برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Tuesday, August 4, 2009

حركة فتح تتهاوى


المشاهد السياسي، 26 يوليو – 1 أغسطس


ما الذي يجري داخل "فتح"؟ تساؤل طرحته من لندن مجلة المشاهد السياسي، قائلة إنها: حرب (فتح ـ فتح) تشتعل بمناسبة تعيين موعد انعقاد المؤتمر السادس للحركة في بيت لحم، وكل شيء يدل على أن التراكمات والأحقاد التي حفلت بها السنوات الأخيرة تهدّد مستقبل الحركة الغارقة في همومها السلطويّة، وهي على درجة كبيرة من التداخل والتعقيد. إنه التزاحم على النفوذ بين المحاربين القدامى، والتنافر الشديد بين سلطة الداخل ومناضلي الخارج، والنشطاء الجدد ومعظمهم من خرّيجي السجون الإسرائيلية.

فجأة ألقى فاروق القدومي أمين سرّ حركة "فتح" قنبلته: محمود عباس ومحمد دحلان وأريـيل شارون وشاؤول موفاز هم الذين أعدّوا خطة اغتيال ياسر عرفات بالسم، في حضور وليام بيرنز الموفد الأميركي وعدد من ضباط المخابرات الإسرائيلية! ولأول مرة ظهر بوضوح أن النخبة الفلسطينية السياسية تعيش صراعات باتت خارج دائرة السيطرة، من خارج الإطار الوطني الذي كان يحكمها في العقود الخمسة الأخيرة.
والسؤال الكبير الذي طرح بعد مؤتمر القدومي الصحفي، الذي انعقد في عمان كان: هل فتح ذاهبة إلى الانهيار؟
وللسؤال ما يبرّره في ضوء الصراع الطويل الذي تعيشه "فتح" (ممثّلة بالسلطة)، والصراعات الكامنة والظاهرة بين أجنحة فتح نفسها.
وعلى هامش قنبلة القدومي وبيان خمسة أجنحة عسكرية تابعة لحركة "فتح" في الضفة والقطاع مبايعتها له، وقرار اللجنة التنفيذية للمنظّمة ـ التي يهيمن عليها الرئيس الفلسطيني ـ الذي يدعو إلى انعقاد المجلس المركزي من أجل اتّخاذ قرار في حق القدومي. بات واضحاً أن ما تشهده "فتح" يمثّل مثالاً حيّاً على الضياع الفلسطيني في هذه المرحلة، بعد خمس سنوات على غياب "أبي عمار"، والأسئلة التي تطرحها المرحلة الراهنة كبيرة وخطرة في آن ولعل أبرزها:
ـ هل يمكن أن يتطوّر الصراع إلى انشقاق داخلي وتمرّد على قيادة عباس ـ فياض؟
ـ ماذا ستكون المواقف الفتحاوية في الخارج (الأردن، لبنان، سورية والخليج)، وهل يمكن أن تسكت عن محاولة عباس تحويل الحركة إلى حركة ضِفّاويّة؟
ـ ماذا سيكون تأثير الانشقاق الجديد إذا حدث على مشروع التسوية بشكل عام؟
ـ كيف ستتوزّع مواقف الدول العربية المعنيّة بين القدومي والسلطة؟

قد تكون "فتح" على عتبة انشقاق جديد، يشبه الانشقاق الذي شهدته في العام ١٩٨٣ على يد أبي موسى الذي أنشأ "فتح الانتفاضة"، كما قد تكون على عتبة عملية "تنظيف" تنقذها من التفتّت والتشظّي، بعد الوهن والتراخي اللذين أصاباها على مستوى الشارع الفلسطيني، وبعدها فقدت زعامتها ومكانتها التاريخيتين في هذا الشارع.
ويبقى السؤال الكبير الذي طرحته المجلة في النهاية: هل يقوم من داخل "فتح" الفتحاوية، في هذه اللحظة التاريخية، رجل يعلن "الأمر لي" ويقود المرحلة النضالية الجديدة على حساب قيادات الداخل والخارج معا.
في انتظار أن تتبلور المواقف بصيغتها النهائية، يمكن القول إن خمسة عوامل داخلية سوف تحكم مستقبل الحركة، إلى جانب خمسة عوامل خارجية. أما العوامل الداخلية فهي:
* وجود قيادات فتحاويّة ذات خبرة ومعرفة ترغب في إعادة بناء الحركة. وهي وفيّة لتاريخها ونهجها في مقاومة الاحتلال، ويمكن أن تدفع باتجاه التغيير على المستوى القيادي.
* وجود عناصر وكوادر فتحاويّة متحمّسة لفكرة التجديد والنهوض بالحركة على مستوى المواجهة.
* تراجع رصيد القيادات الفاسدة داخل الحركة في ضوء أحداث غزّة في العام ٢٠٠٧ وما انتهت إليه من انشقاقات.
* تراجع رصيد القيادات الفتحاوية التي وظّفت السلطة في خدمة مصالحها الخاصة، وانعطاف القاعدة المؤيّدة لـ"فتح" في اتجاه محاسبة المنتفعين.
* تعاظم تأثير "حماس" على المستوى الشعبي بعد حرب غزّة الأخيرة.
أما العوامل الخارجية التي يمكن أن تلعب دوراً مباشراً أو غير مباشر في تقرير مستقبل "فتح" فهي الآتية:
* احتمال قيام حركة من صفوف "فتح" الخارج تنقلب على القيادات التاريخية، وتؤسّس لانتفاضة تعيد بناء الحركة وهياكلها التنظيمية والإدارية والسياسية.
* احتمال قيام الجهات العربية والدولية المموّلة بمبادرة ما تشكّل ضغطا كافيا على قيادات الداخل والخارج، من أجل تأمين مصالحة سريعة بين الأجنحة المتصارعة.
* قيام نظام إقليمي جديد يعيد ترتيب موازين القوى لمصلحة الاعتدال الفلسطيني أو لمصلحة المقاومة المسلّحة.
* إعادة بناء الحركة وفاق الرغبات الأميركية والأوروبية وارد أيضا في ضوء الحاجة إلى مفاوض فلسطيني يوقّع التسوية المطلوبة.

No comments: