برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Thursday, July 30, 2009

من المخول بالرد على باراك أوباما؟


عالم الاقتصاد، يوليو 2009


السؤال المنطقي الذي رأت مجلة عالم الاقتصاد أنه غاب عن الكثير من المسلمين، هو: من المخول للرد على خطاب باراك حسين أوباما، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، الذي ألقاه من قاعة المؤتمرات في جامعة القاهرة في الرابع من شهر يونيو 2009م الماضي واستمر 55 دقيقة زف خلالها نبأ وفاة نظرية "صراع الحضارات" لصامويل هنتنجتون التي شغلت العالم خلال العقد الأخير.وبعد أن عرَّجت المجلة على أهم نقاط الخطاب الذي ألقاه أوباما للعالم الإسلامي، رأت أنه لم يأتِ بجديد سوى نبرته البراجماتية، التي قلبت ظهر المجن لسياسات خلفه بوش، وجاءت بسياسات مغايرة على كافة الأصعدة.
لقد انشغلنا بتحليل ما قال الرجل وخطابه المفوَّه الذي بدأه بعبارة "السلام عليكم" واستشهد خلاله بآيات من الذكر الحكيم، ليؤكد على أن قيم التعايش الإنساني هي من صميم العقيدة الاسلامية. تحدث أوباما عن السلام، وكأنه حاول أن يزيل العداء الغربي الذي رفع راية صراع الحضارات والعداء مع الإسلام على مدار ثمانية أعوام متتالية، خلال عهد الرئيس السابق چورچ بوش، ذاق خلالها المسلمون، وهم الطرف الأضعف، الأمرين من ويلات آلة الحرب الأمريكية العمياء.وقال أوباما في خطابه الذي صفق له الحضور 42 مرة، إن الغرب بقيمه الديمقراطية ليس في صراع مع الاسلام، مؤكداً أن قيم التعايش والتسامح إنما هي قيم مشتركة بين كافة الشعوب مهما اختلفت دياناتها وأفكارها. وذكر أوباما أن لديه خلفية عن الديانات بحكم نشأته المسلمة وتحوله للمسيحية في مرحلة لاحقة من عمره، مؤكداً أن الإسلام دين يقدر قيمة الحياة وينبذ العنف، مستشهداً بقوله تعالى (من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً).نعم أوباما لم يأت بجديد، في هذا الخصوص، فنحن أعرف بديننا وبعقيدتنا. لكن مبادرة أوباما هي الجديد في حد ذاته، حيث تعكس حقيقة مقدار الدينامية والحيوية في الثقافة الأمريكية التي تتبنى النهج البراجماتي الذي يعلي قيمة المصلحة وينطلق صوبها دون الالتفات لأي اعتبارات أخرى. من هنا كان جديد أوباما الذي قلب ظهر المجن لسياسات خلفه چورچ بوش وجاء بسياسات مغايرة بشخوصها وتوجهاتها.
وأكدت المجلة أن خطاب أوباما نكأ جراح الأمة الاسلامية داخل كل مسلم، ذلك أنه جدد خطاب التساؤلات المزمنة عن مصير هذه الأمة، وهل نحن حقاً لا نزال أمة واحدة تألم إذا اشتكى عضو من أعضائها، كما جاء في الحديث النبوي الشريف؟
كما رأت "عالم الاقتصاد" أنه من الصعوبة بمكان لأية دولة أو قطر إسلامي حالياً أن يحتفظ لنفسه بحق التحدث باسم الأمة الاسلامية والرد على خطاب أوباما.
الواقع يقول إن الأمة الاسلامية صارت دولاً وشعوباً شتى مزقتها النزعات القُطرية والحدود التي خطها المستعمر، وقبلنا بها، كسيوف تقطع الجسد الواحد، هذا فضلاً عن الفرق والمذاهب العديدة التي لا تفتأ تمزق الأمة وتؤكد عدم وحدتها.
لكل ذلك فإن الأمة الإسلامية في موقف لا تحسد عليه. ويتجدد السؤال؛ من له حق التحدث باسم أمة الإسلام؟
وإذا سلمنا بحقيقة معطيات الواقع المر الذي نعيشه، وحتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، فأنا أقترح أن تتصدى لهذه المهمة منظمة المؤتمر الاسلامي باعتبارها المنظمة الإسلامية الوحيدة التي ينضوي تحت لوائها جميع الدول المسلمة.
ومن ثم ينبغي أن تشكل المنظمة لجنة من ساسة جميع الدول الاسلامية، دون استثناء، بتمثيل متساو، تدعمها على المستوى نفسه لجنة من علماء الأمة تمثل جميع الدول الأعضاء، دون استثناء، بتمثيل متساو أيضاً، بحيث يمكن لهاتين اللجنتين صياغة رد مناسب على رسالة السيد أوباما.
وفي الرد ينبغي أن تكون رسالة الأمة واضحة وهي رسالة وحدة تتحدث بصوت واحد عن حقوق الأمة التي سلبت على مدى عقود طويلة وعن جراح الأمة النازفة.
أياً كان الرد، فليست تلك هي المعضلة الآن، لكنه سيكون بالطبع من جنس ما جاء به أوباما، رسالة تسامح، فإذا كانت رسالته هي السلام، فنحن أهل السلام، مصداقاً لقوله عز وجل. لكن الصوت الواحد من شأنه أن يطالب بقوة باستعادة الحقوق السليبة على مدى قرون وعقود متتالية.
إن المظالم لا تزال تمارس بحق المسلمين، وقد تكون هذه أول فرصة لنا كمسلمين لكي نبحث هماً مشتركاً أمام طرف مغاير لنا. وقد تكون هذه أول مرة منذ عهد الخلافة العثمانية التي يكون فيها المسلمون برمتهم طرفاً في قضية واحدة أمام طرف آخر مغاير لهم، ويتحتم عليهم تشكيل جبهة تحالف لاتخاذ موقف بشأن ما طرحه عليهم أوباما.
إن نجاح المنظمة في لم الشمل، سياسياً ودينياً، وصياغة مثل هذا الرد الموحد سيكون، في رأيي، أهم إنجاز للأمة الإسلامية التي ستدرك أنها ولأول مرة عليها أن تتحدث بصوت واحد، وقد تكون هذه شرارة البداية لعودة الصوت المسلم مدوياً في الآفاق من جديد.

No comments: