برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Wednesday, April 1, 2009

الفلسطينيون يعيشون بين خوفين أحلاهما مرّ



المشاهد السياسي، 15-21 مارس 2009

في التاسع من مارس الجاري بدأت إعادة إعمار مخيّم نهر البارد الفلسطيني، الذي دُمِّر قبل عامين في المعارك التي جرت بين الجيش اللبناني ومقاتلي "فتح الإسلام".
وبهذه المناسبة فتحت مجلة المشاهد السياسي الملف الفلسطيني في لبنان، واقعاً ومستقبلاً، في ضوء تجربة القتال التي شهدها مخيّم نهر البارد وتداعيات قرارات الأمم المتحدة. في ظل التساؤلات الكبيرة المطروحةحول مستقبل الوجود الفلسطيني في لبنان، ومشاريع التوطين والترحيل التي أُعِدَّت للاّجئين، فضلاً عن طبيعة العلاقات المستقبلية بين المقاتلين الفلسطينيين داخل المخيّمات وخارجه والدولة اللبنانية، في أعقاب صدور قرار مجلس الأمن الرقم ١٥٥٩ القاضي ببسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية، وحلّ ونزع أسلحة الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية كافة.
منذ تفجّرت أزمة مخيّم نهر البارد في العام ٢٠٠٧، بدأت الاجتهادات تتعاقب حول مشروعين متناقضين: الأول يقول بتوطين الفلسطينيين في لبنان بشكل نهائي على خلفيّة سقوط مشروع الدولتين في فلسطين المحتلّة، والثاني يقول بترحيل أعداد كبيرة منهم. وقد ذهبت بعض الدراسات التي نشرت في أعقاب حرب مخيّم نهر البارد، الى أن النيّة تتّجه الى إزالة خمسة مخيّمات فلسطينية على مراحل وهي، بالاضافة الى نهر البارد، البداوي (في الشمال)، برج البراجنة (في بيروت)، عين الحلوة والبصّ أو برج الشمالي (في الجنوب). وذهب بعضهم الى تسريب سيناريو يقول إن مخيّم نهر البارد ليس إلا البداية، وأن مخيّمات أخرى مرشّحة لأن تمسح من الخارطة.
ما يطمئن من هذه الناحية، أن بعض الأطراف اللبنانية ترفض التوطين على قاعدة التمسّك بحماية لبنان من مشروع يضرّ بتوازنه الداخلي، ومثل هذا الرفض يشكّل حماية غير مباشرة لحق الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم.
وحول الإطار القانوني لرفض مقترح التوطين استشهدت المجلة بالكلمة التي ألقاها الرئيس اللبناني ميشال سليمان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بتاريخ ٢٣/٩/٢٠٠٨، إذ قال: لا يسع لبنان إلا أن يلفت المجتمع الدولي إلى رفضه المطلق أي شكل من أشكال التوطين، مستندًا على أسسٍ ثلاثة: أولها تعارض التوطين مع حق العودة، وثانيها صعوبة استيعاب بلد صغير كلبنان لأكثر من ٤٠٠ ألف لاجئ فلسطيني على أرضه، وثالثها ما نصت عليه صراحة مقدّمة الدستور اللبناني، وينصّ عليه اتفاق الطائف.
الهاجس لايكمن في التوطين وحده، فهناك تحديات أخرى تواجه الفلسطينيين في هذه المخيمات، حاولت المجلة تلخيصها.
ليس سرّاً أن الفلسطينيين في لبنان لا يستطيعون ممارسة المهن التي يريدون ممارستها، ولا يمكنهم شراء عقارات أو تشكيل جمعيات، وتقول الأونروا إن نسبة البطالة بين سكان المخيّمات تتجاوز الـ٦٠ في المئة.
وباختصار، يمكن القول إن الفلسطينيين في لبنان يشكّلون حوالى ١١ في المئة من سكان لبنان، ورغم ذلك هم ممنوعون من العمل بموجب القرار الرقم ٢٨٩/١ للعام ١٩٨٢، وممنوعون من التملّك بموجب القرار الصادر عن مجلس الوزراء في ٣١/٢/٢٠٠١، وفي الوقت الذي تكتظ مدارسهم بالتلاميذ وتتردّى أوضاعهم الصحّيّة باستمرار، هم لا يحصلون على حقوقهم في التعليم والطبابة والضمان الصحّي والاجتماعي والانتساب إلى النقابات. وقد بقي الأمر كذلك حتى جاء القرار ١٥٥٩ القاضي بنزع سلاح الفصائل خارج المخيّمات ليعزّز مخاوفهم من خطّة لاستيعاب أعداد منهم كأيدٍ عاملة في بعض القطاعات، وترحيل الأعداد المتبقّية إلى المهاجر البعيدة.
يُعمِّق هذه المخاوف الموقف الرسمي المعلن لإسرائيل من جهة وللولايات المتحدة من جهة أخرى الذي يرفض حق العودة، بالإضافة إلى غياب أي اهتمام دولي حقيقي لمساعدت الفلسطينيين على استعادة حقوقهم، علماً بأن هناك أكثر من مشروع قرار وسيناريو لدى الجهات الدولية المعنيّة لتمرير مشروع التوطين، أهمّها مشروع النائبة الأميركية "اليانا روس ليتن" الذي أقرّه الكونغرس في ٢٨/٣/٢٠٠٣، وإعلان المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية رون بروسور في ١٤/١٢/٢٠٠٤ عن مشروع تعدّه إسرائيل لتوطين الفلسطينيين في لبنان.
إنه القلق المتبادل من جانب لبنان كما من جانب الفلسطينيين، في غياب المرجعية الفلسطينية الواحدة، وتعذّر التوصّل إلى مشروع دولة فلسطينية يدخل حيّز التطبيق، ووجود مصلحة إسرائيلية مباشرة في إبقاء الفلسطينيين حيث هم، وهواجس التهجير والتوطين التي تثقل العلاقات بين السلطات اللبنانية وسكان المخيّمات.

No comments: