الوطن العربي، 17 ديسمبر 2008
هل حسم باراك أوباما موقفه من إيران، واختار استراتيجيته المقبلة للتعامل مع نظام الملالى؟ سؤال طرحته مجلة الوطن العربي، كان محور تساؤلات وتحليلات المراقبين الذين استمعوا لمقابلة الرئيس الأميركى الجديد الأخيرة مع محطة "إن. بى. سى" الأميركية.. حيث كشف أوباما - للمرة الأولى منذ انتخابه - عن توجهات "مهمة" يبدو أنه قرر اعتمادها مع طهران عندما تحدث عن دبلوماسية متشددة ومباشرة لإقناع الإيرانيين بوقف تطور السلاح النووي، ووقف تمويل ما أسماه "الإرهاب" وتهديد إسرائيل. وذلك مقابل وعد بتقديم حوافز اقتصادية لإيران، ومساعدتها على الاندماج في الاقتصاد العالمي، بعد رفع الفيتو عن انضمامها إلى منظمة التجارة الدولية.وفي حال رفْض إيران تلك الجزرة، فإن أوباما سرعان ما سيُشهِر العصا، بالعمل على تشديد العقوبات، وتوسيع الائتلاف الدولي ضدها.الواقع أن واشنطن كانت تعيش منذ إعلان فوز أوباما بالرئاسة سباقًا حادًا بين "المستشارين" و"المقربين" ومراكز الأبحاث؛ لنيل شرف إقناع الرئيس الجديد بتبني تقاريرها أو توصياتها، وذلك في موازاة سباق حاد بين هؤلاء للحصول على مكافأة للانضمام إلى فريق الإدارة الجديدة.واللافت أن السباق بين هؤلاء لم ينحصر عند "الديمقراطيين" الموزعين بين يسار الحزب ويمينه ووسطه، بل انضم إليهم "جمهوريون" راهنوا على رغبة أوباما الانفتاحية. ولعل المفاجأة كانت في دخول المحافظين الجدد، الذين ورطوا بوش في استراتيجية "تغيير الأنظمة" و"الفوضى الخلاقة"، و"الحرب ضد الإرهاب"، وحرب العراق.وعندما أعلن أوباما عن تركيبة فريق أمنه القومي، وسياسته الخارجية، ازدادت قناعة المراقبين بأن سياسة أوباما الخارجية لن تشكل انقلابًا حقيقيًا على سياسات بوش، بل ستسمح بإعادة اختراق الإدارة الأميركية الجديدة، والرهان مجددًا على فريق صقور يقود الرئيس أوباما في اتجاه مواقف حازمة مع إيران.وكان واضحًا أن هؤلاء يراهنون على وزيرة الخارجية الجديدة، التي سبق أن هددت أثناء حملتها الانتخابية بمحو إيران عن الخريطة إذا ما هاجمت إسرائيل.. وبالتالي فإن العارفين بخفايا ما يدور في الكواليس بدأوا يتطلعون بعد تعيين هيلاري كلينتون إلى سباق صامت يدور في الخارجية حول توزيع المناصب الرئيسية، لمعرفة مدى سيطرة الصقور.مجلة الوطن العربي كشفت عن معلومات وردت إليها تقول: إن الأنظار كانت تتوجه بشكل خاص لمعرفة الدور الذي سيلعبه دنيس روس، والموقع الذي سيحتله في الإدارة الجديدة، لاسيما في ظل المخاوف بأن يقود روس وفريقه من الصقور إدارة أوباما إلى مستنقع الحرب ضد إيران.ورغم فشل روس في الحصول على منصب هام وحساس في إدارة أوباما، تشير آخر التقارير إلى أن مخاوف الاختراق لا زالت قائمة. خاصة وأن ما جاء على لسان أوباما في التصريح الأخير هو في رأي البعض مقتطفات من تقرير روس الموسع، الذي شارك في إعداده، خلال شهر يونيو الماضي، ومن وحي أجوائه، بما يُنذر بتوقع الأسوأ إذا تبين بعد أسابيع أن إدارة أوباما قد تبنت هذا التقرير.اللافت في تقرير "روس"، الذي يتحدث عن (تعزيز علاقات الشراكة والتعاون بين إسرائيل والولايات المتحدة لمواجهة التحدي النووي الإيراني)، أنه يقدم الكثير من الجزر، لكنه في الوقت نفسه يشهر عصًا أغلظ!؛ فقد كشفت مصادر أوروبية وأميركية مطلعة على تقرير "روس"، وعلى الأجواء الأميركية والدولية المرافقة لإعداد الاستراتيجية الأميركية وأيضًا الدولية للتعامل مع إيران، أن ما جاء في التقرير وتصريحات أوباما الأخيرة، وحتى في التقارير الأخرى الأكثر اعتدالا، يصب في خانة تصور متشائم بات يسود عواصم اتخاذ القرار بالنسبة لمصير الملف النووي الإيراني.ويضيف هؤلاء أن الاستراتيجية التي قرر أوباما انتهاجها بتوافق دولي هي فتح حوار مباشر، واعتماد سياسة جديدة بمفهوم العصا والجزرة؛ بمعنى تقديم جزر أكثر، ولكن مع الاستعداد لاستخدام "عصًا أكبر".وهذه العصا الكبيرة مرشحة للمرور بمراحل تدريجية تصاعدية تقود إلى تكرار الحالة العراقية الإيرانية، ولكن بدون الغزو العسكري، وتهدف إلى بناء ائتلاف دولي شبيه بالتحالف الذي تم تدشينه أثناء الغزو العراقي للكويت، ويشمل دولا تعتبر حاليًا صديقة أو حليفة لإيران، من الهند والصين مرورًا بروسيا.
No comments:
Post a Comment