برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Saturday, October 11, 2008

مرحلة التقسيم الناعم


مجلة الكفاح العربي، 29 سبتمبر – 5 أكتوبر 2008

هل بدأت كردستان رحلة الانفصال النهائي عن السلطة المركزية في بغداد؟ وهل تصبح العراق في المرحلة القادمة عبارة عن (كردستان ـ شيعستان ـ سنستان)؟
سؤالان أفرزهما القانون الذي أقره البرلمان العراقي مؤخرًا لإجراء الانتخابات المحلية, والذي استثنى كركوك واربيل والسليمانية ودهوك من الخريطة الانتخابية, وهو الأمر الذي اعتبره المراقبون هروباً من حل مشكلة كركوك، إلى تكريسٍ قانونيّ للوضع الخاص لكردستان، التي تسعى إلى الفدرالية إذا ما تعذر الانفصال.
مجلة «الكفاح العربي» قرأت في التشريع العراقي الأخير بداية انعطاف حقيقي نحو نظرية التقسيم الناعم, بعد جولات الحرب المذهبية التي أعادت تعريب العراقيين استنادا إلى طوائفهم وإثنياتهم, كما أفرغت بغداد من معظم أهاليها السنة.

يتفق الكثيرون على أن العودة إلى نظام مركزي في العراق باتت شبه مستحيلة, وأن نظاما سياسيا جديدا يجب أن يحكم عراق ما بعد صدام, لكنهم يذهبون مذاهب شتى حول طبيعة النظام السياسي المقترح. منهم من دعا إلى الفدرالية وإن اختلف دعاتها في التفاصيل, ومنهم من يدعو إلى الكونفدرالية, ومنهم من يستسيغ التقسيم, وقد ظهرت في الآونة الأخيرة تسريبات إعلامية تفيد أن تقريرا للاستخبارات الأميركية أوصى بتعيين أحد الجنرالات العراقيين ليكون قائدا للبلاد في حال فشل الحكومة الوطنية.
وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع ما يقدمه هؤلاء المنظرون فإنه يشكل وجهات نظر سائدة في دوائر صنع القرار الأميركي وقد تتحول أي من هذه الأفكار إلى واقع بين يوم وليلة. من هنا تأتي أهمية محاولة تفهمها واستيعابها, ومن ثم تحديد أسلوب التعامل معها فكريا أو على صعيد الواقع السياسي.

في الرابع عشر من شهر يوليو الماضي شكلت القناة الرابعة البريطانية، بالتعاون مع مركز السياسة الخارجية، لجنة مستقلة غير حزبية تهدف إلى دراسة الوضع في العراق وبحث سبل الخروج من الأزمة المستفحلة هناك. وقد اعترف تقرير اللجنة البريطانية، على نحو لا لبس فيه, بأنه "لم يتبق في العراق سوى خيارات مؤلمة".
وهي النتيجة نفسها التي توصل إليها البنتاغون في تقرير له تحت عنوان: «قياس الأمن والاستقرار في العراق»، حيث وجد أن الأمن في العراق يمر بأكثر حالاته تعقيدًا منذ الغزو.
أما الأكراد فهم يهددون بالانشقاق علنا، فقد قال مسعود البرزاني, الذي يشكل السلطة الحقيقية في كردستان, متحدّيا: إذا أردنا الانفصال, فسوف نقوم به من دون تردد أو وجل!

ورغم شعارات الأخوة والوحدة الوطنية التي ينادي بها الزعماء السياسيون من عرب وأكراد على حد سواء, فإن علامات الاختلاف تبدو واضحة في كثير من الحالات, فالميليشيا الكردية المسلحة، التي تضم أكثر من خمسين ألف مقاتل، يجري توزيعها حاليا على الجيش العراقي الجديد وقوات الشرطة وحراس الحدود, لكن هؤلاء الأفراد ما زالوا يحملون على بزاتهم الرسمية الجديدة علم كردستان وليس العلم العراقي الرسمي, ومن المرجح أن يتحولوا إلى جيش داخل الجيش النظامي يمكن بكل سهولة دعوته إلى القتال دفاعا عن كردستان إذا ما اقتضى الأمر.
مخاوف الانقسام أكدها استطلاع للرأي العام العربي, أجرته في الآونة الأخيرة «مؤسسة زغبي العالمية لاستطلاعات الرأي» في خمس دول عربية, هي المملكة العربية السعودية, ومصر, والإمارات العربية المتحدة, والأردن, ولبنان، حيث كشف عن مشاعر سلبية إزاء الدور الذي تؤديه كل من الولايات المتحدة وإيران حاليا في العراق. وما إن وُجه السؤال إلى المستطلعة آراؤهم عما هو الجانب الأكثر إثارة لقلقهم ومخاوفهم إزاء العراق, حتى جاءت إجابات ما يقارب نسبة 50 في المئة منهم: أن يتم تقسيم العراق وتمزيقه إلى ثلاثة أقاليم مستقلة ذاتيا, أو ينحدر إلى حرب أهلية شاملة, تمتد تأثيراتها إلى خارج حدوده, مؤدية إلى نشوء أزمة إقليمية.

No comments: