلة أبيض وأسود موضوع غلافها الأخير، الذي رأت فيه أن التصريحات المتناقضة التي سبقت وأعقبت القمة الثلاثية بين أوباما ونتنياهو وعباس دعمت الاعتقاد القائل: إن افتقاد الفريق الفلسطيني المفاوض للحدود الدنيا من المصداقية في الخطاب السياسي والإعلامي؛ حقيقة مستقرة منذ مؤتمر مدريد (1991).
للتدليل على ذلك رصدت المجلة تصريحات فريق السلطة قبل القمة وعشيتها وبعدها.

قبل يومين من القمة أعلن رئيس السلطة الفلسطينية أنه (لن يوافق على تجديد المفاوضات ما لم توافق "إسرائيل" على التجميد التام لجميع أشكال التوسع الاستيطاني، ولا حديث عن استئناف المفاوضات، وميتشل سيعيد مواصلة مساعيه لتحقيق هذا الهدف بعد انتهاء أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة).
وعشية القمة أشارت مراجع عليا في رئاسة السلطة إلى أن (القمة ستكون شكليةً، لأن الرئيس عباس لم يكن يريد أن يخيّب أمل الإدارة الأمريكية التي طالبت بعقدها).
لكن بعد اختتام القمة أعاد الرئيس عباس التأكيد على شرطين رئيسيين للعودة إلى طاولة المفاوضات، (احترام خطة خارطة الطريق الدولية، ووقف الاستيطان بشكل كامل).

المجلة لم تكتف بهذه الأدلة بل تطرقت لما هو أوضح مشيرة لحديث رئيس الوزراء الإسرائيلي عن اتفاق مع عباس لاستئناف المفاوضات "دون شروط"، وما كشفه ميتشل من تطابق وجهتي النظر الأمريكية والإسرائيلي، حين قال: (يجب استئناف المفاوضات دون شروط مسبقة)، وبذلك يكون قد تعمّد إحراج الرئيس عباس وفريقه.

لقد أظهر عباس ضعفا لم يُفَوِّت أوباما فرصة استغلاله في إعادة تكييف جهود إدارته مع الشروط الإسرائيلية، التي أفشلت الجولات المكوكية لميتشل على مدار سبعة شهور، حيث تراجع أوباما في القمة الثلاثية عن دعوته لوقف الاستيطان، واكتفى بالطلب من الحكومة الإسرائيلية (النظر في تسهيل حركة المدنيين في الضفة الغربية، وخطوات لتقييد الاستيطان)، وربط هذا بخطوات تطبيعية مجانية من العرب دعما للمفاوضات، ناسفا بذلك ربطه السابق بين وقف الاستيطان والتطبيع، الذي دارت حوله مقترحات ميتشل في جولاته الست. وبهذا التغيير الدراماتيكي تكون إدارة أوباما قد أسدلت الستار مبكرا على الوعود الكبيرة التي أطلقتها للفلسطينيين والعرب، وعادت بسياستها الشرق أوسطية لثوابت السياسات الأمريكية التي اتبعت منذ (مؤتمر مدريد)، وبدل التصدي لهذا المنزلق الخطر، غطى فريق رئاسة السلطة الفلسطينية على تراجعه أمام الضغوط الأمريكية، بوابل من تصريحات إعلامية، تُبهِت من أهمية القمة وما نتج عنها، من تغطية لفشل إدارة أوباما على حساب الفلسطينيين، إلا أن مجال المناورة المحدود زمنيا هذه المرة، سيجبر فريق رئاسة السلطة الفلسطينية على تحديد مواقفه في الأسابيع القليلة القادمة، دون لبس أو تأويل، إما تَحمُّل عواقب التماشي مع ضغوط إدارة أوباما وحكومة نتنياهو، أو العودة إلى خيار الوحدة الوطنية الفلسطينية لمواجهة هذه الضغوط.

قصّة الحرب المفتوحة بين الخامنئية والخمينية


المشاهد السياسي، 27 سبتمبر- 3 أكتوبر، 2009


بعد ثلاثة أشهر على إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيسا للجمهورية الإسلامية في إيران، سلطت مجلة المشاهد السياسي الضوء على ماتراه "تبلور صورة جديدة للصراع القائم بين المرشد الأعلى علي خامنئي ومعارضيه"، بعدما اصطفت عائلة الخميني كلّها إلى جانب الاصلاحيين، مطالبة بإلغاء نتائج هذه الانتخابات.

في العام ١٩٨٥، عندما أعيد انتخاب علي خامنئي رئيسا لولاية ثانية، أمره آية الله الخميني بالابقاء على مير حسين موسوي رئيسا للوزراء في عهده. وفي خطاب تنصيبه ألمح خامنئي يومذاك إلى أنه أُجبِر على إعادة تعيين موسوي خلافا لإرادته. بعد هذا التلميح، كشف نجل الخميني أحمد عن انزعاج جدّه من هذا الموقف. حتى أن علي أكبر هاشمي رفسنجاني الشاهد على تلك الفترة كتب في مذكّراته: ما زلت أشعر بمرارة هذه المرحلة.
ما الذي يحصل اليوم؟
موسوي لا يزال يناضل كي يكون أحد ورثة الخميني، وأفراد بيت الإمام وأبرزهم حسن أحمد الخميني، الذين يعتبرون أنفسهم الأوصياء على فكر الإمام والمفسّرين الحقيقيين لهذا الفكر يدعمون موسوي في مسعاه؛ بدليل أن حسن أحمد الخميني التقى زعماء المعارضة في الفترة الأخيرة وأيّد مطالبتهم بإلغاء نتائج الانتخابات، كما تغيّب عن مصادقة خامنئي على انتخاب أحمدي نجاد. فضلا عن ذلك، فإن ياسر وعلي الشقيقين الأصغر لحسن مؤيّدان صريحان للحركة الإصلاحية في إيران، وسبق لعلي الترشّح للبرلمان في العام ٢٠٠٨، بصفته جزءا من الائتلاف الإصلاحي، غير أن الحرس الثوري الخاضع لخامنئي رفض ترشّحه، فاعتبر ذلك إهانة لأسرة الخميني، وهذا كلّه يعني أنه بعد عشرين سنة على تسلّم خامنئي منصب القائد الأعلى، فهو لا يزال يختبر حدود نفوذ الخميني، وهو اختبار صعب لأنه لا يملك خيارات كثيرة في ضوء تراجع الدعم الذي يحظى به في صفوف الخمينيين، ثم إن ابتعاده عن "بيت الإمام" يمنح المعارضة دعما إضافيا ضدّه، ويضع الإيرانيين جميعا أمام خيارين: خامنئي أو خميني.

واستشهدت المجلة على واقعية ماذهبت إليه بدراسة نشرها موقع "سويس إنفو" قبل يوم واحد من عيد الفطر، حملت عنوان "التغيير مقابل التغيير" خَلُصت إلى أن ما يجري الآن في إيران، هو في نهاية المطاف صراع بين نهج الولي الفقيه آية الله علي خامنئي وخطّ الإمام الخميني مؤسّس الجمهورية الإسلامية ومُفَجّر ثورتها التاريخية؛ والدليل هو تصفية تلاميذ الإمام الراحل بطريقة تحمل على التصوّر أن في إيران من لا يريد لخط الإمام أن ينتصر، خصوصا في أسلوب الحكم وتفاصيله. الدليل الآخر هو اصطفاف قادة الثورة ورموزها الكبار، الذين كانوا إلى جانب الإمام حتى وفاته في يونيو ١٩٨٩، وراء من صاروا يُعرَفون بزعماء الاصلاح، على أساس وجود "تيار مشبوه" كان مجهولا خلال فترة حكم الخميني (١٩٧٩ـ١٩٨٩) تسلّق جدار الثورة وهو اليوم يضطهد قادتها الحقيقيين.

يبقى سؤال: هل الأزمة التي تعيشها إيران منذ أربعة عشر أسبوعا هي أزمة بنيوية تهدّد النظام من الداخل، أم مجرّد أزمة عابرة في تاريخ الثورة؟ واستطرادًا.. لماذا وصلت الأزمة إلى هذه المرحلة بعدما كانت كل المؤشّرات توحي بأنها حُسِمت بإعادة تولية محمود أحمدي نجاد للمرّة الثانية؟
الأسباب معقّدة سياسيا واقتصاديا وحتى أيديولوجيّا. وأهمّ هذه الأسباب، ربما، الطبيعة الازدواجية للنظام الإيراني، بين سلطة تستمدّ شرعيّتها من ولاية الفقيه وأخرى تعتمد على فقه الولاية السياسية. ومعروفٌ أن الرئيس في إيران يمثّل كل الإيرانيين، لكنه يملك ولا يحكم، لأن أجهزة الأمن والجيش والدوائر الحكومية هي التي تُملِي القرارات السياسية الاستراتيجية الداخلية والخارجية، وهي كلّها في تصرّف الولي الفقيه، الأمر الذي ولّد شعورا بالعجز لدى القادة السياسيين المنتخبين الذين يتساءلون باستمرار عن دورهم الحقيقي في آليّة النظام. والانتخابات الأخيرة تحمل الدليل على هذا التساؤل، بعدما فضّل خامنئي نجاد على موسوي. وكان يُفترَض، كما العادة، أن يتم قبول نتائج الانتخابات كما هي، طالما أن الولي الفقيه مَهرها بختمه، لكن هذا لم يحدث هذه المرّة، لأنه يبدو أن أزمة اللاتوازن بين السلطة غير المنتخبة وبين السلطة المنتخبة، قد وصلت إلى ذروتها، بل يعتقد العديد من المحلّلين أن الأزمة كانت ستنفجر، حتى ولو فاز موسوي بالرئاسة، لأن هذا الأخير كان ينوي المطالبة بانتزاع العديد من صلاحيات ولي الفقيه لمصلحة الرئيس، وهنا يجب أن نتذكّر أن موسوي كان على خلاف دائم مع خامنئي، حين كان الأول رئيسا للوزراء والثاني رئيسا للجمهورية في حقبة الثمانينيات.

Tuesday, September 29, 2009

قناة البحرين.. قناة المهالك


البيادر السياسي، 25 سبتمبر 2009

مشروع قناة البحرين هو مشروع قديم – جديد، ظهر ومازال يظهر بأشكال مختلفة ومقترحات متفاوتة. مجلة البيادر السياسي رصدت توجهات إسرائيلية وأردنية لتسريع مراحل المشروع، وهنالك اجتماعات دائمة ومتواصلة ضمن ما يسمى المنتدى الاقتصادي، ولكن رغم بساطة المشروع للوهلة الأولى إلا أن هنالك الكثير من الغموض والضبابية التي لا تشير إلى الدوافع الحقيقية لكل جانب من دخول هذا المشروع
مجلة البيادر السياسي أعدت تقريرًا مطولا حول هذه القضية الشائكة

بعض العلماء والخبراء والمهندسين والسياسيين متحمسون جدًا للمشروع بإعتقادهم أنه فعلاً سيؤدي إلى تغييرات حثيثة لتطوير اقتصاديات الدول المشاركة، ولتنمية السلام على أسس أفضل، والبعض الآخر يعتقد بأن المشروع ما هو إلا مغامرة غير محمودة العواقب، وآخرون يعتقدون بأن وراء الأكمة ما وراءها، وهنالك أهداف خفية دفينة لبعض الجهات. وما يوحي بأن هنالك بعض الغموض والنوايا غير المفهومة أن شمعون بيرس – رئيس دولة اسرائيل - هو أكثر المتحمسين لتطبيق المشروع، وهو يعمل بكل كد لإقناع الرؤساء الآخرين بأن المشروع سوف يحقق الرخاء للكثيرين، وسيمنع الصراع القادم على المصادر المائية التي تجف بخطى متسارعة بينما عدد سكان المنطقة في تزايد مستمر، وإسرائيل ما زالت تسعى لجلب المزيد من المستوطنين لقضم الأرض العربية، بالمقابل ترفض التعاون لحل مشكلة اللاجئين التي تتفاقم سنة بعد أخرى.
وبموجب هذا المشروع ستحصل إسرائيل مجانًا على مياه لتبريد مفاعلاتها النووية الجديدة التي تنوي إقامتها في النقب، وبناء على مصادر خارجية هنالك توجهات جادة في إسرائيل لبناء مفاعلات نووية جديدة بعضها مفاعلات نووية لإنتاج الكهرباء، وهنالك مصادر خارجية تشير أن المفروض قيام إسرائيل بإقامة مفاعل جديد في المنطقة الجنوبية بعد أن أصبح مفاعل ديمونة قديماً وأنهى عمره الافتراضي.
أما ما تزعمه إسرائيل من أن إنقاذ البحر الميت ليكون مصدرا للسياحة، فإن الخبراء ينفون ذلك لأنه في حالة نقل مياه البحر الأحمر الأكثر ملوحة إليه سيتحول لون مياه البحر الميت إلى اللون الأبيض بسبب ظهور طبقة من الجص الناتج عن فوارق الملوحة بين مياه البحر الأحمر ومياه البحر الميت، وتبلور كتل بلورية من الجص الذي قد يتبقى على السطح لفترة ما ثم يهبط إلى القاع ولاحقا يتحول لون الماء إلى اللون الأحمر نتيجة تفاعل بكتيريا الحديد، ثم أن هبوط نسبة الأملاح في الماء بسبب اختلاط المياه سوف يؤدي إلى نشوء بيئة مناسبة لحياة أنواع من البكتيريا والطحالب، وحدوث مثل هذا الأمر لا يشجع تطوير السياحة في المنطقة، وبشكل خاص لأن منطقة البحر الميت بيئة شديدة القسوة، مرتفعة الحرارة معظم شهور السنة، ولا توجد أحياء مائية تُذكَر في البحر الميت.

وخلُصَت مجلة البيادر السياسي إلى أن الإصرار الإسرائيلي على تنفيذ مشروع شق القناة من البحر الأحمر إلى البحر الميت رغم الصعوبات السابق ذكرها مقارنة بشق القناة من البحر المتوسط إلى الميت، يؤكد أن هنالك أهدافاً أخرى لمثل هذا المشروع، بل إن هذا المشروع بشكله الحالي قد يرتبط بمشروعات استراتيجية إسرائيلية أخرى. أضف إلى ذلك المنافسة الشديدة التي سيشكلها المشروع لقناة السويس ومن ثم للاقتصاد المصري بأكمله، والمخاطر الجمة التي سيتعرض لها البحر الأحمر وبالتالي السياحة في منطقة شمال سيناء، والأخطر من ذلك هو تسليم الإسرائيليين ورقة ضغط خطيرة في مواجهة الأردنيين والفلسطينيين وبالطبع المصريين.

إذا تم تدشين قناة تربط البحر الأحمر بالميت، مع قناة توصل البحر الميت بالبحر المتوسط، فإن ذلك سيشكل منافسة شديدة لقناة السويس التي تعتبر من أسس الاقتصاد المصري ومورِد أساسي للعملة الصعبة بالنسبة للاقتصاد المصري، ولتقنيات. ثم أن اعتماد الأردن والفلسطينيين على مياه ناتجة عن تحلية مياه البحر التي ستبيعها لهم إسرائيل بأسعار غير منخفضة، سيمكن إسرائيل من أن تسيطر على مصدر رئيسي للحياة وهي المياه العذبة الصالحة للشرب والزراعة، والتحكم في هذا المصدر الحيوي، سوف يصبح أداة ضغط سياسية ذات وزن ضخم وعامل ضغط على الأردنيين والفلسطينيين. بينما ستكون مسألة قناة السويس والبحر الأحمر والسياحة أوراق ضغط على مصر لتوافق على إعادة النظر في طلب إسرائيلي قديم بمد أنبوب ضخم من نهر النيل للنقب لنقل المياه العذبة لإسرائيل بأسعار رخيصة جدًا كما حدث بشأن صفقات الغاز.أما بالنسبة للأخطار التي سيتعرض لها البحر الأحمر فالواضح أن تدفق 2 مليار متر مكعب سنويا من مياه البحر الأحمر إلى البحر الميت كما تشير المصادر الإسرائيلية معناه إحداث تأثيرات بالغة الخطورة على الثروات المائية والبحرية في البحر الأحمر في المنطقة المصرية، وبالتالي ضرب السياحة في سيناء ضربة قاصمة، ومناطق الشعب المرجانية سوف تتأثر وتتضرر بشكل غير قابل للتصحيح ، والأسماك الملونة والنادرة التي تزدهر وتزخر بها جنوب سيناء على الصعيد السياحي سوف تصبح خلال فترة قصيرة مدمرة، والخصائص البيئية للبحر الأحمر وتياراته المائية سوف تتضرر بشكل شديد، والبيئة السمكية ستتاثر كثيرا وستعاني لسنوات وقد لا تتعافى أبدا، ومعروف أن أي تغيير في خصائص مياه البحار والأنهار يحدث تغييرا في حياة الأحياء المائية الموجودة به، مما سيؤدي إلى تدمير الشواطىء والأحياء المائية والشعب المرجانية التي تعتاش في بيئتها منذ آلاف السنين.
وثمة مشكلة خطيرة هي التشققات في القشرة الأرضية في منطقة البحر الأحمر حيث ان القشرة هناك غير متماسكة بشكل عام ودقيقة نسبياً، الأمر الذي عرضها في فترات ماضية لعدد من الزلازل والهزات الأرضية الخطيرة. وبناء على ذلك فعملية نقل 2 مليار متر مكعب من مياه البحر الأحمر سنويا إلى البحر عبر القناة من العقبة، وهبوط المياه من ارتفاع يزيد على 200 متر سيزيد من اهتزازات وإضطرابات القشرة الأرضية ويزيد من حالات تشققها وإمكانية حدوث مزيد من الزلازل والهزات التي قد تؤثر على البيئة بشكل عام وتتأثر بها المنطقة برمتها.

استنفار عراقي على أبواب الخريف


الأسبوعية، 20 سبتمبر 2009

الإصابات المسجلة في العراق 172 إصابة حتى الآن، وحالة وفاة واحدة في النجف، ووزارة الصحة تبدو مطمئنة إلى قدرتها على احتواء الوباء. لكن اقتراب موعد العام الدراسي، وخشية الأهالي من اختلاط أبنائهم بمصابين محتملين، وتحذيرات منظمة الصحة العالمية المتكررة من موجة جديدة واسعة الانتشار، كلها عوامل مقلقة في هذه المرحلة. كيف «يتعايش» العراق مع أنفلونزا الخنازير، وكيف يستعد لمواجهة هجمة الوباء المحتملة؟ هذا ما تعرضه مجلة الأسبوعية في موضوع غلافها الأخير.

آخر بيان لوزارة الصحة حول حالات الإصابة بفيروس (H1N1) المسبب لمرض أنفلونزا الخنازير في العراق أحصى 172 حالة منذ انتشار المرض حتى لحظة إعداد هذا التقرير. وتقارير الصحة العراقية توضح أيضا أن الحصيلة الأخيرة هي إصابة 30 شخصا، بينهم 24 عراقيا وست إصابات لوافدين أجانب إلى العراق، مع حالة وفاة واحدة في محافظة النجف حتى الآن، فضلا عما هو مثبت لعدد الإصابات في صفوف القوات المتعددة الجنسيات والبالغة 142 حالة.
ورغم حالة الاستنفار الشديدة التي تجتاح العالم، وتصاعد عدد المصابين بين العراقيين، إلا أن وزارة الصحة تبدو مطمئنة إلى الإجراءات التي اتخذتها. ويقول مدير عام دائرة الصحة العامة رئيس اللجنة الفنية للإنفلونزا الوبائية الدكتور إحسان جعفر في حديث إلى «الأسبوعية»: إن مرض أنفلونزا الخنازير لم يزل تحت السيطرة حتى الآن في العراق، وعدد الإصابات في مساره الطبيعي العالمي وسجلنا حالة وفاة واحدة بسبب المرض في محافظة النجف. ويلفت جعفر إلى أن موسمي الخريف والشتاء يعدان من الفصول الخطرة التي تساعد على انتشار فيروس « أتش1 أن1» المسبب لمرض انفلونزا الخنازير بشكل كبير» مشيرا إلى أن المضادات المتوفرة حاليا تكفي لعلاج 240 ألف حالة فقط، إلا أن وزارة الصحة تعاقدت مع شركات عالمية لشراء علاجات قبل موسم الشتاء تكفي لعلاج أكثر من سبعة ملايين إصابة.
ويشدد جعفر على أن حالة الخوف التي يعيشها العراق من المرض هي جزء من حالة توجس وخوف عالمية بسبب قدوم فصل الشتاء وعدم وجود لقاحات للمرض حتى اليوم ، لافتا إلى أن وزارة الصحة العراقية على اتصال دائم بمنظمة الصحة العالمية لمتابعة المرض وآخر وسائل الوقاية والعلاج.
ويزداد توجس العائلات العراقية من انتشار مرض «انفلونزا الخنازير» سيما مع اقتراب موعد بدء العام الدراسي؛ إذ يطالب بعض العائلات بتأجيله حتى انحسار المرض على غرار إجراءات اعتمدت في دول مجاورة، فيما تؤكد وزارة التربية أنها تعمل مع وزارة الصحة لاتخاذ الإجراءات والتدابير الوقائية في كل المدارس العراقية.
وزارة التربية من جهتها تقلل من خطورة انتشار المرض، ويقول الناطق باسم الوزارة وليد حسين في حديث إلى «الأسبوعية»: إن مرض انفلونزا الخنازير لا يشكل قلقاً في الوزارة لأن الإصابات به محدودة جداً في العراق، وغالبيتها في صفوف القوات الأميركية. موضحًا أن وزارته تنسق مع وزارة الصحة من أجل اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة من المرض مع بداية العام الدراسي.

ورغم هذه التطمينات أشارت المجلة إلى سلسلة من الإجراءات اتخذها مجلس الوزراء للحد من الإصابة بالمرض بينها تأجيل مناسك العمرة وتقليص عدد الحجاج العراقيين الذين ينوون أداء المناسك للموسم الحالي، وعدم السماح لفئات كبار السن ممن تتجاوز أعمارهم 65 عاما والأطفال والحوامل والمصابين بالأمراض المزمنة، فضلا عن المصابين بالسمنة المفرطة من المشاركة في موسم الحج المقبل.

يبقى أن النجف وكربلاء من أكثر المدن العراقية المرشحة للتعرض لأنفلونزا الخنازير بالنظر إلى إمكانية انتشار المرض بسرعة، فالمدينتان تستقبلان يوميا العديد من الزوار من داخل العراق وخارجه، وبشكل يصعب معه إخضاع الجميع لفحوص طبية، مع ملاحظة أنه لا إمكانات تقنية لإجراء الفحوصات المخبرية، في المدينتين اللتين تحتضنان ملايين الزوار في المناسبات الدينية من مختلف أنحاء دول العالم سيما المجاورة.
ورغم الإجراءات التي اتخذت إلا أن لجنة الصحة البرلمانية لا تبدو راضية حتى الآن. عضو لجنة الصحة في البرلمان لقاء آل ياسين تحمّل وزارة الصحة والحكومة مسؤولية تفشي الوباء وتقول: إن الجهات المعنية في وزارة الصحة والحكومة تتحمل الجانب الأكبر لتفشي مرض أنفلونزا الخنازير في بعض المدن، نتيجة تقصيرها في وضع معالجات وقائية واحترازية للحيلولة دون انتشار الوباء، إضافة إلى التعتيم الإعلامي بشأن الإصابات والمناطق التي حدثت فيها بحجة عدم نشر الهلع بين المواطنين. ونحن نطالب الحكومة ومنظمات المجتمع المدني بنشر الوعي الصحي بين المواطنين من خلال عقد الندوات والمحاضرات لتوضيح معالم المرض وأخطاره.
آل ياسين تعزو أسباب انتشار أنفلونزا الخنازير إلى وجود القوات المتعددة الجنسية وقضاء أفرادها أجازاتهم الدورية في الولايات المتحدة ونقلهم المرض أثناء عودتهم إلى البلاد، إلى جانب فتح المنافذ الحدودية أمام الزائرين من شتى الدول وسفر العراقيين إلى العديد من البلدان، وتدعو الجهات المختصة إلى تشديد إجراءات فحص الزائرين والحصول على شهادة السلامة الصحية من بلدانهم قبل دخولهم الأراضي العراقية.

لا للتطبيع المجاني - لا لتدويل خلافات العرب


أبيض وأسود، 13 – 26 سبتمبر 2009

خلافاً لأجواء التشاؤم التي سادت قبل انعقاد الدورة العادية (132) لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، رصدت مجلة أبيض وأسود بعض القرارات المهمة التي خرج بها الوزراء بالرغم من بعض التصريحات العربية المتجاوبة مع الضغوط الأمريكية بشأن شروط إحياء العملية التفاوضية، ومحاولات إقحام العلاقات العربية ـ العربية في الخلافات المفتعلة التي فجرتها حكومة المالكي خدمة لأجندة أجنبية.

خرج الوزراء من أعمال دورتهم بقرارات مهمة، تمسكوا فيها بالحدود الدنيا من الإجماع العربي، حيث أكدوا في بيانهم الختامي على وحدة وترابط عملية السلام الشامل وعدم قابليتها للتجزئة، ورفض دعوات الإدارة الأمريكية للتطبيع المجاني مع (إسرائيل)، والمحاولات الإسرائيلية الرامية لتفتيت وحدة الأراضي الفلسطينية في الضفة وغزة والقدس الشرقية، وكل الإجراءات الأحادية الجانب التي تتخذها (إسرائيل)، وعلى رأسها ممارسات الاستيطان ومحاولات تهويد القدس. ولوَّحوا بسحب (مبادرة السلام العربية) من التداول، إذا ما استمر التجاهل الإسرائيلي والأمريكي لها. وتصدى الوزراء العرب في جلسات العمل لمحاولات حكومة المالكي تدويل الخلافات التي افتعلتها مع سوريا، وشددوا على ضرورة حل الخلاف في الإطار العربي. ووجهوا نقداً صريحاً ولاذعاً لسياساتها، بإجماعهم في البيان الختامي على (أن تحقيق استقرار العراق، وتجاوز الأزمة الراهنة، يتطلب حلاً أمنياً وسياسياً متوازياً، يعالج أسباب الأزمة، ويقتلع جذور الفتنة الطائفية والإرهاب، وتحقيق العملية السياسية بما يضمن مشاركة كاملة لمكونات الشعب العراقي المختلفة). ولم تغب باقي القضايا العربية الملحة والعاجلة عن جدول أعمال الدورة، فقد تضمن الجدول (28) بنداً، تناولت مختلف قضايا العمل العربي المشترك في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية، من بينها التحديات التي تواجه الأمن القومي العربي، وتفعيل العمل العربي المشترك، والوضع في الجولان العربي السوري المحتل، والتضامن مع لبنان، وحوار المصالحة الفلسطينية، والتطورات في اليمن، ودعم السلام والتنمية في السودان، والأوضاع الإنسانية في دارفور والصومال وجزر القمر، والوضع المتوتر على الحدود بين جيبوتي وأريتريا، ومخاطر انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، وتهديد الترسانة النووية الإسرائيلية للأمن القومي العربي، والعقوبات الأمريكية أحادية الجانب المفروضة على سوريا والسودان.

ربما تكون هذه القرارات في مجملها خطوة على الطريق الصحيح، لكن العقبة الكبرى تكمن في تحويلها من عالم التنظير إلى عالم الواقع، وهو الأمر الذي اعتبرته المجلة ينطوي على صعوبة كبيرة، ستضع هذه القرارات محل اختبار، ما يستلزم – بحسب المجلة- تدقيقًا في أي سياسات خاصة قبل الشروع فيها.

في الملف العراقي سبق انعقاد الدورة تطور داخلي عراقي مهم، بطلب الرئاسة العراقية من حكومة المالكي حل القضايا الخلافية مع سوريا بالوسائل الدبلوماسية، وعدم قانونية الدعوة لتدويل الخلاف مع سوريا. وكشف هذا الطلب عن أن الاتهامات التي وجهتها حكومة المالكي جزافاً إلى سوريا هي موضع خلاف في أعلى المستويات السياسية العراقية، وأن استمرار حكومة المالكي بالتصعيد سيحدث أزمة داخلية عراقية شديدة، حظوظ المالكي في تجاوزها شبه معدومة، فضلاً عن أنه لم يحقق غاياته من وراء إطلاق حملة الاتهامات، فردود الفعل الجماهيرية العراقية صبت في الاتجاه المعاكس، رافضة التهويش المذهبي والطائفي، الذي عاد ليطل برأسه على أبواب الانتخابات التشريعية مطلع العام القادم، ومن جانبها نأت الإدارة الأمريكية بنفسها عن تبني أو دعم حملة المالكي، بل وشككت في صدق الاتهامات.
ويبقى القول: إنه ورغم الإيجابية الكبيرة التي اتسمت بها قرارات الدورة، ستكون القرارات محل اختبار، فما تعودنا عليه سابقاً هو تفلت الدول العربية من القرارات في اليوم التالي لصدورها، وارتداد البعض لممارسة سياساته الخاصة بالتعارض مع قرارات الإجماع، لكن يمكن القول أيضاً: إن خطورة المرحلة ستلزم كل الدول العربية بالتدقيق في أي سياسات خاصة قبل الشروع فيها، وهذا ما نأمل، فالأوضاع في المناطق الفلسطينية المحتلة والعراق واليمن والسودان والصومال وجيبوتي لا تحتمل الهزل.

Tuesday, August 18, 2009

الأغذية المعدلة وراثيًا


البيئة والتنمية، يوليو - أغسطس 2009

أثارت الهندسة الوراثية عددًا من المخاوف، منها الهمُّ الأخلاقي من التدخل في خلق الله، والهمُّ البيئي من إفلات كائنات غريبة من المختبرات وغزوها التنوع البيولوجي الطبيعي، والهمُّ الطبي من مخاطرها على صحة البشر.
مجلة البيئة والتنمية قدمت إضاءة عل تاريخ البيوتكنولوجيا ومحدودية الدور العربي في أبحاثها وفي المفاوضات الدولية المتعلقة بتنظيم مداولة الكائنات المعدلة وراثيًا.

التكنولوجيا الأحيائية أو البيوتكنولوجيا هي "علم الكيمياء البيولوجية وتطبيقاته الرامية إلى توفير منتجات وخدمات لرفاه الإنسان. وتشمل هذه الكيانات النباتات والحيوانات والكائنات الدقيقة ومكوناتها دون الخلوية. وقد استخدم الإنسان تكنولوجيات أحيائية منذ القدم لإنتاج الغذاء والألياف والأدوية والعديد من المنتجات "الصناعية" كالخبز والخبز وأنواع شتى من الأطعمة والسلع المختمرة.
لكن حداثة الهندسة الوراثية أثارت عددًا من المخاوف مكمنها أن الكائنات التي لم تنشأ بانسجام مع الطبيعة، وبالتالي لا يمكن التنبؤ كيف يمكن تصرفها في نظام بيئي طبيعي، وقد يشكل تصرفها هذا خطرًا على البشر وغيرهم من الكائنات، وربما كان احتواؤه عبًا أو مستحيلا, ولئن يكن التفاعل بين الكائنات الحية الموجودة طبيعيًا والتي تتبع مبادئ البيولوجيا الطبيعية قد جُرِّب على مدى آلاف السنين، فإن التفاعل مع الكائنات المعدلة وراثيًا، ليس معروف النتائج لا سيما مع انتهاك تلك المبادئ في المختبر.
وبمرور السنين، خفَّ الكلام عن هروب كائنات ممسوخة من المختبرات، وازدادت ثقة الرأي العام؛ مما حفز الاستغلال التجاري لكثير من المنتجات المهندسة وراثيًا على نطاق واسع. إلا أن انطلاقها في البيئة الطبيعية أثار تخوُّفًا جديدًا: يتعلق بتأثير هذا "الغزو" الواسع على التنوع البيولوجي الطبيعي.

وأشارت المجلة إلى خطورة هذه الأطعمة المعدلة وراثيًا على الصحة، مستدلة بدعوة الأكاديمية الأميركية للطب البيئي في يونيو الماضي إلى تعليق إنتاج الأطعمة المعدلة وراثيًا، لأنها "تشكل خطرًا جديًا على الصحة". ونشرت بهذا الخصوص بيانًا جاء فيه: إن "هناك أكثر من مجرد ترابط عرضيّ بين الأطعمة المعدلة وراثيًا وتأثيرات سلبية على الصحة"، وأن دراسات عديدة أجريت على حيوانات أظهرت أن الأطعمة تشكل "خطرًا صحيًا جديًا في مجالات السمية والحساسية ووظيفة جهاز المناعة والصحة التناسلية والأيضية والفيزيولوجية والجينية". ودعت إلى القيام فورًا باختبارات على هذه الأطعمة تتعلق بالسلامة في المدى البعيد، ووضع ملصقات عليها تبين خصائصها. كما دعت الأطباء إلى رصد دورها في إصابات مرضاهم وتوعية الجمهور بضرورة تجنبها.
لكن المجلة في الوقت ذاته لم تُغفِل الإشارات الإيجابية لمستقبل هذا التطور العلمي.

على رغم هذه الملاحظات السلبية يمكننا أن نستنتج أن النقاشات الدولية حول السلامة الأحيائية، بالإضافة إلى المشاريع المدعومة من مرفق البيئة العالمي في عدة بلدان عربية، حفزت عمل الهيئات الحكومية، وهي تشجع على دراسة وبتّ مسألة التنسيق على الصعيد الوطني. وقد سامت الاستقصاءات وورش العمل التي أجريت خلال مشاريع مرفق البيئة العالمي في زيادة التوعية الحكومية والشعبية حول هذه المسائل، حتى إن بعض الدول التي لم تستوفِ شروط المرفق قامت من تلقاء نفسها بأنشطة شبيهة، وكانت فعالة في الوفاء بأهداف مماثلة. وهناك خطط للمزيد. وقد نظمت جامعة الدول العربية عام 2006 ورشة عمل لمراجعة أوضاع اتفاقية التنوع البيولوجي وبروتوكول قرطاجة للسلامة الأحيائية، وطُرِح اقتراح إقامة "شبكة" للعمل المنسق يستضيفها المركز العربي لدراسة المناطق الجافة والأراضي القاحلة، لكنهالم تُفَعَّل حتى الآن. أما مواقف الدول العربية من الكائنات المعدلة وراثيًا، فيتلخص في أن أيًّا منها لا تنتج حاليًا منتجات التكنولوجيا الأحيائية، باستثناء بض مواد العناية الصحية القليلة. ولدى بعضها برامج بحثية جارية لتطوير مثل تلك المنتجات. لكن على عكس دول أخرى مثل البرازيل والصين والهند وجنوب أفريقيا ، ليس هناك دلائل على أن هذا الإنتاج يمكن أن يبدأ في القريب العاجل، أي بعد 5 أو 10 سوات. لذلك من المتوقع أن تصبح الدول العربية مستوردًا لا مصدرًا لمنتجات التكنولوجيا الأحيائية، في جميع الحقول باستثناء الرعاية الصحية.

نهاية عصر المؤسسات الإعلامية


أبيض وأسود، 8- 15 أغسطس 2009

ما هو دور الإعلام؟ هل انتهى عصر المؤسسات الإعلامية الكبرى؟ وما هو البديل الذي سيتمكن من كسب السيطرة الإعلامية؟ وهل هذه التغييرات الثورية لصالح المجتمعات أم عليها؟
أسئلة طرحتها أسبوعية (أبيض وأسود) السورية، سنحاول استعراض إجاباتها في السطور التالية من خلال موضوع غلافها الأخير والذي حمل عنوان (نهاية عصر المؤسسات الإعلامية).

لقد لعب الإعلام أدوارا مختلفة باختلاف درجة تطور المجتمعات ونمو نضجها الثقافي والسياسي والمؤسساتي، وبشكل عام يلعب الإعلام دور التواصل الفكري بين شرائح اجتماعية مختلفة، كالمثقف والموظف والسياسي والعسكري والطالب ورجل الأعمال والمواطن العادي، وغيرهم من القوى الفاعلة في المجتمع، وبينما تختص بعض الوسائل الإعلامية بالتوجه لشرائح محددة، فإن المنظومة الإعلامية (إن صحت التسمية) تغطي جميع شرائح المجتمع، وبالتالي يتم تأمين التواصل وتبادل الأخبار والتحليلات والحوارات، مما يؤدي لضمان عدم وجود شروخ فكرية واسعة في المجتمع (من جهة)، أو معالجة مبكرة لهذه الشروخ، ولتأمين تطوير وتحفيز للأفكار المتعلقة بالقضايا الهامة، بطريقة تضمن مساهمة مجتمعية واسعة في النهضة المجتمعية.
وتصاب المنظومة الإعلامية بالفشل حينما لا تتمكن من لعب الدور المبين سابقا، وبالتالي تحاول إحدى الجهات إقصاء الأفكار الواردة من الجهات الأخرى، أو تعتقد إحدى الجهات بأن أفكارها قد وصلت لقمة النضج، وبالتالي لا ترى ضرورة لهذه العملية التفاعلية مع باقي الجهات، وهكذا، فإن كانت تلك الجهة تمتلك الحوامل الإعلامية المناسبة، فستحاول ضخ أرائها التي تعتقد بكمالها لباقي الجهات، أما إن لم يكن لدى هذه الجهة حامل إعلامي مناسب، فستنغلق على نفسها، وتطور (نظريتها) ضمن مجموعة ضيقة من الأفراد، وفي كلتا الحالتين نكون أمام نموذج مشوه لمنظومة إعلامية تعاني من شرخ عميق، ويؤدي لشروخ فكرية واسعة في المجتمع، وعلى الغالب لا تتمكن المنظومة الإعلامية الفاشلة من إبراز هذه الشروخ في الوقت المناسب، وبذلك لا تتمكن المجتمعات وقواها الفكرية من معالجة هذه الشروخ قبل أن تصبح غير قابلة للمعالجة.
إن هذا الحجم من التغييرات يفترض تطوير سياسات إعلامية وطنية تتناسب مع التحديات الجديدة، وبينما تعمل بعض الجهات على المعالجة التقنية قصيرة المدى لهذا الموضوع، فإن رسم سياسة إعلامية فعالة ينطلق من الفهم الواضح لدور الإعلام، فالمعالجة التقنية لا تنتج إلا إعلاماً مشوها مليئا بالتجمعات الفكرية المتباعدة، والمعزولة عن بعضها البعض، وبالتالي لا تحتاج هذه التجمعات إلا إلى الشرارة التي تشعل خلافات فكرية حادة قد تتطور لما هو أبعد من ذلك، بينما تمتاز التجمعات الفكرية التي تحفز النقاش وتبادل الأفكار بمناعتها ضد الشرارة التي قد تفجر الخلافات، ومن هنا نعتقد بأنه لابد من قراءة واعية لآليات التفاعل الإعلامي في عصر الشبكات الاجتماعية، وصياغة آليات لتطوير منظومات إعلامية عالية الكفاءة.

الوعي.. إداركنا لأنفسنا والواقع المحيط بنا


آفاق العلم، يوليو - أغسطس 2009

إنه شيء يحدد فهمنا للواقع ويخبرنا بأننا موجودون... نحن نعرف أننا نملكه؛ إلا أن علماء الجهاز العصبي والفلاسفة وخبراء الكمبيوتر لا يزالون مستمرين في مجهوداتهم الهادفة إلى تحديد ماهيته وفك شيفرة الدماغ الخاصة بكيفية عمله
إنه (الوعي) الذي أوقفت مجلة آفاق العلم موضوع غلافها الأخير للحديث عنه

تحديد المعنى الفعلي والدقيق للوعي كان صعباً على مر التاريخ ... في القرن الخامس الميلادي، حدد أوغسطين إدراك الذات كأحد العوامل الرئيسية للوعي؛ وذلك بقوله "أنا أفهم أنني أفهم" وقد استغرق الأمر اثني عشر قرنا، قبل أن يقدم الفيلسوف الإنجليزي جون لوك تعريفاًً جديداً للوعي؛ على أنه "إدراك الإنسان لما يدور في عقله
أنواع الوعي كثيرة؛ فهناك – إضافة للأنواع المذكورة أعلاه –الوعي الأخلاقي؛ أي نظام المثل والقيم الذي يمكننا من تمييز الأعمال الحسنة من السيئة... وهذا النظام يختلف من ثقافة إلى أخرى، ومن دين إلى آخر. وبقدوم فيلهلم فوندت في ستينيات القرن التاسع عشر، عرفنا أن الوعي هو المحصلة النهائية لنشاطات الدماغ؛ ما يعني أنه من الممكن دراسته... ولهذا يؤكد سيرل أن الوعي عبارة عن ظاهرة بيولوجية طبيعية، كعملية الهضم... وهي ظاهرة سنتمكن من فهمها بصورة كلية عندما نفهم الكيفية التي يعمل وفقها الدماغ
اليوم، وبفضل دراسة نشاطات الدماغ، فقد توصلنا إلى معرفة بعض وظائف هذه الخاصية التي لا يزال الجزء الأكبر منها غامضاً. ومع أن الإجابات حول الوعي البشري لم تكتمل بعد؛ إلا أن هناك قدراً كبيراً من التفاؤل فيما يتعلق بفهم الآلية التي يعمل وفقها دماغ مكون من أنسجة رخوة يبلغ وزنه نحو1400 غرام قادر على إعطائنا إمكانية التعرف على ذاتنا كأفراد منفصلين ، ثم إدراك مدى اتصالنا ببعضنا البعض ومعرفة مكاننا على هذا الكوكب وفي هذا الكون

تهويد القدس


أبيض وأسود، 2 – 9 أغسطس 2009

كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية عن الخطوط العامة للملحق الأمني المتمم لوثيقة جنيف - البحر الميت، التي تم إشهارها والتوقيع عليها في (1/12/2003)، وملخصه (شرعنة الاستيطان وتهويد القدس).
وبدورها سلطت مجلة أبيض وأسود الضوء على أبرز ما ورد في هذا الملحق الأمني، الذي قاد الطاقم الفلسطيني المفاوض عليه الوزير والرئيس السابق لطاقم المفاوضات الفلسطيني في ملف الحدود سميح العبد، بمتابعة حثيثة من أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه، بناء على تكليف من رئيس السلطة محمود عباس.

ينطوي مضمون الملحق الأمني على أربعة اقتراحات رئيسية (تُشَرعِن) الاستيطان وتُهَوِّد معظم القدس الشرقية المحتلة في العام (1967) وتجهض السيادة الفلسطينية: الاقتراح الأول: ضمان حرية الحركة لأجهزة الأمن الإسرائيلية والمستوطنين بين الكتل الاستيطانية حول القدس، وبين هذه الكتل الاستيطانية والمستوطنات في غور الأردن.
الاقتراح الثاني: في التسوية النهائية ستكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، ومجالها الجوي ومياهها الإقليمية تحت السيطرة الإسرائيلية التامة.
الاقتراح الثالث: استقدام قوة دولية متعددة الجنسيات ومسلحة، للمرابطة في الضفة الفلسطينية وعلى طول حدود الضفة مع الأردن. وتتكون القوة من أربع كتائب، يبلغ تعدادها (3000) مقاتل، ومهمتها ردع أي مقاومة فلسطينية للاحتلال الإسرائيلي. الاقتراح الرابع: الجداول الزمنية المعدة لتطبيق الاتفاق على إقامة دولة فلسطينية تمتد لـ(30) شهرًا بعد التوقيع على الاتفاق. وهي بمثابة تنفيذ مكثف للمرحلتين الأولى والثانية من (خطة خارطة الطريق الدولية). الأشهر الثلاثة السابقة للتوقيع على الاتفاق تعمل خلالها خمس لجان مشتركة (فلسطينية ـ إسرائيلية ـ دولية) على وضع آليات لتطبيق ما يتم الاتفاق عليه، وخلال الفترة ذاتها تنشط أجهزة أمن رئاسة السلطة بمطاردة الأجنحة العسكرية للقوى والفصائل الفلسطينية وتفكيكها، بدعم لوجستي إسرائيلي ودولي. وبعد ستة أشهر من التوقيع يتم إنشاء مقر قيادة للقوة الدولية.

وتُكمِل المجلة في توضيح الكارثة التي تضمنها هذا الملحق الأمني، فتقول: وخلال تسعة أشهر من التوقيع على الاتفاق يتم الانتهاء من رسم الحدود على شكل أولي، ونشر طلائع القوة متعددة الجنسيات، واستكمال الاتفاق حول محطات الإنذار، والمرحلة الأولى من الانسحاب الإسرائيلي من بعض مناطق الضفة، وتشكيل غرفة متابعة مشتركة (إسرائيلية ـ فلسطينية ـ دولية)، واستكمال اتفاق الطرق المخصصة لتنقل أجهزة الأمن الإسرائيلية والمستوطنين، واتفاق الدخول والخروج من القدس القديمة. وحتى (20) شهرًا من الاتفاق يتم الانتهاء من تنفيذ المرحلة الثانية من الانسحاب الإسرائيلي نحو جدران الضم والفصل العنصرية، ويتم نشر باقي القوة الدولية. وبعد ثلاثين شهرًا يصل الجانبان إلى رسم الحدود الدائمة للدولة الفلسطينية كما حددت في جنيف (2003)، على أن يسبق ذلك تطبيق مبدأ تبادل الأراضي، وإنجاز الممر الواصل بين قطاع غزة والضفة، وتحديد نقاط الحدود والمعابر بين (إسرائيل) والدولة الفلسطينية.

لإدراك المخاطر التي حملها الملحق الأمني لا بد من العودة إلى النص الكامل لوثيقة جنيف ـ البحر الميت، فالوثيقة أسقطت حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، وأجازت ضم الكتل الاستيطانية الكبرى تحت ما يسمى تبادل الأراضي، وأكدت على أن الكيان الفلسطيني الموعود سيكون منزوع السلاح، واستبدلت عنوان سيادة الدولة الفلسطينية الموعودة بعنوان الأمن ضمن المنظور الإسرائيلي، وهذا بحد ذاته مؤشر يدلل على الغاية من مثل هكذا وثيقة. وتحدثت الوثيقة عن القدس كـ(عاصمة للدولتين)، وهذا يحمل في طياته إقرارًا بالسيطرة الدائمة للاحتلال الإسرائيلي على الأحياء التي تم تهوديها في المدينة، وكذلك على الكتل الاستيطانية التي تخنق المدينة من كل الجهات، ضمن المخطط الصهيوني لتهويدها نهائيًا. ولا يتم الحديث في الملحق الأمني عن القدس كجزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام (1967)، حيث يفرد لها الملحق حلًا خاصًا يفرط بمعظم أراضيها وأحيائها، ويعطي الغلبة للمستوطنين الصهاينة في السيطرة على منطقة جوار المسجد الأقصى، التي اصطلح على تسميتها في أدبيات أوسلو بـ(الحوض المقدس). ويتنازل الفريق الفلسطيني في الملحق الأمني عن كل مقومات السيادة الفلسطينية، ويضع أراضي الدولة الفلسطينية الموعودة تحت انتداب قوات متعددة الجنسيات، مهمتها حماية دولة الاحتلال الإسرائيلي، ومن بين هذه القوات قوات عربية وإسلامية. ويحشر الحل السياسي في زاوية المطالب والإدعاءات الأمنية الإسرائيلية وأهدافها الاستيطانية التوسعية. وبهذا يستكمل الفريق الأوسلوي درب التنازلات التي بدأها في مؤتمر مدريد (1991)، وانحدر فيها للتفريط بحقوق الشعب الفلسطيني في اتفاقيات أوسلو وما تناسل عنها من اتفاقيات، فالملحق الأمني لوثيقة جنيف ـ البحر الميت يمهد لمنزلق جديد وشديد الخطورة على مضمون التسوية السياسية.

بغداد ـ أربيل: هل تنفجر الحرب؟


المشاهد السياسي، 2-8 أغسطس 2009

خمسة عناوين كبيرة رأت مجلة المشاهد السياسي أنها تندرج تحت رحلة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى واشنطن: القرار الأميركي (المنفرد) ببدء الحوار مع المقاومة العراقية، الخلافات المتصاعدة بين بغداد وأربيل، الآليّات الممكنة لإخراج العراق من أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الوضع الأمني بعد استكمال الانسحابات الأميركية، ودور الجيش العراقي الجديد وما يقتضيه هذا الدور من تسليح وتجهيزات.

هذه العناوين مجتمعة تشكّل عبئًا أكثر من ثقيل على كاهل الحكومة العراقية، في مرحلة الإعداد للانتخابات التشريعية المقبلة، وتزايد الضغوط الأمنيّة المواكبة لهذا الإعداد. لكن الخطر الأكبر الذي يتهدّد العراق يبقى، في اقتناع المالكي ومعظم المراقبين، أن الخلاف بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان، وهو متشعّب الجوانب، يمكن أن ينفجر في شكل حرب أهليّة إذا استعصى حلّه في الأشهر المقبلة.
وقبل تفصيل العناوين الكبيرة في الرحلة، نتوقّف عند هذا الخلاف بالذات، في محاولة لاستكشاف أبعاده الحقيقية، وفي رأي مراقبين أميركيين غير حكوميين أنه بلغ في المرحلة الأخيرة، عشيّة الانتخابات الكردية، مستويات خطرة شكّلت أحد الدوافع الرئيسية لاستدعاء المالكي إلى واشنطن، بقصد التشاور معه في ما يتعلّق بملف "المصالحة الوطنية العراقية"، علمًا أن الأميركيين يسجّلون على الأداء الحكومي العراقي أكثر من ملاحظة كبيرة في ما يتّصل به تحديدًا. وقد تزامنت انتخابات الإقليم مع مصادقة برلمان أربيل على مسودة دستور كردي خاص، ومع تدشين مصفاة كرديّة لتكرير النفط، وتصريحات لرئيس وزراء الإقليم نتشيروان بارزاني أكّد فيها أن الحرب باتت وشيكة بين القوّات الكردية (البشمركة) وقوّات الحكومة العراقية في منطقة مخمور المتنازع عليها، داعيًا الأميركيين إلى التدخّل بغية حلّ النزاعات القائمة بشكل سلمي.
هذه المعطيات لا تصبُّ في أي حال في مصلحة المركز (بغداد) الذي أرجأ حتى الآن البتّ بالمشاكل العالقة مع الأكراد، على أمل أن تفضي الانتخابات إلى زعزعة مواقع بارزاني وطالباني والتفويض الشعبي الذي يتمتّعان به، وذلك عبر قيام معارضة كرديّة قويّة لسلطتهما في برلمان أربيل الجديد، يمكن أن تؤدّي إلى انكفاء أو تراجع في مواقفهما المعلنة.

الملف الثاني الكبير الذي حمله المالكي إلى واشنطن، والذي ترى المشاهد السياسي أنه يحتاج هو الآخر إلى تدخّل الإدارة الأميركية، هو الملف العراقي ـ الكويتي الذي يشكّل حتى الآن عقبة أساسية في وجه رفع العقوبات الدولية عن العراق، وتحريره من أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي أخضع لها بعد اجتياح الكويت. ومعروف أن الجوانب الجغرافية والمالية متشعّبة في هذا الملف، وأن الكويت تصرّ إصرارًا كاملًا على التعويضات، واستعادة المسروقات ورفات الأسرى، وترسيم الحدود بشكل نهائي قبل أن توافق على تطبيع علاقاتها، وبالتالي تطبيع العلاقات الدولية مع العراق.

يرى الخبراء السياسيين والقانونيين، أن فتح الملف العراقي ـ الكويتي على خلفية الآثار المترتّبة على اجتياح الكويت في الثاني من أغسطس ١٩٩٠، يُدخِل العراق في حقل واسع من الألغام، بعدما استصدرت الولايات المتحدة حزمة من القرارات استنادًا إلى الفصل السابع، وهاجمت العراق مع ٣٣ دولة حليفة في ١٥/١١/١٩٩١، وتسبّب الحصار في وقت لاحق بكل الويلات التي عرفها العراقيون. ومجرّد البحث عن دفع التعويضات التي تقدّر بعشرات مليارات الدولارات، وإعادة ترسيم الحدود، يُقحِم الحكومة العراقية في متاهة لا نهاية لها. من هنا يُعَوِّل نوري المالكي على واشنطن في إقناع الكويت بالتنازل عن كل أو بعض الشروط التي وضعتها لإخراج العراق من الفصل السابع، في الوقت الذي تُصرُّ فيه الإدارة الأميركية على تسريع المصالحة مع البعثيين، وتذهب إلى حد فتح خطوط حوار مباشرة مع الجناح السياسي في المقاومة العراقية، وكأنها تمهّد لصيغة حكم جديدة في العراق يعيد البعث إلى مواقع القرار، عبر التفاهم مع حكّام العراق الجدد، ويعيد تركيب السلطة والأجهزة الأمنيّة بدءًا بالجيش.
ويبقى أبرز ما يهدّد الوضع الأمني والعملية السياسية ككل، خصوصًا في المناطق السنّيّة، هو التوتّر المتزايد بين الحكومة العراقية والصحوات، أضِف إلى ذلك المسائل الخلافية الناتجة عن التعديلات الدستورية العالقة، والتي تتناول أكثر من ٥٥ فقرة في الدستور الحالي، والخلافات المستمرّة حول مشروع قانون النفط والغاز الذي يوزّع الثروة على مختلف المناطق، والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي لم تجد حلًا ولا حتى بداية حلّ منذ ست سنوات.
ويبقى السؤال: هل تنفجر كل هذه المشاكل العالقة في وجه المالكي دفعة واحدة، قبل أن يهتدي إلى شراكة استراتيجية واضحة مع الحكومة الأميركية، و إلى آليّات دستورية واضحة لتحويل النظام الحالي إلى نظام رئاسي، وتسويات واضحة مع البعث كما مع الأكراد، وصيغ تعاون ملائمة مع دول الجوار بدءًا بتركيا وسورية وإيران، أم أنه يستطيع إدارة الوقت وتدارك الألغام الكبيرة والصغيرة بحدّ كافٍ من المرونة والدهاء في المرحلة المقبلة، على أمل توظيف الحوار في حلحلة كل هذه المشاكل؟

Tuesday, August 4, 2009

حركة فتح تتهاوى


المشاهد السياسي، 26 يوليو – 1 أغسطس


ما الذي يجري داخل "فتح"؟ تساؤل طرحته من لندن مجلة المشاهد السياسي، قائلة إنها: حرب (فتح ـ فتح) تشتعل بمناسبة تعيين موعد انعقاد المؤتمر السادس للحركة في بيت لحم، وكل شيء يدل على أن التراكمات والأحقاد التي حفلت بها السنوات الأخيرة تهدّد مستقبل الحركة الغارقة في همومها السلطويّة، وهي على درجة كبيرة من التداخل والتعقيد. إنه التزاحم على النفوذ بين المحاربين القدامى، والتنافر الشديد بين سلطة الداخل ومناضلي الخارج، والنشطاء الجدد ومعظمهم من خرّيجي السجون الإسرائيلية.

فجأة ألقى فاروق القدومي أمين سرّ حركة "فتح" قنبلته: محمود عباس ومحمد دحلان وأريـيل شارون وشاؤول موفاز هم الذين أعدّوا خطة اغتيال ياسر عرفات بالسم، في حضور وليام بيرنز الموفد الأميركي وعدد من ضباط المخابرات الإسرائيلية! ولأول مرة ظهر بوضوح أن النخبة الفلسطينية السياسية تعيش صراعات باتت خارج دائرة السيطرة، من خارج الإطار الوطني الذي كان يحكمها في العقود الخمسة الأخيرة.
والسؤال الكبير الذي طرح بعد مؤتمر القدومي الصحفي، الذي انعقد في عمان كان: هل فتح ذاهبة إلى الانهيار؟
وللسؤال ما يبرّره في ضوء الصراع الطويل الذي تعيشه "فتح" (ممثّلة بالسلطة)، والصراعات الكامنة والظاهرة بين أجنحة فتح نفسها.
وعلى هامش قنبلة القدومي وبيان خمسة أجنحة عسكرية تابعة لحركة "فتح" في الضفة والقطاع مبايعتها له، وقرار اللجنة التنفيذية للمنظّمة ـ التي يهيمن عليها الرئيس الفلسطيني ـ الذي يدعو إلى انعقاد المجلس المركزي من أجل اتّخاذ قرار في حق القدومي. بات واضحاً أن ما تشهده "فتح" يمثّل مثالاً حيّاً على الضياع الفلسطيني في هذه المرحلة، بعد خمس سنوات على غياب "أبي عمار"، والأسئلة التي تطرحها المرحلة الراهنة كبيرة وخطرة في آن ولعل أبرزها:
ـ هل يمكن أن يتطوّر الصراع إلى انشقاق داخلي وتمرّد على قيادة عباس ـ فياض؟
ـ ماذا ستكون المواقف الفتحاوية في الخارج (الأردن، لبنان، سورية والخليج)، وهل يمكن أن تسكت عن محاولة عباس تحويل الحركة إلى حركة ضِفّاويّة؟
ـ ماذا سيكون تأثير الانشقاق الجديد إذا حدث على مشروع التسوية بشكل عام؟
ـ كيف ستتوزّع مواقف الدول العربية المعنيّة بين القدومي والسلطة؟

قد تكون "فتح" على عتبة انشقاق جديد، يشبه الانشقاق الذي شهدته في العام ١٩٨٣ على يد أبي موسى الذي أنشأ "فتح الانتفاضة"، كما قد تكون على عتبة عملية "تنظيف" تنقذها من التفتّت والتشظّي، بعد الوهن والتراخي اللذين أصاباها على مستوى الشارع الفلسطيني، وبعدها فقدت زعامتها ومكانتها التاريخيتين في هذا الشارع.
ويبقى السؤال الكبير الذي طرحته المجلة في النهاية: هل يقوم من داخل "فتح" الفتحاوية، في هذه اللحظة التاريخية، رجل يعلن "الأمر لي" ويقود المرحلة النضالية الجديدة على حساب قيادات الداخل والخارج معا.
في انتظار أن تتبلور المواقف بصيغتها النهائية، يمكن القول إن خمسة عوامل داخلية سوف تحكم مستقبل الحركة، إلى جانب خمسة عوامل خارجية. أما العوامل الداخلية فهي:
* وجود قيادات فتحاويّة ذات خبرة ومعرفة ترغب في إعادة بناء الحركة. وهي وفيّة لتاريخها ونهجها في مقاومة الاحتلال، ويمكن أن تدفع باتجاه التغيير على المستوى القيادي.
* وجود عناصر وكوادر فتحاويّة متحمّسة لفكرة التجديد والنهوض بالحركة على مستوى المواجهة.
* تراجع رصيد القيادات الفاسدة داخل الحركة في ضوء أحداث غزّة في العام ٢٠٠٧ وما انتهت إليه من انشقاقات.
* تراجع رصيد القيادات الفتحاوية التي وظّفت السلطة في خدمة مصالحها الخاصة، وانعطاف القاعدة المؤيّدة لـ"فتح" في اتجاه محاسبة المنتفعين.
* تعاظم تأثير "حماس" على المستوى الشعبي بعد حرب غزّة الأخيرة.
أما العوامل الخارجية التي يمكن أن تلعب دوراً مباشراً أو غير مباشر في تقرير مستقبل "فتح" فهي الآتية:
* احتمال قيام حركة من صفوف "فتح" الخارج تنقلب على القيادات التاريخية، وتؤسّس لانتفاضة تعيد بناء الحركة وهياكلها التنظيمية والإدارية والسياسية.
* احتمال قيام الجهات العربية والدولية المموّلة بمبادرة ما تشكّل ضغطا كافيا على قيادات الداخل والخارج، من أجل تأمين مصالحة سريعة بين الأجنحة المتصارعة.
* قيام نظام إقليمي جديد يعيد ترتيب موازين القوى لمصلحة الاعتدال الفلسطيني أو لمصلحة المقاومة المسلّحة.
* إعادة بناء الحركة وفاق الرغبات الأميركية والأوروبية وارد أيضا في ضوء الحاجة إلى مفاوض فلسطيني يوقّع التسوية المطلوبة.

يهودية الدولة: معركة قناعات لا معركة حقوق


الرائد، يوليو 2009


بين الإلحاح الإسرائيلي المتصاعد مؤخرًا على انتزاع اعتراف عربي بإسرائيل كـ "دولة يهودية"، والرفض العربي الحاد – وإن بدا أقل صخبًا – لفكرة يهودية إسرائيل، تبقى القضية معركة قناعات لا معركة حقوق.
مجلة الرائد، أطلَّت على هذا المشهد، ولخصت هذه الإضاءات.
البعض يركز على التأثيرات المحتملة لهذا الاعتراف على الحقوق الفلسطينية في الأرض وعودة اللاجئين، وهو في الحقيقة جزء صغير جدًا من الحقيقة، فقضية يهودية إسرائيل تشكل في نظر أطراف عربية وأوروبية كثيرة خطرًا نوعيًا أكبر بكثير من وجود إسرائيل نفسه. وفي الحقيقة فإن هذا الجدل ينطوي على عدة دلالات شديدة الأهمية. فهو:
أولًا : يعني أن العرب تجاوزوا نهائيا قضية الاعتراف بوجود إسرائيل من عدمه .
ثانيًا : أن خيار التسوية والتعايش أصبح شبه نهائي لا تعارضه إلا قوى سياسية ودينية محدودة.
والجدل بشأن يهودية الدولة يعني أن "هوية إسرائيل" ليست شأنًا صهيونيًا محضًا بل هو – بناءًا على الرفض العربي المعلن –موضوع إقليمي أو حتى عالمي. فالطبيعي أن قبول مبدأ مشروعية الدولة تترتب عليه بالضرورة نتائج في مقدمتها حقها في إعمال سيادتها وفي مقدمة نتائج هذه السيادة تقرير هويتها يهودية كانت أو علمانية.
ويشير هذا النقاش أيضًا إلى تحول تاريخي خطير بكل معنى الكلمة هو أن إسرائيل اختارت طريقها لأول مرة منذ بدأ المشروع الصهيوني بين مشروعين تعايشا داخلها لعقود هما:
(1) المشروع الصهيوني العلماني.
(2) المشروع الصهيوني الديني.
وتاريخيًا كان المشروعان متكاملين "عمليًا" متنافرين "أيديولوجيا"، فالصهيونية الدينية وفرت الأساس القادر على جمع الجماهير والجنود الذي شكلوا قاعدة المشروع الصهيوني، والصهيونية العلمانية كانت قادرة على التواصل مع القوى الكبرى الغربية التي وفرت الحماية والدعم للمشروع والدولة، وحتى ظهور أميركا كقوة كبرى منخرطة في الشأن العالمي بعد الحرب العالمية الثانية كانت هذه القوى علمانية.
لكن جفاف مصادر الهجرة اليهودية التقليدية لإسرائيل والتفاوت الكبير بين معدل زيادة اليهود الشرقيين والغربيين أسفر – لأول مرة عن – تحول اليهود ذوي الأصول الغربية "الإشكيناز" إلى أقلية مقابل أغلبية من اليهود الشرقيين "السفارديم". وتضيف المجلة : لأسباب ثقافية وتاريخية كان السفارديم داعمين لتأكيد يهودية إسرائيل مقابل انحياز واضح من أغلبية اليهود الإشيكناز لخيار الدولة العلمانية. وقد فتش الإسرائيليون عن "صمغ" يحقق التماسك بين الروس والألمان والبولنديين والإثيوبيين والهنود والعراقيين والمغاربة والبولنديين واليمنيين و... يعيشون في محيط معادٍ فلم يجدوا – بالمنطق البراجماتي – سوى الدين
ولم يتصور أحد من علمانيي إسرائيل أبدًا أن يتحول الدين من "وسيلة" إلى دعامة وحيدة
ما تثيره التحولات الجديدة في إسرائيل من قضايا تتجاوز آثاره بكثير ملفات التفاوض الفلسطينية الإسرائيلية، فمن ناحية، يعني قبول العرب بإسرائيل كـ "دولة يهودية" أول تحول من نوعه عن الثورة الفرنسية التي أرست مبدأ الفصل التام بين الدين والحياة العامة وبالتالي سيكون العالم قد شهد للمرة الأولى نشوء دولة على أساس ديني وهو ما يشكل أمرًا مرفوضًا تمام الرفض في أوروبا التي تعتبر قوى رئيسة فيها أنها "حارس لقيم الثورة"، ومن ناحية أخرى سيعنى هذا الاعتراف استحضارًا غير مسبوق للبعد الديني في الصراع على فلسطين بكل ما يعنيه ذلك من تبعات خطيرة (على مستقبل إسرائيل بالطبع
ويضاف إلى ما سبق أن إسرائيل التي أُنشِئت تلبية لأشواق دينية عند اليهود للعودة إلى أرض يقدسونها دينيا سيعطي مشروعية لإنشاء الدول على أساس ديني، وبالتالي سيعطي مشروعية لسعي الحركات الإسلامية لإزالة الأنظمة الحاكمة في بلادها لبناء نظم حكم إسلامي بدلًا منها. وإذا مددنا الخط على استقامته فسنكتشف أن مثل هذا التحول سيكون مقدمة - مجرد مقدمة-لمرحلة تالية من الإحياء الديني ستجعل هدفها إعادة الخلافة الإسلامية كسلطة جامعة لشعوب الأمة، وإذا كان اليهود قد عادوا بعد حوالي أربعة آلاف سنة إلى الأرض التي يقدسونها وتمكنوا من تأسيس "دولة يهودية"، فما الذي يمنع المسلمين من التفكير الجدي في إعادة تأسيس سلطة كانت موجودة قبل أقل من مئة سنة؟

أوباما.. نتنياهو يفصحان عن رؤيتهما للسلام في الشرق الأوسط


الهدف، يوليو 2009


تحت عنوان ("أوباما.. نتنياهو"يفصحان عن رؤيتهما للسلام في الشرق الأوسط).. تسائلت مجلة الهدف، باستهجانٍ: لماذا قامت الدنيا ولم تقعد عند اعتلاء باراك حسين أوباما سدة الحكم في الإدارة الأمريكية؟ أهي سياساته النقدية لسلفه الإرهابي بامتياز والحاضن الأمين للعدوانية الصهيونية وممارساتها الإرهابية ضد الشعب الفلسطيني والأمة العربية؟ أم إعلانه في البيت الأبيض عن مقاربة للحل في العالمين العربي والإسلامي؟ وهل يَصدُق ذلك في ظل استمرار لعب اللوبي الصهيوني دورًا مركزيًا في تحديد اتجاه السياسات الأمريكية في المنطقة؟
المقاربة الأمريكية والتي تبنت في الجوهر الموقف والرؤية الصهيونية لآفاق حل المشكلة الفلسطينية والتي هلَّلَ لها- وللأسف- العالم أجمع باستثناءات قليلة، كانت شكلية ولم تغير قيد أنملة المواقف الأمريكية التقليدية المتنكرة للحقوق العربية والداعمة بلا نقاش للأطماع والمصالح الصهيونية. فحديث أوباما الذي تُوِّج بحرص أمريكي على عدم إدارة الظهر لتطلعات الشعب الفلسطيني نحو الدولة تضمن موقفًا واضحًا من حق العودة وتجاهلا لحقوق اللاجئين والقدس والحدود وموقفا ملتبسا من الاستيطان الذي يقوض أركان الدولة الفلسطينية ورغبة في أن تكون الدولة الفلسطينية جسرًا لعبور إسرائيلي مجاني للعالمين العربي والإسلامي، فكما يقولون كلام جميل ومنمق وغير عادي بالنسبة للخطاب الأمريكي لكنه مليء بالمخاطر والأهوال (كدسِّ السم في العسل). هذا لاحديث قابله يوم الأحد الموافق 14/6/2009 رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو في خطابه في جامعة "بار إيلان" في تل أبيب في قاعة (السادات ـ بيجين) بمقاربة مقززة من حيث المضمون حيث انطلق من تشويه للتاريخ وتجاوز وتجاهل لحقائقه الدامغة ليصل إلى نتيجة مؤداها أنه يتكرم على الشعب الفلسطيني بإعطائه سجنًا منمقًا من خلال القبول والاستسلام للإرادة الصهيونية وما خلفته من دمار وانتهاكات للحقائق والوقائع على الأرض الفلسطينية. فيريدنا أن نعترف بأن دولته المصطنعة والكيان صاحب الدور والمهمة الاستعمارية، الدولة القومية للشعب اليهودي وأن نوفر لها الأمن من خلال دولة منزوعة السلاح وبضمانات دولية وتغييب حقوق شعبنا غير القابلة للتصرف في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها ولسان حاله يدعونا إلى نسيان حقوقنا في العودة إكرامًا لصلفه وصفاقته المعهودة دون أن ينسى بأن القدس عاصمة أبدية لكيانه العنصري الإرهابي. وانطلاقًا من هذه المقاربة الأمريكية الصهيونية والتي عبرت من خلالها إدارة أوباما على أن خطاب نتنياهو خطوة إلى الأمام وخطوة في الاتجاه الصحيح.

من محركات البحث إلى محركات المعرفة


لغة العصر، يوليو 2009


ما هو الهدف الأصلي لاستخدام الانترنت؟ وما مصير كنوز المعرفة المخزنة في المليارات من صفحات الويب؟ كيف يمكن الاستفادة منها واستخراج ما في بطونها من لآلئ وجواهر؟ وما هي محركات المعرفة وقدراتها ومستوى النجاح الذي حققته حتى الآن والتغيير المتوقع أن تحدثه عبر الشبكة، والوجه الجديد الذي تعدنا به؟ وهل تتنافس مع محركات البحث الحالية وعلى رأسها جوجل، أم تتكامل معها؟ ماهي محركات المعرفة أصلا، وكيف تعمل وما الجديد الذي تحمله؟
للإجابة عن هذه الأسئلة وأكثر سبرت مجلة لغة العصر أغوار محركات المعرفة التي توفر المعلومة بدلا من أن تدلك عليها.
الطريقة الحالية للوصول إلى هذه المعارف هي استخدام محركات البحث التي تكتب فيها كلمة فتقودك إلى النصوص الموزعة على الآلاف من الصفحات والمواقع التي تذكر فيها هذه الكلمة، ومن ثم تجعلنا هذه المحركات قادرين على البحث بكفاءة عن مصطلحات وعبارات معينة في هذه النصوص، وتمكننا من الكشف عن هذه الحقائق الموجودة بها، لكن حتى الآن لم تمكننا هذه المحركات من استنباط معلومة جديدة من النصوص القائمة ولهذا ظهرت الحاجة الماسة إلى وجود نوع جديد من المحركات يلبي أشواق المستخدمين والعلماء الذين يبحثون عن معلومات في العلوم والفلك والرياضيات وغيرها من المجالات، ويرغبون في استنباط وعرض معلومات محددة من نصوص متاحة. من هنا بدأ الاتجاه إلى تطوير محركات تكتب فيها سؤالا محددًا فتحصل على معلومات ومعارف محددة عن سؤالك المحدد مباشرة بدلا من الإحالة إلى المواقع تحتوي إلى نصوص أو صور تناسب ما تبحث عنه، ولذلك أُطلِق عليها "محركات المعرفة".
وقد تشكل الاتجاه نحو هذه المحركات بقوة من خلال موقعين تم إطلاقهما مؤخرًا، وهما موقع ترو نوليدج، و موقع وولفرام، وقد صاحبت الأخير ضجة كبيرة حتى أن البعض وصفه بأنه فاتحة عصر جديد على الانترنت، وأيًا ما كان الأمر فنحن أمام تطور يمكن أن يصبح نقطة تحول كبرى في تاريخ الانترنت، وقد يصنع لها وجهًا جديدًا.
غني عن الذكر أن هذا النوع من البحث المتطور ما زال أمامه سنوات طويلة لكي يصل
إلى مرحلة النضج والدقة. وفي عام 2002 حدد مجموعة من الباحثين أبرز العقبات والتحديات التي تواجه الإجابة عن الأسئلة، ومنها: فئات الأسئلة ومعالجتها واستخراج الإجابات وصياغتها، وإجابات الأسئلة الفورية والإجابة عن السؤال بعدة لغات، والاستدلال المتقدم لإجابة الأسئلة، واستنباط المعلومات عن المستخدم من أسئلته.
وتكمل المجلة بالإشارة إلى أن محركات المعرفة –كما سبق القول- تَوُجُّهٌ جديد في عالم الانترنت واستخدامها مختلِف والاستفادة منها تتطلب الإلمام ببعض المهارات المختلفة اختلافا كليًا عن مهارات استخدام محركات البحث العادية؛ ولذلك فإن الفهم الصحيح لكيفية التعامل مع محركات المعرفة يعد خطوة أساسية للاستفادة القصوى منها والحصول على نتائج مرضية.
ثم قدمت المجلة أمثلة سريعة لاستعلامات البحث التي يكن إدخالها في محرك "وولفرام ألفا" كنموذج يوضح كيفية الاستفادة من محركات المعرفة عمومًا باعتبار هذا المحرك هو الأحدث والأكثر شهرة بين محركات المعرفة.
يرى بعض الخبراء أن "وولفرام ألفا" يُعَدّ مناسبًا جدا لطلاب العلوم في الثانوية العامة، وطلاب كليات وأقسام العلوم بالمرحلة الجامعية، وممتازًا بالنسبة لكل المتخصصين والمهتمين بالمجالات العلمية والحسابية والتطبيقية والجغرافية، حيث يتألق "وولفرام" مع أي استفسار في الرياضيات أو الفيزياء أو الإحصاء أو الكيمياء أو الهندسة أو الفلك أو علوم الأرض أو عالم التكنولوجيا أو العلوم الحوسبية وأنظمة الكمبيوتر والويب والوحدات والقياسات وتحويل العملات والنقود والتمويل والأماكن والجغرافيا والصحة والطب والتغذية واللغويات والتاريخ والألعاب الرياضية الموسيقى والألوان.
وهناك نقاط مهمة تتعلق بالمحرك وطريقة تفاعله مع مستخدميه، يجب على من يستخدم "وولفرام ألفا" أن يتعرف عليها ويعيها، ومنها ما يلي: يكوِّن وولفرام إجابات الأسئلة من خلال العمليات الحسابية التي ستمدها من قاعدته المعرفية الداخلية بدلا من البحث في الويب وعرض الروابط والنتائج. إذا لم يتمكن المستخدم من العثور على إجابته في وولفرام ألفا فيمكنه تجربة تكرار السؤال بصيغ مختلفة أو ربما لم يُغَطّ وولفرام ألفا مجال السؤال. ويمكن في هذا الصدد تخفيض عدد كلمات الاستعلام المطلوبة وتجربة كلمات وتعليقات مختلفة، ويفضل استخدام أقل عدد ممكن من الكلمات مع ضرورة الحرص على استخدام كلمات غير غامضة.
يناسب وولفرام ألفا جميع الأعمار بدءًا من الحضانة حتى مستويات التخرج والعمل ويقدم المعلومات التي يحتاجها المستخدم المبتدئ والعالم الخبير، وبيمكن استخدام وولفرام ألفا في الأبحاث الأكاديمية والعلمية وكمصدر علمي موثوق للإحصائيات والأرقام.

Thursday, July 30, 2009

مبادرة "السلام" الإسرائيلية


المشاهد السياسي، 12-18 يوليو 2008


وثيقة إسرائيلية محدودة التداول، يقف وراءها بنيامين نتنياهو، يتمّ عرضها على الحكومات الغربية سرّا تحت عنوان "مبادرة السلام الإسرائيلية" تدعو إلى إلغاء السلطة الفلسطينية، وضمّ الضفّة الغربية إلى إسرائيل، وإقامة شراكة استراتيجية مع الأردن، تمهيداً لتأهيل اللاجئين وتفكيك مخيّماتهم، والتعويض عليهم وتوطينهم، بغد إلغاء منظّمة الأونروا التي تهتمّ بشؤونهم.
مجلة المشاهد السياسي اطّلعت على الوثيقة، وعرضت أهم ما جاء فيها من خلال موضوع غلافها الأخير.
بُعَيد قيام أميركا باحتلال العراق في ربيع العام ٢٠٠٣ خرج يميني عنصري متطرّف في إسرائيل اسمه بيني (بنيامين) أيلون بمقترح في مايو من ذلك العام، يتضمّن مبادرة "سلام" إسرائيلية تهدف إلى إلغاء مبادرة السلام العربية، ومن بعدها اختصار خارطة الطريق التي تبنّتها اللجنة الرباعية الدولية التي تضم أميركا والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة، وقد أعلن عن هذه المبادرة في مؤتمر صحافي عقده في أكتوبر ٢٠٠٧.
يُشَار إلى أن أيلون هو عضو في الكنيست الإسرائيلي، ويميني متطرّف من دعاة الترانسفير، وأحد عرّابي الاستعمار الاستيطاني في الضفة وتحديداً في القدس، وهو رئيس حركة "موليدت" اليمينية المتطرّفة.
ويصف أيلون الدولة الفلسطينية التي يتحدّثون عنها بأنها معدومة القيمة، ويضيف أن الحديث يدور عن دولة تابعة، صغيرة ومحاصرة، توفّر قوّة عاملة رخيصة لدولة إسرائيل، وأن مثل هذه الدولة الخيالية لن توفّر لمواطنيها الاعتزاز الوطني والحرّيّة المدنية أو الأمل الاقتصادي، ولن تطرح أي حلّ لقضية اللاجئين. ويتابع الحديث عن حلّ الدولتين بقوله إنه لا مستقبل للسلطة ولا جدوى من إقامة دولة فلسطينية، بالإضافة إلى الدولة القائمة شرقي نهر الأردن.
ولذلك يقول أيلون في مبادرته إنه من الضروري أن يكون حلّ قضية اللاجئين مُكوّنا جوهريا في أي تسوية، وأن على إسرائيل أن تعمل كل ما في وسعها لحل قضية لاجئي ١٩٤٨ نهائيا، وأن تطالب المجتمع الدولي بالمشاركة في ذلك. ويتوجّب أن يبدأ الحل بتفكيك "الأونروا"، التي تخلّد قضية اللاجئين، والمواصلة ببلورة خطّة تعويض سخيّة لكل اللاجئين الفلسطينيين الذين سيتمّ توطينهم في دول مستعدّة لاستيعاب المهاجرين ليبدأوا حياة جديدة.
وينتقل أيلون إلى السؤال: من سيدفع؟ ويجيب أن مليارات الدولارات تدفع سنوياً على الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، وأن هذه المبالغ عبارة عن دولارات أميركية تخصّص لسباق التسلّح الإقليمي، وهي مبالغ طائلة تحوّل من أوروبا للحسابات البنكيّة التابعة للسلطة الفلسطينية. وهي أيضاً مبالغ هائلة من المال الإسرائيلي الذي ينفق على إقامة الجدار وتنفيذ الانفصال و"تقوية" أبي مازن. ولذلك يقول، إن الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل، إلى جانب دول النفط العربية، ستتمكّن من تمويل مباشر لتأهيل كامل وسخي لكل لاجئي العام ١٩٤٨، يمكّنهم من الاستيعاب في دول مختلفة يسرّها استيعاب المهاجرين الذين يصلون إليها مع أموال تمكّنهم من العيش الكريم.

جبهة إسرائيل الداخلية في قلب الحرب القادمة


البيادر السياسي، 18 يوليو 2009


يكثر الحديث في الآونة الأخيرة عن مسألة الدفاع عن الجبهة الداخلية في إسرائيل والاستعدادات اللازمة لذلك. لذلك عقد مركز (بيجين – السادات) للدراسات الاستراتيجية في جامعة بار إيلان، يوم الخميس الموافق 25يونيو الماضي، يومًا دراسيًا حول الدفاع عن الجبهة الداخلية في إسرائيل.
مجلة البيادر السياسي تابعت هذه الفعالية، التي أكدت أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية لم ترقَ إلى مستوى الجهوزية المطلوب على كافة الأصعدة، ما دفع الكثير من الباحثين الإسرئيليين إلى التأكيد على وجوب رفع مستوى حصانة الجبهة الداخلية الإسرائيلية من خلال كافة الإمكانات المتاحة.
بالنسبة لمشكلة حماية الجبهة الداخلية في الحرب، اتضح أنه حتى ولو صدق الخبراء بأن الخسائر البشرية التي لحقت بالجبهة الداخلية كانت محدودة، وأن المجتمع الإسرائيلي أثبت أنه يمتلك قدرة كبيرة جدا على الصمود، إلا أن ذلك يشير إلى أنه في أحيان كثيرة يعتبر المجتمع الإسرائيلي الأمن الشخصي بالنسبة للمواطنين أهم من الأمن القومي. وفي مثل هذه الحالة لن يحتمل المجتمع عدم تطوير وسائل متعددة لحماية الجبهة الداخلية . ولن تقبل توجهات تدل على "إهمال الجبهة الداخلية" أي غياب معالجة مشاكل من يقيم لفترة طويلة في الملاجئ وخاصة الأطفال والشيوخ والمرضى والمعاقين. هذا الأمر يحتاج إلى إعادة تفكير حول حماية الجبهة الداخلية قبل وخلال الحرب القادمة، ويعتقد "عنبار" أن الباحثين الأكاديميين يرون التطورات بشكل مختلف لأن بإمكانهم التفكير في الأمور الاستراتيجية بشكل متعمق بعيدا عن أية ضغوط، والمعروف أن عنبار يدعو إلى تكثيف التعاون بين المؤسسات العسكرية الإسرائيلية والجيش وبين مراكز الأبحاث الاستراتيجية.
ويعتقد البروفيسور إفرايم عنبار رئيس المركز أن على إسرائيل مهاجمة حركة حماس بشكل واسع ومكثف والدخول إلى عمق الأراضي في القطاع وحتى إبقاء قوات إسرائيلية في المنطقة طالما أن هنالك صواريخ تطلق من القطاع باتجاه المدن الإسرائيلية، ويعتقد أيضاً بأن حل الدولتين هو برنامج انتهت صلاحيته. ويؤكد في بحث أصدره حول الموضوع أن على إسرائيل العمل لحل يؤدي إلى إعادة الارتباط السياسي بين المناطق الفلسطينية التي احتلت عام 1967 وبين الدول التي كانت هذه المناطق تحت سيطرتها، والمقصود ان يكون سكان القطاع تحت السيطرة المصرية وسكان الضفة الغربية تحت السيطرة الأردنية حيث أن حل الدولتين لم يعد حلا ممكناً، وفي حال انعدام حل سياسي، على إسرائيل أن تعمد إلى "إدارة الصراع" لفترة طويلة، الأمر الذي يتطلب مخططات استراتيجية ملائمة، وبشكل خاص على إسرائيل وضع المخططات الملائمة للدفاع عن الجبهة الداخلية التي ستصبح عرضة للكثير من الأخطار. ويؤكد في بحثه أن الحقبة الحالية تشير إلى ابتعاد إمكانية التفاهم بين الحركة الصهيونية والحركة الوطنية الفلسطينية لأن الشرخ بين الجانبين يتسع، ثم أن الجانب الفلسطيني - على حد قوله - ليس بمقدوره بناء دولة، بل إن كل ما تمكن الفلسطينيون من إقامته هو كيان فاشل وفاسد دون نظام ودون قانون، ويرى أن المجتمع الفلسطيني بحاجة للكثير من الوقت حتى يتحول إلى مجتمع ذي مفاهيم ومواقف سياسية معتدلة، ولذلك يرى أن الحل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني لن يتحقق قبل عشرات السنين، ولن يتحقق قبل أن تحدث تحولات ملموسة لدى الجانب الفلسطيني.
متحدثٌ آخر هو الدكتور شاؤول شاي نائب رئيس "هيئة الأمن القومي"، الاسم الجديد لمجلس الأمن القومي، نقلت المجلة حديثه عن الدفاع عن الجبهة الداخلية الإسرائيلية كأحد أسس الرؤى الأمنية الإسرائيلية، والدكتور شاي شغل في السابق منصب رئيس قسم الدراسات التاريخية في الجيش الإسرائيلي، وضمن منصبه الحالي في هيئة الأمن القومي الإسرائيلي الدكتور شاي مسؤول عن قسم السياسة الخارجية وقسم السياسات الدفاعية في هيئة الأمن القومي، وهي مؤسسة تابعة لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، أُعلِن عن قيامها السنة الماضية.
يعتقد الدكتور شاي بأن على إسرائيل الاعتماد بشكل أكبر على قوة الردع وزيادة هذه القوة من خلال إيجاد الطرق الملائمة لمواجهة الحروب الجديدة التي ستكون حروباً غير تقليدية بمفاهيم اليوم، وهذا يعني أنه بمرور الوقت أصبحت المواجهات على صعيد غير متكافىء وغالباً الجيش الإسرائيلي سوف يواجه قوات من التنظيمات التي تحارب بطرق غير تقليدية، وفي هذه الحالة لن يكون للجيش الإسرائيلي الميزات التي يتمتع بها في حال خوض حرب تقليدية أمام جيش تقليدي، ويرى أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية أصبحت الجبهة الأساسية للمعركة، وستكون مستهدفة في الحروب القادمة، ولذلك أصبحت في أولويات الرؤى الأمنية الإسرائيلية في السنوات الأخيرة. وهنالك تركيز من جانب المؤسسة العسكرية الإسرائيلية على إيجاد الوسائل المناسبة لحماية الجبهة الداخلية، ويؤكد الدكتور شاي على أن الدول المعادية لإسرائيل تدأب حالياً على تطوير الصاروخ الباليستي BM25 الذي قد يصل مداه إلى 3500 كيلومتر، الأمر الذي يعني أن مثل هذا الصاروخ بإمكانه ضرب مواقع كثيرة في الشرق الأوسط وأوروبا. ويضيف: أن النظريات الأمنية الإسرائيلية يتوجب أن تعتمد على ثلاث نقاط أساسية: قوة الردع والإنذار المبكر والحسم السريع، وفي هذه الحالة عندما تصبح الجبهة الداخلية مستهدفة بشكل خاص، وحين تصبح الجبهة الأساسية في هذه الحالة سوف يتسع مفهوم قوة الردع وبالتالي أيضاً سوف يتسع مفهوم الإنذار المبكر وعلى هذا الأساس على إسرائيل الإهتمام بشكل أكبر بأجهزة الإنذار المبكر .
ونظرية الأمن الإسرائيلية كانت تقوم بالماضي على نقل المعركة الى أرض العدو واستخدام قوات ضخمة تتفوق على العدو بسهولة وبشكل خاص استخدام سلاح الطيران لضرب الأهداف الاستراتيجية بضربة سريعة وقاصمة، كذلك كانت النظرية الأمنية الإسرائيلية تقوم على مبدأ الحرب السريعة الخاطفة التي تستمر لفترة قصيرة حيث تتم تعبئة قوات الاحتياط واحتلال أراضي العدو وضرب منشآته العسكرية والإستراتيجية، وبذلك لم تكن الجبهة الداخلية في إسرائيل معرضة لأية مخاطر تذكر أو أن المخاطر كانت قليلة جداً، بينما بمرور الوقت أصبحت الجبهة الداخلية مستهدفة وبشكل خاص في الحروب الأخيرة ثبت أنها أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الجبهة العسكرية، وأصبح بإمكان الجانب الآخر ضرب المواقع الإسرائيلية بسهولة مقارنة بالماضي، ولذلك فالفكر العسكري الإسرائيلي تغيّر عن السابق، وبدأ يأخذ بعين الإعتبار أن الاستعدادات للمعركة تتوجب أن تشمل الجبهة الداخلية.

خلفيات سيناريو إعادة انتشار قوات الاحتلال الأمريكي في العراق


أبيض وأسود، 12 – 19 يوليو 2009


تزامنت عملية إعادة انتشار قوات الاحتلال الأمريكي في العراق خارج المدن مع مجموعة واسعة من الأحداث والتوجهات الأمنية، والتحركات والتصريحات السياسية، والترتيبات الداخلية، والقرارات الاقتصادية، وفرز التحالفات الحزبية من جديد، لتصب كلها في دائرة خلفيات سيناريو إعادة الانتشار وأهدافه المباشرة والبعيدة، ورسم العلاقات المستقبلية بين العراق و(الولايات المتحدة الأمريكية)، وهو ما يضع على بساط البحث مصداقية السيناريو السياسي ـ العسكري الذي تنفذه الإدارة الأمريكية حالياً في العراق.
رؤيةٌ أبرزتها مجلة أبيض وأسود سلطت من خلالها الضوء على سيناريو إعادة انتشار قوات الاحتلال الأمريكي في العراق، مستهلة حديثها بعلامات استفهام طرحتها موجة التفجيرات التي اندلعت عشية عملية إعادة الانتشار.
من اللافت أن اندلاع موجة من التفجيرات الدموية ضد المدنيين أودت بأرواح المئات عشية إعادة انتشار قوات الاحتلال الأمريكي من المدن العراقية، يطرح أكثر من إشارة استفهام حولها وحول الجهات التي تقف خلفها، والمستفيدين منها، فموجات القتل الجماعي كانت قد تراجعت في العامين الأخيرين، وفي الإعلانات المتواترة الصادرة عن المراجع الأمنية العراقية العليا، وقيادة قوات الاحتلال الأمريكي خلال الفترة المذكورة، تم التأكيد الجازم على نجاح عمليات تفكيك الشبكات التي كانت تقوم بعمليات القتل والخطف ضد المدنيين، لكن وعلى الدوام، بقيت شكوك كبيرة حول ضلوع جهات مرتبطة بالاحتلال في تنفيذ هذه الأفعال الإجرامية، لتصاعدها تزامناً مع المنعطفات الحرجة التي مرت بها قوات الاحتلال جراء تشديد المقاومة العراقية لضرباتها، وتزامناً مع تكثيف المطالبات الدولية برحيل الاحتلال. وفي أكثر من حادثة ظهرت خيوط تدل على تورط الشركات الأمنية الخاصة المتعاقدة مع الاحتلال، وأعضاء هذه الشركات الذين يقدرون بعشرات الآلاف لم يشملهم قرار إعادة الانتشار، والخروج من المدن العراقية، كما لم يشمل عناصر أجهزة الاستخبارات الرسمية الأمريكية، فهم ما زالوا ينتشرون في المدن، بكامل أجهزتهم وعتادهم، وتقدم لهم الحكومة العراقية كل التسهيلات الإدارية والميدانية. وتشكل موجة التفجيرات الدموية عامل ضغط شديد على أراء الناخبين العراقيين الذين سيدلون بأصواتهم في الاستفتاء على الاتفاقية الأمنية الأمريكية العراقية، التي رهن البرلمان العراقي مصادقته النهائية عليها بنتيجة الاستفتاء، وإذا ما استمرت وتصاعدت موجات القتل الجماعي والعشوائي، تستطيع قوات الاحتلال أن تعيد تقديم نفسها كضمانة وحيدة للسيطرة الأمنية، لعجز قوات الأمن العراقية عن سد الفراغ، بسبب من عدم كفاية تدريبها وتسليحها، وللخلل في بنيتها المخترقة من التنظيمات الحزبية الطائفية والمجموعات الإرهابية، وتأثرها بالفساد السياسي الذي ينهش جسد مؤسسات الدولة العراقية.
وترى المجلة أنه بعودة حمامات الدم في شوارع وأسواق المدن العراقية تنفست الإدارة الأمريكية الصعداء، ونَحَّت جانبا الجدل حول فظائع الاحتلال في السجون والمعتقلات، هذا الجدل الذي تحول داخل (الولايات المتحدة) والعالم إلى سلاح لتعرية تراجع الرئيس أوباما عن وعوده في الحملة الانتخابية بكشف ملابسات الفظائع والمسؤولين عنها وإخضاعهم للمحاسبة.
ولم يفت البيادر أن تشير إلى الاتفاقية الأمنية البريطانية ـ العراقية التي اقترب توقيعها، باعتبارها جائزة ترضية للشريك البريطاني في الاحتلال.
ومن جملة إشارات الاستفهام التي أثارتها عملية إعادة انتشار قوات الاحتلال الأمريكي، إعلان السفير البريطاني في العراق (كريستوفر برينتس)، عن قرب إقرار اتفاقية أمنية بريطانية ـ عراقية تخول البحرية البريطانية زمام الأمن حماية الموانئ والمياه الإقليمية العراقية، بعد تذليل العقبات التي كانت تعترض طريقها، لجهة الصياغات الفنية الخاصة بحصانة القوات البريطانية، التي ستبقى لأغراض التدريب وحماية موانئ العراق البحرية، والتسهيلات التي ستمنح لها، ولاسيما فيما يخص الحصانة أو الولاية القضائية. والكيفية التي سيتم بها اعتماد الاتفاقية والتصديق عليها بين الحكومتين، وإقرارها من الجهات التشريعية في البلدين. وتضمن الاتفاقية لبريطانيا استمرار وجود بحري مسلح في المياه الإقليمية العراقية (شط العرب)، قوامه خمس سفن حربية بكامل أسلحتها من الصواريخ الموجهة والذخائر، وقاعدة بحرية ثابتة، مع حرية حركة كاملة، لخلو الاتفاقية من اشتراط عدم استخدام القوة البريطانية إلا بموافقة عراقية، وخلوها أيضاً من أية إشارة إلى عدم استخدامها ضد سفن وأهداف في دول الجوار، وخاصة (إيران). وتعد هذه الاتفاقية جائزة ترضية قدمتها الولايات المتحدة لبريطانيا، التي تفردت أوروبياً في التحالف معها في جريمة غزو العراق واحتلاله.