"مجلة "المشاهد السياسي
سبع سنوات مضت على أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ودخان الحرائق الناجمة عن اصطدام الطائرتين ببرجي التجارة العالمية لا يزال يترسّب في صدور الأميركيين، والضربة التي تلقّاها مبنى البنتاغون لا تزال تتشظّى حروبا هنا وهناك وهنالك، على امتداد العالم.
إنها سنوات الخوف والعنف والتطرّف في أفغانستان والعراق وفلسطين ولبنان، سلطت مجلة "المشاهد السياسي" عليها الضوء، حيث عادت بالأذهان إلى الوراء، وتحديدًا إلى العام 2001، حينما احتُلت أفغانستان.
تنتصب «القاعدة» هذه الأيام بقامتها كاملة في معظم المناطق الأفغانية، وتهدّد بإعادة أفغانستان إلى ما كانت عليه قبل حرب ٢٠٠١، رغم وجود قوات الأطلسي.
فيما يتلاقى معظم الخبراء على أن الولايات المتحدة خسرت الحرب ضد طالبان، وهي اليوم تواجه عودة قويّة لمن تسمّيهم «الإرهابيين» إلى المناطق الجبلية الباكستانية.
في هذا الصدد يقول "أنتوني كوردسمان"، الخبير في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية: إن انتشار سبعين ألف جندي أجنبي في إطار القوّة الدولية التابعة لحلف الأطلسي، من أجل المساعدة على إرساء الأمن، لم يمنع الهجمات من أن تتضاعف في العامين الأخيرين، ومن أن تزداد ضخامة ونوعية. وآخر هذه الهجمات الكمين الذي أودى بحياة عشرة جنود فرنسيين في منتصف أغسطس الفائت، والهجمات التي تطارد الدوريات الأميركية والبريطانية، أضف إلى ذلك قتل حوالي مائتي جندي من القوّات الأطلسية في الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، فيما كان العام ٢٠٠٧ الأكثر دموية في صفوف القوّات الدولية منذ الإطاحة بنظام طالبان في نهاية ٢٠٠١، حيث سقط من عناصرها ٢٣٢ قتيلاً.
أما حصيلة الضحايا المدنيين فقد فاقت هذا الحد بكثير، إذ قُتل منهم ٩٠٠ منذ يناير، بحسب مصادر أفغانية، سواء في اعتداءات أو بأخطاء ارتكبتها القوّات المسلّحة.
هذا الجحيم لا تبدو له نهاية في الأفق، وقد أكد ذلك بروس ريدل المسئول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، حين قال: (يبدو من المرجّح أن تستمر الحرب في أفغانستان وباكستان لأكثر من عقد)!
من المسئول إذن عن هذه الفوضى التي اجتاحت العالم؟ إنها إدارة الرئيس بوش، التي حازت على لقب أكثر الإدارات غباءً باقتدار!
وخلاصة القول: إن الإدارة الأميركية، وقبل قليل من انتهاء الولاية البوشيّة الثانية، لا تزال غارقة في المستنقع الأفغاني، وليس هناك ما يدلّ على أنها سوف تخرج قريباً من الورطة العراقية، واليقين الوحيد في زحمة الاستحقاقات السياسية والأمنيّة هو أن الأتربة والدخان في الموقع الذي تهدّم في قلب مانهاتن، إثر أحداث سبتمبر، تسببت للسكان بأمراض صدرية عديدة، وصل بعضها إلى حدّ نوبات خطرة، لا يزال يعانيها الكثيرون، في الوقت الذي تنسدّ المنافذ الأمنيّة والسياسية على الحلول في الشرق الأوسط الكبير الذي أرادته الإدارة الأميركية «واحة ديمقراطية»، فإذا به يغرق من جديد في أنهار الدم والتمزقات الطائفية والعرقية والسياسية على السواء.
إن إصرار الولايات المتحدة على توظيف أحداث الحادي عشر من سبتمبر (التي لم تتّضح هويّة معدّيها حتى الآن) في الهيمنة على منابع النفط وممرّاته ومصبّاته وأسعاره، تجعل من الحرب على الإرهاب حربا تؤجج العداء بين «الشرق الإسلامي» و«الغرب المسيحي»، وتُنتج كل يوم أبراجا شاهقة من الكراهية والتعصُّب.
No comments:
Post a Comment