برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Saturday, July 4, 2009

سياسة بلقنة القدس


البيادر السياسي، 6 يونيو 2009


منذ العام 1967 عملت الحكومات الإسرائيلية بشكل مستمر على فرض سياسة الأمر الواقع من خلال إقامة المستوطنات وشق الطرق الخاصة حول مدينة القدس التي اعتبرتها عاصمتها، وهي التحركات التي أطلقت عليها مجلة البيادر السياسي مصطلح "بلقنة القدس" وخصصت موضوع غلافها الأخير لتوضيح الجهود الإسرائيلية الرامية لتحقيق هذا الهدف، وكيف أن الاحتلال يحاول تهويل ارتفاع عدد سكان القدس العرب؛ لتشجيع الإسرائيليين على التمسك بها والانتقال للعيش فيها، وكيف يصادر أكثر من 35 بالمائة من الأراضي لإقامة مستوطنات يهودية.
عملت إسرائيل على توسيع حدود القدس الغربية لتشمل العديد من المناطق في كافة الاتجاهات الممكنة ثم إحضار اكبر عدد ممكن من المستوطنين اليهود لفرض سياسة الأمر الواقع وتغيير الواقع الديمغرافي - السكاني بما يضمن تقليص الوجود العربي الفلسطيني وتحديد الزيادة السكانية العربية بما لا يزيد عن 30 بالمئة من العدد الإجمالي للسكان بحيث تصبح سياسة فرض الأمر الواقع الأساس لدخول اية مفاوضات مستقبلية بشأن القدس .
كان الهدف من اقامة المستوطنات الإسرائيلية في القدس الفصل بين التجمعات السكانية الفلسطينية وعدم السماح بإمكانية التوسع الطبيعي للأحياء الفلسطينية وتقليص امكانيات توسع الأحياء العربية بواسطة اغلاق كافة الطرق امام سكان المناطق الفلسطينية. أضف إلى ذلك زيادة عدد المستوطنين، وفتح المجال امام الكثيرين لإيجاد السكن الرخيص نسبيا في المستوطنات المحيطة بالقدس وسكان المستوطنات هم ايضا قوة عمل وقوة شرائية بحيث تصبح القدس الغربية مركزا للتشغيل والخدمات الصحية والتعليمية والترفيهية
احياء الإستيطان في القدس الهدف منه ايضا الإرتباط بالمستوطنات المحيطة بالقدس وربط المستوطنات ببعضها من خلال شبكات شوارع خاصة تلتهم الأرض الفلسطينية،اتخذت عمليات تهويد القدس في السنوات الخيرة مسارات اكثر وضوحا من خلال محاولات تكثيف الدعايات الكاذبة التي تسوق القدس وكأنها عاصمة يهودية عبرية منذ آلاف السنين، وضمن تلك الإدعاءات المتعلقة بالأماكن المقدسة وعلى رأسها الحرم الشريف ثم محاولات التقليل من اهمية القدس لدى المسيحيين والمسلمين وتشارك في الأمر بلدية القدس الغربية ووزارات السياحة والداخلية والدفاع ووزارات ومؤسسات مختلفة , وضمن عمليات التهويد نشر وتضخيم معطيات تشير الى ما يسمى بالخطر الديمغرافي - السكاني المزعوم يتم نشر الإحصاءات والإستبيانات بشكل دوري
للتأكيد على ان السكان الفلسطينيين في ازدياد مستمر، وان وتيرة ازدياد عدد السكان الفلسطينيين تصل الى ثلاثة اضعاف وتيرة ازدياد السكان اليهود وذلك عقب الزيادة الطبيعية النابعة من ازدياد نسبة الولادة مقارنة بالوفيات، وتشير الإحصاءات الإسرائيلية التي تسوق للشارع اليهودي انه خلال العقود الأربعة الماضية ازداد عدد السكان العرب بنسبة 268 بالمئة مقارنة بالزيادة لدى السكان اليهود التي وصلت الى 143 بالمئة فقط.
وتضيف المجلة أجهزة الإعلام الإسرائيلية وخاصة تلك الخاضعة لليمين والمتدينين تبرز بشكل دائم مسألة الولادات وارتفاع مستوى الخصوبة لدى السكان الفلسطينيين العرب، ولكن الكثير من هذه الإحصاءات مغرضة وغير دقيقة ولا تشير الى الهبوط الذي حصل في نسبة الولادات لدى السكان العرب منذ العام 2000 لآسباب متعددة منها هبوط نسبة الزواج لعدم توفر الإمكانيات المالية والسكنية وارتفاع تكلفة السكن، ثم ازدياد الهجرة القسرية من القدس، وارتفاع حالات رفض "لم الشمل" الى جانب ازدياد حالات الغاء المواطنة للسكان العرب .
وهنا تجدر الإشارة الى انه بعد مؤتمر انابوليس ازداد التحريض في الشارع الإسرائيلي ضد ما يسمى بتقسيم القدس حيث إنبرت فئات مختلفة ومؤسسات واحزاب لمهاجمة أي تصريح قد يستشف منه إمكانية لدخول في مفاوضات حول القدس. ورئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو استخدم هذا الأمر في حملاته الإنتخابية مرات عديدة والأكثر بروزا هي حين استخدم مقولة "بيرس سوف يقسم القدس " ولاحقا "اولمرت سوف يقسم القدس" وتحولت هذه المقولة الى شعارات انتخابية يلوح بها اليمين الإسرائيلي، وفي نفس الوقت تستغل من جانب المحرضين على اشكالهم للإدعاء ان السكان الفلسطينيين العرب يسعون للسيطرة على القدس، وان هنالك حرباً ديمغرافية وزيادة في عدد السكان الفلسطينيين وكل هذه الحملات الشعواء الهدف منها تضييق الخناق اكثر واكثر على المواطن الفلسطيني لجعله يترك المدينة ليهاجر الى خارج البلاد او لينتقل للعيش في مناطق الضفة الغربية. والملاحظ ان القيادات الإسرائيلية على اختلاف اطيافها تفضل عدم الخوض في مسألة المباحثات حول القدس , وعلى الصعيد الداخلي التصريحات دائما هي ان القدس لن تكون جزءا من المفاوضات او ان القدس لن تقسم مجددا او ان القدس بشطريها ستبقى عاصمة ابدية لإسرائيل وما الى ذلك من تصريحات مشابهة , والواقع انه رغم المباحثات مع الجانب الفلسطيني إلا ان السياسات المتشددة تجاه السكان الفلسطينيين في القدس اصبحت اكثر بروزا، والحكومات الإسرائيلية بمؤسساتها الوزارية تنفذ سياسة الأمر الواقع في القدس بشكل خاص ولا تقيم اعتبارا للإتفاقيات السابقة او للمباحثات الآتية، الأمر الي يضع الكثير من علامات الإستفهام على الأهداف الإسرائيلية، وقد لا تكون حتى امكانية الخوض في مباحثات حول القدس بسبب الواقع المفروض والتشابك الحاصل بين الأحياء الفلسطينية والإسرائيلية الذي وصفه احد الباحثين بسياسة بلقنة القدس "تشبيها بالبلقان"
ويشار الى انه قبيل مؤتمر انابوليس كانون اول 2007 بدأت حملة مسعورة وغير مسبوقة لتخطيط وبناء الأحياء اليهودية في القدس الشرقية ودخلت العملية بكل ثقلها مؤسسة إدارة اراضي اسرائيل (مينهال مكركعي يسرائل) لبناء عدد هائل من الوحدات السكنية للسكان اليهود فقط بمساعدة البلدية والمؤسسات الحكومية ويلاحظ الإرتفاع الضخم في مناقصات البناء التي طرحت فيما يتعلق بالقدس الشرقية .

No comments: