برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Wednesday, April 1, 2009

العرب يواجهون الخيارات المُرة



الفرقان، 9 مارس 2009


إذا كان التعليم والثقافة هما مقياسا تقدم الأمم، فماذا تقول في أمة يقرأ فيها المواطن خلال العام أقل من كتاب، فيما يقرأ نظيره "الإسرائيلي" 37 كتابًا سنويًا، ويقرأ الأمريكي 43 كتابًا سنويًا؟!
مجلة الفرقان فتحت ملف الخيارات المُرة التي تواجه العرب، الذين لم يعد أمامهم سوى خيارين لا ثالث لهما، إما تصحيح المسار والاعتراف بالخطأ، أو الغرق في هذا المستنقع الذي لا تُرى نهايته!
أغلب الدول العربية لم تستطع الاستفادة من الوفرة الاقتصادية التي تحققت خلال الأعوام الأخيرة من خلال الارتفاع القياسي في أسعار النفط لتحقيق طفرة علمية وتعليمية وتنموية، بل بقيت قطاعات المياه والإسكان والبنية التحتية متخلفةً جدًا، لدرجة أن أكثر من 56 مليون عربي يجدون صعوبة في الحصول على مياه نظيفة نتيجة إقامتهم في مناطق عشوائية تعاني تخلفًا غير مسبوق في الخدمات الأساسية، ويضرب الفقر المدقع أغلب المقيمين فيها لدرجة تفتح الباب على مصراعيه أمام ذيوع وانتشار الجرائم بمختلف أنواعها، مثل إدمان المخدرات وتعاطي المسكرات، وهي النسبة التي تصاعدت بشدة خلال السنوات الماضية؛ نتيجة تصاعد أرقام البطالة، لدرجة أنها تجاوزت ما يقرب من 30 مليون عربي، حسب إحصاءات منظمة العمل العربية.
ولم يجد كثير من المراقبين صعوبة في الإشارة إلى انتشار الفساد المالي والإداري انتشاراً وبائياً في الدول العربية، مما أثمر تراجعًا في معدلات النمو، وأوقف العديد من الخطط التنموية لإصلاح القصور في مجالات شديدة الأهمية، مثل الصحة والتعليم والخدمات التي تراجَعَ مستواها بشدة خلال السنوات الأخيرة. بل إن كثيراً من الدول العربية، لاسيما التي تعاني أوضاعًا اقتصادية معقدة قد لجأت مرة أخرى للاستدانة من مؤسسات دولية لمعالجة تداعيات الأزمة الاقتصادية، وهو ما سيجعل اقتصاديات هذه الدول أسيرة لتدخلات من جهات دولية، لدرجة أن دولة عربية كبرى قد لجأت للاستدانة لتعويض تراجع إيراداتها من السياحة وانخفاض المعونات الاقتصادية، التي كانت تقدَّم إليها لإنقاذ ميزان مدفوعاتها المتهاوي.
هذه الحالة من الانهيار الكامل التي يعانيها العالم العربي سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا كانت لها تداعياتٌ كبيرة في مجمل الأوضاع في المِنطقة؛ حيث انعكس هذا الانهيار على قدرة الدول العربية على تبني مواقفَ سياسيةٍ، سواء دوليًا أو إقليميًا. وقد عززت هذه المواقف الضعيفة، بدون شك، حالةَ التشكيك بين أبناء الوطن الواحد، سواء كانوا حكّاما أم محكومين. وهو أمر شديد الخطورة على وَحدة الدول العربية وتماسكها، وعلى تبايناتها الاجتماعية، وهو أمر لا بد من التنبه على خطورته، وأن يعمل أولو الأمر لردم الهُوة بينهم وبين شعوبهم؛ باعتبار أن حالة فقدان الثقة بين الشعوب والأنظمة قد تعطي الفرصة لأعداء الأمة، للتدخل ومحاولة شق الصف.

No comments: