برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Monday, February 9, 2009

غزة.. تحدي الإعمار


الانتقاد، 30 يناير 2009


يبدو أن خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، كان محقًا حينما قال: إن معركة غزة ما زالت في المنتصف، وقد وُفِّقت الحركة في توصيف الواقع حين قالت: لقد انتهت المعركة العسكرية، لكن المعركة السياسية لم تنته بعد. فلا تزال معركة الإعمار، ومحاولة ابتزاز المقاومة، وانتزاع مواقف سياسية منها، على أشدها، بعدما فشلت طائرات الـ إف 16 ودبابات الميركافا في تحقيق ذلك عسكريًا.
كل شيء يشير إلى أن الجولة العسكرية في غزة قد طُويت، لتبدأ بسرعة الجولة السياسية؛ الأمنية والإعمارية منها، والتي يراهن حلف الحرب الأميركي- الإسرائيلي على أن عليها الإتيان بما عجزت عنه آلة الحرب العسكرية الإسرائيلية.
إن فهم حقيقة ما يجري الآن، ومقاربة مرحلة ما بعد الحرب، يحتاج إلى نظرة مركبة إلى المشهد الماثل أمامنا، وهو مشهد بالغ التسارع على امتداد المنطقة بأسرها.
إن تقييمًا موضوعيًا لنتائج الحرب الإسرائيلية على غزة يؤكد أن المشهد العام يميل إلى مصلحة المقاومة؛ فعملية (الرصاص المسكوب) لم تقضِ على حركة حماس، ولم تنجح في إيصال محمد دحلان على ظهر الدبابات الإسرائيلية إلى غزة، وتنصيبه حاكمًا عليها، ولم يتوقف إطلاق الصواريخ، ولم يتم استنفاذ مخزونها، والأسير جلعاد شاليط مازال في زنزانته.
هذه الوقائع دفعت المحور الأميركي-الأوروبي-الإسرائيلي إلى إحداث تعديل في مقاربته للحرب من خلال توسيع نطاقها لتصبح حربًا سياسية-أمنية-إعمارية؛ تحاول تدارك ما عجزت عنه آلة الحرب العسكرية.
وترى المجلة أن الحرب على غزة، في مطلق الأحوال، فتحت الباب أمام نقلة نوعية في المواجهات الدائرة في المنطقة بين المشروع الأميركي-الصهيوني- وما يُسمى بـ "الاعتدال العربي"، من جهة، ومشروع محور دول المقاومة والممانعة في المنطقة من جهة أخرى.
ويحاول الفريق الأول استخدام ورقة إعادة الإعمار لكسب نقطة لصالح السلطة الفلسطينية في مواجهة حركات المقاومة، ولو كان من سيدفع الثمن هؤلاء الفلسطينيون المطحونون في غزة المدمرة.
من الناحية الإعمارية ثمة جهد دولي وإسرائيلي، لتحويل الحاجة إلى إعمار ما هدمته الحرب في غزة لحصان طروادة للسلطة الفلسطينية تتمكن من خلاله من العودة إلى قطاع غزة مجددًا على حساب حركة حماس. ولا مانع لدى هؤلاء من أن يبقى السكان الفلسطينيون بلا مأوى، والجرحى بلا علاج، والعاطلون بلا عمل، وعوائل الشهداء بلا معين، في سبيل عودة (أبو مازن) وسلطته المتداعية إلى غزة، فإذا كانت الدبابة الإسرائيلية لم تتمكن من حمل دحلان، رمز سلطة (أبو مازن) في غزة إليها، فليكن الوضع المأساوي الفلسطيني هو السبيل.
خلاصة القول.. لا يبدو أن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة انطلاق فعلية لعملية التسوية في المنطقة، على الأقل حتى انتهاء الانتخابات الإسرائيلية.
إنها مرحلة دقيقة وحساسة تجتازها المنطقة بأسرها، عنوانها الدبلوماسية، إلا أن باطنها حراب مستورة، وربما أشد خطورة من الحرب الفعلية. حرب غزة العسكرية هدأت من دون أن تبطل كل أسبابها التي مازالت موجودة، ومازالت حرب غزة مستمرة على المقاومة على امتداد المنطقة، لكن بأشكال مختلفة، تعددت الأسباب والأشكال، إلا أن الهدف مازال هو رأس المقاومة أينما وُجد.

No comments: