البيادر السياسي، 24 يناير
رغم امتلاك إسرائيل لأسلحة متطورة وفتاكة.. لم تستطع كسر شوكة المجاهدين في غزة، أو حتى ثني عزيمتهم، بل بقوا صامدين حتى لحظة إطلاق النار. مما دفع مجلة البيادر السياسي إلى الإجابة عن التساؤل الذي يطرحه الكثيرون: ما هي عوامل وأسباب صمود المقاومين أمام هذا العدوان الإسرائيلي الشرس؟!
لا بدّ من المرور على العوامل والأسباب التي ساهمت في صمود المقاومة رغم امتلاك الجيش الإسرائيلي لأسلحة فتاكة ومتطورة، لم يبخل بتاتاً في استخدامها. ويمكن حصر عوامل الصمود في الآتي:-
* عامل الإيمان، إذ أن من يقاوم الاحتلال ويُستشهد فله الجنة، وهناك كثيرون نتيجة إيمانهم وعقيدتهم يطلبون الشهادة أو الاستشهاد، وبالتالي لا يهابون الموت بتاتا.
* الإرادة القوية والصلبة للمقاوم الذي يدافع عن وطنه، ولا يقوم بعدوان.
* المقاوم يعرف أرضه ووطنه أفضل بكثير مما يعرفه الأعداء، رغم أنهم يملكون جهاز استخبارات، أو استطلاعا قويا، ويعرفون جيدا قطاع غزة، لأنهم احتلوه لحوالي 38 عاماً.
*لم تعرف الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية كل شيء عن حماس، وخاصة بعد الانسحاب من القطاع قبل حوالي 40 شهراً (أكثر من 3 سنوات)، ولم تستطع اختراق حماس جيدا.
* الاستعدادات لمواجهة أي هجوم إسرائيلي كانت متواصلة، وكانت هناك خنادق وأنفاق، وكانت هناك مواجهة "كَرّ و فَرّ" في الميدان، وهذه المعارك صعبة وشرسة وقاسية، وخاصة في مناطق مأهولة سكانيا.
* استطاعت المقاومة تجاوز إمكانية قطع الأوصال بين مناطق القطاع، وكذلك قطع الاتصالات اللاسلكية والهاتفية، من خلال تقسيم قطاع غزة إلى مناطق عدة كل منطقة لها قيادتها وتتصرف بكل حرية، وتقاتل حسب الظروف المتوفرة، وتبين أن المقاومة توقعت جيدا تقسيم القطاع، وتجاوبت مع ذلك بكل ذكاء.
وترى المجلة أن هؤلاء المجاهدين توافرت فيهم عوامل النصر فانتصروا، وكانت لديهم إرادة قوية لا يتطرق إليها ضعف، ووفاء ثابت لا يعدو عليه تلون ولا غدر، وتضحية عزيزة لا يحول دونها طمع ولا بخل، ومعرفة بالمبدأ وإيمان به وتقدير له يعصم من الخطأ فيه والانحراف عنه والمساومة عليه والخديعة بغيره.
يمتلك قطاع غزة كثافة سكانية هي الأعلى في العالم؛ إذ يقطنه حوالي 1.5 مليون نسمة على أرض مساحتها حوالي 350 كم مربعا، وهذا بالطبع يجعل مهمة الجيش الإسرائيلي صعبة جدا في التحرك أو دخول مناطق مأهولة، وفي الوقت نفسه يسهّل مهمة القتال والمقاومة للمقاومين.
كما أن سلاح الجو لا يستطيع حسم المعركة بتاتا، بل إن القوات البرية هي التي تستطيع ذلك، وفي حالة العدوان على القطاع فإن الهجوم البري لم يكن شاملا وواسعا، بل محدودا، ووصل إلى مناطق محاذية لمدينة غزة وبعض المدن، إلا أنه لم يدخلها، وخاصة مناطق المخيمات الكبيرة.
ولا شك أن الحرب العدوانية إذا ووجهت بإعلام مرتّب ومنظم يكشف المجازر الفظيعة التي ترتكبها قوات الاحتلال، وترفع معنويات المقاومين، فإن هذا السلاح له فعاليته وأثره على المعركة.. إذ أن الإعلام العربي المستقل والممانع، لعب دورا كبيرا في حشد دعم الرأي العام العربي، وحتى العالمي، إلى جانب المقاومة، وهذا بالطبع أثَّر – ولو من بعيد – على الجيش الإسرائيلي ومعنوياته وقراراته.
من هنا يمكن الاستنتاج أن مجموعة عوامل كانت لصالح المجاهدين، واستثمرتها المقاومة، ولذلك صمدت لـ 23 يوما، وكانت قادرة على الصمود أكثر من ذلك.. وهذه العوامل لربما كانت غائبة عن عقلية المخطط الإسرائيلي لهذا الهجوم الذي يخطئ دوما في حساباته، وفي تفهُّم الذهنية والعقلية العربية بشكل عام، والفلسطينية بشكل خاص.
No comments:
Post a Comment