برنامج موضوع الغلاف، يذاع على شاشة قناة المجد الفضائية
مدونةٌ حَوَتْ دُررًا بعين الحُسنِ ملحوظة ... لذلك قلتُ تنبيهًا حقوق النشر محفوظة

Wednesday, April 1, 2009

أوباما ـ إسرائيل: المواجهة الأولى




المشاهد السياسي، 22-28 مارس 2009


في انتظار انتهاء المائة يوم الأولى من ولاية باراك أوباما، قد يكون مجحفا فعلا الخوض في أي حكم حول سياساته العربية والإسرائيلية. لكن مجلة المشاهد السياسي رأت وجود سؤالٍ يصعب التخلّص منه، فضلا عن تأجيله، وهو: إلى أي حدّ تخضع هذه السياسات لنفوذ اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، وبصورة خاصة منظّمة "إيباك" التي تمارس منذ عقود تأثيراً مباشرًا ومتواصلاً في التوجّهات الأميركية في الشرق الأوسط؟

ليس ممكنا الحديث عن علاقة الكونغرس الأميركي بإسرائيل من دون التوقّف عند دور "إيباك" الصوت الأهمّ للجالية اليهودية في أميركا داخل مجلسي النواب والشيوخ. وكثيرون هم صانعو القرار الأميركي الذين ينظرون إلى مصالح "إيباك" ومصالح إسرائيل نظرة واحدة، ويعتبرون كل ما تطالب به "إيباك" جزءا من السياسة الخارجية الإسرائيلية.
لماذا هذا الكلام الآن؟
المناسبة هي قرار "تشارلز فريمان" السفير الأميركي السابق لدى السعودية سحْب ترشيحه لرئاسة مجلس الاستخبارات الوطني، وهو منصب حسّاس جدّا في صياغة التقارير الاستخباراتية الأميركية، بفعل ضغوط "إيباك" وأصدقائها داخل الكونغرس، وحملة التشهير التي خاضتها هذه المنظّمة ضدّه في الأسبوعين الأخيرين.
القصّة أن فريمان جهر، وعلى مدى سنوات، بانتقاد مباشر للسياسات الإسرائيلية. وفي خطاب ألقاه في العام ٢٠٠٧ قال بالحرف الواحد: "إن القمع الوحشي الذي يتعرّض له الفلسطينيون على يد الاحتلال الإسرائيلي لا يظهر أي علاقة على رغبة إسرائيل في السلام، والتطابق الأميركي مع إسرائيل بات كاملاً". لذلك بمجرد أن أُعلن خبر ترشّحه لهذا المنصب في ٥ آذار (مارس) الجاري، بدأت حملة تشهير بسجّله المهني والسياسي نظّمها اللوبي اليهودي على خلفيّة مواقفه من إسرائيل، الأمر الذي دفع بعدد من أعضاء الكونغرس إلى التشكيك في استقلاليته وجدارته بتسلّم هذه المهمّة. ولم يستطع فريمان الصمود طويلاً أمام هذه الحملة، فأعلن سحب ترشيحه.

ورغم هذه القوة التي تتمتّع بها "إيباك" في ممارسة تدخّل استثنائي غير مشروع لتحديد من يحق له ـ ومن لا يحق ـ العمل في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، عرضت المجلة لبعض الأصوات التي حذرت من أن الدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل سيضر بمصالح الولايات المتحدة.

كل هذا (التوغل الصهيوني) لا يمنع عدداً من المراقبين والمحلّلين الأميركيين من التأكيد على أن الدعم الأميركي غير المشروع لإسرائيل، يضرّ بمصالح الولايات المتحدة، ويهدّد استقرار الأنظمة الموالية لواشنطن، ويعزّز المعارضة المسلّحة للوجود الأميركي في المنطقة، كما أن شنّ الحروب بالنيابة عن إسرائيل يؤدّي حتماً إلى انهيار القوّة الأميركية في العالم العربي. لكن من الواضح أن اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، وفي أماكن متفرّقة من العالم الغربي، أكثر قدرة من الحكومات العربية على التأثير في القرارات الأميركية المتعلّقة بإسرائيل، كما في القرارات الأوروبية بصورة عامّة، وعندما تمارس "إيباك" ضغوطها على الكونغرس فهي قادرة على إعطاء قضايا السياسة الخارجية تجاه المنطقة أبعادًا أميركية داخلية.

No comments: