المشاهد السياسي، 29 مارس- 4 أبريل 2009
المغرب هو البلد الأول الذي يُعلِن عن إجراء حكومي رسمي ضد ما أسماه "ظاهرة التشيع"، لكنه لن يكون بالتأكيد الفصل الأخير في الحرب الباردة التي تدور بين العرب وإيران منذ عودة آية الله الخميني إلى طهران قبل ثلاثين عاماً.
حول الأبعاد الاستراتيجية في "حرب التشيّع" كتبت مجلة المشاهد السياسي.
في بادرة جديدة من نوعها اعترفت وزارة الشؤون الدينية في الجزائر بأن ما سمّته "ظاهرة التشيّع" في الجزائر باتت "تهدّد المجتمع في خصوصياته وكيانه"، مشيرة إلى أن "رفض التشيّع في أوساط الجزائريين سببه تمسّك الجزائر بثوابتها الدينية". وهذا التصريح لم يصدر عن رجل دين جزائري عادي، وإنما عن مسؤول كبير في الوزارة، وقد نقلته قناة الجزائر الثالثة الفرانكوفونية، بعدما ضبطت أجهزة الأمن الجزائرية ـ والكلام هنا للمسؤول نفسه ـ العديد من الكتب التي تدعو إلى التشيّع، وأشرطة مسجّلة مصدرها سورية ولبنان.
وهذه ليست أول مرّة تكشف فيها وزارة الشؤون الدينية الجزائرية مثل هذه النشاطات، إذ سبق أن أُعلِن في العام الفائت عن وقف عشرات المدرّسين الجزائريين، بعدما ثبت أنهم يُلقّنون تلامذتهم المذهب الشيعي و "يُحَرِّضون الطلبة على التمسّك بهذا المذهب" مقابل تحسين علاماتهم المدرسيّة، وكانت تلك فضيحة حقيقية ضربت المؤسّسة التربوية في الجزائر وأطلقت عليها الأحزاب المعارضة في حينه عبارة "حرب التشيّع".
وتقول وزارة الشؤون الدينية إن القضية الجديدة ليست بسيطة، لأنها تشكّل خطراً على كيانات المغرب العربي كلّه، والتشيّع مرتبط بما يمكن أن تحدثه إيران من خلل في كيان المجتمع الجزائري، قبل أن تضيف: إن الجزائر ليست إيران ولا يمكن أن تكون.
وتحذر المجلة من أن الظاهرة مصرية أيضاً، مستشهدة بما نشرته صحيفة المصريون في أواخر العام ٢٠٠٦ من أن مجموعة من الشيعة المصريين تعتزم رفع دعوى قضائية ضد الرئيس حسني مبارك بصفته الشخصيّة من أجل الاعتراف بهم، كما ستطالب الحكومة بإعادة "جمعية الشيعة" التي أغلقت عقب ثورة تموز (يوليو) ١٩٥٢، وكانت تعرف باسم "جمعية آل البيت". هذا بالإضافة إلى المطالبة بإنشاء مساجد خاصّة بالشيعة، وإقامة الحسينيّات ومجالس الشيعة، والسماح للشيعة بالمحاضرات السياسية والدينية.
هذه المعلومات تفاعلت بقوّة في الأشهر الأخيرة. وتمثلت ذروة هذا التفاعل في دخول الداعية الإسلامي الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، على خط المواجهة. فقد تحدّث القرضاوي عن محاولات "الغزو الشيعي للمجتمعات السنّيّة"، وأصرّ على هذا الطرح، وحذّر من "تنامي المد الشيعي في المنطقة"، ومحاولة الشيعة "غزو البلاد السنّيّة بمذهبهم بما لهم من ثروات وكوادر بشريّة مدرّبة على التبشير".
في أي حال، وبصرف النظر عن الاجتهادات الدينية، ليس هناك من يستطيع أن يتجاهل أن العرب وإيران يعيشان حربا باردة حقيقية، وأن إيران متقدّمة في هذه الحرب، ومحاور التهديد تشمل التدخّل في شؤون العرب الداخلية والطموح النووي والموقف من عملية السلام.
No comments:
Post a Comment