برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Thursday, October 8, 2009

قصّة الحرب المفتوحة بين الخامنئية والخمينية


المشاهد السياسي، 27 سبتمبر- 3 أكتوبر، 2009


بعد ثلاثة أشهر على إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيسا للجمهورية الإسلامية في إيران، سلطت مجلة المشاهد السياسي الضوء على ماتراه "تبلور صورة جديدة للصراع القائم بين المرشد الأعلى علي خامنئي ومعارضيه"، بعدما اصطفت عائلة الخميني كلّها إلى جانب الاصلاحيين، مطالبة بإلغاء نتائج هذه الانتخابات.

في العام ١٩٨٥، عندما أعيد انتخاب علي خامنئي رئيسا لولاية ثانية، أمره آية الله الخميني بالابقاء على مير حسين موسوي رئيسا للوزراء في عهده. وفي خطاب تنصيبه ألمح خامنئي يومذاك إلى أنه أُجبِر على إعادة تعيين موسوي خلافا لإرادته. بعد هذا التلميح، كشف نجل الخميني أحمد عن انزعاج جدّه من هذا الموقف. حتى أن علي أكبر هاشمي رفسنجاني الشاهد على تلك الفترة كتب في مذكّراته: ما زلت أشعر بمرارة هذه المرحلة.
ما الذي يحصل اليوم؟
موسوي لا يزال يناضل كي يكون أحد ورثة الخميني، وأفراد بيت الإمام وأبرزهم حسن أحمد الخميني، الذين يعتبرون أنفسهم الأوصياء على فكر الإمام والمفسّرين الحقيقيين لهذا الفكر يدعمون موسوي في مسعاه؛ بدليل أن حسن أحمد الخميني التقى زعماء المعارضة في الفترة الأخيرة وأيّد مطالبتهم بإلغاء نتائج الانتخابات، كما تغيّب عن مصادقة خامنئي على انتخاب أحمدي نجاد. فضلا عن ذلك، فإن ياسر وعلي الشقيقين الأصغر لحسن مؤيّدان صريحان للحركة الإصلاحية في إيران، وسبق لعلي الترشّح للبرلمان في العام ٢٠٠٨، بصفته جزءا من الائتلاف الإصلاحي، غير أن الحرس الثوري الخاضع لخامنئي رفض ترشّحه، فاعتبر ذلك إهانة لأسرة الخميني، وهذا كلّه يعني أنه بعد عشرين سنة على تسلّم خامنئي منصب القائد الأعلى، فهو لا يزال يختبر حدود نفوذ الخميني، وهو اختبار صعب لأنه لا يملك خيارات كثيرة في ضوء تراجع الدعم الذي يحظى به في صفوف الخمينيين، ثم إن ابتعاده عن "بيت الإمام" يمنح المعارضة دعما إضافيا ضدّه، ويضع الإيرانيين جميعا أمام خيارين: خامنئي أو خميني.

واستشهدت المجلة على واقعية ماذهبت إليه بدراسة نشرها موقع "سويس إنفو" قبل يوم واحد من عيد الفطر، حملت عنوان "التغيير مقابل التغيير" خَلُصت إلى أن ما يجري الآن في إيران، هو في نهاية المطاف صراع بين نهج الولي الفقيه آية الله علي خامنئي وخطّ الإمام الخميني مؤسّس الجمهورية الإسلامية ومُفَجّر ثورتها التاريخية؛ والدليل هو تصفية تلاميذ الإمام الراحل بطريقة تحمل على التصوّر أن في إيران من لا يريد لخط الإمام أن ينتصر، خصوصا في أسلوب الحكم وتفاصيله. الدليل الآخر هو اصطفاف قادة الثورة ورموزها الكبار، الذين كانوا إلى جانب الإمام حتى وفاته في يونيو ١٩٨٩، وراء من صاروا يُعرَفون بزعماء الاصلاح، على أساس وجود "تيار مشبوه" كان مجهولا خلال فترة حكم الخميني (١٩٧٩ـ١٩٨٩) تسلّق جدار الثورة وهو اليوم يضطهد قادتها الحقيقيين.

يبقى سؤال: هل الأزمة التي تعيشها إيران منذ أربعة عشر أسبوعا هي أزمة بنيوية تهدّد النظام من الداخل، أم مجرّد أزمة عابرة في تاريخ الثورة؟ واستطرادًا.. لماذا وصلت الأزمة إلى هذه المرحلة بعدما كانت كل المؤشّرات توحي بأنها حُسِمت بإعادة تولية محمود أحمدي نجاد للمرّة الثانية؟
الأسباب معقّدة سياسيا واقتصاديا وحتى أيديولوجيّا. وأهمّ هذه الأسباب، ربما، الطبيعة الازدواجية للنظام الإيراني، بين سلطة تستمدّ شرعيّتها من ولاية الفقيه وأخرى تعتمد على فقه الولاية السياسية. ومعروفٌ أن الرئيس في إيران يمثّل كل الإيرانيين، لكنه يملك ولا يحكم، لأن أجهزة الأمن والجيش والدوائر الحكومية هي التي تُملِي القرارات السياسية الاستراتيجية الداخلية والخارجية، وهي كلّها في تصرّف الولي الفقيه، الأمر الذي ولّد شعورا بالعجز لدى القادة السياسيين المنتخبين الذين يتساءلون باستمرار عن دورهم الحقيقي في آليّة النظام. والانتخابات الأخيرة تحمل الدليل على هذا التساؤل، بعدما فضّل خامنئي نجاد على موسوي. وكان يُفترَض، كما العادة، أن يتم قبول نتائج الانتخابات كما هي، طالما أن الولي الفقيه مَهرها بختمه، لكن هذا لم يحدث هذه المرّة، لأنه يبدو أن أزمة اللاتوازن بين السلطة غير المنتخبة وبين السلطة المنتخبة، قد وصلت إلى ذروتها، بل يعتقد العديد من المحلّلين أن الأزمة كانت ستنفجر، حتى ولو فاز موسوي بالرئاسة، لأن هذا الأخير كان ينوي المطالبة بانتزاع العديد من صلاحيات ولي الفقيه لمصلحة الرئيس، وهنا يجب أن نتذكّر أن موسوي كان على خلاف دائم مع خامنئي، حين كان الأول رئيسا للوزراء والثاني رئيسا للجمهورية في حقبة الثمانينيات.

No comments: