برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Wednesday, April 1, 2009

لماذا غاب المنافسون؟



المشاهد السياسي، 28 فبراير 2009


"المفاجأة" التي لم تفاجئ أحدًا تقول: إن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة سوف يمدّ حكمه حتى العام ٢٠١٤ في الانتخابات التي ستجرى في مطلع أبريل المقبل، وعلى طريقة معظم الرؤساء الأفارقة، أو العرب الأفارقة، سوف يسعى إلى تمديد جديد حتى العام ٢٠١٩ ـ إذا سمح وضعه الصحّي ـ والسؤال: لماذا يحتكر التحالف الثلاثي السلطة في الجزائر؟ ولماذا لم يتبدّل المشهد السياسي؟ ولم يظهر أي منافس جدّي للرئيس الجزائري حتى الآن؟
هل يتغيّر شيء إذا عاد بوتفليقة؟
الجواب هو أن شيئاً لن يتغيّر. التغيّر الوحيد المرتقب هو أن يبلغ الرئيس الجزائري عامه السادس والسبعين في العام ٢٠١٤، وفيما عدا ذلك فإن الجزائر سوف تواصل المسيرة التي بدأتها قبل عشر سنوات، والتي حملته إلى رأس السلطة في دورتين رئاسيّتين، أي في العام ١٩٩٥ و٢٠٠٤.
والذين يراقبون الجزائر من الداخل، يسجّلون أن أزمة الشرعية التي اندلعت في العام ١٩٦٢ تكاد تكون هي نفسها في العام ٢٠٠٩، لأن الحزب الواحد، ومن خلفه المؤسّسة العسكرية، هو الذي يحكم، وكلّ رأي مخالف لرأي الحزب ورأي المؤسّسة التي تدعمه، مرشّح للسقوط. في ضوء هذه الحقيقة يمكن فهم الحدث الأبرز في الجزائر خلال العام ٢٠٠٨، أي إعلان بوتفليقة نفسه رغبته في تعديل الدستور، ثم موافقة المؤسّسة على هذا الإعلان من خلال التصويت بأغلبية ٥٠٠ صوت من أصل ٥٣١، في جلسة استثنائية عقدها البرلمان في نوفمبر ٢٠٠٨.
والتعديل الذي اشتمل على خمسة محاور أساسية، الأبرز فيه هو تعديل المادة ٧٤ بالشكل الذي يجعل العهدة الرئاسية مفتوحة، لا محصورة بولايتين، مدة كل منها خمس سنوات.
وترى المجلة أن السلطة نجحت، على مراحل، في تقزيم أي حزب معارض داخل الجزائر، لكن كيف حدث كل هذا التقزيم؟
الجواب قد يبدو ساذجاً، لكنه جواب لا بد منه: الحرب العالمية على الإرهاب هي التي أعاقت التعدّدية السياسية في الجزائر، وتجربة الجزائر مع العنف هي التي أهّلتها للعب دور "الخبير" مع الولايات المتحدة في الحرب التي خاضتها واشنطن منذ ثماني سنوات، وكذلك لدور إقليمي مهمّ في المنطقة.
الشق الآخر من الجواب هو أن "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" التي تحوّلت إلى "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، هي التي ساهمت، من حيث تدري أو لا تدري، في تمديد ولاية بوتفليقة الأولى، ثم تمديد ولايته الثانية؛ لأنها حفَّزت الولايات المتحدة على دعم الجيش الجزائري في مهمّته القاضية بمكافحة الإرهاب بعد هجمات 11 سبتمبر.
ومنذ ثماني سنوات تحاول الجزائر التموضع كقائد لهذه الهويّة الأمنيّة الإقليمية الجديدة، لاسيما في مجال السعي إلى منافسة الدور المغربي المميّز في الحرب ضد الإرهاب. وقد افتتح مكتب تابع لإدارة التحقيقات الفيدرالية الأميركية في الجزائر قبل نهاية العام الفائت، كما أن الجيش الجزائري يحظى بانتظام ببرامج تدريبية أميركية، رغم أن الحكومة الجزائرية تحفّظت على المشروع الأميركي القاضي بضم الجزائر إلى القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم).
وينبغي ألا نُغفل حقيقة يتقاطع عليها معظم المراقبين، وهي ضرورة:
(1) التحوّل عن السياسات الأمنيّة المعتمدة على أشكال جديدة من المشاركة السياسية، من أجل إرساء الاستقرار الداخلي على أسس أكثر وضوحاً.
(2) وتجديد النخبة السياسية، وإشراك جيل الشباب في القرار السياسي، بطريقة تشاورية سلميّة.
وهما العاملان الحاسمان في بناء المستقبل والاستقرار الجزائرييْن على المدى البعيد... أما تجديد الولايات بالنهج الأمني نفسه فهو مرادف للاستمرار في الحلول المؤقّتة.

No comments: