المشاهد السياسي، 25 أكتوبر 2005
ما الذي يمكن أن يحصل إذا فشل الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني في القاهرة، ودخلت السلطة الفلسطينية اعتبارا من ٩/١/٢٠٠٩ مرحلة الفراغ الدستوري؟
مجلة المشاهد السياسي طرحت ثلاثة سيناريوهات متوقعة كإجابة على هذا التساؤل، كان أولها: حدوث حرب أهليّة طاحنة في الضفة بين "فتح" و"حماس" تعمل إسرائيل على تزكيتها بكل الوسائل المتاحة. وثانيها: عودة إسرائيل إلى السيطرة على الضفة كما على القطاع. وثالثها: التمهيد للبدء في ترحيل فلسطينيي ٤٨ واستكمال تهويد القدس، وإلغاء اتفاقات أوسلو وكلّ الاتفاقات اللاحقة بما فيها مشروع حلّ الدولتين.
الثلاث أجوبة كارثيّة، ولنبدأ بالأول:
قبل أيام بدأ الإعداد لانتخاب رئيس فلسطيني جديد ـ قبل شهرين من انتهاء ولاية الرئيس محمود عباس ـ أو هكذا يُفترض دستوريا على الأقلّ. لكن ليس في الأفق ما يشير إلى أن هذا الاستحقاق سوف يحدث، خاصة والصحف الإسرائيلية باتت تتحدّث علنا عن تنسيق فتحاوي ـ إسرائيلي لعمليات عسكرية مشتركة ضد "حماس" تقود في النهاية ـ إذا نجحت ـ إلى تمكين "فتح" من إعادة السيطرة على غزة. لكن المواجهة سوف تبدأ في الضفة خلال يناير المقبل على الأرجح، وبعدها يعلن الرئيس محمود عباس غزة قطاعا متمرّدا... ثم من يدري، قد يتّسع نطاق المواجهة، وقد يشارك فيها الإسرائيليون، وقد تنتهي المسألة إلى غالب ومغلوب. أما الغالب فهو بالتأكيد إسرائيل، والمغلوب هو الفلسطينيون جميعا، فتحاويون وحمساويون وما بينهما.
كلّ المؤشّرات تقول: إن المهمّة بالغة التعقيد، وإن الصراع في بعده الحقيقي إقليمي ـ دولي لا فلسطيني فقط، وإن المصالحة الفلسطينية ـ الفلسطينية لا تحتاج إلى تدخّل مصري فحسب، وإنما إلى تدخّل قطري، على طريقة حلّ المشكلة اللبنانية، ومثل هذا التدخّل يفترض أن توظّف خلاله قطر التوافق الإقليمي ـ الدولي على الحلّ قبل أن تحرّك دبلوماسيتها لإنجازه.
في تقدير الفلسطينيين جميعاً، دون استثناء، أن انتهاء ولاية الرئيس عباس من دون حلّ سياسي، سيُدخِل الأزمة في نفق أعمق، وربما في المجهول، لأن الحوار الفلسطيني وحده يمكن أن يحصّن المؤسّسات الفلسطينية القائمة.
لذلك تعتبر مشاورات القاهرة مصيرية، لكن الجلسات الاستكشافية التي أنجزتها القيادة المصرية حتى الآن، انطلاقاً مما تعتبره مصلحة الفلسطينيين والقضية، لا تبشّر بتسويات قريبة، خاصة وأن حماس متمسكة بضرورة توقُّف عباس عن التنسيق مع الأميركيين والإسرائيليين، وأن تتم إعادة ترتيب البيت الفلسطيني على أسس جديدة، بعدما وصلت السلطة إلى الحائط المسدود، ولم يبق أمامها إلا العودة إلى استراتيجية المقاومة.
وهو مايطرح تساؤلا جديدًا، مفاده: هل زال مشروع الدولتين مطروحًا؟
الأشهر الأخيرة من الولاية البوشيّة أكدت بما لا يقبل الشك أن الأُطر العملية التي يمكن أن يستند إليها مشروع الدولتين، قد تفكّكت، وأن الإدارة الأميركية المقبلة سوف تجد نفسها في مواجهة خيارات أخرى. وعملية السلام التي بدأت في العام ١٩٩١ (مع مؤتمر مدريد) واستُكمِلت في أوسلو عام ١٩٩٣، تمر بحالة انهيار متواصل نتيجة ما انتهت إليه من انسداد في الأفق، واستراتيجية "الأرض مقابل السلام" التي ترمي إلى إنشاء كيان فلسطيني سياسي في الضفة وغزة لم تعد قابلة للتطبيق، والذين يدّعون العمل على إنجاحها هم أنفسهم الذين يشاركون في تقويضها، عن قصد حينا، أو بغير قصد أحيانا.
وفي الجانب الإسرائيلي يبدو واضحا أن رؤساء الحكومات الذين تعاقبوا خلال السنوات العشرين الأخيرة، اتّخذوا العديد من الخطوات التي تجعل حلّ الدولتين مستحيلاً. والإسرائيليون اليوم يعارضون هذا الحلّ بطريقة أو بأخرى، مرة عن طريق توسيع المستوطنات ومرات عن طريق تمييع المفاوضات، رغم كلّ الإيحاءات المختلفة في زمن أولمرت وما بعده.
لكن لماذا نبالغ في التشاؤم؟
قد تكون إعادة إحياء مسار الدولتين ممكنة إذا ظهرت قيادة فلسطينية جديدة موحّدة وقابلة للاستمرار، وإذا قرّرت الإدارة الأميركية الجديدة أن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر، وأن الفوضى الفلسطينية ـ إذا تفشّت ـ يمكن أن تُسيء إلى ما تبقّى من مصالحها في المنطقة.
على كل حال لن تنقشع الرؤية قبل يناير المقبل، وفي انتظار انقشاعها تظلّ كلّ السيناريوات الموجعة مطروحة في الساحة الفلسطينية... وعلى الأسوأ.
ما الذي يمكن أن يحصل إذا فشل الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني في القاهرة، ودخلت السلطة الفلسطينية اعتبارا من ٩/١/٢٠٠٩ مرحلة الفراغ الدستوري؟
مجلة المشاهد السياسي طرحت ثلاثة سيناريوهات متوقعة كإجابة على هذا التساؤل، كان أولها: حدوث حرب أهليّة طاحنة في الضفة بين "فتح" و"حماس" تعمل إسرائيل على تزكيتها بكل الوسائل المتاحة. وثانيها: عودة إسرائيل إلى السيطرة على الضفة كما على القطاع. وثالثها: التمهيد للبدء في ترحيل فلسطينيي ٤٨ واستكمال تهويد القدس، وإلغاء اتفاقات أوسلو وكلّ الاتفاقات اللاحقة بما فيها مشروع حلّ الدولتين.
الثلاث أجوبة كارثيّة، ولنبدأ بالأول:
قبل أيام بدأ الإعداد لانتخاب رئيس فلسطيني جديد ـ قبل شهرين من انتهاء ولاية الرئيس محمود عباس ـ أو هكذا يُفترض دستوريا على الأقلّ. لكن ليس في الأفق ما يشير إلى أن هذا الاستحقاق سوف يحدث، خاصة والصحف الإسرائيلية باتت تتحدّث علنا عن تنسيق فتحاوي ـ إسرائيلي لعمليات عسكرية مشتركة ضد "حماس" تقود في النهاية ـ إذا نجحت ـ إلى تمكين "فتح" من إعادة السيطرة على غزة. لكن المواجهة سوف تبدأ في الضفة خلال يناير المقبل على الأرجح، وبعدها يعلن الرئيس محمود عباس غزة قطاعا متمرّدا... ثم من يدري، قد يتّسع نطاق المواجهة، وقد يشارك فيها الإسرائيليون، وقد تنتهي المسألة إلى غالب ومغلوب. أما الغالب فهو بالتأكيد إسرائيل، والمغلوب هو الفلسطينيون جميعا، فتحاويون وحمساويون وما بينهما.
كلّ المؤشّرات تقول: إن المهمّة بالغة التعقيد، وإن الصراع في بعده الحقيقي إقليمي ـ دولي لا فلسطيني فقط، وإن المصالحة الفلسطينية ـ الفلسطينية لا تحتاج إلى تدخّل مصري فحسب، وإنما إلى تدخّل قطري، على طريقة حلّ المشكلة اللبنانية، ومثل هذا التدخّل يفترض أن توظّف خلاله قطر التوافق الإقليمي ـ الدولي على الحلّ قبل أن تحرّك دبلوماسيتها لإنجازه.
في تقدير الفلسطينيين جميعاً، دون استثناء، أن انتهاء ولاية الرئيس عباس من دون حلّ سياسي، سيُدخِل الأزمة في نفق أعمق، وربما في المجهول، لأن الحوار الفلسطيني وحده يمكن أن يحصّن المؤسّسات الفلسطينية القائمة.
لذلك تعتبر مشاورات القاهرة مصيرية، لكن الجلسات الاستكشافية التي أنجزتها القيادة المصرية حتى الآن، انطلاقاً مما تعتبره مصلحة الفلسطينيين والقضية، لا تبشّر بتسويات قريبة، خاصة وأن حماس متمسكة بضرورة توقُّف عباس عن التنسيق مع الأميركيين والإسرائيليين، وأن تتم إعادة ترتيب البيت الفلسطيني على أسس جديدة، بعدما وصلت السلطة إلى الحائط المسدود، ولم يبق أمامها إلا العودة إلى استراتيجية المقاومة.
وهو مايطرح تساؤلا جديدًا، مفاده: هل زال مشروع الدولتين مطروحًا؟
الأشهر الأخيرة من الولاية البوشيّة أكدت بما لا يقبل الشك أن الأُطر العملية التي يمكن أن يستند إليها مشروع الدولتين، قد تفكّكت، وأن الإدارة الأميركية المقبلة سوف تجد نفسها في مواجهة خيارات أخرى. وعملية السلام التي بدأت في العام ١٩٩١ (مع مؤتمر مدريد) واستُكمِلت في أوسلو عام ١٩٩٣، تمر بحالة انهيار متواصل نتيجة ما انتهت إليه من انسداد في الأفق، واستراتيجية "الأرض مقابل السلام" التي ترمي إلى إنشاء كيان فلسطيني سياسي في الضفة وغزة لم تعد قابلة للتطبيق، والذين يدّعون العمل على إنجاحها هم أنفسهم الذين يشاركون في تقويضها، عن قصد حينا، أو بغير قصد أحيانا.
وفي الجانب الإسرائيلي يبدو واضحا أن رؤساء الحكومات الذين تعاقبوا خلال السنوات العشرين الأخيرة، اتّخذوا العديد من الخطوات التي تجعل حلّ الدولتين مستحيلاً. والإسرائيليون اليوم يعارضون هذا الحلّ بطريقة أو بأخرى، مرة عن طريق توسيع المستوطنات ومرات عن طريق تمييع المفاوضات، رغم كلّ الإيحاءات المختلفة في زمن أولمرت وما بعده.
لكن لماذا نبالغ في التشاؤم؟
قد تكون إعادة إحياء مسار الدولتين ممكنة إذا ظهرت قيادة فلسطينية جديدة موحّدة وقابلة للاستمرار، وإذا قرّرت الإدارة الأميركية الجديدة أن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر، وأن الفوضى الفلسطينية ـ إذا تفشّت ـ يمكن أن تُسيء إلى ما تبقّى من مصالحها في المنطقة.
على كل حال لن تنقشع الرؤية قبل يناير المقبل، وفي انتظار انقشاعها تظلّ كلّ السيناريوات الموجعة مطروحة في الساحة الفلسطينية... وعلى الأسوأ.
No comments:
Post a Comment