الأفكار، 24 نوفمبر 2008
بلد بلا جيش.. جسم بلا مناعة، حكمة بدأت بها مجلة الأفكار اللبناني موضوع غلافها الأخير والذي خصصته للحديث عن عيد استقلال لبنان، تلك الذكرى التي رأت المجلة أنها "تستدعي من الجميع وقفة لمحاسبة النفس".
والمجلة إذ تُذَكِّر اللبنانيين بنعم الله التي حباهم إياها حين أنعم عليهم بوطن عريق تاريخيًا، بديع جغرافيًا، تلفت أنظارهم إلى أن التوترات التي تحدث في الداخل اللبناني إنما هي دليل على أن أبناء هذا الوطن "لا يعرفون قيمة العيش تحت سمائه".
والمجلة في هذا العدد لا تعيد لأذهاننا ذكرى الاستقلال اللبناني وفقط، بل تستلهم عبق الماضي، لتستشرف آفاق المستقبل؛ وذلك بتسليط الضوء على عظماء هذا البلد الذين تألقوا في المهجر قبل الاستقلال، وتألقوا في الكون كله بعد الاستقلال، من أمثال إيليا أبو ماضي وجبران خليل جبران والرئيس الحاج حسين العويني ونعمان الأزهري ومروان سليم خير الدين، وغيرهم من عباقرة المهجر.
لكن ماذا فعلنا بهذه الوردة؟
اختلفنا على انتمائها في منتصف السبعينات؛ فحصدنا أربعة عشر عامًا من الحرب والاقتتال والدم والتهجير!
والآن.. ماذا نفعل بهذا الورد التي يعبق أريجه في كل أنحاء الدنيا؟
نتناكف لأتفه سبب، ونتشاتم لأتفه سبب، ونتعبأ ضد هذا الزعيم أو ذاك، حسب مصالح القادة والزعماء، برغم أن الحكومة هي حسب اتفاق الدوحة، حكومة وحدة وطنية!
لم نتعلم حتى الآن الموضوعية في التعامل مع أي صوت، بل تغلبنا العاطفة وخطب الزعماء وتصريحاتهم.
بهذا الثوب السياسي الرث أطل علينا يوم الاستقلال، وهو مختلف عما سبقه في ماضي السنوات.
ورغم ذلك من حقنا أن نفاخر بأن عندنا كل مقومات الاستقلال: شعب حي لا تهزمه الشدائد، يكبر وينهض أقوى مما كان، وعندنا مؤسسات أولها رئاسة الجمهورية، ومجلس النواب، ومجلس الوزراء، وحاكمية مصرف مركزي، وصحافة حرة تقول كلمتها ولو بين يدي سلطان جائر، وجامعات تفاخر بأنها خرّجت جيلا عربيا هو الآن في موقع الحكام، بدءا من حكام البحرين، ومستشفيات لا تقل كفاءة طبية وتقنية في المعاجلة عن كبرى مستشفيات العالم. بل عندنا قبل ذلك كله ما هو عماد لكل هذه المكتسبات، وهو الجيش اللبناني، حيث وحدة النسيج الوطني، وسند المقاومة في الجنوب، كما المقاومة سنة للجيش، والكل في فلك واحد يسبحون.
No comments:
Post a Comment