برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Friday, May 30, 2008

!اتفاق رديف لاتفاق الطائف يجمع الموالاة والمعارضة في قطر




مجلة الأفكار


عرض/ علاء البشبيشي


"إذا لم نتسامح فلن نجد من نتعاطى معه من البشر" بهذه المقولة بدأت مجلة الأفكار تغطيتها للتطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة اللبنانية، في إشارة إلى أن جرح لبنان وإن كان عميقا، إلا أن الحكمة الآن لا بد وأن تسبق شجاعة الشجعان.
ولم يفت المجلة أن تعرج على القرارين اللذين وقع عليهما الرئيس السنيورة، وأثارا ردة فعل أقسى مما كان يتصوره مجلس الوزراء؛ فقد اجتيحت بيروت بالسلاح، وروع سكانها الآمنون، ودب الرعب في البيوت، وسالت دماء ودمرت أرزاق العباد، وامتلأت المستشفيات بالجرحى، واستبيحت بعض المؤسسات. إلا أن المجلة عادت لتؤكد أن العلامة الفارقة في هذا الاجتياح كان تسليم كل مركز يتم اقتحامه إلى عهدة الجيش اللبناني؛ حتى لا يكون الوضع أشبه بالاحتلال.
وهنا تسائل المخلصون داخل بيوتهم وهم يشاهدون بيروت على شاشات التلفاز تسقط بين أنياب النار والدخان: أين القوى والمراجع العربية والدولية التي كانت تمطر حكومة فؤاد السنيورة بالكلام المعسول؟ أين تأييد الولايات المتحدة وفرنسا وأكثر دول الاتحاد الأوروبي؟ أين ذهبت الكلمات الحماسية لـ"كوندوليزا رايس"؟ بل أين تلويح الرئيس الأمريكي جورج دابليو بوش بتقديم كل الإمكانات إلى حكومة السنيورة؟. مجرد دخان في الهواء.
فالكلام من الجو شيء، وعلى الأرض شيء آخر، فأمريكا وفرنسا كانتا تعملان وسط السحاب، أما سورية وإيران فكانتا تعملان على الأرض، عبر حلفائهما في حزب الله، وحركة أمل، والحزب الديمقراطي اللبناني برئاسة الأمير طلال أرسلان، والحزب القومي السوري الاجتماعي. كان كل منهم شيخ الأرض، فيما كان مناصرو الحكومة شيوخ السحاب. وكان الأمير طلال أرسلان كبيرا، مثل والده الراحل الأمير مجيد أرسلان، حين اتصل بخصمه السياسي وليد جنبلاط ليطمئنه على سلامة بيته في شارع كليمنصو، وليؤكد له أن أي أذى يمسه إنما يمسه هو شخصيا، بل وأبدى استعداده للقدوم إليه والوقوف إلى جانبه. وكانت تلك أعلى درجات الفروسية التي اشتهر بها بنو معروف. ولأن الأمير طلال كان بهذه المنزلة الرفيعة من الفروسية، فقد فوضه وليد جنبلاط، كما فوضه السيد حسن نصرالله، بأن يكون وسيطا في الجبل، ويتعهد تسليم مراكز الحزب التقدمي الاشتراكي وأسلحته فيها إلى الجيش.
وهنا وجهت المجلة خطابها للعقلاء في قوى 14 من آذار، مطالبة إياهم أن يسألوا أنفسهم: أين يمكن صرف هذا التأييد الأمريكي للبنانيين أو لحكومتهم؟ وما الذي يفيده تأييد أشبه ما يكون بقصائد الشعر أمام أرض ملتهبة بضجيج السلاح؟ وأين هي الحماية في هذا الظرف الكئيب؟ وماذا في استطاعة القائمة بأعمال السفارة الأمريكية "ميشيل سيسون" أن تفعل؟ لكنها لم تلبث إلا وأجابت، قائلة: إن هذا التأييد ما هو إلا دخان في الهواء، ورسم على الماء، مؤكدة أن باب النجاة الوحيد في مثل هذه الظروف التاريخية الصعبة هو التفاهم اللبناني- اللبناني، ومائدة الحوار، وأن أي توجيه آخر للبوصلة لا يتعدى كونه حركة عبثية قد تضر أكثر ما تنفع.
ومن حسنات القدر أن هذه العاصفة أحدثت شرخا سياسيا، لا شرخا مذهبيا؛ فالشيعي مازال جار السني، وحبيبه وقريبه ونسيبه. فيما توجد عائلات بأكملها مقسمة بين أب شيعي وأم سنية، أو العكس، كانت دائما، ولا زالت، فوق كل هوى مذهبي، وكان المقام الأول عندها أمن بيروت.
وبهذه الصورة الحضارية المغايرة تماما لما يحدث في بغداد، تطل بيروت على اللجنة الرباعية التي يرأسها وزير خارجية قطر، ورئيس وزرائها، الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثان، فذلك مما يسهل مهمتها، ولا يدخلها في منزلق. والمهم الآن أن تهدأ النفوس، كمقدمة لتوصيف الحلول، وآخر الحلول في هذه الحالة هو الحوار.
وكل ما ينشب من خلافات، وتجاذبات في الآراء، يمكن وضعها على الطاولة التي كان الرئيس نبيه بري، ولا يزال، يدعو إليها، سواء انعقدت داخل مجلس النواب في بيروت، أو في العاصمة القطرية الدوحة، بعيدا عن الضغوط المحلية، وأجواء التشنج. ولكن ما هي خارطة الطريق التي تعلن بدء الحوار؟! ربما يحتاج الحل لاتفاق رديف لاتفاق الطائف يسمى: اتفاق الدوحة.

No comments: