المشاهد السياسي، 4-10 أكتوبر 2009
عصرٌ جديد بين موسكو وواشنطن، وموجة تفاؤل كبيرة في العلاقات الأميركية ـ الروسية، أحدثها تخلّي واشنطن عن نشر الدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية. فكيف يمكن قراءة التقاطعات الاستراتيجية الأميركية ـ الروسية في المرحلة المقبلة؟
تساؤل حاولت مجلة المشاهد السياسي الإجابة عنه من خلال موضوع غلافها الأخير.
رياح الحرب الباردة الجديدة التي كَـثُر الحديث عنها بعد حرب جورجيا الأخيرة، بدأت تتبدّد لمصلحة حدّ أدنى من التوازن في العلاقات الدولية تعود معه روسيا لاعبا أساسيا على المسرح. وقد هدأ التوتّر الذي ساد السنوات الأخيرة نتيجة الخلافات الروسية ـ الأميركية حول حرب العراق، والقلق الروسي من التوجّهات البوشيّة الى ضرب كلّ من سورية وإيران تراجع بصورة واضحة، والغضب الروسي من الدرع الصاروخية في بولندا وتشيكيا، وكلّ شيء يدل على أن موسكو وواشنطن تدشّنان بداية جديدة على مستوى التعاون، ستكون لها انعكاساتها في الشرق الأوسط كما في أوروبا.
فهل يمكن للثنائية القطبية أن تشكّل، في المدى المنظور، هيمنة جديدة على القرار الدولي؟
من المبكر جدا الإجابة عن هذا السؤال، إلا أن التعاون الأميركي ـ الروسي يعني أن النزاع بين الولايات المتحدة وروسيا حول المناطق الحسّاسة في أوروبا الشرقية، قد اهتدى إلى حوار جديد، وأن أشكال الحرب الباردة الثانية التي تمظهرت في أزمة برلين الثانية ( عام ١٩٦١) والأزمة الكوبيّة ( عام ١٩٦٢) وربيع براغ ( عام ١٩٦٨) وحرب فيتنام (بين عامي ١٩٥٤ و ١٩٧٥) والسباق إلى التسلّح الاستراتيجي، والصراعات الأيديولوجية في العالم الثالث، وتمدّدت بعد سقوط جدار برلين وتفكّك الاتحاد السوفياتي إلى أوروبا الشرقية... قد انتهت، مرة أخرى، لمصلحة البحث عن نقاط تلاقٍ وتقاطعٍ على امتداد آسيا وأوروبا، والمنطقة العربية لن تكون معزولة عن هذه الديناميكية الجديدة.
من أجل فهم طبيعة العلاقات الأميركية ـ الروسية في القرن الحادي والعشرين، عادت المجلة بالأذهان سريعًا إلى القمم الروسية ـ الأميركية التي بدأت في أواخر خمسينيات القرن الفائت، بأول زيارة رسمية في تاريخ العلاقات السوفياتية الأميركية، قام بها "نيكيتا خروشوف"، زعيم الحزب الشيوعي السوفياتي ورئيس الحكومة السوفياتية، إلى الولايات المتحدة في الفترة بين ١٥ و ٢٧ سبتمبر من العام ١٩٥٩، بالتزامن مع انعقاد دورة الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة. وانتهت –هذه القمم- بلقاء أوباما ـ مدفيديف الأخير في نيويورك، على هامش اجتماعات الدورة الـ٦٢ للجمعية العامة للأمم المتحدة.
في غرة أبريل من العام ٢٠٠٩، عُقِد لقاء بين الرئيس ديمتري مدفيديف والرئيس باراك أوباما، رسم نهجا نحو إعادة إطلاق العلاقات الروسية ـ الأميركية. اللقاء انتهى إلى إبرام ثمانية اتفاقات على رأسها اتفاق خفض الرؤوس النووية بين البلدين، واستئناف التعاون العسكري الذي جُمِّد عقب الحرب الروسية ـ الجورجية، وقبول روسيا استخدام الولايات المتحدة مجالها الجوّي لنقل الجنود والعتاد إلى أفغانستان، وظلّ الخلاف قائما حول جورجيا والدرع الصاروخية الأميركية.
إعلان باراك أوباما يوم ١٧ سبتمبر ٢٠٠٩، قرار واشنطن التخلّي عن خططها في شأن الدرع الصاروخية في شرق أوروبا، أطلق مرحلة جديدة من التعاون العسكري الأميركي ـ الروسي، لحماية أوروبا من الصواريخ القصيرة والمتوسطة الأمد، إلى جانب الصواريخ البالستية العابرة للقارّات، من شأنها أن تستتبع اتفاقات جديدة بين البلدين. والمبرّر الرئيسي لتجميد هذا البرنامج، هو أن برنامج إيران للصواريخ الطويلة المدى لم يتطوّر بالسرعة التي جرى تقديرها في السابق، لأن إيران تعتمد على صواريخ بالستية، على رأسها "شهاب ـ ٣" الذي يصل مدى النسخة المطوّرة منه إلى ١١٠٠ كيلومتر، الأمر الذي لا يهدّد القارّة الأوروبية في المدى المنظور، ثم إن من شأن مبادرة دفاع صاروخي مشترك بين الولايات المتحدة وروسيا، تقوم على تفعيل التنسيق بين روسيا والناتو، أن تُدخِل روسيا في منظومة الأمن الأوروبي على المديَـيْن المتوسط والبعيد، وتطوي صفحة الحرب الباردة الأولى كما بوادر الحرب الباردة الثانية إلى أمد طويل.
تساؤل حاولت مجلة المشاهد السياسي الإجابة عنه من خلال موضوع غلافها الأخير.
رياح الحرب الباردة الجديدة التي كَـثُر الحديث عنها بعد حرب جورجيا الأخيرة، بدأت تتبدّد لمصلحة حدّ أدنى من التوازن في العلاقات الدولية تعود معه روسيا لاعبا أساسيا على المسرح. وقد هدأ التوتّر الذي ساد السنوات الأخيرة نتيجة الخلافات الروسية ـ الأميركية حول حرب العراق، والقلق الروسي من التوجّهات البوشيّة الى ضرب كلّ من سورية وإيران تراجع بصورة واضحة، والغضب الروسي من الدرع الصاروخية في بولندا وتشيكيا، وكلّ شيء يدل على أن موسكو وواشنطن تدشّنان بداية جديدة على مستوى التعاون، ستكون لها انعكاساتها في الشرق الأوسط كما في أوروبا.
فهل يمكن للثنائية القطبية أن تشكّل، في المدى المنظور، هيمنة جديدة على القرار الدولي؟
من المبكر جدا الإجابة عن هذا السؤال، إلا أن التعاون الأميركي ـ الروسي يعني أن النزاع بين الولايات المتحدة وروسيا حول المناطق الحسّاسة في أوروبا الشرقية، قد اهتدى إلى حوار جديد، وأن أشكال الحرب الباردة الثانية التي تمظهرت في أزمة برلين الثانية ( عام ١٩٦١) والأزمة الكوبيّة ( عام ١٩٦٢) وربيع براغ ( عام ١٩٦٨) وحرب فيتنام (بين عامي ١٩٥٤ و ١٩٧٥) والسباق إلى التسلّح الاستراتيجي، والصراعات الأيديولوجية في العالم الثالث، وتمدّدت بعد سقوط جدار برلين وتفكّك الاتحاد السوفياتي إلى أوروبا الشرقية... قد انتهت، مرة أخرى، لمصلحة البحث عن نقاط تلاقٍ وتقاطعٍ على امتداد آسيا وأوروبا، والمنطقة العربية لن تكون معزولة عن هذه الديناميكية الجديدة.
من أجل فهم طبيعة العلاقات الأميركية ـ الروسية في القرن الحادي والعشرين، عادت المجلة بالأذهان سريعًا إلى القمم الروسية ـ الأميركية التي بدأت في أواخر خمسينيات القرن الفائت، بأول زيارة رسمية في تاريخ العلاقات السوفياتية الأميركية، قام بها "نيكيتا خروشوف"، زعيم الحزب الشيوعي السوفياتي ورئيس الحكومة السوفياتية، إلى الولايات المتحدة في الفترة بين ١٥ و ٢٧ سبتمبر من العام ١٩٥٩، بالتزامن مع انعقاد دورة الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة. وانتهت –هذه القمم- بلقاء أوباما ـ مدفيديف الأخير في نيويورك، على هامش اجتماعات الدورة الـ٦٢ للجمعية العامة للأمم المتحدة.
في غرة أبريل من العام ٢٠٠٩، عُقِد لقاء بين الرئيس ديمتري مدفيديف والرئيس باراك أوباما، رسم نهجا نحو إعادة إطلاق العلاقات الروسية ـ الأميركية. اللقاء انتهى إلى إبرام ثمانية اتفاقات على رأسها اتفاق خفض الرؤوس النووية بين البلدين، واستئناف التعاون العسكري الذي جُمِّد عقب الحرب الروسية ـ الجورجية، وقبول روسيا استخدام الولايات المتحدة مجالها الجوّي لنقل الجنود والعتاد إلى أفغانستان، وظلّ الخلاف قائما حول جورجيا والدرع الصاروخية الأميركية.
إعلان باراك أوباما يوم ١٧ سبتمبر ٢٠٠٩، قرار واشنطن التخلّي عن خططها في شأن الدرع الصاروخية في شرق أوروبا، أطلق مرحلة جديدة من التعاون العسكري الأميركي ـ الروسي، لحماية أوروبا من الصواريخ القصيرة والمتوسطة الأمد، إلى جانب الصواريخ البالستية العابرة للقارّات، من شأنها أن تستتبع اتفاقات جديدة بين البلدين. والمبرّر الرئيسي لتجميد هذا البرنامج، هو أن برنامج إيران للصواريخ الطويلة المدى لم يتطوّر بالسرعة التي جرى تقديرها في السابق، لأن إيران تعتمد على صواريخ بالستية، على رأسها "شهاب ـ ٣" الذي يصل مدى النسخة المطوّرة منه إلى ١١٠٠ كيلومتر، الأمر الذي لا يهدّد القارّة الأوروبية في المدى المنظور، ثم إن من شأن مبادرة دفاع صاروخي مشترك بين الولايات المتحدة وروسيا، تقوم على تفعيل التنسيق بين روسيا والناتو، أن تُدخِل روسيا في منظومة الأمن الأوروبي على المديَـيْن المتوسط والبعيد، وتطوي صفحة الحرب الباردة الأولى كما بوادر الحرب الباردة الثانية إلى أمد طويل.
No comments:
Post a Comment