"مجلة "المشاهد السياسي
إنه الانقلاب الخامس عشر في تاريخ موريتانيا المعاصر، وهو انقلاب رأت مجلة "المشاهد السياسي" التي تصدر من لندن، أنه لم يفاجئ أحدا؛ لأن الذين أطاحوا بمحمد ولد الشيخ عبد الله يوم ٧ أغسطس الجاري، كانوا يحكمون من وراء حجاب، وكل ما فعلوه هو أنهم أزاحوا الستار.
تعتبر موريتانيا دولة انقلابية بامتياز، وما حصل في نواكشوط قبل ثلاث سنوات كان مجرد إطاحة برأس السلطة (معاوية بن طايع يومذاك)، وما حدث قبل أيام هو تكرار للسيناريو نفسه، أي إطاحة برأس السلطة، لكن السلطة في نهاية المطاف لم تتغير. وبقي النظام العسكري على حاله.
ويؤكد المحللون السياسيون أن هناك جانبا خفيا فيما جرى، وأنه ليس إلا نتيجة صراع بين رئيس الدولة وجنرالات الجيش، وعلى رأسهم الجنرال محمد ولد عبد العزيز، قائد الحرس الرئاسي، والجنرال محمد ولد الشيخ محمد أحمد الغزواني، قائد أركان الجيش، واللذين اتخذ الرئيس الموريتاني قرارا بإقالتهما.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن هذين الرجلين لعبا دورا محوريا في إطاحة بولد الطايع وصُنِّفا بعد ذلك على أنهما دعما بقوة ترشيح الرئيس الحالي في موريتانيا.
ولكي نستوعب ما يجرى اليوم في موريتانيا، لا بد من أن نعود إلى الوراء عندما قاد الجيش انقلابا، في أغسطس ٢٠٠٥، أطاح فيه بمعاوية ولد الطايع فقط، دون المساس بكيان النظام ورموزه.
وقد لعب قادة الجيش بعد ذلك نفس الدور، حينما استغلوا الانتخابات الرئاسية الموريتانية، لتغيير رأس النظام، مع الإبقاء على النظام نفسه. وبهذا ضمنوا
المجيء بالرئيس ولد عبد الله، والذي اعترف قبل أيام أنه تلقّى دعما من قادة الجيش الموريتاني في الانتخابات الرئاسية.
تواصلت العلاقة بين الطرفين بشكل هادئ، فكل طرف يعرف دوره، ويحرص على عدم تجاوزه، حتى أقدم الرئيس الموريتاني على ضم المعارضة إلى الحكومة، وهو أمر اعتبره الجيش تجاوزا للخطوط الحمراء، خصوصا وأن من انضموا إلى الحكومة كان بينهم إسلاميون وآخرون من المقربين لحكومة معاوية ولد الطايع، الأمر الذي يجعل الرئيس محاطا بعدد من المحنكين وذوي التجارب السياسية، وهو ما يقلل فرص النفوذ التي حظي بها قادة الجيش.
ومع تعيين الحكومة الجديدة، كان على نواب البرلمان البحث عن تصعيد جديد يكفل لهم تنازلا من الرئيس، من دون أن تكون تلك هي الورقة الأخيرة.
وبالفعل حدث الانقلاب، الذي كانت أولى خطواته إعلان نواب البرلمان الانسحاب من الحزب الحاكم.
No comments:
Post a Comment