مجلة عقيدتي المصرية، 30 ديسمبر 2008 – 6 يناير 2009
(غزة تُلقي بلحمها المحترق على وجوه العرب) جملة أشد إيلاما من الضرب بالسياط، والقرض بالمقاريض، لمن كان له له قلب، وبقيت لديه ذرة من إباء، بدأت بها مجلة "عقيدتي" المصرية موضوع غلافها الأخير، والذي خصصته لغزة هاشم، وما يحدث لها.
البداية كانت مؤلمة، ونخشى أن تكون النهاية أشد إيلامًا.
نفذت القوات الصهيونية تهديدها وبدأت أشرس عملية اعتداء على قطاع غزة؛ لتحصد خلال ساعات قليلة ما يزيد علي المائتي شهيد، بخلاف الجرحى. وحتى لحظة كتابة هذه السطور لا يعلو في سماء غزة سوى صوت القذائف، وتصاعد سحب الغبار والدخان وصرخات الأرامل وبكاء الأطفال، ومن الواضح أن العدو اليهودي الغاشم استلهم من عقيدته الفاسدة كل قيم الجبن والخسة ليضرب أناسًا لا يملكون إلا الصبر ونطق الشهادتين، ردًا على قذائف الطائرات الحديثة والسفن المدمرة.
وفي الوقت الذي انطلقت فيه الاتصالات الهاتفية من كل مكان إلى كل مكان في العالم؛ في محاولة لوقف الاعتداءات الهمجية، لم يصل أي اتصال إلى عاصمة العدو الغاشم، الذي أغلق كل هواتفه وفق مصادر صحفية صهيونية، حتى لا يتلقى أي اتصال يثنيه عن تحقيق نصر زائف على حساب شعب أعزل.
ووفقاً للأخبار القادمة من القطاع فقد تحولت غزة لأرض الموت؛ فمن يحاول إنقاذ الجرحى يفاجأ بطائرات الموت تحلق فوق رأسه لتحوله هو أيضا لقتيل أو جريح ينتظر من ينقذه. والمستشفيات عجزت عن استيعاب جثث الشهداء والجرحى، مما اضطر إدارتها للتوصية بضرورة دفن الشهداء بسرعة، منعا لحدوث كارثة بيئية وصحية في القطاع.
وهكذا أصبح سكان غزة يحملون الشهيد من مكان استشهاده لمكان دفنه مباشرة، وهكذا أصبح ليل غزة أليما، ونهارها أليما، وعيونها ترقب من يرفع الظلم والقصف عنها، وكل من فيها يصرخ: إنني أحتضر فهل من مغيث عربي؟، عجمي؟، لا يهم.. المهم أن أُغاث.
ومما أثار دهشة المجلة أن صحيفة معاريف الإسرائيلية حرصت على نقل ما يحدث في غزة بدم بارد؛ حيث كتب مراسلها في غزة - وهو للأسف فلسطيني يدعى صفوت كحلوت - أن الموت يتحرك في كل مكان في غزة، والناس في بيوتها تنتظر الموت في كل ساعة، وفي كل ركن من القطاع يرقد جريح على شفا الموت، وبجواره أحد أقاربه يلقنه الشهادتين.
ولمَ العجب؟ ألم يكن من بني جلدتنا من هو أشد برودا من معاريف اليهودية؟!
لكن المجلة آثرت أن تفرغ غضبها في الساحة الإسرائيلية، بدلا من تفريغه في وجوه الصامتين من بني يعرُب.
لم ينس الإعلام الصهيوني أن ينشر مقالات لكُتَّاب يدعون لوقف القتال في محاولة لإظهار الرأي العام الصهيوني وكأنه من الحمائم. فقد نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت مقالاً لكاتب يدعى يونا برجور جاء فيه: إن الحرب ليست هي الحل، ولا تأتي بالسلام. وأنا أقول لكل عسكري إسرائيلي: من فضلكم توقفوا قبل أن يفقد الفلسطينيون قتلاهم ويقتلوا أيضا في اليهود، فنحن نساهم من خلال هذه الحرب في تغذية روح الكراهية والعداء ضد كل ما هو يهودي، فالعامة اليهود والعامة الفلسطينيون أبرياء، ولا يجوز الزج بهم في الصراع بين الساسة والعسكريين من كلا الطرفين.
على الجانب الآخر شنت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية انتقادًا لاذعًا على القيادة السياسية والعسكرية في الكيان الصهيوني؛ بسبب ما وصفته بالعجز في التوجيه الإعلامي للحرب على غزة، حيث نجح الإعلام العربي في فضح المجازر التي تعرضت لها غزة، ونشر آلاف الصور التي كشفت المجازر الصهيونية، ووصفت الصحيفة العبرية قيادات إسرائيل بأنها قيادات فاشلة إعلاميًا، ورغم إجادتها للغات أجنبية عديدة، فالرأي العام الدولي يري فيما فعلته إسرائيل حربا دموية ضد سكان قطاع غزة.
واعترفت صحيفة هاآرتس بأن العدوان على غزة هو مجرد وسيلة دعائية انتخابية يريد بها الموجودون في السلطة حصد أصوات الناخبين اليهود الذين أثبتت الأحداث أنهم ينتخبون المرشح الإسرائيلي الأكثر دموية.
No comments:
Post a Comment