برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Tuesday, August 18, 2009

الأغذية المعدلة وراثيًا


البيئة والتنمية، يوليو - أغسطس 2009

أثارت الهندسة الوراثية عددًا من المخاوف، منها الهمُّ الأخلاقي من التدخل في خلق الله، والهمُّ البيئي من إفلات كائنات غريبة من المختبرات وغزوها التنوع البيولوجي الطبيعي، والهمُّ الطبي من مخاطرها على صحة البشر.
مجلة البيئة والتنمية قدمت إضاءة عل تاريخ البيوتكنولوجيا ومحدودية الدور العربي في أبحاثها وفي المفاوضات الدولية المتعلقة بتنظيم مداولة الكائنات المعدلة وراثيًا.

التكنولوجيا الأحيائية أو البيوتكنولوجيا هي "علم الكيمياء البيولوجية وتطبيقاته الرامية إلى توفير منتجات وخدمات لرفاه الإنسان. وتشمل هذه الكيانات النباتات والحيوانات والكائنات الدقيقة ومكوناتها دون الخلوية. وقد استخدم الإنسان تكنولوجيات أحيائية منذ القدم لإنتاج الغذاء والألياف والأدوية والعديد من المنتجات "الصناعية" كالخبز والخبز وأنواع شتى من الأطعمة والسلع المختمرة.
لكن حداثة الهندسة الوراثية أثارت عددًا من المخاوف مكمنها أن الكائنات التي لم تنشأ بانسجام مع الطبيعة، وبالتالي لا يمكن التنبؤ كيف يمكن تصرفها في نظام بيئي طبيعي، وقد يشكل تصرفها هذا خطرًا على البشر وغيرهم من الكائنات، وربما كان احتواؤه عبًا أو مستحيلا, ولئن يكن التفاعل بين الكائنات الحية الموجودة طبيعيًا والتي تتبع مبادئ البيولوجيا الطبيعية قد جُرِّب على مدى آلاف السنين، فإن التفاعل مع الكائنات المعدلة وراثيًا، ليس معروف النتائج لا سيما مع انتهاك تلك المبادئ في المختبر.
وبمرور السنين، خفَّ الكلام عن هروب كائنات ممسوخة من المختبرات، وازدادت ثقة الرأي العام؛ مما حفز الاستغلال التجاري لكثير من المنتجات المهندسة وراثيًا على نطاق واسع. إلا أن انطلاقها في البيئة الطبيعية أثار تخوُّفًا جديدًا: يتعلق بتأثير هذا "الغزو" الواسع على التنوع البيولوجي الطبيعي.

وأشارت المجلة إلى خطورة هذه الأطعمة المعدلة وراثيًا على الصحة، مستدلة بدعوة الأكاديمية الأميركية للطب البيئي في يونيو الماضي إلى تعليق إنتاج الأطعمة المعدلة وراثيًا، لأنها "تشكل خطرًا جديًا على الصحة". ونشرت بهذا الخصوص بيانًا جاء فيه: إن "هناك أكثر من مجرد ترابط عرضيّ بين الأطعمة المعدلة وراثيًا وتأثيرات سلبية على الصحة"، وأن دراسات عديدة أجريت على حيوانات أظهرت أن الأطعمة تشكل "خطرًا صحيًا جديًا في مجالات السمية والحساسية ووظيفة جهاز المناعة والصحة التناسلية والأيضية والفيزيولوجية والجينية". ودعت إلى القيام فورًا باختبارات على هذه الأطعمة تتعلق بالسلامة في المدى البعيد، ووضع ملصقات عليها تبين خصائصها. كما دعت الأطباء إلى رصد دورها في إصابات مرضاهم وتوعية الجمهور بضرورة تجنبها.
لكن المجلة في الوقت ذاته لم تُغفِل الإشارات الإيجابية لمستقبل هذا التطور العلمي.

على رغم هذه الملاحظات السلبية يمكننا أن نستنتج أن النقاشات الدولية حول السلامة الأحيائية، بالإضافة إلى المشاريع المدعومة من مرفق البيئة العالمي في عدة بلدان عربية، حفزت عمل الهيئات الحكومية، وهي تشجع على دراسة وبتّ مسألة التنسيق على الصعيد الوطني. وقد سامت الاستقصاءات وورش العمل التي أجريت خلال مشاريع مرفق البيئة العالمي في زيادة التوعية الحكومية والشعبية حول هذه المسائل، حتى إن بعض الدول التي لم تستوفِ شروط المرفق قامت من تلقاء نفسها بأنشطة شبيهة، وكانت فعالة في الوفاء بأهداف مماثلة. وهناك خطط للمزيد. وقد نظمت جامعة الدول العربية عام 2006 ورشة عمل لمراجعة أوضاع اتفاقية التنوع البيولوجي وبروتوكول قرطاجة للسلامة الأحيائية، وطُرِح اقتراح إقامة "شبكة" للعمل المنسق يستضيفها المركز العربي لدراسة المناطق الجافة والأراضي القاحلة، لكنهالم تُفَعَّل حتى الآن. أما مواقف الدول العربية من الكائنات المعدلة وراثيًا، فيتلخص في أن أيًّا منها لا تنتج حاليًا منتجات التكنولوجيا الأحيائية، باستثناء بض مواد العناية الصحية القليلة. ولدى بعضها برامج بحثية جارية لتطوير مثل تلك المنتجات. لكن على عكس دول أخرى مثل البرازيل والصين والهند وجنوب أفريقيا ، ليس هناك دلائل على أن هذا الإنتاج يمكن أن يبدأ في القريب العاجل، أي بعد 5 أو 10 سوات. لذلك من المتوقع أن تصبح الدول العربية مستوردًا لا مصدرًا لمنتجات التكنولوجيا الأحيائية، في جميع الحقول باستثناء الرعاية الصحية.

No comments: