برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Friday, October 23, 2009

معنى أن تكون حوثيًا


المجلة، أكتوبر 2009
تواجه الحكومة اليمنية حاليًا معارضة حقيقية من جماعة التمرد الحوثية، والتي طفت على السطح في وقت تشتد فيه الأزمات الاجتماعية والاقتصادية في اليمن.
مجلة "المجلة" سلطت الضوء على أبعاد الصراع بما يعطي صورة واضحة للنزاع الدائر اليوم في اليمن بين الحكومة وقوات المتمردين، المعروفين باسم "الحوثيين".

منذ عام 2004، تسببت الجولات الخمس من القتال الدائر بين الحكومة والحوثيين في وجود ما يزيد على 160,000 شخص من المطرودين من ديارهم داخل الدولة. وأعداد بهذه الضخامة لا يمكن أن تعبر عن الآثار الإنسانية التي تمثلها بالنسبة لبلد يعيش 15 % من سكانه في ظل دخل يقدر بدولار واحد يوميا. وبطبيعة الحال، فإن أولئك الذين يقعون بين شقي رحى القتال الدائر يسألون أنفسهم: ما السبيل إلى وضع حد لتلك المأساة؟ وقد أعطت الحكومة التي يقودها الرئيس صالح إجابة شافية: عملية الأرض المحروقة.
ويصوِّر العنوان المشئوم للحملة الأخيرة بين الثوار والحكومة إلى أي مدى أفسد النزاع الدائر استقرار بلد عرف تاريخيا بانتشار الأمن بين ربوعه، وبقدرته على الجمع بين المتناقضات، والتجانس عبر طوائفه المختلفة، في منطقة أنهكتها مثل هذه التفاوتات الديموجرافية. وهذه السمات هي التي أكسبت هذا الوطن اسمه الشهير: (اليمن السعيد).
واليوم، فإن التوترات الاجتماعية والسياسية والدينية قد قوضت هذا الاسم الذي يتباهى اليمنيون به فخرًا. ولا يعكس هذا النزاع التوترات الداخلية التي ظلت تتراكم داخل اليمن حول بؤر التوتر الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية فحسب، بل إنه بالأحرى يمثل السياق التاريخي والجيوسياسي الأكبر الذي أخذ في التطور حول اليمن وداخله.

وبناء على ماسبق توصلت المجلة إلى أن "فهْم ماهية الحوثيين وكيف ظهروا إلى حيز الوجود والقضية التي يقاتلون دفاعا عنها هو أمر جوهري لفهم كيف أن اليمن يسير تدريجيا في الطريق الموصل إلى "اليمن غير السعيد". لذلك تطرقت المجلة إلى التركيبة الدينية في اليمن، والتركيبة السياسية التي تحيط به، لتتضح الصورة أكثر.

يشتمل اليمن على تنوع ديني قديم الأزل يضم مسلمين ومسيحيين ويهودا. ومع ذلك، يشكل المسلمون غالبية سكان اليمن وينتمون إلى اثنين من المذاهب، وهما الإسلام السني أو الشيعة الزيدية. ورغم أن المسلمين السنة في اليمن هم الأغلبية، ويشكلون حوالي 60 % من سكان اليمن البالغ عددهم 22 مليون نسمة، فإنهم لا ينفردون بالسلطة في اليمن.
وينتمى علي عبد الله صالح، رئيس الجمهورية اليمنية منذ عام 1978، إلى أصل زيدي. ومع ذلك، فإن الأزمة الحالية بين الحوثيين والحكومة اليمنية تجعل التساؤل حول تركيبة اليمن الدينية أمرًا مثيرًا للاهتمام، خاصة وأن الحوثيين زيديون من حيث المنشأ. ولكي نفرق بين الحوثيين والزيديين فمن المهم التأكيد على أنه ليس كل الزيديين حوثيين. وتعد الزيدية طائفة دينية شيعية، وهى مختلفة عن التيار الشيعي الإثنى عشري معتنق فكر الإمامة، والذي يتركز في إيران بشكل أساسي. غير أن الظروف السياسية المعاصرة في اليمن خلقت انقسامات داخل المجتمع الزيدي وقرَّبت بعض الحوثيين أكثر إلى إيران مما كان عليه الزيديون في الأصل. كما أن الحوثيين لا يتمتعون بالتأييد الكامل من جانب المجتمع الزيدي الذي ينتمون إليه، وإنما يستلهمون العون من قوى خارجية غير مجاورة لهم جغرافيًا، وهذا يضع الحوثيين في مأزق كبير. وإلى حد بعيد، لا يمثل الحوثيون المشكلة الوحيدة التي تواجهها الحكومة اليمنية اليوم، إلا أنهم يشكلون قائمة عريضة من التذمرات التي منشؤها التوترات التحتية الكامنة داخل المجتمع اليمني. وهكذا، فإن فهم ماهية الحوثيين وسبب قتالهم للحكومة يُلقي الضوء على أهمية التنمية الاقتصادية والمجتمعية التي يحتاج إليها اليمن من أجل إقامة سلام دائم.

No comments: