برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Monday, January 19, 2009

العدوان العربي


الكفاح العربي، 19 يناير 2009


بكل بساطة, إنه "عدوان" عربي أيضا، هذا الذي جرى ويجري على أرض غزة وفي بحرها وفضائها. والمحرقة التي يتعرض لها القطاع ليست فقط إسرائيلية بتغطية أميركية­ غربية, و إنما هي أيضا، بل أولا، حرب عربية على الفلسطينيين لأول مرة بهذا الشكل المفجع.
اتهامٌ صريح علَّقت به مجلة الكفاح العربي دماء الأبرياء في غزة في رقبة دول عربية، لم تسمها؛ ربما لأن الأمور أصبحت أوضح من فلق الصبح.
لكن في المقابل أظهر المواطن الفلسطيني صمودًا صار مضرب الأمثال وحديث المجالس، وبرزت المقاومة الباسلة بصورة فشلت جيوش العرب مجتمعة أن تظهر بها.
غزة الصامدة التي تتحدى بأجساد أطفالها الصلف الإسرائيلي والتجاهل العالمي, تدرك تماماً أن ما يجري لم يكن ممكنا لولا موافقة أطراف إقليمية -بينها أطراف عربية- على المجزرة؛ بدليل أن وزيرة الخارجية الإسرائيلية أعلنت الحرب من عاصمة عربية, واعترفت أنها حصلت على موافقات عدة قبل بدء العملية.والمفارقة الأولى في المحرقة التي تتواصل منذ ثلاثة أسابيع, أن الجيش الأسطورة (رابع جيش في العالم), الذي حقق أكثر من مرة، النصر على أكثر من جيش عربي, يجد نفسه بعد كل هذا الوقت, ومع كل هذه الأسلحة التي يملكها - غير المحرمة منها والمحرمة - عالقا في منطقة ساقطة عسكريا هي أطراف غزة, في الوقت الذي يشهد المطبخ السياسي­ العسكري الإسرائيلي خلافات حادة حول جدوى مواصلة الحرب وما بعدها. والتقارير كلها تتقاطع على أن الإسرائيليين استطاعوا التقدم في مناطق منبسطة عسكرياً, وهم قابعون داخل مجنزراتهم, وأن الحركة الراجلة التي تظهر على شاشات التلفزة حركة استعراضية فقط من خارج دائرة المواجهة.وصمود "حماس" ليس وحده المفارقة, رغم أسلحة إسرائيل الفتاكة, لأن المفارقة الكبرى في مكان آخر، وتحديداً في الموقف العربي من العدوان, وهو موقف معيب في أكثر من جانب, بعد أن تجاوز عدد الشهداء الـ1200 شهيد, وتجاوز عدد الإصابات الـ5 آلاف, بينهم قياديون، آخرهم وزير الداخلية سعيد صيام وأفراد من عائلته, كان الموقف العربي ولا يزال منقسما بين من يدعو إلى القمة الطارئة ومن لا يدعو, ومن يتصدى لهذه الدعوة ومن يدعمها.. في انتظار أن تنعقد "القمة الاقتصادية" في الكويت, وكأن بورصة المال العربي تتقدم وبأشواط على بورصة الدم الفلسطيني في زمن الهزائم العربية.
وأشارت المجلة إلى أنه في الوقت الذي بادرت كل من فنزويلا وبوليفيا إلى طرد السفيرين الإسرائيليين احتجاجا على الحرب, لم يجرؤ أي حاكم عربي على التعرض للروابط التي تجمع بلاده بإسرائيل, ولم يجمد أي من الذين أقاموا علاقات دبلوماسية واتفاقات سلام أيا من هذه الاتفاقات، اللهم إلا ما جاء متأخرًا من تجميد قطر وموريتانيا علاقاتهما مع الكيان الصهيوني.
هكذا انشغل معظم المسئولين العرب في الأسابيع الأخيرة بـ "حرب القمم" في مواكبة "حرب البرابرة" التي تواصلت على غزة بتأييد 78 بالمائة من الرأي العام الإسرائيلي، في الوقت الذي كان 78 بالمائة من العرب والمسلمين ينددون بما يجري على امتداد المساحة العربية والإسلامية وصولا إلى الشوارع الأوروبية والأميركية والآسيوية بلا استثناء.وقد بدا المشهد أكثر من محزن بين القاهرة والدوحة والرياض والكويت, على خلفية اكتمال أو عدم اكتمال نصاب القمة, في الوقت الذي كانت الجامعة العربية - التي يفترض أن تكون المؤسسة الجامعة - تترنح تحت وطأة الضغوط والانقسامات والتجاذبات في مهب المعارك الكلامية والسياسية الدائرة. وليس سرا أن عواصم عربية عدة تواجه صدمة انهيار دورها الإقليمي وصدقيته, مع تراجع الموقف العربي بشكل عام، وتزايد العدوانية الإسرائيلية بعنصرية لم يسبق لها مثيل. وفي انتظار انتهاء العملية العسكرية العدوانية هناك من يتكهّن بتغييرات عميقة على المستويين؛ السياسي والعسكري، في أكثر من عاصمة عربية.كيف يبدو المشهد بعد انطفاء الحرائق؟!

No comments: