المشاهد السياسي، 8-14 مارس 2009
اغتيال الرئيس رفيق الحريري كان البداية، وبعده تقاطرت الاغتيالات السياسية والإعلامية حتى وصل الرقم إلى ١٣. والآن جاء دور المحكمة الدولية.. فما هي العقبات الإجرائية التي تقف أمامها؟ وما هي التأثيرات المحتملة للمحكمة على أجواء المصالحات العربية الأخيرة؟ مجلة المشاهد السياسي حاولت الإجابة عن هذين السؤالين.
العقبات الإجرائية، كما يراها المختصّون في القانون الدولي هي الآتية:
أن "الأصول القانونية" للمحاكمة، أي قواعد وأصول الإجراءات والأدلّة، لم توضع حتى الآن، هذا يعني أن المحكمة لن تنعقد في فترة قريبة لأنها ليست جاهزة.
العقبة الثانية تكمن في مدة المحكمة؛ فالمقرّر حتى الآن هو ثلاث سنوات، وبعد انتهاء هذه المهلة سوف يتم تجديد عمل المحكمة في مجلس الأمن لثلاث سنوات أخرى، في غضون ذلك يمكن أن تمتنع إحدى الدول من مجموعة الخمس الكبار (التي تملك حق الفيتو)، عن التجديد إذا هي قرّرت أن استمرار عمل المحكمة لم يعد ضرورياً، وهذا يعني إنهاءَ عمل المحكمة. ثم إن هناك التزامات مالية نص عليها قرار الإنشاء (٤٩ في المائة يتحمّلها لبنان و٥١ في المائة تتحملها الدول المانحة)، ويمكن أن لا يوافق مجلس النواب اللبناني بأكثريّته (الجديدة المحتملة) على هذه الالتزامات، لاعتبارات سياسية، كما يمكن أن لا تقوم الدول المموّلة بالوفاء بالتزاماتها، وهذا يقود أيضاً إلى احتمال توقّف المحكمة عن العمل.
وفيما يتصل بالمردود السياسي للمحاكمة، ترى المجلة أنه "يصبّ حتى الآن في مصلحة فريق ١٤ آذار، الذي طالب منذ البداية بإنشاء هذه المحكمة وعمل لها، لأنه يتّهم المعارضة وبعض الأوساط الإقليمية بالتورّط في الجرائم التي حصلت، علمًا بأنه ليس هناك متّهمون حتى الآن".
لكن النص المتعلق بإمكان إجراء محاكمات غيابية ينطوي على أخطار كبيرة يمكن أن تفجّر الوضع الداخلي اللبناني، لماذا؟
لأن المحاكمة الغيابية في بلد كلبنان منقسمٍ على نفسه طائفياً وسياسياً، مسألة دقيقة، وأي حادث قد يشعل الشارع. إن مباراة رياضية أو حلقة تلفزيونية يمكن أن تتسبّب بأزمة سياسية، فكيف بمحاكمة على الهواء تستهدف أشخاصاً من طائفة معيّنة أو زعماءَ من هذه الطائفة أو تلك؟ وكيف يمكن أن يتعامل الشارع مع هذه الشروط إذا صدرت أحكام غيابية في حق أشخاص لم يَمثُلوا أمام المحكمة؟ في هذه الحالة، يقول المراقبون: إن أي حكم غيابي يصدر عن المحكمة قد يشكّل شرارة تشعل هذا الشارع أو ذاك، فيما يعني أن المحكمة لغم موقوت في الاستقرار اللبناني الهشّ!
تبقى المصالحات الإقليمية... وهي تنضج في هذه المرحلة على نار خفيفة، والأدلّة على ذلك شبه يومية، وليس آخرَها زيارةُ وزير الخارجية السوري وليد المعلّم إلى الرياض. وفي معلومات أخرى أن الأسابيع القليلة المقبلة سوف تحمل مصالحات أخرى، أهمّها المصالحة الليبية ـ السعودية، والمصالحة المصرية ـ القطرية برعاية سعودية، بحيث ينطلق التعاون العربي لرأب الصدع الخطر بين الفصائل الفلسطينية، وتحصين الاستقرار اللبناني، وتهدئة الساحة العراقية، وبوادر هذا التعاون ظهرت في قمّة شرم الشيخ الأخيرة يوم الأحد الفائت.
No comments:
Post a Comment