أبيض وأسود، 27 سبتمبر- 3 أكتوبر 2009
تحت عنوان (تغطية فشل إدارة أوباما.. على حساب الفلسطينيين) نشرت مجلة أبيض وأسود موضوع غلافها الأخير، الذي رأت فيه أن التصريحات المتناقضة التي سبقت وأعقبت القمة الثلاثية بين أوباما ونتنياهو وعباس دعمت الاعتقاد القائل: إن افتقاد الفريق الفلسطيني المفاوض للحدود الدنيا من المصداقية في الخطاب السياسي والإعلامي؛ حقيقة مستقرة منذ مؤتمر مدريد (1991).
للتدليل على ذلك رصدت المجلة تصريحات فريق السلطة قبل القمة وعشيتها وبعدها.
قبل يومين من القمة أعلن رئيس السلطة الفلسطينية أنه (لن يوافق على تجديد المفاوضات ما لم توافق "إسرائيل" على التجميد التام لجميع أشكال التوسع الاستيطاني، ولا حديث عن استئناف المفاوضات، وميتشل سيعيد مواصلة مساعيه لتحقيق هذا الهدف بعد انتهاء أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة).
وعشية القمة أشارت مراجع عليا في رئاسة السلطة إلى أن (القمة ستكون شكليةً، لأن الرئيس عباس لم يكن يريد أن يخيّب أمل الإدارة الأمريكية التي طالبت بعقدها).
لكن بعد اختتام القمة أعاد الرئيس عباس التأكيد على شرطين رئيسيين للعودة إلى طاولة المفاوضات، (احترام خطة خارطة الطريق الدولية، ووقف الاستيطان بشكل كامل).
المجلة لم تكتف بهذه الأدلة بل تطرقت لما هو أوضح مشيرة لحديث رئيس الوزراء الإسرائيلي عن اتفاق مع عباس لاستئناف المفاوضات "دون شروط"، وما كشفه ميتشل من تطابق وجهتي النظر الأمريكية والإسرائيلي، حين قال: (يجب استئناف المفاوضات دون شروط مسبقة)، وبذلك يكون قد تعمّد إحراج الرئيس عباس وفريقه.
لقد أظهر عباس ضعفا لم يُفَوِّت أوباما فرصة استغلاله في إعادة تكييف جهود إدارته مع الشروط الإسرائيلية، التي أفشلت الجولات المكوكية لميتشل على مدار سبعة شهور، حيث تراجع أوباما في القمة الثلاثية عن دعوته لوقف الاستيطان، واكتفى بالطلب من الحكومة الإسرائيلية (النظر في تسهيل حركة المدنيين في الضفة الغربية، وخطوات لتقييد الاستيطان)، وربط هذا بخطوات تطبيعية مجانية من العرب دعما للمفاوضات، ناسفا بذلك ربطه السابق بين وقف الاستيطان والتطبيع، الذي دارت حوله مقترحات ميتشل في جولاته الست. وبهذا التغيير الدراماتيكي تكون إدارة أوباما قد أسدلت الستار مبكرا على الوعود الكبيرة التي أطلقتها للفلسطينيين والعرب، وعادت بسياستها الشرق أوسطية لثوابت السياسات الأمريكية التي اتبعت منذ (مؤتمر مدريد)، وبدل التصدي لهذا المنزلق الخطر، غطى فريق رئاسة السلطة الفلسطينية على تراجعه أمام الضغوط الأمريكية، بوابل من تصريحات إعلامية، تُبهِت من أهمية القمة وما نتج عنها، من تغطية لفشل إدارة أوباما على حساب الفلسطينيين، إلا أن مجال المناورة المحدود زمنيا هذه المرة، سيجبر فريق رئاسة السلطة الفلسطينية على تحديد مواقفه في الأسابيع القليلة القادمة، دون لبس أو تأويل، إما تَحمُّل عواقب التماشي مع ضغوط إدارة أوباما وحكومة نتنياهو، أو العودة إلى خيار الوحدة الوطنية الفلسطينية لمواجهة هذه الضغوط.
No comments:
Post a Comment