برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Thursday, July 30, 2009

خلفيات سيناريو إعادة انتشار قوات الاحتلال الأمريكي في العراق


أبيض وأسود، 12 – 19 يوليو 2009


تزامنت عملية إعادة انتشار قوات الاحتلال الأمريكي في العراق خارج المدن مع مجموعة واسعة من الأحداث والتوجهات الأمنية، والتحركات والتصريحات السياسية، والترتيبات الداخلية، والقرارات الاقتصادية، وفرز التحالفات الحزبية من جديد، لتصب كلها في دائرة خلفيات سيناريو إعادة الانتشار وأهدافه المباشرة والبعيدة، ورسم العلاقات المستقبلية بين العراق و(الولايات المتحدة الأمريكية)، وهو ما يضع على بساط البحث مصداقية السيناريو السياسي ـ العسكري الذي تنفذه الإدارة الأمريكية حالياً في العراق.
رؤيةٌ أبرزتها مجلة أبيض وأسود سلطت من خلالها الضوء على سيناريو إعادة انتشار قوات الاحتلال الأمريكي في العراق، مستهلة حديثها بعلامات استفهام طرحتها موجة التفجيرات التي اندلعت عشية عملية إعادة الانتشار.
من اللافت أن اندلاع موجة من التفجيرات الدموية ضد المدنيين أودت بأرواح المئات عشية إعادة انتشار قوات الاحتلال الأمريكي من المدن العراقية، يطرح أكثر من إشارة استفهام حولها وحول الجهات التي تقف خلفها، والمستفيدين منها، فموجات القتل الجماعي كانت قد تراجعت في العامين الأخيرين، وفي الإعلانات المتواترة الصادرة عن المراجع الأمنية العراقية العليا، وقيادة قوات الاحتلال الأمريكي خلال الفترة المذكورة، تم التأكيد الجازم على نجاح عمليات تفكيك الشبكات التي كانت تقوم بعمليات القتل والخطف ضد المدنيين، لكن وعلى الدوام، بقيت شكوك كبيرة حول ضلوع جهات مرتبطة بالاحتلال في تنفيذ هذه الأفعال الإجرامية، لتصاعدها تزامناً مع المنعطفات الحرجة التي مرت بها قوات الاحتلال جراء تشديد المقاومة العراقية لضرباتها، وتزامناً مع تكثيف المطالبات الدولية برحيل الاحتلال. وفي أكثر من حادثة ظهرت خيوط تدل على تورط الشركات الأمنية الخاصة المتعاقدة مع الاحتلال، وأعضاء هذه الشركات الذين يقدرون بعشرات الآلاف لم يشملهم قرار إعادة الانتشار، والخروج من المدن العراقية، كما لم يشمل عناصر أجهزة الاستخبارات الرسمية الأمريكية، فهم ما زالوا ينتشرون في المدن، بكامل أجهزتهم وعتادهم، وتقدم لهم الحكومة العراقية كل التسهيلات الإدارية والميدانية. وتشكل موجة التفجيرات الدموية عامل ضغط شديد على أراء الناخبين العراقيين الذين سيدلون بأصواتهم في الاستفتاء على الاتفاقية الأمنية الأمريكية العراقية، التي رهن البرلمان العراقي مصادقته النهائية عليها بنتيجة الاستفتاء، وإذا ما استمرت وتصاعدت موجات القتل الجماعي والعشوائي، تستطيع قوات الاحتلال أن تعيد تقديم نفسها كضمانة وحيدة للسيطرة الأمنية، لعجز قوات الأمن العراقية عن سد الفراغ، بسبب من عدم كفاية تدريبها وتسليحها، وللخلل في بنيتها المخترقة من التنظيمات الحزبية الطائفية والمجموعات الإرهابية، وتأثرها بالفساد السياسي الذي ينهش جسد مؤسسات الدولة العراقية.
وترى المجلة أنه بعودة حمامات الدم في شوارع وأسواق المدن العراقية تنفست الإدارة الأمريكية الصعداء، ونَحَّت جانبا الجدل حول فظائع الاحتلال في السجون والمعتقلات، هذا الجدل الذي تحول داخل (الولايات المتحدة) والعالم إلى سلاح لتعرية تراجع الرئيس أوباما عن وعوده في الحملة الانتخابية بكشف ملابسات الفظائع والمسؤولين عنها وإخضاعهم للمحاسبة.
ولم يفت البيادر أن تشير إلى الاتفاقية الأمنية البريطانية ـ العراقية التي اقترب توقيعها، باعتبارها جائزة ترضية للشريك البريطاني في الاحتلال.
ومن جملة إشارات الاستفهام التي أثارتها عملية إعادة انتشار قوات الاحتلال الأمريكي، إعلان السفير البريطاني في العراق (كريستوفر برينتس)، عن قرب إقرار اتفاقية أمنية بريطانية ـ عراقية تخول البحرية البريطانية زمام الأمن حماية الموانئ والمياه الإقليمية العراقية، بعد تذليل العقبات التي كانت تعترض طريقها، لجهة الصياغات الفنية الخاصة بحصانة القوات البريطانية، التي ستبقى لأغراض التدريب وحماية موانئ العراق البحرية، والتسهيلات التي ستمنح لها، ولاسيما فيما يخص الحصانة أو الولاية القضائية. والكيفية التي سيتم بها اعتماد الاتفاقية والتصديق عليها بين الحكومتين، وإقرارها من الجهات التشريعية في البلدين. وتضمن الاتفاقية لبريطانيا استمرار وجود بحري مسلح في المياه الإقليمية العراقية (شط العرب)، قوامه خمس سفن حربية بكامل أسلحتها من الصواريخ الموجهة والذخائر، وقاعدة بحرية ثابتة، مع حرية حركة كاملة، لخلو الاتفاقية من اشتراط عدم استخدام القوة البريطانية إلا بموافقة عراقية، وخلوها أيضاً من أية إشارة إلى عدم استخدامها ضد سفن وأهداف في دول الجوار، وخاصة (إيران). وتعد هذه الاتفاقية جائزة ترضية قدمتها الولايات المتحدة لبريطانيا، التي تفردت أوروبياً في التحالف معها في جريمة غزو العراق واحتلاله.

No comments: