برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Sunday, February 15, 2009

ما بعد المحرقة


المجتمع، 6 فبراير 2009


نظرة إلى مشهد ما بعد المحرقة.. نقلتها مجلة المجتمع على لسان السفير عبد الله الأشعل، مساعد وزير خارجية مصر الأسبق، وخبير القانون الدولي، ابتدأها بمطالبة العرب أن "يحددوا خيارات ما بعد غزة، في ضوء صمود المقاومة، وأعمال الإبادة الصهيونية".
من ناحية أخرى.. دماء الشهداء في فلسطين، واتساع الدمار الذي اتخذه الكيان الصهيوني أداة للضغط على المقاومة لابد أن يكون من أهم عوامل مراجعة الموقف العربي من عملية السلام مع الكيان الصهيوني برمتها، خاصة وأنه استغل العالم العربي كما استغل الساحة الفلسطينية للتلاعب بمصير السلام في المنطقة.من ناحية ثالثة: لابد وأن تكون الجرائم التي ارتكبها الكيان الصهيوني أساسًا لتعاون عربي ودولي، دفاعًا عن هيبة القانون والقيم التي يحرص عليها المجتمع الدولي. ولهذا السبب لابد أن تنشط الحكومات والمنظمات الحكومية لتعقب المجرمين الصهاينة أمام المحاكم الدولية والوطنية، مثلما طارد الكيان الصهيوني مجرمي الحرب الألمان الذين انتهكوا حق اليهود في الحياة، اللهم إلا إذا كانت دماء اليهود أزكى من الدماء الفلسطينية والعربية!!من ناحية رابعة: يجب أن تواجه الحكومات العربية الكيان الصهيوني في المنظمات الدولية، خاصة الأمم المتحدة، وسندها في ذلك هو إجبار الكيان الصهيوني على احترام القانون الدولي، وعلى تنظيف الأسرة الدولية من الأطراف المارقة، ويجب أن يعرض العالم العربي في متحف خاص مشاهد الإبادة الصهيونية، وأن تكون الدعاوى ضد الصهاينة جنائية ومدنية، وأن يلتزم الكيان الصهيوني بإعادة إعمار غزة.
ولأن الاستجابة لهذه المطالب سيفرز ولا شك احتكاكًا عربيًا بأميركا، وجه الأشعل بعض النصائح للعرب فقال: "عليهم أن يرفعوا قدراتهم، ويعظموا أوراقهم حتى تكون على مستوى هذه الخيارات، ولا يجوز أن يظل الشقاق قائما بين مواقف الشعوب العربية ومواقف الحكام تحت أية ذريعة، فقد أسقط الكيان الصهيوني بنفسه كل الذرائع".وبطبيعة الحال فإن هذا الموقف المطلوب من العالم العربي سوف يدفع إلى الاحتكاك بين الدول العربية والولايات المتحدة، ولذلك يجب أن تستعد لاحتمالات هذه المواجهة في المحافل الدولية؛ إذ لا يجوز أن تظل الولايات المتحدة مساندًا أعمى لكل الجرائم الصهيونية.
بقي أن نشير إلى أن الإطار العربي يجب أن يتصل بالإطار الإسلامي للدفاع عن القدس؛ لأن مخطط الكيان الصهيوني في المرحلة القادمة هو التوصل إلى تسوية مع من يقبل، يتم فيها تسليم القدس للكيان الصهيوني، وهو ما أكده مشروع "جون بولتون" المندوب الأمريكي السابق في الأمم المتحدة، وأحد أهم أركان الإدارة الأمريكية.وقد رأينا أنه من الصعب الابتعاد عن الطابع الديني للصراع، خاصة وأن الجنود الصهاينة كانوا يصطحبون التوراة ويتلونها قبيل عمليات العدوان في "غزة"، و"لبنان".

الخلاف حول المنظمة والإعمار



البيادر السياسي، 7 فبراير 2009


دار حديث طويل بعد محرقة غزة حول قضيتين رئيسيتين؛ منظمة التحرير الفلسطينية وإعمار القطاع المنكوب.
مجلة البيادر السياسي سلطت الضوء على الموضوعين الخلافيين، مبتدئة بمنظمة التحرير الفلسطينية، التي أعاد تصريح مشعل بشأنها الاهتمام بها مجددًا، وأيقظ القائمين عليها من سبات عميق، وأجبر الجميع على التحرك من أجل تفعيل هذه المنظمة وإعادة ترتيب أمورها، حيث رأتها أمام خيارات ثلاثة: البقاء ضعيفة، أو إعادة ترتيب ظروفها، أو استبدالها.
ورغم اتفاق قادة الفصائل على إصلاح المنظمة في تفاهم القاهرة المُوقع في عام 2005، لم تُفعَّل المنظمة، وبقيت على حالها ضعيفة، بل كانت غائبة تمامًا خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة؛ ولم تجتمع لجنتها التنفيذية إلا بعد وقف إطلاق النار، وحتى بعدما اجتمعت لم تخرج إلا بـ "إدانة" هذا العدوان، وبصورة متأخرة جدًا!

تكمن المشكلة في أن المنظمة لا تنضوي تحت مظلتها جميع الفصائل الفلسطينية، ومنها حركتا حماس والجهاد الإسلامي، كما أن هناك فصائل فلسطينية جمدت عضويتها في المنظمة على إثر خلافها على منهج المنظمة السياسي، وخاصة بعد توقيع اتفاق أوسلو عام 1993.
وقد أدرك الجميع على الساحة الفلسطينية الحاجة الماسة لتفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية، ولذلك اتفقوا في القاهرة عام 2005، على تفعيل المنظمة، وإعادة بنائها، وضم جميع الفصائل إليها، لكن هذا الاتفاق لم يطبق بتاتًا، ولم يُحترم كاملًا، ولذلك بقيت الآمال لتفعيل المنظمة مجرد سراب ووهم حتى الآن، مع أن المصلحة الوطنية تقتضي وتحتم ذلك.
لكن ما هي أسباب ضعف المنظمة؟ أمور كثيرة، منها: أن السلطة الوطنية احتلت مكان منظمة التحرير، والمفترض أن تكون هذه السلطة جزءًا من المنظمة، ومنذ عام 1996 لم ينعقد أي اجتماع للمجلس الوطني، وليس هناك تفعيل فعلي للمنظمة، ولم يتم تعيين أعضاء جدد خلفًا لأعضاء اللجنة الذين توفوا أو استشهدوا.
وكذلك هناك أعضاء كثيرون – بقدرة القادر – أصبحوا أعضاءً في اللجنة التنفيذية؛ من خلال مشاركتهم للقاءاتها واجتماعاتها، وتم تعيين ياسر عبد ربه أمينًا لسر المنظمة، مع أنه لا ينتمي إلى حركة فتح، وكذلك فإن هذا المنصب هو مخصص كالعادة لأعضاء فتح في المنظمة، وهذا بالتالي أثار حفيظة من يعارضون عبد ربه في نهجه ومواقفه.
ولا بدّ من الإشارة إلى أن "السن" يلعب دوره في ضعف أعضاء اللجنة التنفيذية؛ إذ لا بدّ أن تكون هناك دماء جديدة فيها.
وكذلك فإن مؤسسات المنظمة ضَعُفت؛ لأن السلطة أخذت دورها ومكانها، وخير مثال على ذلك أن الدائرة السياسية لمنظمة التحرير كانت المسؤولة عن البعثات الدبلوماسية في الخارج، لكن هذه المسؤولية سُحبت منها تدريجيًا، وأنيطت بوزارة الشؤون الخارجية في السلطة الوطنية، أي أن الدائرة السياسية تم شلها، وهناك أمثلة أخرى على العديد من المؤسسات التي شُلَّت عن قصد أو غير قصد.

ومن الخلاف السياسي بشأن منظمة التحرير إلى الخلاف حول الإعمار، فالمجلة انتقلت لتتساءل: ما هو الخيار الأمثل لإعادة إعمار ما دمره المحتلون في غزة؟ وإلى من تُرسَل هذه المساعدات، ومن سيُشرف على عملية إعادة الإعمار؟ في وقت يطالب فيه المتضررون بمساعدات عاجلة تقيهم من برد الشتاء إلى حين بناء مساكنهم المدمرة.
وفي محاولة لإيجاد مخرج يساعد على تخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني، أشارت المجلة إلى عدة اقتراحات لتجاوز هذا الخلاف الذي إن تواصل سيُبقي غزة من دون إعمار.
تشير الإحصائيات والتقديرات الأولية الصادرة عن الجهاز الفلسطيني المركزي للإحصاء حول الدمار الذي خلفه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى تدمير ما يزيد عن خمسة آلاف منزل بشكل كلي، وأكثر من 20 ألف منزل بشكل جزئي، و20 وزارة، في وقت أشارت فيه وزارة الأوقاف في حكومة غزة إلى تدمير 41 مسجدًا بشكل كلي وحوالي 50 مسجدًا بشكل جزئي، بالإضافة إلى خمس مقابر لدفن الأموات. وفي الوقت الذي يجري فيه الحديث عن وعودات بتقديم المليارات من الدولارات لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال في قطاع غزة، خاصة ما قررته قمتا الدوحة والكويت، إضافة إلى حملات التبرع العربية، تبقى العقبة الرئيسية أمام قضية الإعمار هي الاحتلال؛ حيث أعلنت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيفي ليفني أن إسرائيل لن تتعاون في قضية إعمار قطاع غزة قبل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأسير لدى فصائل المقاومة جلعاد شاليط، فيما تحدث مسؤولون إسرائيليون آخرون بأن المعابر مع قطاع غزة لن تُفتَح بشكل كلي طالما بقيت حماس تسيطر على السلطة في غزة، الأمر الذي ينسف إمكانية إعادة إعمار ما دمره الاحتلال بشكل كلي، ويهدد آلاف الأسر التي شُرِّدت وأصبحت بلا مأوى، خاصة وأنه لا يمكن أن تتم عملية الإعمار بدون فتح المعابر المغلقة منذ أكثر من عام ونصف العام، بعد تشديد الحصار من قبل الاحتلال على القطاع لإدخال مواد البناء التي انعدمت من أسواق القطاع نتيجة هذا الحصار.
الحكومة الفلسطينية في غزة أعلنت أنها أعدت خطة من مرحلتين لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال في القطاع، الأولى تتمثل في تقديم مساعدات عاجلة للمتضررين وإسكانهم، حيث خصصت 40 مليون يورو لهذا الغرض، والمرحلة الثانية هي القيام بعملية بناء البيوت والمؤسسات التي دمرها المحتلون.
فيما اقترح الباحث في الشؤون التنموية محسن أبو رمضان، أن يتم العمل على ثلاثة مستويات؛ الأول: مستوى الطوارئ، وهو ضرورة التفات المنظمات التنموية -بما فيها المنظمات الدولية والمحلية- للعائلات التي شُرِّدت، وتوفير مساكن لهم، وسد النقص في المواد والخدمات الطبية والإغاثية، أما الجانب الثاني فيتمثل في مرحلة إعادة التأهيل، وهي تتطلب إعادة تأهيل الأطفال، وإعادة بناء الإنسان الفلسطيني، وترميم الثقافة على قاعدة ثقافة وطنية مقاومة وَحدَوية في نفس الوقت.
وفي حديثه عن المحور الثالث قال أبو رمضان: إنه يتمثل في صياغة خطة فيما يتعلق بإعادة إعمار البنية التحتية التي دمرت، وخاصة القطاعات الصناعية والزراعية والإنشاءات والعمران، مؤكدًا على أهمية هذه القطاعات؛ لأنها تتعلق بالعملية الإنتاجية والتنموية، والقدرة على امتصاص البطالة وظاهرة الفقر في المجتمع الفلسطيني والتشغيل.

انتخابات المحافظات.. حدود الدولة الفيدرالية


المشاهد السياسي، 7 فبراير 2009

انتخابات ٣١ يناير في العراق ـ التي لم تشمل محافـظات إقليم كردستان الثلاث ومحافظة كركوك ـ دشنت لمرحلة جديدة في إعادة تشكيل المشهد السياسي العراقي بعد الحرب؛ لأنها تؤسّس للانتقال إلى سلطة الأقاليم، واستطرادا إلى النظام الاتحادي.
وللتوضيح أكثر، أجابت مجلة المشاهد السياسي عن التساؤل القائل: ما هي أهميّة هذه الانتخابات؟ وكيف يمكن قراءتها في ضوء الدستور الفيديرالي؟
يوم انتخابات المحافظات في العراق لم يكن بالتأكيد يوما عاديّا، بعد ست سنوات من الاحتلال، بل كان يومًا مفصليًا؛ لأنه يؤسّس لإدارات محليّة جديدة بصلاحيات واسعة، فقد أصبح لكلّ مجلس محافظة الحق في تشكيل إقليم مستقلّ، بناء على طلب من ثلثي أعضائه. كما أعطى قانون انتخابات المحافظات الأخير -الذي أُقرّ في مطلع العام ٢٠٠٨- المجالس المنتخبة، صلاحيات واسعة على صعيد إصدار التشريعات والأنظمة، وتنظيم الشؤون الإدارية والمالية ضمن حدود المحافظة، وإعداد الموازنة المالية، وإدراجها في موازنة المحافظة، والمصادقة على مشروع الموازنة العامة للمحافظة المقدّم من المحافظ.
واللافت أن العراقيين يدركون تماما أهميّة هذا الاستحقاق؛ بدليل أن ١٤٣٠٠ مرشّح تنافسوا على ٤٤٠ مقعدا في المحافظات الـ١٤ التي جرت فيها الانتخابات، وفي العاصمة وحدها ٢٤٨٢ مرشّحا تنافسوا على ٥٧ مقعدا، ينتمون إلى أكثر من مائة توجّه سياسي. وبالمقارنة مع الانتخابات السابقة، تبدو المشاركة واسعة جدا، والدلالة هنا إيجابية، رغم الشوائب التي تخلّلتها. وبين هذه الشوائب حديث يتزايد عن شراء أعداد كبيرة من الأصوات، وتقديم وعود بمكاسب شخصية لرؤساء العشائر والمفاتيح الانتخابية الكبيرة.
وتضيف المجلة: اللافت أيضا أن بعض القوى السياسية شكّلت قوائم انتخابية لا تنتمي إلى طائفة واحدة أو مذهب واحد، في مؤشّر إلى رغبة في تخطّي الحواجز المذهبية التي تطبع الحياة البرلمانية بعد الحرب، وإن كانت الظاهرة لا تزال محدودة.
ثم تنتقل "المشاهد" من قلب الحدث إلى أطرافه، لتتحدث عن التطورات السياسية المرتقبة في العراق على ضوء التجارب الأخيرة، وعلى هامش معركة الانتخابات المحليّة.
فيبي مار مؤلّفة كتاب "تاريخ العراق الحديث" تناولت هذه الزاوية في دراسة نُشرت أخيرا في موقع كارينغي للشرق الأوسط، نقرأ فيها: وصل العراق إلى طور من أطوار الجمود السياسي، إذ أدّى رفع عدد الجنود الأميركيين لوقف الانحدار إلى دوّامة العنف المذهبي، مما سمح للسياسة بالتحرّك في وجهة مختلفة. كما ساهمت حركات الصحوة السنّية الجديدة، التي برزت في العديد من المحافظات، في خلق أجواء من المرونة وإن كانت مشوبة بالشكوك، لأن هذه الحركات تتحدّى الأطراف الحاكمة. لكن في شكل عام، فإن العملية السياسية تبدو معلّقة؛ فالحكومة لا تزال مقطّعة الأوصال رغم عودة وزراء جبهة الوفاق العراقي إليها. وفي ضوء هذا كلّه، يطرح سؤال نفسه: ما هو الاتجاه الذي يمكن أن تسلكه الحياة السياسية والمؤسّسات السياسية في العراق الآن؟
لتقويم هذا الوضع المعقّد، يجب مراقبة عمليات ثلاث على الأقلّ: النزاع المستمر على السلطة بين مختلف الأحزاب والجماعات، وجهود بناء الدولة، وتماسك ائتلاف الأحزاب الأربعة (حزبان شيعيّان وحزبان كرديّان) الذي يتولّى السلطة الآن.

Monday, February 9, 2009

نداء إلى العالم


الرائد، يناير 2009


مجلة الرائد حصرت موضوعات غلافها الأخير كلها للحديث عن غزة، فتكلمت عن المتواطئين عليها، فكشفتهم وأسقطت ورقة التوت عن سوآتهم، وتطرقت إلى الذين برروا قصفها، ولأنهم ومَن قبلهم لا يحتاجون إلى كشف أو تعرية، سنجتازهم إلى النداء الذي أطلقه أ. عصام العطار، رئيس المنتدى الإسلامي الأوروبي للتربية والثقافة والتواصل الإنساني والحضاري، لعل العالم يستيقظ ويسمع.
إن العدوان الوحشي على "غزة" ليس عدواناً على الفلسطينيين وحدهم، ولا على العرب وحدهم، ولا على المسلمين وحدهم؛ ولكنه قبل ذلك وبعده عدوانٌ على الإنسانية والإنسان، وعلى كل القيم الإنسانية العليا في الأرض.
منذ ثمانية عشر شهرا ومليون ونصف المليون من أهل غزة محاصرون برّا وبحرا وجوّا في حدود (367) كيلومترا مربعا، لا يكاد يصل إليهم أدنى حدود حاجاتهم الضرورية من الماء والغذاء والدواء والكهرباء.. للاحتفاظ بمجرد الاستمرار في الحياة، فضلاً عما يتعرضون له من قصف وخوف وهدم واغتيال.
أيها الناس، إننا نقف في مذبحة "غزة" على مُفترَقِ طُرُق: إمّا أن نهبَّ جميعا ونتآزر جميعا لمجابهة الظلم والطغيان، ونُصْرَةِ الحقِّ والعدالةِ والإنسان وحقوقه، وإيقاف هذه الجريمة المستمرة النكراء، وإما أن نُسهم بصَمتِنا ولا مبالاتنا في انتصار شريعة الغاب؛ حيث لا عدالة ولا رحمة، ولا قدسية للإنسان وحقوق الإنسان، ولا سلطان إلاّ للقوَّة الغاشمة والأظفار والأنياب.
إنها مسؤولية كبيرة أمام الله عزَّ وجل.
إنها مسؤولية كبيرة أمام التاريخ، وأمام الإنسانية والإنسان.

غزة.. تحدي الإعمار


الانتقاد، 30 يناير 2009


يبدو أن خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، كان محقًا حينما قال: إن معركة غزة ما زالت في المنتصف، وقد وُفِّقت الحركة في توصيف الواقع حين قالت: لقد انتهت المعركة العسكرية، لكن المعركة السياسية لم تنته بعد. فلا تزال معركة الإعمار، ومحاولة ابتزاز المقاومة، وانتزاع مواقف سياسية منها، على أشدها، بعدما فشلت طائرات الـ إف 16 ودبابات الميركافا في تحقيق ذلك عسكريًا.
كل شيء يشير إلى أن الجولة العسكرية في غزة قد طُويت، لتبدأ بسرعة الجولة السياسية؛ الأمنية والإعمارية منها، والتي يراهن حلف الحرب الأميركي- الإسرائيلي على أن عليها الإتيان بما عجزت عنه آلة الحرب العسكرية الإسرائيلية.
إن فهم حقيقة ما يجري الآن، ومقاربة مرحلة ما بعد الحرب، يحتاج إلى نظرة مركبة إلى المشهد الماثل أمامنا، وهو مشهد بالغ التسارع على امتداد المنطقة بأسرها.
إن تقييمًا موضوعيًا لنتائج الحرب الإسرائيلية على غزة يؤكد أن المشهد العام يميل إلى مصلحة المقاومة؛ فعملية (الرصاص المسكوب) لم تقضِ على حركة حماس، ولم تنجح في إيصال محمد دحلان على ظهر الدبابات الإسرائيلية إلى غزة، وتنصيبه حاكمًا عليها، ولم يتوقف إطلاق الصواريخ، ولم يتم استنفاذ مخزونها، والأسير جلعاد شاليط مازال في زنزانته.
هذه الوقائع دفعت المحور الأميركي-الأوروبي-الإسرائيلي إلى إحداث تعديل في مقاربته للحرب من خلال توسيع نطاقها لتصبح حربًا سياسية-أمنية-إعمارية؛ تحاول تدارك ما عجزت عنه آلة الحرب العسكرية.
وترى المجلة أن الحرب على غزة، في مطلق الأحوال، فتحت الباب أمام نقلة نوعية في المواجهات الدائرة في المنطقة بين المشروع الأميركي-الصهيوني- وما يُسمى بـ "الاعتدال العربي"، من جهة، ومشروع محور دول المقاومة والممانعة في المنطقة من جهة أخرى.
ويحاول الفريق الأول استخدام ورقة إعادة الإعمار لكسب نقطة لصالح السلطة الفلسطينية في مواجهة حركات المقاومة، ولو كان من سيدفع الثمن هؤلاء الفلسطينيون المطحونون في غزة المدمرة.
من الناحية الإعمارية ثمة جهد دولي وإسرائيلي، لتحويل الحاجة إلى إعمار ما هدمته الحرب في غزة لحصان طروادة للسلطة الفلسطينية تتمكن من خلاله من العودة إلى قطاع غزة مجددًا على حساب حركة حماس. ولا مانع لدى هؤلاء من أن يبقى السكان الفلسطينيون بلا مأوى، والجرحى بلا علاج، والعاطلون بلا عمل، وعوائل الشهداء بلا معين، في سبيل عودة (أبو مازن) وسلطته المتداعية إلى غزة، فإذا كانت الدبابة الإسرائيلية لم تتمكن من حمل دحلان، رمز سلطة (أبو مازن) في غزة إليها، فليكن الوضع المأساوي الفلسطيني هو السبيل.
خلاصة القول.. لا يبدو أن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة انطلاق فعلية لعملية التسوية في المنطقة، على الأقل حتى انتهاء الانتخابات الإسرائيلية.
إنها مرحلة دقيقة وحساسة تجتازها المنطقة بأسرها، عنوانها الدبلوماسية، إلا أن باطنها حراب مستورة، وربما أشد خطورة من الحرب الفعلية. حرب غزة العسكرية هدأت من دون أن تبطل كل أسبابها التي مازالت موجودة، ومازالت حرب غزة مستمرة على المقاومة على امتداد المنطقة، لكن بأشكال مختلفة، تعددت الأسباب والأشكال، إلا أن الهدف مازال هو رأس المقاومة أينما وُجد.

غزة.. بوحدتنا تنتصر


الهدف، 25 يناير - ... 2009


(نكاد نجزم.. ليس هناك على وجه الأرض في وقتنا الحاضر قضية تشبه قضية فلسطين وآلامها. وما يعانيه الفلسطينيون، جرّاء الاحتلال الاستيطاني الصهيوني، لا يوازيه – ربما – إلا قضية الهنود الحمر الذين تعرضوا للإبادة المنهجية). حقيقة استهلت بها مجلة الهدف موضوع غلافها الأخير، والذي جاء تحت عنوان (غزة.. بوحدتنا تنتصر)، لتؤكد على أن "الوحدة" هي سلاح المرحلة المقبلة الذي لاغنى عنه.
لم يوفّر الفلسطينيون، على مدار أكثر من قرن في صراعهم مع الصهيونية، وسيلةً إلا وجرّبوها؛ جرّبوا المقاومة بكل أشكالها، وجرّبوا الانتفاضات، والعصيان، وجرّبوا الحوار والمفاوضات، ورفعوا قضيتهم أمام المؤسسات والمحاكم الدولية، وناشدوا الضمير العالمي، وطالبوا الشعوب العربية والإسلامية وأنظمتها بالتضامن مع قضيتهم. تحدثوا عن حقوق الإنسان.. وظروف الحصار والمذابح والقتل وإرهاب الدولة المنظّم، والجدار والفصل العنصري.. لم يبقَ شيء لم يجرِّبه الفلسطينيون، أو يعملوا لأجله.. لوّحوا بالبندقية وغصن الزيتون. طرحوا قضيتهم عبر الفنون في المسرح والسينما والإعلام.. صارعوا العدو على الرموز الدينية والتاريخية والفلكلورية.. وعلى الرغم من كل هذا لم يتغيّر شيء.
إن ما يثير الحنق والغضب الشديد هو هذا اللامعقول الذي يحيط بهذه القضية. هذا اللامعقول الذي يدحض كل ما يتوافق عليه البشر، من منطق وأخلاق وقوانين وشرائع دولية. فما هي قوة هذا اللامعقول الذي ينافي أي عقل ومنطق؟!
هل من باب المثالية أن نقول: ليس أمامنا كفلسطينيين إلاّ أن نتوحّد حول الأساليب والأهداف الوطنية، بغض النظر عن خلافاتنا وتناقضاتنا الداخلية، التي يجب أن تؤجَّل بالضرورة؟!

فصائل المقاومة تسطر ملحمة تاريخية نادرة


المجتمع، 31 يناير 2009


وحدها محاصَرة تقاتل عن الأمة بدمائها وأشلاء أطفالها ودعوات نسائها.. إنها غزة وأبناؤها الذين خاضوا ملحمة بطولية سوف يكتبها التاريخ بمداد من النور.
ولأن غزة هاشم تأبى إلا أن تكون حاضرة، خصصت مجلة المجتمع موضوع غلافها الأخير للحديث عن الملحمة الأسطورية التي سطرتها فصائل المقاومة على ثرى غزة الطاهر، في مواجهة رابع أقوى جيش في العالم.
نفَّذت الطائرات الصهيونية أكثر من 800 غارة جوية على قطاع غزة، ألقت خلالها مئات الأطنان من القنابل والصواريخ.
ورغم هول المحرقة التي اقترفها الهمج الصهاينة ضد الأطفال والنساء والمدنيين جميعًا، إلا أن المقاومة تُسَطِّر ملحمة تاريخية نادرة، سقط خلالها أكثر من مائة قتيل وجريح من الجنود الصهاينة، بينهم أحد قادتهم، وتدمير مركبات ودبابات، وسقوط العديد من الآليات العسكرية في كمائن قاتلة، في الوقت الذي وصلت فيه صواريخ المقاومة إلى مسافات أبعد، واضعة أكثر من مليون صهيوني في دائرة الرعب.وأكدت حركة حماس أنه رغم التحليق المكثف للطائرات الحربية الصهيونية فإن تلك الطائرات فشلت في إصابة أي منصة لإطلاق صواريخ، فيما كان أغلبية الشهداء من المدنيين وأفراد الشرطة والأجهزة الأمنية الذين كانوا على رأس عملهم.ورغم التدمير الممنهج للأخضر واليابس في قطاع غزة فإن قدرة المقاومة على إطلاق الصواريخ لم تتوقف.. بل إن "كتائب القسام" (الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس)، زادت من عدد الصواريخ التي تُطلِقها، كما أطلقت صواريخ ذات مدى أطول، وصل إلى نحو 60 كم، في إطار توسيع عملية "بقعة الزيت اللاهب"، وسط إنذارات بمزيد من التوسيع، وهو ما يؤكد فشل الاحتلال في النيل من المقاومة.
حُقَّ للكون أن يفرح؛ فقد انتصر الخير على الشر في معركة الفرقان، ورغم الآلام التي خلفها هذا العدوان، تبقى الآمال في أن تدشن معركة الفرقان بين غزة والصهاينة لمرحلة جديدة، تختلف فيها كل قواعد اللعبة سياسيًا وعسكريًا، وإلى الأبد.
وأضافت المجلة: لم يكن أمام الجنود الصهاينة خيارات في غزة سوى القتل والموت أو الأسْر أو الإعاقة المستديمة، بحسب ما صرح به أبو عبيدة، المتحدث باسم كتائب القسام؛ حيث كان في انتظارهم على ثغور قطاع غزة مجاهدو "كتائب القسّام"، وبقيّة فصائل المقاومة المجاهدة لقوات الاحتلال، ضمن خلايا صغيرة، متسلحين بالعبوات الناسفة والألغام الأرضية والصواريخ المضادة للدروع.
المرابطون هم الآخرون، كانوا يتوجهون إلى الله تعالى بالدعاء أن ينصرهم على قوات العدو الصهيوني، فيما كان الآلاف من المجاهدين يتسابقون لنيل الشهادة في سبيل الله، وما بينهم وبين ذلك سوى أنهم يتحلّون بأخذ أقصى درجات الحيطة والحذر من تحركات العدو الصهيوني. ويتجلّى هنا الحديث عن سلاح الإشارة الذي أثبت مدى الكفاءة العالية التي يتميز بها مجاهدو "كتائب القسّام" بتعاملهم الجيد مع الأجهزة اللاسلكية المنتشرة بينهم؛ حيث سرعة التواصل ودقة الأداء، ولعل ذلك ساهم بشكل كبير في سرعة التعامل مع إصدار التعليمات والتوجيهات من القيادة العسكرية للقاعدة الموجودة في الميدان، والتي تساهم بالحفاظ على أرواحهم من الاستهداف (من أجل مواصلة المسيرة).
وكانت صواريخ القسام قد دمرت جهاز الإنذار المبكر الذي وضعه الاحتلال الصهيوني في مدينة "المجدل" المحتلة للتنبيه من صواريخ القسّام قبل سقوطها.. وقد اعترف العدو الصهيوني بأن صواريخ القسّام وصلت إلى مناطق لم تتعرض للقصف منذ تأسيس الكيان الصهيوني عام 1948م.
ومما يزيد من وطأة الرعب لدى ما يُسمَّى "الجبهة الداخلية" الصهيونية أن مسؤولين صهاينة باتوا في مرمى هذه الصواريخ، وقد أظهرت الصور التلفزيونية صور وزير الصناعة الصهيوني وهو يهرب من صواريخ القسام، ويُلقي بنفسه بالقرب من أكياس القمامة، وتحت إطارات السيارة؛ خوفا من القصف القّسامي، الذي استهدف مدينة "أسدود" المحتلة.