البيادر السياسي، 4 أبريل 2009
المفاوض الفلسطيني قصَّر تجاهها، وغياب استراتيجية واضحة لمواجهة سياسة التهويد يهدد مستقبلها
هذه هي القدس العربية التي تحدثت مجلة البيادر السياسي الفلسطينية حول أهداف تصعيد وتيرة الهجمة الإسرائيلية ضدها في الآونة الأخيرة
أخطأ المفاوض الفلسطيني في أوسلو وما بعد أوسلو حينما قبل بتأجيل البت في قضية القدس إلى المرحلة النهائية من الحل، ومن دون أن يضع قيودا واضحة تمنع تغيير الأمر الواقع، أو تغيير معالم المدينة، وتوقف سياسة التهويد، ووافق المفاوض الفلسطيني – وللأسف – سواء عن قصد أو غير قصد على ألا يكون للسلطة الوطنية أي نشاط داخل القدس العربية الأسيرة، بل يكون لمنظمة التحرير دور محدود
لم يتحدث المفاوض الفلسطيني عن القدس ولم يطرح هموم المدينة، ولم يطالب بتسهيل حياة المواطن، وكأن القدس ليست جزءاً من الحل، وكأنها مدينة ليست فلسطينية. لم يطلب المفاوض الفلسطيني أن تتوقف إجراءات التضييق والخناق على المواطن المقدسي، وتخفيف الضرائب المفروضة عليه، وإصدار رخص بناء للمواطنين العرب، ووقف مصادرة "الهويات" الزرقاء، والكثير من الاجراءات التي تستهدف أولاً وأخيراً أن يعيش المواطن المقدسي حالة من اليأس والقنوط، وبالتالي يرحل إلى مناطق السلطة الفلسطينية هرباً مما يفرض عليه، وما يعيشه من معاناة للحفاظ على بطاقة الهوية الزرقاء، أي الحفاظ على وجوده الذي يعني الحفاظ على عروبة القدس
واستنكرت المجلة الشعارات الجوفاء التي يرفعها البعض، دون إيجاد خطة عمل للحفاظ على عروبة القدس. مستشهدة بوجود العديد من اللجان التي تعمل باسم القدس وترفع يافطة القدس، وكلها تتنافس على الحصول على تمويل من هنا أو هناك وعلى أرض الواقع لا تفعل شيئاً يشعر به المواطن.. وكل ما نراه هو إقامة خيمة احتجاج هنا أو هناك وتصريحات واعتصامات، وبعد أن يقع "الفأس في الرأس" وليس قبل ذلك
ليست هناك ميزانية للقدس، وليس هناك وزير معني بشؤون القدس، وليست هناك سوى مخصصات محدودة تصرف على المزاج أحياناً، وعلى من يستطيع أن "يمسح الجوخ" ويداهن هذا المسؤول أو ذاك
لم تكن القدس في سلم أولوياتنا، ولم يؤخذ برأي القاطنين فيها، إذ أن معظم أعضاء اللجان المتعلقة بالقدس لا يستطيعون دخول المدينة لأنهم ليسوا من أبنائها والمقيمين فيها.. ونرى تنافساً حاداً بين أعضاء اللجان والجمعيات والمنظمات التي تتحدث عن القدس أو تدافع عنها كلامياً أو ضمن إمكانيات محدودة
حتى هذه اللحظة لم تتوفر خطة واحدة فعالة لتعزيز الوجود العربي في القدس لأن من يعالج قضية القدس لا يعرف شيئاً عنها أولاً، ولانه لا يريد سوى المنصب والجاه والسلطان، حتى أن ما كان يخصصه الرئيس الشهيد أبو عمار لمؤسسات وأبناء القدس من دعم مالي لتعزيز الوجود العربي، تم الغاؤه، ومن يطالب بعودته لا أحد يصغي إليه... حتى أن ما يتوفر الآن من شبه أموال توزع على المقربين من أصحاب النفوذ
القدس ليست "دكاناً" لجني أرباح أو الحصول على دخل، والقدس ليست مدينة عادية.. هناك تقصير تجاهها وهي بحاجة إلى قيادة من داخلها ترعى شؤونها وتكون مستقلة عن زيد وعبيد، وكل هدفها الحفاظ على الوجود البشري فيها بعد أن تم تهويد الجزء الأكبر منها
القدس مدينة فلسطينية، ولكنها قبل ذلك مدينة تهم كل العالم.. ومن يفرط بها لا يكون مقصرا بل مدانا، ولذلك فإن القدس تتعرض لهجمة شرسة ولا بدّ من مواجهة تلك بخطة عقلانية وعملية تحقق الأهداف المنشودة، ولا تخدم المخططات الإسرائيلية
No comments:
Post a Comment