برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Tuesday, October 28, 2008

٣ سيناريوهات إذا فشل حوار القاهرة


المشاهد السياسي، 25 أكتوبر 2005

ما الذي يمكن أن يحصل إذا فشل الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني في القاهرة، ودخلت السلطة الفلسطينية اعتبارا من ٩/١/٢٠٠٩ مرحلة الفراغ الدستوري؟
مجلة المشاهد السياسي طرحت ثلاثة سيناريوهات متوقعة كإجابة على هذا التساؤل، كان أولها: حدوث حرب أهليّة طاحنة في الضفة بين "فتح" و"حماس" تعمل إسرائيل على تزكيتها بكل الوسائل المتاحة. وثانيها: عودة إسرائيل إلى السيطرة على الضفة كما على القطاع. وثالثها: التمهيد للبدء في ترحيل فلسطينيي ٤٨ واستكمال تهويد القدس، وإلغاء اتفاقات أوسلو وكلّ الاتفاقات اللاحقة بما فيها مشروع حلّ الدولتين.

الثلاث أجوبة كارثيّة، ولنبدأ بالأول:
قبل أيام بدأ الإعداد لانتخاب رئيس فلسطيني جديد ـ قبل شهرين من انتهاء ولاية الرئيس محمود عباس ـ أو هكذا يُفترض دستوريا على الأقلّ. لكن ليس في الأفق ما يشير إلى أن هذا الاستحقاق سوف يحدث، خاصة والصحف الإسرائيلية باتت تتحدّث علنا عن تنسيق فتحاوي ـ إسرائيلي لعمليات عسكرية مشتركة ضد "حماس" تقود في النهاية ـ إذا نجحت ـ إلى تمكين "فتح" من إعادة السيطرة على غزة. لكن المواجهة سوف تبدأ في الضفة خلال يناير المقبل على الأرجح، وبعدها يعلن الرئيس محمود عباس غزة قطاعا متمرّدا... ثم من يدري، قد يتّسع نطاق المواجهة، وقد يشارك فيها الإسرائيليون، وقد تنتهي المسألة إلى غالب ومغلوب. أما الغالب فهو بالتأكيد إسرائيل، والمغلوب هو الفلسطينيون جميعا، فتحاويون وحمساويون وما بينهما.
كلّ المؤشّرات تقول: إن المهمّة بالغة التعقيد، وإن الصراع في بعده الحقيقي إقليمي ـ دولي لا فلسطيني فقط، وإن المصالحة الفلسطينية ـ الفلسطينية لا تحتاج إلى تدخّل مصري فحسب، وإنما إلى تدخّل قطري، على طريقة حلّ المشكلة اللبنانية، ومثل هذا التدخّل يفترض أن توظّف خلاله قطر التوافق الإقليمي ـ الدولي على الحلّ قبل أن تحرّك دبلوماسيتها لإنجازه.

في تقدير الفلسطينيين جميعاً، دون استثناء، أن انتهاء ولاية الرئيس عباس من دون حلّ سياسي، سيُدخِل الأزمة في نفق أعمق، وربما في المجهول، لأن الحوار الفلسطيني وحده يمكن أن يحصّن المؤسّسات الفلسطينية القائمة.
لذلك تعتبر مشاورات القاهرة مصيرية، لكن الجلسات الاستكشافية التي أنجزتها القيادة المصرية حتى الآن، انطلاقاً مما تعتبره مصلحة الفلسطينيين والقضية، لا تبشّر بتسويات قريبة، خاصة وأن حماس متمسكة بضرورة توقُّف عباس عن التنسيق مع الأميركيين والإسرائيليين، وأن تتم إعادة ترتيب البيت الفلسطيني على أسس جديدة، بعدما وصلت السلطة إلى الحائط المسدود، ولم يبق أمامها إلا العودة إلى استراتيجية المقاومة.
وهو مايطرح تساؤلا جديدًا، مفاده: هل زال مشروع الدولتين مطروحًا؟

الأشهر الأخيرة من الولاية البوشيّة أكدت بما لا يقبل الشك أن الأُطر العملية التي يمكن أن يستند إليها مشروع الدولتين، قد تفكّكت، وأن الإدارة الأميركية المقبلة سوف تجد نفسها في مواجهة خيارات أخرى. وعملية السلام التي بدأت في العام ١٩٩١ (مع مؤتمر مدريد) واستُكمِلت في أوسلو عام ١٩٩٣، تمر بحالة انهيار متواصل نتيجة ما انتهت إليه من انسداد في الأفق، واستراتيجية "الأرض مقابل السلام" التي ترمي إلى إنشاء كيان فلسطيني سياسي في الضفة وغزة لم تعد قابلة للتطبيق، والذين يدّعون العمل على إنجاحها هم أنفسهم الذين يشاركون في تقويضها، عن قصد حينا، أو بغير قصد أحيانا.
وفي الجانب الإسرائيلي يبدو واضحا أن رؤساء الحكومات الذين تعاقبوا خلال السنوات العشرين الأخيرة، اتّخذوا العديد من الخطوات التي تجعل حلّ الدولتين مستحيلاً. والإسرائيليون اليوم يعارضون هذا الحلّ بطريقة أو بأخرى، مرة عن طريق توسيع المستوطنات ومرات عن طريق تمييع المفاوضات، رغم كلّ الإيحاءات المختلفة في زمن أولمرت وما بعده.
لكن لماذا نبالغ في التشاؤم؟
قد تكون إعادة إحياء مسار الدولتين ممكنة إذا ظهرت قيادة فلسطينية جديدة موحّدة وقابلة للاستمرار، وإذا قرّرت الإدارة الأميركية الجديدة أن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر، وأن الفوضى الفلسطينية ـ إذا تفشّت ـ يمكن أن تُسيء إلى ما تبقّى من مصالحها في المنطقة.
على كل حال لن تنقشع الرؤية قبل يناير المقبل، وفي انتظار انقشاعها تظلّ كلّ السيناريوات الموجعة مطروحة في الساحة الفلسطينية... وعلى الأسوأ.

من هو الرئيس القادم لأميركا ماكين أم أوباما؟


البيادر السياسي، 25 أكتوبر 2008

يوم الثلاثاء القادم الموافق 4 نوفمبر، يتوجه الناخب الأميركي إلى صناديق الاقتراع لينتخب الرئيس الأميركي الجديد ونصف أعضاء الكونغرس الأميركي، وبالتالي تنتهي حملة الانتخابات الرئاسية المتواصلة منذ حوالي العام، ويعرف الأميركيون، وكذلك العالم كله، من هو الرئيس الجديد لأميركا: جون ماكين (المرشح الجمهوري) أم باراك أوباما (المرشح الديمقراطي)، وليبدأ الانتظار لما ستفعله الإدارة الجديدة برئاسة الرئيس الجديد.
صحيح أن استطلاعات الرأي الأميركي ترجّح وباما، إلا أن الكلمة الأولى والأخيرة تبقى في ذلك للناخب أمام صندوق الاقتراع.

الحملة الانتخابية الرئاسية مكلفة مادياً ومرهقة جسدياً ونفسياً؛ إذ أنها تمر بمراحل عديدة ينتخب خلالها الحزبان الجمهوري والديمقراطي مرشحيهما لخوض هذه الانتخابات، وقبل ذلك تجري عمليات انتخابات داخلية في كل حزب، وبعدها تبدأ عملية المناظرات التلفزيونية بينهما، وعادة هي ثلاث مناظرات وجها لوجه، وقد استطاع خلالها أوباما أن يفوز على ماكين بسبب مواقفه الأكثر وضوحاً، وهمته الأكثر اندفاعاً لخدمة أميركا، ومعايشته الأكثر فهما لما تعاني منه السياسة الأميركية الخارجية.
ورغم ذلك لايزال الفارق بين موقف المرشحين تجاه القضايا الحساسة في العالم، متواضعًا للغاية، فالمرشحان متفقان على عدة أمور، هي:
* ضرورة دعم إسرائيل والحفاظ على أمنها.
* وجوب العمل على مكافحة ما يُسمى بـ "الإرهاب الدولي".
* عدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي.
* وضع خطة لإنقاذ الاقتصاد الأميركي من الانهيار بعد الأزمة الحالية، ودعم خطة بوش الحالية الطارئة لإنقاذ الاقتصاد الأميركي.
* العمل على الخروج بصورة مشرفة من المستنقعين الأفغاني والعراقي، مع الخلاف الكبير في أسلوب التعاطي مع هذا الوضع أو هذه "الورطة"؟!
أما الخلاف بينهما فيتركز على الأسلوب في التعاطي مع كل بند من بنود الاتفاق.

يقول كثيرون: إن لأوباما حظا كبيرا في الفوز برئاسة الولايات المتحدة؛ لأن الشعب الأميركي يفضل التغيير، ويريد أن يعاقب الإدارة الجمهورية السابقة لما ارتكبت من أخطاء، كما أنه يبحث عن زعيم شاب، مندفع ومتحمس. كذلك يلعب الوضع الاقتصادي دورًا كبيرًا في ترجيح كفة أوباما، فالشعب الأمريكي قد يفعل أي شيء لإنقاذ ما يمكن إنقاذه اقتصاديا.
لكن ذلك لا يعني وجود سلبيات لأوباما تقف حجر عثرة أمام عبوره إلى البيت الأبيض، فهناك جذوره الأفريقية، واللوبي الصهيوني الفعال واليمين المتطرف اللذان يفضلان فوز ماكين. مما يطرح استفهامًا حول دور إسرائيل داخل هذه المعركة الانتخابية، ويبرز غياب التأثير العربي على مجرياتها.
وسواء أتى أوباما أم ماكين، يبقى التساؤل الأكثر أهمية في هذا السياق هو: ما المتوقع من الرئيس الجديد؟!

يجب أن يكون المرء واقعياً، ومدركاً للظروف التي يتولى فيها الرئيس الأميركي منصبه ويديره. ولذلك على المرء ألا يتوقع تغييرا جوهريا وأساسيا وكبيرا في السياسة الأميركية الخارجية، وخاصة أن اللوبي الصهيوني ما زال قويا، وله نفوذه على الساحة الأميركية. وإذا أراد الرئيس الجديد التغيير في أسلوب تعامله، فإنه قد يصطدم بعرقلة قوية، وقد يكون التغيير طفيفا، لأن التحالف الاستراتيجي الأميركي الإسرائيلي قوي، ولا يستطيع أي رئيس جديد أن يمس هذا التحالف.
كما أن العالم العربي ضعيف وليس له أي تأثير يذكر على سياسة الرئيس الأميركي الجديد.
ورغم أن التغيير الكبير غير متوقع، إلا أن الإدارة الجديدة لن تكون أسوأ من الادارة الأميركية الحالية التي تعتبر أسوأ إدارة عبر التاريخ الأميركي؛ لأنها أضاعت الهيبة الأميركية على الساحة الدولية، وورطت الشعب الأميركي في مستنقعات صعبة، من المستحيل الخروج منها بسلام ومن دون دفع ثمن باهظ.
يجب علينا عدم استباق الأحداث.. فلننتظر لنعرف أولاً من هو الرئيس القادم لأميركا: ماكين أو أوباما، وبعدها فقط يمكننا الانطلاق في التحليلات كما نشاء، اعتماداً على شخصية ومواقف الرئيس الجديد المنتخب.

Wednesday, October 22, 2008

اليونسكو والأقصى: قرارات على ورق


المشاهد السياسي، 11 أكتوبر 2008

تُنفِّذ إسرائيل منذ فترة مخطّطا يهدف إلى هدم المسجد الأقصى بعد تهويد القدس. وقد كان التطوّر الأبرز على هذا الصعيد هو تبنِّي الحكومة الإسرائيلية مشاريع حفريات لهدم طريق باب المغاربة، أحد المعابر الرئيسية للوصول إلى المسجد.
حول هذه القضية حاورت مجلة المشاهد السياسي أحد المهتمِّين بإعمار المسجد الأقصى المبارك، وهو وزير الأوقاف الأردني السابق المهندس رائف نجم، والذي تحدث عن الاجتماع الجديد الذي تعقده لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو في باريس في تموز (يوليو) ٢٠٠٩، لاتخاذ قرار يتَّصل بباب المغاربة، بعدما تبيَّـن لها أن الحفريات فيه مستمرَّة، علما أن الجهة الشرقية للمسجد لم تَسلَم هي الأخرى من الاعتداءات.
لقد رفضت لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو المشروع الإسرائيلي القاضي ببناء جسر حديدي فوق الجسر الموجود، بأساسات خرسانية مسلّحة، تبلغ مساحة كل قاعدة منها ستة أمتار مربعة، بمعنى أنها ستدمّر الآثار الموجودة بكاملها، ولذلك لم توافق اليونسكو على المشروع الإسرائيلي.
لكن ذلك لن يوقف رغبات الاحتلال في توسيع مساحة الصلاة لليهود أمام حائط البراق، وإزالة تلّة المغاربة.
وتحت باب المغاربة، باب النبي (صلى الله عليه وسلم) الذي دخل منه ليلة الإسراء والمعراج، وهذا الأمر لا يعرفه الكثير من المسلمين، وهناك قوس الباب لكنه مقفل بالحجر، ولذلك يريد اليهود اختراق باب النبي (صلى الله عليه وسلم) عن طريق نفق يسير تحت الأرض، بسبب انخفاض باب النبي نحو ستة أمتار تحت باب المغاربة. وقد بدأوا بالحفريات على بعد مائة متر من الباب منذ مدة باتجاه باب المغاربة، من أجل الدخول الى المسجد الأقصى المبارك.
وبحسب المخطّط فإن ذلك الطريق سيكون بديلاً لباب المغاربة داخل الأقصى. وقد أعلنوا عن هدفهم بمخطّط تسنّى لنا الحصول على صورته، وهو مختوم بموافقة البلدية الإسرائيلية. واتّضح لنا أنهم سيستمرّون في الحفر من أسفل باب المغاربة في اتجاه قبّة الصخرة، مع أنهم وحتى يومنا هذا لم يعثروا على أي أثر لها، لأن القبّة لم تُنشأ على آثار يهودية.
وكما هو معروف، فإن هناك ٦٠ حفرية داخل القدس القديمة أسفرت كلها عن فشل ذريع في الكشف عن آثار يهودية في المدينة المقدّسة، وذلك باعتراف علماء آثارهم العاملين في الميدان، وجلّ ما اكتشفوه كان آثارا إسلامية ورومانية وبيزنطية ويبوسية، حيث أن اليبوسيين العرب هم الذين بنوا القدس سنة ٣٠٠٠ قبل المسيح.
وأوضح الوزير نجم أن إسرائيل تريد من وراء هذه الجهود المتواصلة إقناع يهود العالم بالقدوم إلى القدس، وهي تريد أن تثبت لهم أن حكوماتها المتعاقبة متمسّكة بالقدس، خصوصاً البلدة القديمة.
كما أكد أن إسرائيل تحاصر المسجد الأقصى بالكنس اليهودية، فهناك كنيس على بعد ٥٠ متراً من باب سوق القطانين عند حمام العين انتهى بأربعة أدوار، وهم يريدون بناء قبّة فوقه وهو يطلّ على المسجد الأقصى. وهناك كنيس آخر في النفق الغربي في منطقة الآثار الأموية، وقد أعلنوا أخيراً عزمهم على بناء أكبر كنيس في العالم، فوق المحكمة الشرعية الواقعة عند مدخل النفق الغربي، وسيتم تشييده من المعادن والزجاج، ويطلّ على المسجد الأقصى، وهو فوق سور القدس. كما توجد خمس كنس أخرى داخل البلدة القديمة وتحيط بالأقصى، والهدف منها هو تدمير المسجد .
منظمة اليونسكو تعرف الحقيقة الكاملة حول المسجد الأقصى، ولكنها لا تمتلك القدرة التنفيذية لقراراتها، ولذلك تلجأ لإصدار قرارات متوازنة لا تغضب ولا ترضي أحدا. ولذلك طلبت في قرارها الأخير في يوليو الماضي من إسرائيل استمرار التعاون مع الأردن والسلطة الفلسطينية للوصول إلى حلّ يرضي الجميع في باب المغاربة، وهذا أمر لا يمكن التوصُّل إليه. وقد عقدنا اجتماعين سابقين مع الإسرائيليين شاركتُ فيهما في القدس في العام ٢٠٠٧، ولم نتوصّل إلى حلّ، فطلبنا رفع الموضوع إلى لجنة التراث العالمية، لاعتقادنا بأنها ستقرّر أي المشروعين أفضل للتنفيذ، لكنها لم تستطع اتّخاذ قرار من هذا النوع، وكان قرارها الطلب من إسرائيل التعاون، ومن مركز التراث العالمي في باريس تقديم تقرير كل ثلاثة أشهر يبيّـن الوضع القائم في باب المغاربة وعرضه مرة أخرى في يوليو ٢٠٠٩ على اللجنة، وبذلك تكون إسرائيل قد كسبت الوقت والاستعداد من أجل تحضير المخصّصات اللازمة، وستكون مستعدّة للتنفيذ في أي وقت.
وكما هو واضح، فإن إسرائيل تتجاهل مشاعر المسلمين كافة، اعتماداً على القوّة الأميركية والڤيتو الأميركي، مع أن الحق يجانبها في ما تفعله، ولم تتمكّن من خلال حفرياتها المستمرة بإثبات أي حق قانوني أو تاريخي أو ديني لها في فلسطين والقدس، ومحاولاتها كافة باءت بالفشل، وبالتالي لم يبق لها إلا القوّة والدعم الأميركي اللامحدود.ويجب ألا نُغفِل هنا التخاذل العربي والإسلامي الشديد، ذلك بأن القدس لم تشكِّل بالنسبة إلى العرب حافزا على التضامن، وعلى العرب والمسلمين أن يعوا خطورة الأمر، إذ لا يجب ترك القدس في يد الاحتلال يعبث فيها كما يشاء، ولا شك في أن ما يجري هو امتحان كبير من الله عزّ وجلّ للأمتين العربية والإسلامية.

تكنولوجيا الـ«نانو» ترسم مستقبل العالم


المجتمع، ... أكتوبر 2008

مجلة "المجتمع" سلطت الضوء في عددها الأخير على شبه إجماع في الأوساط العلمية يقول: إن محرّك التقدم العلمي سيكون مرتبطا بنسبة كبيرة بالتقدم العلمي في مجالين، هما: الهندسة الجينية، وتكنولوجيا الـ "نانو".
ولما كانت الهندسة الجينية مرتبطة بشكل مباشر مع تكنولوجيا "النانو" (أي الأشكال المتناهية الصغر)، فإنه يمكن القول: إن تكنولوجيا الـ"نانو" هي التي تملك مفتاح التقدم العلمي للمستقبل بمقياس كبير، وهذا التقدم التكنولوجي سيغيّر معالم الحياة الإنسانية في هذا العالم تغييراً كبيراً، وإلى درجة قد لا نستطيع الآن تصور جميع أبعادها.
كانت الصناعة حتى الآن تقوم بالتعامل مع الأجزاء الكبيرة لصنع أشياء أصغر، فمثلاً تقوم بقطع شجرة لصنع منضدة، وكانت تترك وراءها كمية كبيرة من المخلفات التي تُعد خسارة من ناحية وتلويثاً للبيئة من ناحية أخرى، بينما تقوم الصناعة التي تستخدم تكنولوجيا الـ«نانو» بتركيب ذرة مع ذرة وجزيء مع جزيء لصنع جهاز ما، مثلما تضع طابقاً فوق طابق عند بناء حائط أو بناية.. لذا فليس هناك أي ضياع في المادة ولا أي مخلفات تلوث البيئة، كما أن الأجهزة المصنوعة بهذه التكنولوجيا لا تحتاج إلى كمية كبيرة من الطاقة.
وفي هذه التكنولوجيا يمكن تركيب ذرة مع ذرة مختلفة للحصول على خواص جديدة لم تكن موجودة سابقا؛ فمثلا أصبح في الإمكان الآن صنع قماش يقوم بتصليح نفسه عندما يحدث فيه ثقب أو شق، وذلك بوضع مادتين في القماش لهما قابلية إظهار ردود فعل سريعة وتفاعل عند حدوث الشق أو الثقب.

ومن العجيب أن تقوم الولايات المتحدة الأمريكية ببحوث مكثفة باستخدام تقنية النانو لصنع ملابس «عاقلة» للجنود، حيث تقوم هذه الملابس عند إصابة الجندي بجرح بتعيين مكان الجرح ومدى خطورته، وإرسال رسالة إلى المركز مع المعلومات الضرورية، مثل: نبض الجندي، ودرجة حرارة جسمه، وقياس ضغطه، ثم تقوم بإعطاء الدواء اللازم في جسم الجندي، وكذلك بتسليط ضغط على مكان الجرح لوقف النزيف، وإذا توقف نبض القلب تقوم بتدليك منطقة القلب لإعادة النبض.. ومع خفة وزن هذه الملابس إلا إنها ستكون بمثابة درع قوي ضد الرصاص!
كما بدأت هذه التكنولوجيا حالياً بصنع أنابيب شعرية دقيقة جداً، إلى درجة أنها تستطيع الحلول محل الشعيرات الدموية الدقيقة المتضررة للدماغ.
وهي الطفرة التي دفعت الصحيفة لإطلاق صيحة تحذير في وجه العرب والمسلمين أن استيقظوا أثابكم الله!
ونحن هنا ندق ناقوس الخطر، فإن لم تبدأ الدول العربية والإسلامية، وبسرعة، بجمع كفاءاتها الموجودة في الدول الغربية (وعددهم كبير) في هذا المجال، واستخدامهم وتيسير سبل البحث أمامهم، وتمويل هذه البحوث بملايين الدولارات، فإن هناك مستقبلاً أكثر ظلاماً من الوضع الحالي، وأخطر بكثير؛ إذ قد تصل إلى مرحلة العبودية الكاملة للغير، لأنها ستضطر اضطراراً للركوع أمام هذه الدول التي تستخدم هذه التكنولوجيا، ومنها «إسرائيل» التي بدأت الأبحاث في هذا المجال.
لذا فالحل يكمن في تشكيل هيئة علمية من العلماء العرب والمسلمين، وتوفير المختبرات العلمية لبحوثهم في هذا المجال، وتمويل المشروع من قِبَل دول الخليج الغنية.
ومنظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية هما الجهتان المؤهلتان لتنفيذ هذا المشروع الحيوي، وستكونان مسؤولتين أمام الله وأمام الشعوب الإسلامية وأمام التاريخ إن أهملتا هذا الموضوع.
ألا هل بلغت؟ اللهمَّ فاشهد

العرب تحت أنقاض الانهيارات الأمريكية


الكفاح العربي، 13- 19 أكتوبر 2008

كان الأسبوع الماضي الأسوأ في تاريخ البورصات العربية منذ إنشائها, عقب التراجعات الحادة التي سجلتها الأسواق المالية الأميركية والآسيوية والأوروبية.
مجلة "الكفاح العربي" سلطت الضوء على الثمن الباهظ الذي يدفعه العرب الآن نتيجة ربط اقتصاداتهم بالدورة المالية الأميركية, لدرجة أن خسروا في أيام ما حصَّلوه طيلة عقود؛ ففي الرياض وأبو ظبي ودبي ومسقط والكويت تجاوزت نسبة الخسائر عشرات المليارات من الدولارات خلال أيام, رغم محاولات الطمأنة. فيما ذهبت بعض التقديرات إلى أن خسارة بلدان النفط الخليجية لن تقل عن 170 مليار دولار في التقديرات الأكثر تفاؤلاً، ولا يدري أحد.. فربما كان القادم أسوأ!
تباينت ردات فعل الأسواق في المنطقة العربية حيال الأزمة المالية العالمية بتباين الإجراءات التي اتخذتها الحكومات والمؤسسات الاستثمارية الرسمية من جهة، وتباين الروابط بين المؤسسات المالية والمصرفية والاستثمارية لهذه الدول والسوق الأميركية من جهة أخرى. وبالإجمال تفيد أحدث التقارير المالية، والتي تصدرها المؤسسات البحثية، أن قيمة الاستثمارات في البورصات الخليجية تراجعت بمقدار 120 مليار دولار، فيما وصلت خسائر مؤسسات مالية عريقة إلى عشرات المليارات من الدولارات.
وعلى مستوى دول الخليج العربي كانت ردة فعل الأسواق "عنيفة"؛ فمعظم الأسواق شهدت تراجعا حادا وقياسيا أعاد إلى الأذهان هزات كبيرة في تاريخ هذه الأسواق.
ومن أجل تخفيف آثار الأزمة اتخذت حكومات في المنطقة إجراءات تمثلت في الإيعاز لمؤسسات استثمارية ضخ أموال كبيرة في السوق المالية لضمان عدم الانهيار مثلما فعلت الحكومة الكويتية, فيما عملت الإمارات العربية المتحدة على خفض أسعار الفائدة على الدرهم نصف نقطة مئوية لخفض كلفة الاقتراض وجعل نافذة الاستثمار بالأسهم أكثر جدوى من الاستثمار في الودائع المصرفية.
وفي الأردن... ورغم تأكيد مسؤولين رفيعي المستوى أن الأردن بعيد عن تأثير الأزمة المالية العالمية, إلا أن السوق المالية تجاوبت بشكل عكسي مع هذه التصريحات وتراجعت خلال 4 أيام نحو 16 بالمئة وفقدت نحو5,3 مليار ات دينار أي حوالى 5 مليارات دولار.
ومع استمرار مسلسل التراجعات والخسائر الفادحة في الأسواق المالية العالمية نقلت المجلة عن خبراء ماليين واقتصاديين خليجيين قولهم: إن الأزمة الراهنة تمثل فرصة ذهبية للقطاع المالي الإسلامي وأدواته, وقد كشفت مصادر مطلعة أن هذه الأدوات غدت قبلة أنظار المستثمرين؛ باعتبار أنها كانت الأقل ضررا مقارنة بالمنتجات الأخرى.
كما تشهد الصيرفة الإسلامية نموا متسارعا في الوقت الحاضر؛ ليس بسبب تنامي السيولة المالية في دول المنطقة فحسب, بل بسبب توسع رقعة الحلول والمنتوجات المالية الإسلامية التي تواكب حاجات قطاعات واسعة من المستثمرين، سواء الحكومات أو الشركات أو المؤسسات المالية الإسلامية نفسها.
لقد أظهرت الصكوك الإسلامية بأنواعها نجاحا متميزا خلال السنوات الماضية من انتشار واسع, والذي يظهر جليا من خلال نمو القطاع حجما وتطورا, حيث لم يبدأ المستثمرون في شراء المنتجات المطابقة لأحكام الشريعة الإسلامية فقط، بل بدأت أيضا الشركات والمؤسسات غير الإسلامية بالتفكير في جمع الأموال عن طريق استخدام الوسائل الإسلامية.
من جانب آخر, قالت"سواتي تانيجا"، مديرة مؤتمر منتدى التمويل الإسلامي الذي عُقد في اسطنبول بين 13­17 أكتوبر الحالي: إن هذه الفرصة الذهبية تتمثل في بروز قطاع التمويل الإسلامي كبديل اقتصادي ناجح بطبيعته, وهو النموذج الذي يحتاج إليه العالم الآن. مضيفة: إن الفرصة لم تكن مواتية للمستثمر الحذر الذي اكتوى بنار الأزمة الائتمانية العالمية أكثر من الآن حتى يبدأ باستكشاف ما الذي يمكن للأسواق الإسلامية أن تقدمه، خصوصا وأن المنتجات المالية الإسلامية تتجنب تماما أساليب المضاربات, وهو بالضبط ما يهدف إليه المشرعون في الحقبة الجديدة التي بدأنا بدخولها.

Sunday, October 19, 2008

!وهل ينجح الحوار هذه المرة؟


"البيادر السياسي"، 11 أكتوبر 2008


هل سينجح الحوار بين الفرقاء الفلسطينيين؟ وهل سيختلف عن جلسات الحوار السابقة؛ فيعيد اللحمة إلى هذا الشعب الصامد؟ أم هو مجرد حوار لرفع العتب؟
هل سينتهي الانقسام الفلسطيني؟ أم أن كل ما يُبذل من جهد هو لتهدئة المواطن وتخديره فقط ؟!
تساؤلات عديدة تدور في عقول كل المسلمين والعرب، وهم يراقبون عن كثب الاتصالات المصرية الحثيثة من أجل استئناف الحوار الفلسطيني - الفلسطيني في القاهرة سواء تحت رعاية مصرية أم تحت رعاية الجامعة العربية.
عدة جهات معادية لشعبنا الفلسطيني لا ترغب في نجاح هذا الحوار، حتى أنها لا تريد أن تعقد ولو جلسة واحدة له، ولذلك نراها تحاول بث شائعات ودس السموم في فبركاتها العديدة للإيقاع بين الأخوة أبناء الشعب الواحد.
لكن بعد فترة من التشاور والاستفسار وإجراء لقاءات مع قادة الفصائل، ذكرت مصادر عديدة أن مصر استطاعت وضع الخطوط العريضة للحوار الفلسطيني من أجل التوصل إلى اتفاق شامل ونهائي.. ومن هذه الخطوط العريضة:
* وقف جميع أعمال الاتهامات والتصريحات التي تصب الزيت على النار، وأهمها وقف الحملات الاعلامية المتبادلة.
* تشكيل حكومة انتقالية أو مرحلية أو مؤقتة تضم وزراء من المستقلين المحسوبين على مختلف الفصائل تكون مهمتها الإعداد لانتخابات برلمانية ورئاسية على حد سواء.
* إجراء الانتخابات الفلسطينية الشاملة للرئاسة والمجلس التشريعي في موعد أقصاه الصيف القادم.
* تفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية، والعمل على ضم حماس والجهاد الاسلامي والأحزاب الأخرى إلى هذه المنظمة كي تمثل كافة فصائل وشرائح المجتمع الفلسطيني.
* تأكيد الالتزام باتفاق الوفاق الفلسطيني وكذلك باتفاق القاهرة لعام 2005، وتأكيد إيجاد حل لأي خلاف أو سوء فهم عبر التحاور والتشاور، ومنع استخدام القوة العسكرية لحسم أي خلاف.
هذه الخطوط العريضة لاقت استحسان جميع الفصائل الفلسطينية، لكن الخلاف الأكبر يبقى حول آلية التنفيذ لهذه المبادىء أو الخطوط العريضة.
على كل حال سيكون الحوار مركزاً على آلية تنفيذ الافكار والآراء والخطوط العريضة، ويبقى التساؤل: هل يمكن التوصل إلى صيغة تفاهم حول هذه الآلية أمام هواجس وتحفظات واجواء عدم الثقة القائمة حالياً بين طرفي النزاع الأساسيين حماس وفتح!؟
تطالب فتح بضرورة تراجع حماس عما تسميه "انقلابها" العسكري وتسليم كل ما سيطرت عليه للسلطة، في حين أن حركة حماس ترفض ذلك.
وترى الفصائل الأخرى أن آلية تنفيذ الاتفاق يمكن أن تكون أو تمثلها الحكومة الانتقالية أو المرحلية التي تتسلم كل الأمور والمؤسسات، وتعمل على تفعيل نشاطات هذه المؤسسات وإعادة بناء هيكلها العام وخاصة المؤسسات الأمنية التي يجب أن تكون بعيدة كل البعد عن الصراع الداخلي الفلسطيني، وبعيدة عن التحزبات أو الانتماءات الفصائلية، وعليها أن تكون الدرع الواقي للوطن من الأعداء في الداخل و الخارج... ولا تتدخل في أي سوء فهم حزبي أو فصائلي.
لكن حماس تصر على معرفة آلية التنفيذ والتطبيق، وتصر على عدم مصادرة ما حققته من إنجاز سياسي نتيجة ما قامت به من إجراء استباقي في القطاع قبل حوالي العام والنصف تقريبا.
رغم هذه الصعاب الموضوعة أمام استئناف هذا الحوار، إلا أن الجانب المصري مصمم على مواصلة الجهود لاستئناف الحوار الفلسطيني، ومصمم على إنجاحه لأن الوفاق الفلسطيني يصب في مصلحة مصر. ولأنه لا مفر من إجراء الحوار، ولا مفر من الوفاق، فالمطلوب هو توفير الوقت والجهد، والتوصل إلى اتفاق يحيي الحوار الجاد الذي يؤدي إلى النتائج والقرارات المرجوة.

يوم النصر العظيم


"الأهرام الاقتصادي"، 6-12 أكتوبر 2008


لم يكن السادس من أكتوبر نصرًا عسكريا فقط‏..‏ ولحظة العبور العظيم في العاشر من رمضان لم تكن لحظة ساد فيه جيش علي العدو‏.‏. والشهداء الذي روت دماؤهم أرض سيناء العطشي لم يقدموا أرواحهم فداء لأرض أو تبة أو سهل فحسب‏.‏. لقد كان السادس من أكتوبر لحظة المحك والاختبار لإرادة الأمة.
بهذه الكلمات بدأت مجلة الأهرام الاقتصادي موضوع غلافها الأخير، والذي خصصته لذكرى انتصارات أكتوبر، وكتب تقدمته ا‏.‏ د يوسف بطرس غالي - وزير الاقتصاد آنذاك ـ ووزير المالية حاليا.
إننا اليوم نخاطب جيلا جديدا لم يشهد الحرب ولم يذق ويلاتها أو يصطلي بنارها‏,‏ لكي نذكره بهذا النصر، وبالمعاني النبيلة التي حملها في طياته‏.‏ وقد حان الوقت لكي يعرف كل شاب وشابة أن عليهم الوفاء بالدين‏,‏ وحمل راية لم تنتكس‏,‏ والاستمرار في مسيرة بدأها أجدادهم منذ سنين‏.
إن السادس من أكتوبر لم يكن نصرا عسكريا فحسب‏,‏ لقد كان علامة تحول فارقة,‏ وفيصلا بين الهزيمة والنصر‏,‏ بين الانكسار والكرامة‏,‏ بين التراجع والتقدم‏,‏ ولو تأملنا في آثاره الاقتصادية فقط لوجدناها أكثر من أن تحصي.
‏‏

الحشود السورية شمال لبنان مجرد انتشار سياسي!


"الأفكار"، 7- 13 أكتوبر 2008


على الساحة اللبنانية.. أصبح ساركوزي في الواجهة بدل بوش، معتقدًا أن سورية لن تُخلف معه الوعد في لبنان، وثمة من يقول إن بوش لا يريد أن يتورط في مساعدة لبنان أكثر من ذلك.
لكن مالفارق بين أن يكون الذي يتدخل هو بوش أو ساركوزي؟ أوليس هذا الأخير هو الذي قال غير مرة عن نفسه: إنه يشعر في فرنسا وكأنه مواطن أمريكي.
مجلة الأفكار استنبطت من هذا التحول أن الأسرار أصبحت تُستقى من فرنسا لا من واشنطن؛ فسلطت الضوء على زيارة قام بها وفد من قوى الرابع عشر من آذار إلى باريس نهاية الشهر الماضي.
رغم أن المثل يقول: (خذوا أسرارهم من صغارهم)، فإنه في الموضوع الأمريكي - السوري يُحتَّم أخذ الأسرار من فرنسا أفضل حليف للولايات المتحدة في هذه المرحلة.
وجاء أخذ الأسرار بقرار من قوى الرابع عشر من آذار، حيث توجه كلا من النائبان مروان حمادة، وسمير فرنجية، والنائب السابق فارس سعيد، ورئيس تجمع الوطنيين الأحرار المهندس دوري شمعون إلى باريس نهاية الشهر الماضي لمعرفة ما إذا كان هناك تحولا في الموقف الفرنسي، أو استطرادًا في الموقف الأمريكي من سورية، خصوصا بعدما نشرت الأخيرة قواتها العسكرية على الحدود الشمالية مع لبنان.
هذا الانتشار اعتبره وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، «لا يهدد أحدا»، في محاولة منه لتطمين "أصدقائه اللبنانيين".
كما أكد الرئيس السوري بشار الأسد أن الانتشار يهدف إلى قطع دابر تهريب المخدرات والسلاح.
ورغم هذه التطمينات تملكت قوىالرابع عشر من آذار الهواجس من أن يكون هذا الانتشار العسكري مقدمة لدخول عكاروالوصول إلى طرابلس، عندما تدق الساعة المناسبة على الطريقة التركية في شمال العراق! وأن هذا الدخول إذا حصل سيكون -كما ذكرت وكالات الأنباء- بغطاء فرنسي أوروبي، كما كان الدخول السوري العسكري إلى لبنان عام 1976 بغطاء أمريكي.
ماذا سمع رباعي قوى الرابع عشر من آذار، وهو يحمل هذه الهواجس إلى دوائر (قصر الإليزيه)، ودوائر قصر (الكي دورسيه)، مقر وزارة الخارجية الفرنسية عند جادة (كليبر)، حيث تقع السفارة اللبنانية في أحد منعطفاته المسمى شارع (كوبرنيك)؟!
ماسمعوه هو الأتي:
* أولا: الرئيس ساركوزي هو الآن رئيس الاتحاد الأوروبي حتى أول يناير عام 2009، وكلمته هي كلمة أوروبا.
* ثانيًا: الرئيس ساركوزي – وخصوصا بهذه الصفة- لن يكون غطاء لأي تدخل عسكري سوري في لبنان.
* أي انفتاح فرنسي-أوروبي على سوريا لن يكون على حساب لبنان.
* يجب وضع النقاط فوق حروفها فيما يتعلق بالعلاقات الأوروبية-الفرنسية-السورية.
ورغم ذلك عاد رباعي 14 آذار ولم يطمئن قلبه للانتشار العسطري السوري على الحدود الشمالية.

طائرات "الشبح".. وشبح الحرب


"الكفاح العربي"، 6 – 12 أكتوبر 2008


يقول الخبراء إن مهاجمة إيران ليست هي الغرض من المنظومة الجوية الإسرائيلية الجديدة, ومع ذلك لا يمكن استبعاد هذا الاحتمال المفتوح؛ خاصة وأن هذه المنظومة الجوية تضم 75 مقاتلة من طراز اف­35 (أو الشبح)، تبلغ قيمتها 15 مليار دولار, وهي الطائرة التي لا يكتشفها الرادار ولا تمتلكها سوى أمريكا وإسرائيل.
"الكفاح العربي" اعتبرت هذه (الشبح) قفزة في الآداء الجوي الإسرائيلي, تضاف إلى قفزة أخرى هي القذائف الذكية التي تخترق الأهداف المحصنة, وثالثة هي نظام الرادار المتطور (إف بي إكس) الذي يرتبط بقاعدة أميركية في أوروبا، وشبكة إنذار أميركية تعمل بالقمر الصناعي. مما يؤكد في النهاية أن موقع إسرائيل الاستراتيجي لم يتبدل في الأولويات الدفاعية الأميركية، وأن خطرها في المنطقة يتزايد يومًا بعد يوم.
دراسة استراتيجية صدرت قبل أسابيع عن مؤسسة واشنطن لدراسات الشرق الأدنى, طرحت السؤال وحاولت الاجابة عنه. والسؤال هو: هل ثمة رابط ما بين التفوق النوعي العسكري الإسرائيلي على كل دول المنطقة, وبين الاصطفاف الاستراتيجي الجديد في الشرق الأوسط بين إيران وحلفائها، والولايات المتحدة وأصدقائها؟
ولم تكن الإجابة مجرد الإثبات، بل التأكيد على أن هناك علاقة وثيقة جدًا بين الأمرين؛ فمصالح الولايات المتحدة متشابكة بشكل لا رجعة عنه مع مصالح إسرائيل لأسباب تاريخية, وأخلاقية, وسياسية.
ومنذ إن اعترف الرئيس ترومان بدولة إسرائيل الجديدة في 14 مايو 1948, دعمت الولايات المتحدة وضمنت بقاء إسرائيل.
والآن, لا تزال إسرائيل أكبر متلقٍ للمساعدات العسكرية الأميركية في العالم.
هذا الالتزام كأمر واقع بالحفاظ على التفوق النوعي الإسرائيلي جاء أولا على لسان الرئيس رونالد ريغان, ثم تبنته كل الإدارات اللاحقة التي شددت أيضا على أن التكتيكات والتدريبات الإسرائيلية المتفوقة ستعوِّض عن أي ميزة قد يحصل عليها العرب من خلال مبيعات الأسلحة المتطورة. ورغم ذلك لا تزال هذه المبيعات موضع خلاف بين تل أبيب وواشنطن.
هذا وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية عن موافقتها على صفقة لتطوير النظام الصاروخي المضاد للطائرات «باتريوت» وهو في حوزة الجيش الإسرائيلي, وتزويد إسرائيل بـ28 ألف قاذفة صواريخ مضادة للدروع من نوع «لاو» للقوات البرية.
كما وافقت واشنطن على تزويد إسرائيل بـ25 طائرة «شبح» اف­35 مع ترك الباب مفتوحا أمام شراء 50 طائرة إضافية ضمن صفقة الـ15.2 مليار دولار, في إطار المصالح الاستراتيجية الحيوية المشتركة بين البلدين. ولا يستبعد الخبراء الاستراتيجيون أن تعيد هذه الصفقة إطلاق سباق التسلح في المنطقة على مدى واسع بين إسرائيل وإيران وسوريا بصورة خاصة.
هذا الوضع أدى إلى ما وصفته الوزيرة رايس بـ«الاصطفاف الاستراتيجي الجديد» في الشرق الاوسط, بين الولايات المتحدة وتلك الحكومات الراغبة في تعزيز السلام والاستقرار ضد أولئك الذين يدعمون التطرف العنيف. هذا التجمع يضم تركيا وإسرائيل ومصر والأردن ودول مجلس التعاون الخليجي, جنباً إلى جنب مع قادة 14 آذار في لبنان والسلطة الفلسطينية. ورغم أن الفعالية المستقبلية لهذا الائتلاف الاستراتيجي في مواجهة إيران لا تزال موضع شك, إلا أن التهديد الإيراني الكامن للاستقرار الإقليمي ليس كذلك.
وللمساعدة على تعزيز هذا «الاصطفاف الاستراتيجي الجديد», يقترح بعض المحليين وصناع القرار ان تعرض الولايات المتحدة مجموعة من الترتيبات الأمنية الرسمية والبيانات التي تؤكد التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن إسرائيل وشركاء أميركا الخليجيين ضد أي هجوم نووي.
أما السيناريوات المتداولة على المدى القريب فتقول إن تجدد الحرب مع «حزب الله» وارد, وأن المواجهة مع الجيش السوري واردة أيضا, فيما تتهيأ إسرائيل في الوقت نفسه لعملية برية واسعة في قطاع غزة. ويبقى السيناريو الأكبر هو احتمال توجيه ضربة خاطفة لإيران لإعاقة مشروعها النووي.

Saturday, October 11, 2008

إرسال قوات عربية إلى المناطق الفلسطينية !


مجلة "البيادر السياسي"، 20 سبتمبر – 6 أكتوبر

لقد أعطى الانقسام الفلسطيني المجال لطرح خطط ومبادرات ومشاريع حلول مختلفة من أجل رأب الصدع الفلسطيني وإنهاء الخلاف الحالي.. كما أصبح هذا الانقسام "شماعة" يعلق عليها آماله كل من أراد تمرير مشاريعه وآماله وطموحاته، وأضحى اليافطة التي قد تمر عبرها، وتُحاك بسببها المؤامرات الكثيرة التي تستهدف حل القضية الفلسطينية، بل في الواقع تصفيتها، وتحويلها إلى قضية إنسانية معيشية فقط!
ليس هذا وفقط، بل ترى مجلة "البيادر السياسي" أن الانقسام يعتبر أيضًا مدخلا من المداخل التي تستخدمها اسرائيل لتحقيق طموحاتها وأهدافها في عدم قيام دولة فلسطينية، وفي الوقت نفسه يعتبر بابا للتخلص من حكم شعب فلسطيني وتحويل المسؤولية لعالمنا العربي!

قبل فترة قصيرة تحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية، ومواقع صهيونية مختلفة، عن وجود خطة عربية، هي سعودية مصرية في الأساس، كان العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز قد عرضها على الرئيس المصري حسني مبارك لدى زيارته الأخير للسعودية، وتتضمن الخطة 11 بنداً، وتهدف في الأساس إلى حل الإشكال والنزاع بين حركتي فتح وحماس.
وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن هذه الخطة عُرضت على العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وعلى وزير الدفاع الإسرائيلي أيهود براك لدى زيارته للأسكندرية مؤخرا.
وادعت هذه المصادر أن هناك موافقة عربية على هذه الخطة كما أن هذه الخطة قد تطبق فيما بعد على مناطق الضفة الغربية، أي إرسال قوة عربية إلى الضفة الغربية بإشراف أردني!
إلا أن الأردن ومصر وحماس وفتح والسلطة وكل من يعنيه الأمر نفوا وجود مثل هذه الخطة، حتى أنها لم تُطرح أمام مجلس وزراء الخارجية العرب الذين اجتمعوا أوائل شهر أيلول الجاري في القاهرة.

وتقول مجلة البيادر: إن دوائر عربية أكدت لها استحالة قبول مصر بهذه الخطة، وإنها ليست عربية بل إسرائيلية؛ إذ أن الجانب الإسرائيلي يتمنى ويسعى ويبذل قصارى جهوده لإعادة القطاع إلى الإدارة المصرية، ومصر ترفض ذلك لأن القطاع جزء من الدولة الفلسطينية، ولأن مصر غير مستعدة للتورط في الخلاف الداخلي الفلسطيني عبر إرسال قوات إلى القطاع. وقد أكدت نفس الدوائر أن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني هو الآخر يرفض هذا العرض.
من هنا يمكن الجزم بأن الأردن ومصر ترفضان رفضا قاطعا التدخل المباشر في الخلاف، ومستعدتان للتوسط ولكن دون أن يكون أي منهما طرفاً في هذا الصراع الفلسطيني الداخلي.

إذا نجح الحوار فإن الخطة ستسقط وتفشل، أما إذا لم ينجح الحوار فلا يستبعد أحد أن تتحول الخطة من مجرد وهم، إلى حقيقة تُفرض على شعبنا بالإكراه أو بالإقناع أو بغيرهما. حتى إذا استطعنا محاربة مثل هذه الخطة، فما المانع من أن توضع خطة تكون أكثر ضرراً من هذه الخطة لأن خلافنا أو انقسامنا هو سبب ضعفنا، وسبب تدخل أكثر من جهة في شؤوننا؟!
لا بدّ من الإشارة هنا إلى أن انهماكنا في خلافاتنا هو لصالح إسرائيل التي قد تُطلق أو تتبنى خطة أو مخططات أو مبادرات من وراء الكواليس لا تهدف إلى الحل بل إلى تصفية القضية؛ ولهذا على الفلسطينيين أن يكونوا حذرين لأن الوضع الحالي سيء جداً، وإذا بقينا مختلفين ومنقسمين فإننا سنرى العجب في خطة جديدة تكون أسوأ من هذه الخطة "الوهمية" حاليا، والتي قد تصبح حقيقية، ولربما مطلباً وطنياً فيما بعد!

مرحلة التقسيم الناعم


مجلة الكفاح العربي، 29 سبتمبر – 5 أكتوبر 2008

هل بدأت كردستان رحلة الانفصال النهائي عن السلطة المركزية في بغداد؟ وهل تصبح العراق في المرحلة القادمة عبارة عن (كردستان ـ شيعستان ـ سنستان)؟
سؤالان أفرزهما القانون الذي أقره البرلمان العراقي مؤخرًا لإجراء الانتخابات المحلية, والذي استثنى كركوك واربيل والسليمانية ودهوك من الخريطة الانتخابية, وهو الأمر الذي اعتبره المراقبون هروباً من حل مشكلة كركوك، إلى تكريسٍ قانونيّ للوضع الخاص لكردستان، التي تسعى إلى الفدرالية إذا ما تعذر الانفصال.
مجلة «الكفاح العربي» قرأت في التشريع العراقي الأخير بداية انعطاف حقيقي نحو نظرية التقسيم الناعم, بعد جولات الحرب المذهبية التي أعادت تعريب العراقيين استنادا إلى طوائفهم وإثنياتهم, كما أفرغت بغداد من معظم أهاليها السنة.

يتفق الكثيرون على أن العودة إلى نظام مركزي في العراق باتت شبه مستحيلة, وأن نظاما سياسيا جديدا يجب أن يحكم عراق ما بعد صدام, لكنهم يذهبون مذاهب شتى حول طبيعة النظام السياسي المقترح. منهم من دعا إلى الفدرالية وإن اختلف دعاتها في التفاصيل, ومنهم من يدعو إلى الكونفدرالية, ومنهم من يستسيغ التقسيم, وقد ظهرت في الآونة الأخيرة تسريبات إعلامية تفيد أن تقريرا للاستخبارات الأميركية أوصى بتعيين أحد الجنرالات العراقيين ليكون قائدا للبلاد في حال فشل الحكومة الوطنية.
وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع ما يقدمه هؤلاء المنظرون فإنه يشكل وجهات نظر سائدة في دوائر صنع القرار الأميركي وقد تتحول أي من هذه الأفكار إلى واقع بين يوم وليلة. من هنا تأتي أهمية محاولة تفهمها واستيعابها, ومن ثم تحديد أسلوب التعامل معها فكريا أو على صعيد الواقع السياسي.

في الرابع عشر من شهر يوليو الماضي شكلت القناة الرابعة البريطانية، بالتعاون مع مركز السياسة الخارجية، لجنة مستقلة غير حزبية تهدف إلى دراسة الوضع في العراق وبحث سبل الخروج من الأزمة المستفحلة هناك. وقد اعترف تقرير اللجنة البريطانية، على نحو لا لبس فيه, بأنه "لم يتبق في العراق سوى خيارات مؤلمة".
وهي النتيجة نفسها التي توصل إليها البنتاغون في تقرير له تحت عنوان: «قياس الأمن والاستقرار في العراق»، حيث وجد أن الأمن في العراق يمر بأكثر حالاته تعقيدًا منذ الغزو.
أما الأكراد فهم يهددون بالانشقاق علنا، فقد قال مسعود البرزاني, الذي يشكل السلطة الحقيقية في كردستان, متحدّيا: إذا أردنا الانفصال, فسوف نقوم به من دون تردد أو وجل!

ورغم شعارات الأخوة والوحدة الوطنية التي ينادي بها الزعماء السياسيون من عرب وأكراد على حد سواء, فإن علامات الاختلاف تبدو واضحة في كثير من الحالات, فالميليشيا الكردية المسلحة، التي تضم أكثر من خمسين ألف مقاتل، يجري توزيعها حاليا على الجيش العراقي الجديد وقوات الشرطة وحراس الحدود, لكن هؤلاء الأفراد ما زالوا يحملون على بزاتهم الرسمية الجديدة علم كردستان وليس العلم العراقي الرسمي, ومن المرجح أن يتحولوا إلى جيش داخل الجيش النظامي يمكن بكل سهولة دعوته إلى القتال دفاعا عن كردستان إذا ما اقتضى الأمر.
مخاوف الانقسام أكدها استطلاع للرأي العام العربي, أجرته في الآونة الأخيرة «مؤسسة زغبي العالمية لاستطلاعات الرأي» في خمس دول عربية, هي المملكة العربية السعودية, ومصر, والإمارات العربية المتحدة, والأردن, ولبنان، حيث كشف عن مشاعر سلبية إزاء الدور الذي تؤديه كل من الولايات المتحدة وإيران حاليا في العراق. وما إن وُجه السؤال إلى المستطلعة آراؤهم عما هو الجانب الأكثر إثارة لقلقهم ومخاوفهم إزاء العراق, حتى جاءت إجابات ما يقارب نسبة 50 في المئة منهم: أن يتم تقسيم العراق وتمزيقه إلى ثلاثة أقاليم مستقلة ذاتيا, أو ينحدر إلى حرب أهلية شاملة, تمتد تأثيراتها إلى خارج حدوده, مؤدية إلى نشوء أزمة إقليمية.

العودة إلى أفغانستان


"مجلة "المشاهد السياسي


سبع سنوات مضت على أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ودخان الحرائق الناجمة عن اصطدام الطائرتين ببرجي التجارة العالمية لا يزال يترسّب في صدور الأميركيين، والضربة التي تلقّاها مبنى البنتاغون لا تزال تتشظّى حروبا هنا وهناك وهنالك، على امتداد العالم.
إنها سنوات الخوف والعنف والتطرّف في أفغانستان والعراق وفلسطين ولبنان، سلطت مجلة "المشاهد السياسي" عليها الضوء، حيث عادت بالأذهان إلى الوراء، وتحديدًا إلى العام 2001، حينما احتُلت أفغانستان.

تنتصب «القاعدة» هذه الأيام بقامتها كاملة في معظم المناطق الأفغانية، وتهدّد بإعادة أفغانستان إلى ما كانت عليه قبل حرب ٢٠٠١، رغم وجود قوات الأطلسي.
فيما يتلاقى معظم الخبراء على أن الولايات المتحدة خسرت الحرب ضد طالبان، وهي اليوم تواجه عودة قويّة لمن تسمّيهم «الإرهابيين» إلى المناطق الجبلية الباكستانية.
في هذا الصدد يقول "أنتوني كوردسمان"، الخبير في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية: إن انتشار سبعين ألف جندي أجنبي في إطار القوّة الدولية التابعة لحلف الأطلسي، من أجل المساعدة على إرساء الأمن، لم يمنع الهجمات من أن تتضاعف في العامين الأخيرين، ومن أن تزداد ضخامة ونوعية. وآخر هذه الهجمات الكمين الذي أودى بحياة عشرة جنود فرنسيين في منتصف أغسطس الفائت، والهجمات التي تطارد الدوريات الأميركية والبريطانية، أضف إلى ذلك قتل حوالي مائتي جندي من القوّات الأطلسية في الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، فيما كان العام ٢٠٠٧ الأكثر دموية في صفوف القوّات الدولية منذ الإطاحة بنظام طالبان في نهاية ٢٠٠١، حيث سقط من عناصرها ٢٣٢ قتيلاً.
أما حصيلة الضحايا المدنيين فقد فاقت هذا الحد بكثير، إذ قُتل منهم ٩٠٠ منذ يناير، بحسب مصادر أفغانية، سواء في اعتداءات أو بأخطاء ارتكبتها القوّات المسلّحة.

هذا الجحيم لا تبدو له نهاية في الأفق، وقد أكد ذلك بروس ريدل المسئول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، حين قال: (يبدو من المرجّح أن تستمر الحرب في أفغانستان وباكستان لأكثر من عقد)!
من المسئول إذن عن هذه الفوضى التي اجتاحت العالم؟ إنها إدارة الرئيس بوش، التي حازت على لقب أكثر الإدارات غباءً باقتدار!
وخلاصة القول: إن الإدارة الأميركية، وقبل قليل من انتهاء الولاية البوشيّة الثانية، لا تزال غارقة في المستنقع الأفغاني، وليس هناك ما يدلّ على أنها سوف تخرج قريباً من الورطة العراقية، واليقين الوحيد في زحمة الاستحقاقات السياسية والأمنيّة هو أن الأتربة والدخان في الموقع الذي تهدّم في قلب مانهاتن، إثر أحداث سبتمبر، تسببت للسكان بأمراض صدرية عديدة، وصل بعضها إلى حدّ نوبات خطرة، لا يزال يعانيها الكثيرون، في الوقت الذي تنسدّ المنافذ الأمنيّة والسياسية على الحلول في الشرق الأوسط الكبير الذي أرادته الإدارة الأميركية «واحة ديمقراطية»، فإذا به يغرق من جديد في أنهار الدم والتمزقات الطائفية والعرقية والسياسية على السواء.
إن إصرار الولايات المتحدة على توظيف أحداث الحادي عشر من سبتمبر (التي لم تتّضح هويّة معدّيها حتى الآن) في الهيمنة على منابع النفط وممرّاته ومصبّاته وأسعاره، تجعل من الحرب على الإرهاب حربا تؤجج العداء بين «الشرق الإسلامي» و«الغرب المسيحي»، وتُنتج كل يوم أبراجا شاهقة من الكراهية والتعصُّب.