السياسة الدولية، أبريل 2009
في مستهل حديثها عن المسئولية القانونية الدولية للجرائم الإسرائيلية في غزة، أشارت مجلة السياسة الدولية إلى أن القانون الدولي الإنساني يقوم على وجوب احترام العديد من المبادئ والقيم الأخلاقية والإنسانية, والتي تتمثل أساسا في: مبدأ حصانة الذات البشرية, الذي يقضي بعدم استخدام الحرب كمبرر للاعتداء على حياة من لا يشاركون في القتال, ومبدأ حظر استغلال المدنيين أو استخدامهم لتحقيق أهداف عسكرية, ومبدأ منع الأعمال الانتقامية والعقوبات الجماعية, ومبدأ حظر بعض أنواع الأسلحة, ومبدأ التفرقة بين الأهداف العسكرية والمدنية, وكذا مبدأ عدم الاعتداء على السكان، والتمييز بين المقاتلين وغير المقاتلين, إضافة إلى مبدأ حصانة المناطق التي لها امتياز.
جميع هذه المبادئ والقيم الأساسية بقيت حبيسة المجال النظري, ولم تؤخذ بعين الاعتبار بتاتا في حرب إسرائيل على غزة, التي شكلت انتهاكا بكل المعايير الدولية لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية المكفولة دوليًا, وخرقا لقواعد القانون الدولي الإنساني ومبادئه, التي يُفترض إعمالُها في حالة النزاعات المسلحة. هذا الأمر الذي يستتبع لزوما, ومن الناحية القانونية, قيام مسئولية إسرائيل الدولية، ومحاكمة ومعاقبة مرتكبي هذه الانتهاكات والخروقات الجسيمة في حق المدنيين الفلسطينيين.
وبالرجوع إلى الوثائق القانونية الدولية، يمكننا أن نصنِّف جرائم الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة إلى ثلاثة أصناف رئيسية: جرائم ضد الإنسانية, وجرائم ضد سلامة وأمن البشرية, وجرائم حرب، وتضمن الصنف الأول منها القتل العمد، والإبادة الجماعية والاحتجاز والاعتقال، إضافة إلى الأفعال اللاإنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل, التي تتسبب عمدا في معاناة شديدة أو أي أذى خطير, يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية. أسفرت عن مقتل وإبادة أكثر من 1300 قتيل, وأكثر من خمسة آلاف جريح (منهم 1855 طفلا, أي نسبة 35 %, و795 امرأة, أي 15%), ناهيك عن شهادات باستخدام القوات الإسرائيلية المدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية, أثناء مواجهتها مع مقاتلي الفصائل الفلسطينية.
وفي النهاية خَلُصَت المجلة إلى ضرورة ألا يغفر المجتمع الدولي والضمير العالمي هذه الجريمة النكراء بحق الإنسانية، منتقدة الصمت الدولي، الذي استحال إلى جُبنٍ لا يضاهيه بشاعة إلا مشهد الشهداء, الممزقة أجسادهم والمكدسون داخل المراكز المقصوفة. ومؤكدة أن ما أقدمت عليه الطائرات الإسرائيلية المتطورة كان جريمة كبرى ينبغي ألا تمر مرور الكرام.
على الرغم من أن الحرب على غزة هي من الحروب التي نقلت فيها الانتهاكات في بث مباشر, سواء فيما يتعلق باستهداف المدنيين, أو استهداف المستشفيات وطواقم الإسعاف والمدارس وبنايات الأمم المتحدة وقوافل الإغاثة, وهي أدلة دامغة وقطعية تؤكد بالفعل قيام جرائم دولية حتى دون الحاجة لقيام تحقيق دولي, فإن أحدا لم يجرؤ حتى اليوم على تصنيف هذه الانتهاكات بجرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم ضد سلامة وأمن البشرية(38). بل إنني أذهب إلى ما ذهبت إليه مختلف التصريحات الرسمية، وهو القول: إن 'إسرائيل لم تحترم القانون الإنساني الدولي'. وانطلاقا من الاتفاقية الخاصة بعدم القبول بفكرة التقادم في الجرائم الدولية, فإن المجتمع الدولي والضمير العالمي, وبخاصة الأمم المتحدة, مطالبون, ومهما طال الزمن, بتقديم القادة الإسرائيليين والضباط والجنود وكل المشاركين في الجرائم ضد الإنسانية والعسكرية إلى المحاكم الدولية والوطنية, لينالوا العقاب المناسب، استنادا إلى القانون الدولي.ورغم أن الهيئة القانونية الدولية الوحيدة, التي بإمكانها حاليا محاكمة إسرائيل على جرائمها الدولية في قطاع غزة, هي المحكمة الجنائية الدولية, إلا أنها يواجهها العديد من العراقيل والصعوبات القانونية التي تحول دون تفعيل دورها, لاسيما أنها لا تستطيع أن تمارس اختصاصها، لا على إسرائيل ولا على السلطة الفلسطينية, لكونهما غير عضوين فيها. كما أنه من المستبعد كلية أن يتولى مجلس الأمن تكليف المحكمة الجنائية بالنظر في هذه الجرائم, أو حتى إصدار قرار بإنشاء محكمة خاصة, تتولى التحقيق في جرائم إسرائيل الدولية المرتكبة في القطاع. فهل معنى ذلك أنه سوف يمر العدوان الإسرائيلي على غزة بدون مُساءلة وبدون عقاب, وكأنَّ شيئا لم يحصل.
جميع هذه المبادئ والقيم الأساسية بقيت حبيسة المجال النظري, ولم تؤخذ بعين الاعتبار بتاتا في حرب إسرائيل على غزة, التي شكلت انتهاكا بكل المعايير الدولية لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية المكفولة دوليًا, وخرقا لقواعد القانون الدولي الإنساني ومبادئه, التي يُفترض إعمالُها في حالة النزاعات المسلحة. هذا الأمر الذي يستتبع لزوما, ومن الناحية القانونية, قيام مسئولية إسرائيل الدولية، ومحاكمة ومعاقبة مرتكبي هذه الانتهاكات والخروقات الجسيمة في حق المدنيين الفلسطينيين.
وبالرجوع إلى الوثائق القانونية الدولية، يمكننا أن نصنِّف جرائم الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة إلى ثلاثة أصناف رئيسية: جرائم ضد الإنسانية, وجرائم ضد سلامة وأمن البشرية, وجرائم حرب، وتضمن الصنف الأول منها القتل العمد، والإبادة الجماعية والاحتجاز والاعتقال، إضافة إلى الأفعال اللاإنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل, التي تتسبب عمدا في معاناة شديدة أو أي أذى خطير, يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية. أسفرت عن مقتل وإبادة أكثر من 1300 قتيل, وأكثر من خمسة آلاف جريح (منهم 1855 طفلا, أي نسبة 35 %, و795 امرأة, أي 15%), ناهيك عن شهادات باستخدام القوات الإسرائيلية المدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية, أثناء مواجهتها مع مقاتلي الفصائل الفلسطينية.
وفي النهاية خَلُصَت المجلة إلى ضرورة ألا يغفر المجتمع الدولي والضمير العالمي هذه الجريمة النكراء بحق الإنسانية، منتقدة الصمت الدولي، الذي استحال إلى جُبنٍ لا يضاهيه بشاعة إلا مشهد الشهداء, الممزقة أجسادهم والمكدسون داخل المراكز المقصوفة. ومؤكدة أن ما أقدمت عليه الطائرات الإسرائيلية المتطورة كان جريمة كبرى ينبغي ألا تمر مرور الكرام.
على الرغم من أن الحرب على غزة هي من الحروب التي نقلت فيها الانتهاكات في بث مباشر, سواء فيما يتعلق باستهداف المدنيين, أو استهداف المستشفيات وطواقم الإسعاف والمدارس وبنايات الأمم المتحدة وقوافل الإغاثة, وهي أدلة دامغة وقطعية تؤكد بالفعل قيام جرائم دولية حتى دون الحاجة لقيام تحقيق دولي, فإن أحدا لم يجرؤ حتى اليوم على تصنيف هذه الانتهاكات بجرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم ضد سلامة وأمن البشرية(38). بل إنني أذهب إلى ما ذهبت إليه مختلف التصريحات الرسمية، وهو القول: إن 'إسرائيل لم تحترم القانون الإنساني الدولي'. وانطلاقا من الاتفاقية الخاصة بعدم القبول بفكرة التقادم في الجرائم الدولية, فإن المجتمع الدولي والضمير العالمي, وبخاصة الأمم المتحدة, مطالبون, ومهما طال الزمن, بتقديم القادة الإسرائيليين والضباط والجنود وكل المشاركين في الجرائم ضد الإنسانية والعسكرية إلى المحاكم الدولية والوطنية, لينالوا العقاب المناسب، استنادا إلى القانون الدولي.ورغم أن الهيئة القانونية الدولية الوحيدة, التي بإمكانها حاليا محاكمة إسرائيل على جرائمها الدولية في قطاع غزة, هي المحكمة الجنائية الدولية, إلا أنها يواجهها العديد من العراقيل والصعوبات القانونية التي تحول دون تفعيل دورها, لاسيما أنها لا تستطيع أن تمارس اختصاصها، لا على إسرائيل ولا على السلطة الفلسطينية, لكونهما غير عضوين فيها. كما أنه من المستبعد كلية أن يتولى مجلس الأمن تكليف المحكمة الجنائية بالنظر في هذه الجرائم, أو حتى إصدار قرار بإنشاء محكمة خاصة, تتولى التحقيق في جرائم إسرائيل الدولية المرتكبة في القطاع. فهل معنى ذلك أنه سوف يمر العدوان الإسرائيلي على غزة بدون مُساءلة وبدون عقاب, وكأنَّ شيئا لم يحصل.
No comments:
Post a Comment