برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Wednesday, October 22, 2008

اليونسكو والأقصى: قرارات على ورق


المشاهد السياسي، 11 أكتوبر 2008

تُنفِّذ إسرائيل منذ فترة مخطّطا يهدف إلى هدم المسجد الأقصى بعد تهويد القدس. وقد كان التطوّر الأبرز على هذا الصعيد هو تبنِّي الحكومة الإسرائيلية مشاريع حفريات لهدم طريق باب المغاربة، أحد المعابر الرئيسية للوصول إلى المسجد.
حول هذه القضية حاورت مجلة المشاهد السياسي أحد المهتمِّين بإعمار المسجد الأقصى المبارك، وهو وزير الأوقاف الأردني السابق المهندس رائف نجم، والذي تحدث عن الاجتماع الجديد الذي تعقده لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو في باريس في تموز (يوليو) ٢٠٠٩، لاتخاذ قرار يتَّصل بباب المغاربة، بعدما تبيَّـن لها أن الحفريات فيه مستمرَّة، علما أن الجهة الشرقية للمسجد لم تَسلَم هي الأخرى من الاعتداءات.
لقد رفضت لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو المشروع الإسرائيلي القاضي ببناء جسر حديدي فوق الجسر الموجود، بأساسات خرسانية مسلّحة، تبلغ مساحة كل قاعدة منها ستة أمتار مربعة، بمعنى أنها ستدمّر الآثار الموجودة بكاملها، ولذلك لم توافق اليونسكو على المشروع الإسرائيلي.
لكن ذلك لن يوقف رغبات الاحتلال في توسيع مساحة الصلاة لليهود أمام حائط البراق، وإزالة تلّة المغاربة.
وتحت باب المغاربة، باب النبي (صلى الله عليه وسلم) الذي دخل منه ليلة الإسراء والمعراج، وهذا الأمر لا يعرفه الكثير من المسلمين، وهناك قوس الباب لكنه مقفل بالحجر، ولذلك يريد اليهود اختراق باب النبي (صلى الله عليه وسلم) عن طريق نفق يسير تحت الأرض، بسبب انخفاض باب النبي نحو ستة أمتار تحت باب المغاربة. وقد بدأوا بالحفريات على بعد مائة متر من الباب منذ مدة باتجاه باب المغاربة، من أجل الدخول الى المسجد الأقصى المبارك.
وبحسب المخطّط فإن ذلك الطريق سيكون بديلاً لباب المغاربة داخل الأقصى. وقد أعلنوا عن هدفهم بمخطّط تسنّى لنا الحصول على صورته، وهو مختوم بموافقة البلدية الإسرائيلية. واتّضح لنا أنهم سيستمرّون في الحفر من أسفل باب المغاربة في اتجاه قبّة الصخرة، مع أنهم وحتى يومنا هذا لم يعثروا على أي أثر لها، لأن القبّة لم تُنشأ على آثار يهودية.
وكما هو معروف، فإن هناك ٦٠ حفرية داخل القدس القديمة أسفرت كلها عن فشل ذريع في الكشف عن آثار يهودية في المدينة المقدّسة، وذلك باعتراف علماء آثارهم العاملين في الميدان، وجلّ ما اكتشفوه كان آثارا إسلامية ورومانية وبيزنطية ويبوسية، حيث أن اليبوسيين العرب هم الذين بنوا القدس سنة ٣٠٠٠ قبل المسيح.
وأوضح الوزير نجم أن إسرائيل تريد من وراء هذه الجهود المتواصلة إقناع يهود العالم بالقدوم إلى القدس، وهي تريد أن تثبت لهم أن حكوماتها المتعاقبة متمسّكة بالقدس، خصوصاً البلدة القديمة.
كما أكد أن إسرائيل تحاصر المسجد الأقصى بالكنس اليهودية، فهناك كنيس على بعد ٥٠ متراً من باب سوق القطانين عند حمام العين انتهى بأربعة أدوار، وهم يريدون بناء قبّة فوقه وهو يطلّ على المسجد الأقصى. وهناك كنيس آخر في النفق الغربي في منطقة الآثار الأموية، وقد أعلنوا أخيراً عزمهم على بناء أكبر كنيس في العالم، فوق المحكمة الشرعية الواقعة عند مدخل النفق الغربي، وسيتم تشييده من المعادن والزجاج، ويطلّ على المسجد الأقصى، وهو فوق سور القدس. كما توجد خمس كنس أخرى داخل البلدة القديمة وتحيط بالأقصى، والهدف منها هو تدمير المسجد .
منظمة اليونسكو تعرف الحقيقة الكاملة حول المسجد الأقصى، ولكنها لا تمتلك القدرة التنفيذية لقراراتها، ولذلك تلجأ لإصدار قرارات متوازنة لا تغضب ولا ترضي أحدا. ولذلك طلبت في قرارها الأخير في يوليو الماضي من إسرائيل استمرار التعاون مع الأردن والسلطة الفلسطينية للوصول إلى حلّ يرضي الجميع في باب المغاربة، وهذا أمر لا يمكن التوصُّل إليه. وقد عقدنا اجتماعين سابقين مع الإسرائيليين شاركتُ فيهما في القدس في العام ٢٠٠٧، ولم نتوصّل إلى حلّ، فطلبنا رفع الموضوع إلى لجنة التراث العالمية، لاعتقادنا بأنها ستقرّر أي المشروعين أفضل للتنفيذ، لكنها لم تستطع اتّخاذ قرار من هذا النوع، وكان قرارها الطلب من إسرائيل التعاون، ومن مركز التراث العالمي في باريس تقديم تقرير كل ثلاثة أشهر يبيّـن الوضع القائم في باب المغاربة وعرضه مرة أخرى في يوليو ٢٠٠٩ على اللجنة، وبذلك تكون إسرائيل قد كسبت الوقت والاستعداد من أجل تحضير المخصّصات اللازمة، وستكون مستعدّة للتنفيذ في أي وقت.
وكما هو واضح، فإن إسرائيل تتجاهل مشاعر المسلمين كافة، اعتماداً على القوّة الأميركية والڤيتو الأميركي، مع أن الحق يجانبها في ما تفعله، ولم تتمكّن من خلال حفرياتها المستمرة بإثبات أي حق قانوني أو تاريخي أو ديني لها في فلسطين والقدس، ومحاولاتها كافة باءت بالفشل، وبالتالي لم يبق لها إلا القوّة والدعم الأميركي اللامحدود.ويجب ألا نُغفِل هنا التخاذل العربي والإسلامي الشديد، ذلك بأن القدس لم تشكِّل بالنسبة إلى العرب حافزا على التضامن، وعلى العرب والمسلمين أن يعوا خطورة الأمر، إذ لا يجب ترك القدس في يد الاحتلال يعبث فيها كما يشاء، ولا شك في أن ما يجري هو امتحان كبير من الله عزّ وجلّ للأمتين العربية والإسلامية.

No comments: