مجلة الأهرام الاقتصادي
أثارت مبادرة الرئيس الفرنسي لإقامة "الاتحاد من أجل المتوسط" الكثير من الجدل حول ملابساته والظروف التي ولدت بها هذه الفكرة، والخوف من أن يكون هذا الاتحاد بمثابة إقحام لإسرائيل في معادلة المتوسط، ومنحها عضوية كاملة الحقوق، مما سيسهل لها مهمة التطبيع مع الدول المغاربية، خاصة وأن موقف صاحب المبادرة نفسه من إسرائيل ليس خافيًا على أحد.
مجلة "الأهرام الاقتصادي" أثارت العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام التي تتعلق بالغرض الرئيسي من وراء الفكرة، وما إذا كانت تخدم التعاون المتوسطي على أساس من الندية والمصالح المشتركة؟ أم أنها تدفع فقط عجلة التطبيع وإقامة تعاون بين إسرائيل والدول العربية ؟ خاصة دول شمال أفريقيا، التي لا ترتبط بعلاقات مع الدولة العبرية، والأخرى المتشاطئة على حوض المتوسط، وما زالت حالة الحرب قائمة معها. وتمتد التساؤلات إلى جدوى إقامة ونشأة هذا الإطار، وما يمكن أن يقدمه "الوليد الجديد" لهذا التعاون، كما وتثار الشكوك بجدية حول المشروعات التي ينص عليها.
لكن الأخطر، وما يطعن بجدية في هذا المشروع الشمالي الذي يدعو للتعاون، أنه ـ وكما يرى كثيرون ـ يتناقض مع الممارسات الأوربية، من خلال غلق الأبواب وفرض القيود بمواجهة حركات التنقل للأفراد المتجهين شمالا قاصدين أوربا، حتى لو كانت زيارتهم لمهام رسمية.
كما تأتي تلك المبادرة الجديدة في الوقت الذي تحتدم فيه حدة حملات الكراهية والتمييز ضد العرب والمسلمين ودينهم ونبيهم، ومس معتقداتهم والطعن بثقافتهم وحضارتهم، فضلا عن مساعي الطرد والإبعاد للمهاجرين الجدد، وحتى القدامى المقيمين منذ عقود طويلة، والذين استقروا بين جنبات هذه المجتمعات وانصهروا بها. وعدم تحمل الغرب - الداعي إلى الديمقراطية والحرية، وعلى رأسه فرنسا - "قطعة قماش" بمثابة غطاء رأس لفتاة مسلمة.
يالها من ممارسات تنم عن العنصرية، وتتناقض مع كل الدعوات للتعاون والحوار.
إنه إذًا "مولود مجهول الهوية"، مازالت مسائل عديدة لم تحسم بشأنه بعد، منها الأمانة العامة والسكرتارية الدائمة ومن يتولاها ومكانها، وهو الأمر المقرر أن يتم التوصل إليه من خلال اجتماع لوزراء الخارجية للدول الأعضاء نوفمبر القادم بباريس. إلى جانب تمويل المشروعات التي سيتم تنفيذها، وإن كانت لا ترقى إلى طموحات وحاجات دول الجنوب "من الغذاء والتكنولوجيا".
أيضا هناك من يرى استحالة إغفال التفاوت الاقتصادي والتنموي بين شعوب حوض البحر المتوسط، ويتساءل عن كيفية إحداث تكامل اقتصادي بين الشمال والجنوب والشرق، في الوقت الذي تغلق فيه أوروبا حدودها وموانيها وأسواقها أمام العمالة والمنتجات التي تصدرها دول جنوب وشرق المتوسط؛ بحجة الالتزام بسياسات وقوانين الاتحاد الأوربي.
لما سبق ولغيره الكثير يُعتقد بأن دوافع هذا الاتحاد وظروف نشأته ليست بريئة، وأنها تُخفي أغراضا وراءها. لكن في كل الأحوال كان شبه الإجماع ممثلا في كلمتين: "دعنا ننتظر".
ولقد تباينت نظرات الدول الأوربية تجاه هذا الاتحاد بين الشك والترحيب، كما تحمست له دول عربية؛ باعتباره بديلا لعملية برشلونة، بل إن دولا أوربية غير متوسطية، مثل ألمانيا، شككت به في بادئ الأمر؛ باعتباره يضر بالاتحاد الأوربي، كما أنه سيدمر التعاون الأورومتوسطي.
أما الموقف الإسرائيلي فكان واضحًا منذ الوهلة الأولى لإعلان مبادرة ساركوزي، وأبدى رئيس الدولة العبرية "عراب الشرق أوسطية" شيمون بيريز، حماسته الشديدة للاتحاد الجديد، إذ رحب به على الفور، ووعد بأن تكون إسرائيل عضوًا فاعلا فيه، مشبهًا إياه بمشروع الشرق الأوسط الكبير "الأمريكي".
أثارت مبادرة الرئيس الفرنسي لإقامة "الاتحاد من أجل المتوسط" الكثير من الجدل حول ملابساته والظروف التي ولدت بها هذه الفكرة، والخوف من أن يكون هذا الاتحاد بمثابة إقحام لإسرائيل في معادلة المتوسط، ومنحها عضوية كاملة الحقوق، مما سيسهل لها مهمة التطبيع مع الدول المغاربية، خاصة وأن موقف صاحب المبادرة نفسه من إسرائيل ليس خافيًا على أحد.
مجلة "الأهرام الاقتصادي" أثارت العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام التي تتعلق بالغرض الرئيسي من وراء الفكرة، وما إذا كانت تخدم التعاون المتوسطي على أساس من الندية والمصالح المشتركة؟ أم أنها تدفع فقط عجلة التطبيع وإقامة تعاون بين إسرائيل والدول العربية ؟ خاصة دول شمال أفريقيا، التي لا ترتبط بعلاقات مع الدولة العبرية، والأخرى المتشاطئة على حوض المتوسط، وما زالت حالة الحرب قائمة معها. وتمتد التساؤلات إلى جدوى إقامة ونشأة هذا الإطار، وما يمكن أن يقدمه "الوليد الجديد" لهذا التعاون، كما وتثار الشكوك بجدية حول المشروعات التي ينص عليها.
لكن الأخطر، وما يطعن بجدية في هذا المشروع الشمالي الذي يدعو للتعاون، أنه ـ وكما يرى كثيرون ـ يتناقض مع الممارسات الأوربية، من خلال غلق الأبواب وفرض القيود بمواجهة حركات التنقل للأفراد المتجهين شمالا قاصدين أوربا، حتى لو كانت زيارتهم لمهام رسمية.
كما تأتي تلك المبادرة الجديدة في الوقت الذي تحتدم فيه حدة حملات الكراهية والتمييز ضد العرب والمسلمين ودينهم ونبيهم، ومس معتقداتهم والطعن بثقافتهم وحضارتهم، فضلا عن مساعي الطرد والإبعاد للمهاجرين الجدد، وحتى القدامى المقيمين منذ عقود طويلة، والذين استقروا بين جنبات هذه المجتمعات وانصهروا بها. وعدم تحمل الغرب - الداعي إلى الديمقراطية والحرية، وعلى رأسه فرنسا - "قطعة قماش" بمثابة غطاء رأس لفتاة مسلمة.
يالها من ممارسات تنم عن العنصرية، وتتناقض مع كل الدعوات للتعاون والحوار.
إنه إذًا "مولود مجهول الهوية"، مازالت مسائل عديدة لم تحسم بشأنه بعد، منها الأمانة العامة والسكرتارية الدائمة ومن يتولاها ومكانها، وهو الأمر المقرر أن يتم التوصل إليه من خلال اجتماع لوزراء الخارجية للدول الأعضاء نوفمبر القادم بباريس. إلى جانب تمويل المشروعات التي سيتم تنفيذها، وإن كانت لا ترقى إلى طموحات وحاجات دول الجنوب "من الغذاء والتكنولوجيا".
أيضا هناك من يرى استحالة إغفال التفاوت الاقتصادي والتنموي بين شعوب حوض البحر المتوسط، ويتساءل عن كيفية إحداث تكامل اقتصادي بين الشمال والجنوب والشرق، في الوقت الذي تغلق فيه أوروبا حدودها وموانيها وأسواقها أمام العمالة والمنتجات التي تصدرها دول جنوب وشرق المتوسط؛ بحجة الالتزام بسياسات وقوانين الاتحاد الأوربي.
لما سبق ولغيره الكثير يُعتقد بأن دوافع هذا الاتحاد وظروف نشأته ليست بريئة، وأنها تُخفي أغراضا وراءها. لكن في كل الأحوال كان شبه الإجماع ممثلا في كلمتين: "دعنا ننتظر".
ولقد تباينت نظرات الدول الأوربية تجاه هذا الاتحاد بين الشك والترحيب، كما تحمست له دول عربية؛ باعتباره بديلا لعملية برشلونة، بل إن دولا أوربية غير متوسطية، مثل ألمانيا، شككت به في بادئ الأمر؛ باعتباره يضر بالاتحاد الأوربي، كما أنه سيدمر التعاون الأورومتوسطي.
أما الموقف الإسرائيلي فكان واضحًا منذ الوهلة الأولى لإعلان مبادرة ساركوزي، وأبدى رئيس الدولة العبرية "عراب الشرق أوسطية" شيمون بيريز، حماسته الشديدة للاتحاد الجديد، إذ رحب به على الفور، ووعد بأن تكون إسرائيل عضوًا فاعلا فيه، مشبهًا إياه بمشروع الشرق الأوسط الكبير "الأمريكي".