برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Thursday, November 27, 2008

أهداف التصعيد العسكري ضد القطاع


البيادر السياسي، 22 نوفمبر 2008


(التصعيد العسكري ضد قطاع غزة أهدافه انتخابية.. وإيهود باراك يسعى لتحسين صورته بعد تدني شعبيته).. هكذا لخصت مجلة البيادر السياسي الهدف من وراء الحملة العسكرية الشرسة التي شنتها إسرائيل على منطقةٍ في قطاع غزة المحاصر بدون سابق إنذار بداية الشهر الجاري؛ بذريعة منع "حماس" من بناء نفق في تلك المنطقة، والقيام بعملية نوعية جديدة، وأسفر حادث الاجتياح عن سقوط أربعة شهداء من المقاومين، فكان الرد على ذلك بإطلاق قذائف القسام على الأراضي الإسرائيلية.
الاجتياح الإسرائيلي لم يكن البداية، فقد سبقه حصار قاتل، وإغلاق للمعابر، مما أدى إلى تدهور الوضع الحياتي المعيشي في القطاع، وإلى توقف محطة توليد الكهرباء عن العمل، ليعيش أبناء القطاع في ظلمة حالكة. أضف إلى ذلك توقف خدمات وكالة (غوث) الدولية، وعدم وصول مساعداتها الإنسانية إلى القطاع بسبب إغلاق المعابر.
ورأت المجلة أن التساؤل الذي يطرح نفسه الآن: لماذا هذا التوقيت بالذات؟
اختار إيهود باراك، وزير الدفاع، توقيت التصعيد بعد ساعات من إعلان فوز المرشح الديمقراطي باراك أوباما في انتخابات الرئاسة الأميركية، وفي خضم اهتمام عالمي بهذه الانتخابات الرئاسية والتشريعية على الساحة الأميركية، وقبل أيام معدودة من التئام اللجنة الرباعية في شرم الشيخ في مصر، وقبل أيام من انطلاق الحوار الفلسطيني الذي تعطل عقده فيما بعد، وقبل أيام من توجه وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إلى منطقة الشرق الأوسط، وبُعَيد بدء الأحزاب الإسرائيلية في الاستعداد للانتخابات العامة، والتي أظهرت استطلاعات الرأي العام في إسرائيل أن مقاعد حزب العمل ستراجع عددها خلالها.
وهكذا لم يجد باراك طريقة لتحسين صورته، وإظهار قوته وعضلاته وخبرته العسكرية إلا بتصعيد الوضع على جبهة القطاع تحت ذرائع وهمية، وهي أن حركة "حماس" تخطط لعملية نوعية!
ومن هنا بدأ يصعّد التوتر ويخلق البلبلة، وينتهك اتفاق التهدئة؛ من خلال إغلاق المعابر، ومن خلال شن اجتياحات محدودة داخل القطاع، والعودة إلى الأسلوب القديم في تنفيذ الاغتيال والتصفية عبر الجو.. وكان الرد الفلسطيني إطلاق المزيد من قذائف القسام على البلدات الإسرائيلية المجاورة لحدود القطاع..
براك يظن أنه عبر التصعيد العسكري يستطيع أن يستفز حماس أكثر وأكثر، من أجل إطلاق صواريخ القسام، وبالتالي القيام بعملية عسكرية شاملة، وإذا نجحت في إطلاق سراح الجندي الأسير جلعاد شاليط، فإنه سيوصف بالبطل، وقد يحسّن صورته الانتخابية أمام الشعب، ويظن أيضا أن التصعيد العسكري قد يجبر أبناء منطقة الجنوب على التمسك به، ليبقى زعيماً عسكرياً قادرا على مواجهة حماس.
ولربما يعتقد بأن هذا التصعيد العسكري قد يشكل ضغطاً على حماس للقبول بتمديد التهدئة لستة أشهر أخرى؛ من خلال التلويح بأن الجيش الإسرائيلي يجري كافة الاستعدادات لشن عملية اجتياح كاملة إن فرض الوضع في القطاع عليه للقيام بذلك.
من يتابع تصريحات باراك وممارساته يجد أنه يحاول قدر الإمكان تحقيق مكاسب انتخابية من خلال منصبه كوزير للدفاع؛ إذ قرر السماح ببناء العشرات من المستوطنات في الضفة وحول القدس، للحصول على رضا اليمين الإسرائيلي، وتحييد المستوطنين قدر الإمكان.
وقضية الاستيطان والتصعيد في القطاع، وموضوع القدس، ستكون كلها من القضايا المتداولة والمطروحة في الحملات الانتخابية لكل الأحزاب، وسيحاول كل حزب "المزايدة" على الأحزاب الأخرى، لأن هذه الفترة هي فترة وعود ومزايدات وتصريحات من أجل كسب المزيد من الأصوات في المعركة الانتخابية. ولا يستبعد أحد أن يدفع شعبنا الفلسطيني ثمنا باهظاً لهذه الحملة الانتخابية في هذه الفترة الحساسة.
لكن التجارب علمتنا أنهم يألمون كما نألم، وربما أكثر، في كل هجمة تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني.
المزايدة الكبيرة قد تحرق من يتبناها؛ لأن الهجوم على القطاع ليس بالأمر السهل واليسير، وكذلك مواصلة الممارسات القمعية ضد شعبنا لن يكون لصالح إسرائيل على المدى البعيد.
إن التعنت الإسرائيلي، وطرح الأمور بصورة غير واقعية على الناخب الإسرائيلي، قد تحرق الأحزاب الإسرائيلية مستقبلاً؛ لأن من يقدم وعودا عليه تنفيذها. وإذا بقي الاحتلال الإسرائيلي، فإنه لن يكون حملاً ثقيلا ومعاناة كبيرة على الشعب الفلسطيني فقط، بل ستكون له تداعيات خطيرة على إسرائيل كدولة، وخاصة أن القضية الديموغرافية تتفاقم، وقد تصبح كارثة لإسرائيل على المدى البعيد.
باراك يحاول تبني قضايا، وينفذ سياسة يظن أنها ستحسن من وجهه أمام الناخب الإسرائيلي. وكذلك الأحزاب الإسرائيلية الأخرى.. ولكن كل الحذر من أن مثل هذه الممارسات قد تنقلب على الساحر، ويفشل براك في تحقيق أمنياته على أرض الواقع، وكذلك على الساحة الانتخابية الإسرائيلية.
كل الحذر مطلوب أيضا من الجانب الفلسطيني، وخاصة في هذه المرحلة السياسية التي تسبق الانتخابات.. وعلى الجميع أن يكون مستعدا لأي طارئ، والتعامل بحذر وهدوء وعقلانية واتزان، وفي هذه الفترة الصعبة والعصيبة والحساسة.

No comments: